قصاصات سياسية

منذ 2013-10-06

نقترب من عالم السياسة أحيانا وفي الغالب نبتعد لأنها لا تروق إلا لمن يعشق الصخب، لكنها على أسوأ الأحوال شر لا بد منه، وخواطر تتدافع في نفسي لا يسعني إلا أن أبوح بها، وكيف لا أبوح وأمتنا تسرق على مرأى ومسمع من كل الشرفاء الذين تنزف قلوبهم دما وتعتصر وجدانهم مشاعر الأسى والحزن، ولا يملكون غير التضرع للجليل بقول: (حسبنا الله ونعم الوكيل).


بسم الله الرحمن الرحيم


نقترب من عالم السياسة أحيانا وفي الغالب نبتعد لأنها لا تروق إلا لمن يعشق الصخب، لكنها على أسوأ الأحوال شر لا بد منه، وخواطر تتدافع في نفسي لا يسعني إلا أن أبوح بها، وكيف لا أبوح وأمتنا تسرق على مرأى ومسمع من كل الشرفاء الذين تنزف قلوبهم دما وتعتصر وجدانهم مشاعر الأسى والحزن، ولا يملكون غير التضرع للجليل بقول: (حسبنا الله ونعم الوكيل).

- يقول الزعيم الأمريكي المسلم مالكولم إكس: "إما ورقة الاقتراع وإما رصاصة".
- مصيبتنا الحقيقية أننا شعوب بلا ذاكرة، لا تعي الدرس رغم تكراره، ولا تأخذ العبر رغم وضوحها.
- الهمم في أوطاننا أشبه بفرق الكشافة تسمع قعقعة ولا ترى طحنا، وأعود وأسأل بصراحة:كم عدد الجامعات في الوطن العربي؟ وكم تعداد جيوشها المغوارة مجتمعة؟ وما حجم ثرواتها الطبيعية خاصة النفطية؟ والكثير والكثير؛ لكن العرب لا يملكون سيارة ولا طيارة ولا إبرة ولا صاروخ، العرب عالة على المجتمع الدولي؛ يستهلكون ولا ينتجون، ورقم مهمل في المعادلة البشرية لا تأثير له في توازنها سواء وجد أم حذف.

- عزائي للعبارة الشهيرة: (لو لم أكن مصريا.. لوددت أن أكون مصريا).
- الجبابرة محترفون دوما في قلب الحقائق، وفي دنياهم يرى الشعب المقهور الحق باطلا والباطل حقا بإشراف آلة إعلامية جبارة.. أما الذين استعصوا على تشرب المفاهيم المغلوطة ويرون الحقائق على وضعها الصحيح فهم في نظر الدولة كلها (عميان) على غرار: {أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} [النمل: 56].
- الحكومات الرجعية تحرص دوما على أن توفر لمواطنيها السلع الأساسية (كسرة الخبز وزجاجة الزيت السكر..)، والشعوب المغفلة تصفق لها على هذا الرخاء والسخاء.. متناسية أنها باعت حريتها بثمن بخس.. وعاشت كالبهائم التي تساق إلى مذابحها كي ينعم بلحمها مالكوها.
- من أمارات شقاوة العبد أن يتحمل وزر دماء كان بمنأى عنها لمجرد أنه رضي وفوض. قال صلى الله عليه وسلم: «إنه سيكون عليكم أئمة تعرفون وتنكرون، فمن أنكر فقد برئ، ومن كره فقد سلم، ولكن من رضي وتابع» (رواه أحمد والترمذي).

