العشر المباركات أقبلتْ
أيام الخير كثيرة، وكنوز المسلم للاغتنام متعددة، فاغتنموا الفرص التي منحكم إياها رب العباد تزودوا فإن خير الزاد التقوى، قال ابن الجوزي: "همة المؤمن متعلقة بالآخرة، فكل ما في الدنيا يحركه إلى ذكر الآخرة، فالمؤمن إذا رأى ظلمة تذكر ظلمة القبر، وإن رأى مؤلماً ذكر العقاب، وإذا رأى الناس نيام ذكر الموتى في القبور، وإذا رأى لذة ذكر الجنة. فهمّته منشغلة بالآخرة".
- التصنيفات: ملفات الحج وعيد الأضحي -
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيام الخير كثيرة، وكنوز المسلم للاغتنام متعددة، فاغتنموا الفرص التي منحكم إياها رب العباد تزودوا فإن خير الزاد التقوى، قال ابن الجوزي: "همة المؤمن متعلقة بالآخرة، فكل ما في الدنيا يحركه إلى ذكر الآخرة، فالمؤمن إذا رأى ظلمة تذكر ظلمة القبر، وإن رأى مؤلماً ذكر العقاب، وإذا رأى الناس نيام ذكر الموتى في القبور، وإذا رأى لذة ذكر الجنة. فهمّته منشغلة بالآخرة".
الأيام العشر من ذي الحجة فضلها وكيف نغتنمها:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من أيام العمل الصالح أحب إلى الله فيهن من هذه الأيام » يعني عشر ذي الحجة قالوا: "يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله" ؟
قال: «ولا الجهاد في سبيل الله, إلا رجلاً خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء» (رواه البخاري).
فلنجتهد ونستعد أتم الاستعداد لاغتنام فرصة العشر، قيل للحسن: "ما بال المجتهدين بالعبادة من أحسن الناس وجوهاً؟"، قال: "إنهم خلوا بالرحمن فألبسهم نوراً من نوره، وردد: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك".
وجاء في كتاب إحياء علوم الدين للشيخ (محمد أبي حامد الغزالي): "اعلم أخي المسلم أن استحباب الصوم يتأكد في الأيام الفاضلة وفواضل الأيام بعضها يوجد في كل سنة وبعضها يوجد كل أسبوع، أما في السنة بعد أيام رمضان عرفة، عاشوراء، العشر الأول من ذي الحجة. فالأشهر الفاضلة ذو الحجة، ومحرم، ورجب، وشعبان، وأفضلها ذو الحجة، لأن فيه الحج والأيام المعلومات والمعدودات".
وجاء: "أن الأيام المعلومات عشر ذي الحجة آخرها يوم النحر وأن المعدودات ثلاثة أيام بعد يوم النحر" كما روى ابن عباس، وجاء في فضل هذه الأيام قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «ما من أيام أحب إلى الله أن يتعبد له فيها من عشر ذي الحجة يعدل صيام كل يوم منها بصيام سنة وقيام كل ليلة منها بقيام ليلة القدر» (سنن الترمزي 758، ضعفه الألباني).
وقال: «ما العمل في أيام أفضل منه في عشر ذي الحجة، ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله، فلم يرجع من ذلك بشيء» (صحيح البخاري).
وهناك أعمال نقوم بها في هذه العشر:
الأول: أداء الحج وهو أفضل ما يعمل ويدل على فضله عدة أحاديث منها قول الحبيب المصطفى:
«العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة» (حديث صحيح)
الثاني: صيام هذه الأيام أو ما تيسر منها وبالأخص يوم عرفة، ولاشك أن جنس الصيام أفضل الأعمال ومما اصطفاه الله لنفسه كما في الحديث القدسي: «الصوم لي وأنا أجزي به، أنه ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي» (صحيح البخاري)
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من عبد يصوم يوماً في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفاً» (متفق عليه).
أي مسيرة سبعين عاماً، فإذا كان يوم عرفة فاجتهد فيه أكثر من ذي قبل، وخصّه بالذكر الكثير، والدعاء للمسلمين فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «صيام يوم عرفة احتسب على الله أن يكفّر السنة التي قبله والتي بعده» (صحيح مسلم).
الثالث: كثرة الأعمال الصالحة من نوافل العبادات، كالصلاة والصدقة والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونحو ذلك من الأعمال التي تضاعف في هذه الأيام العمل.
الرابع: يشرع بهذه الأيام التكبير المطلق في جميع الأوقات من ليل ونهار إلى صلاة العيد، ويشرع التكبير المقيد وهو الذي يكون بعد الصلوات المكتوبة التي تصلي في جماعة، ويبدأ لغير الحجاج من فجر يوم عرفة، وللحجاج من ظهر يوم النحر ويستمر إلى صلاة العصر آخر أيام التشريق.
الخامس: تشرع الأضحية في يوم النحر وأيام التشريق وهو سنة إبراهيم عليه السلام حين فدى الله ولده بذبح عظيم «وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمّى وكبر ووضع رجله على صفاحهما» (متفق عليه).
الس?دس: روى مسلم رحمه الله وغيره، عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره».
السابع: التكبير والذكر في هذه الأيام لقوله تعالى: {ويذكروا اسم الله في أيام معدوادت} [البقرة:203].
وقد فسرت بأنها أيام العشر، واستحب العلماء كثرة الذكر فيها لحديث ابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهم أنهما كانا يخرجان إلى السوق في العشر فيكبرون ويكبر الناس بتكبيرهما، وروى إسحاق رحمه الله عن فقهاء التابعين رحمة الله عليهم أنهم كانوا يقولون في أيام العشر: "الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد" .
لمّا هاجر الحجاج وتركوا أموالهم وأهليهم كان بيت الله وجهتهم فضج الركب بـ"لبيك اللهم لبيك"، وتجردوا من لباس أهل الدنيا، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوتهم, ولما انقطعوا عن الدنيا يوم عرفة يوم ذكر ودعاء كان كتاب الله زادهم، ولمّا رموا الجمرات كان ذلك إعلانًا بأن جهاد عدو الله سبيلهم، ولما ذبحوا الهدي كان ذلك التسليم والاستسلام لما قضى الرحمن فكان الله غايتهم.
فاجعل أخي المسلم أختي المسلمة بيوت الله وجهتك، ورسول الله قدوتك، وكتاب الله زادك ومرشدك، والجهاد سبيلك، يكن الله تعالى غايتك.
يقول ابن القيم: "خلق ابن آدم بدنه من الأرض، وروحه من ملكوت السماء وقرن بينهما، فإذا أجاع بدنه وأسهره وأقامه في العبادة، وجدت روحه خفةً وراحةً، وتاقت إلى الموضع الذي خلقت منه، واشتاقت إلى عالمها العلوي وإذا أشبعه ونعمه ونومه واشتغل بخدمته وراحته، أخلد البدن إلى الموضع الذي خلق منه، فكلما خف البدن خفت الروح وطلبت عالمها العلوي، وكلما ثقل وأخلد إلى الشهوة والراحة، ثقلت الروح وهبطت من عالمها وصارت أرضية سفلية".
اصلحوا أنفسكم فإصلاح النفس يكون بالمجاهدة واغتنموا فرصة العشر وفضلها.
هداية