- من حسنات الانقلاب العسكري المصري -وما أقل حسناته- أنه كشف عن معادن كثيرين حولنا، فمحافظتي (الغربية) مثلا تربعت على قائمة محافظات الفلول، وفاقت محافظة (المنوفية) المعقل التاريخي والجغرافي لفلول الحزب الوطني، وكثيرون من الدهماء الذين أحسن التيار الإسلامي إليهم خرجوا يوم 30/6 يفوضون العسكر لإراقة الدماء، أما ضعاف النفوس من أبناء التيار الإسلامي فهرولوا نحو الهاوية بسرعة مذهلة، فهذا حلق لحيته وهذه خلعت نقابها، رغم أن موسم الملاحقات الأمنية لم يبدأ بعد، كما أنهم عاشوا طيلة حياتهم على أطراف الدعوة، فلا نشاط يؤثر ولا همة لهم تذكر.. ولكنه الخور.. نسأل الله الثبات، آمين.

- أغرب شيء تلاحظه عندما تتحدث مع أحد فلول الانقلاب الدموي أنه يحدثك عن الاستقرار وتتوالى دعواته أن يحفظ مصر وجيشها.. إنه يريد أن يرسل لك رسالة سلبية مفادها أن من فات مات وعلينا أن نفتح صفحة جديدة لنبني مصر.. وكأنه لم يقتل خمسة آلاف من أبنائنا، وفي السجون قرابة العشرة آلاف، فضلا عن المصابين والمشردين.. وكأنه كان حلما مزعجا لا يريد أن يتذكره الفلولي، بل يصدق الإعلام الكاذب بأنهم شرذمة قليلون.. لكن كل هذا لا يغيب حقيقة أن ما جرى من انقلاب على الشرعية عين الافتراء الذي قال الله تعالى فيه: {وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى} [طه: 61].

- في الأنظمة الدكتاتورية لا توجد أنظمة أو مؤسسات تحكم الدولة.. بل الحاكم هو الدولة، وعندما يغيب تغيب معه!.. الحاكم هو (المؤسسة) الوحيدة وسائر المؤسسات شكلية لا حظّ لها إلا اسمها فقط لكي يكتمل كيان الدولة الوهمي، لذلك إذا سقط الحاكم أو ذهب سقطت معه الدولة وذهبت، وهذا ما يفسر بجلاء حالة الفوضى التي تعيشها بلدان الربيع العربي، فالمواطن في تلك البلاد لم يتعود على الأنظمة والمؤسسات.. بل لا يعرف إلا الحاكم الأوحد، ويؤمن أن لا بديل له، وأنه رجل كل المراحل (إما أنا.. أو الفوضى)، ويصبح هذا المبدأ جزءاً من وعي الناس وثقافتهم إلى الدرجة التي تجعلهم يصابون بالفزع من (الفراغ) بعده.. وهذا ما يحدث بالفعل!

- يقول الأستاذ محمد الرطيان: الجهلة في كل زمان ومكان يدافعون عن قيودهم.. اعتادوا على رؤيتها كأنها أساور! لا تُفكر بنزعها من أياديهم.. علّمهم، ودعهم يرونها كما تراها.
- من أشهر العبارات المعبرة عن فشلنا السياسي والإداري العريق: خارطة الطريق، التنمية، البنية التحتية، الخطة الخمسية، تشكيل لجنة، المال العام والقطاع العام والأمن العام.

- (شارة رابعة) أنظر إليها بعين الإكبار والتعظيم.. تلك الشارة المباركة التي فاقت بصمتها أبلغ الشعارات، وأرعبت أعلى رتب الداخلية ورؤساء الجامعات وحتى مديري المدارس.. تلك الشارة القوية الموجزة والموحية في نفس الوقت.. إحياء بالنصرة والاتحاد ومعرفة الطريق جيدا وكسر حاجز الخوف وإرباك المشهد الإعلامي الفلولي.. تلك الشارة التي على بساطتها وقوتها وعنفوانها في نفس الوقت يتقنها الصغير والكبير بحركة يد بسيطة توحي بسيل من المعاني أبلغ من الخطب والهتافات.. تلك الشارة التي ارتبطت بالشرعية وشهداء الوطن والنضال والمثابرة والاستمرارية والتواصل الحميم بين أبناء هذا الوطن الشرفاء.
 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

خالد سعد النجار

كاتب وباحث مصري متميز

  • 9
  • 1
  • 2,892

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً