تفويض بـ (الذبح)
أثارت الدعوة التي وجهها وزير الدفاع المصري الفريق عبد الفتاح السيسي للجماهير من أجل الاحتشاد في الميادين بدعوى منحه تفويضاً لمكافحة ما أسماه "العنف والإرهاب"، أثارت ردود فعل واسعة على الصعيد الداخلي والخارجي معظمها مندد ومستنكر حتى أن بعض الأطراف المؤيدة للانقلاب شعرت بالحرج وشجبت الدعوة واعتبرتها تحريضاً على القتل والتناحر..
- التصنيفات: أحداث عالمية وقضايا سياسية -
أثارت الدعوة التي وجهها وزير الدفاع المصري الفريق عبد الفتاح السيسي للجماهير من أجل الاحتشاد في الميادين بدعوى منحه تفويضاً لمكافحة ما أسماه "العنف والإرهاب"، أثارت ردود فعل واسعة على الصعيد الداخلي والخارجي معظمها مندد ومستنكر حتى أن بعض الأطراف المؤيدة للانقلاب شعرت بالحرج وشجبت الدعوة واعتبرتها تحريضاً على القتل والتناحر بين أبناء الشعب الواحد والبعض الآخر اعتبرها تفويضاً لقيصر جديد يحكم البلاد بالحديد والنار.
إن أجهزة فلول مبارك الإعلامية والانتهازيين الباحثين عن المناصب التي وصلوا إليها عبر دبابات الجيش بعد أن فشلوا في عدة انتخابات نزيهة متتالية من الطبيعي أن يُهلِّلوا لمثل هذه الدعوات فهي تصب في خانة الإقصاء والقضاء على عدوهم اللدود الذي هزمهم بالضربة القاضية في جميع الاستحقاقات الشعبية، لكن بعض هؤلاء من رافعي شعارات الليبرالية والحرية كانت الدعوة بمثابة أكبر امتحان لهم وفضحت نواياهم الخبيثة التي لا تعرف حرية إلا حرية العلمنة والابتعاد عن الدين أما إذا كانت الحرية تمنح الإسلاميين الفرصة للتعبير عن آرائهم بسلمية فينبغي التصدي لها فوراً بالدبابات والمدرعات.
من العجيب أن يطلب وزير دفاع في أي دولة ذات سيادة ويزعم أنه لا يتدخل في السياسة، تفويضاً من الشعب فهذا التفويض لا يمنحه الشعب إلا للسياسيين لإدارة البلاد عبر آليات معروفة ليس من ضمنها الاحتشاد في الشارع لأن الاحتشاد خادع ولا يعرف منه بالتحديد الأعداد التي معك والأعداد المعارضة لك خصوصاً أن الكثيرين من الشيوخ والنساء لا ينزلون لوجود مشقة.
إن هذه الدعوة تؤكد أن السيسي هو الحاكم الفعلي للبلاد وأنه قام بانقلاب عسكري لا جدال في ذلك وهي رسالة يجب على الغرب أن يفهمها جيداً بدلاً من منطقه المعوج المستمر دائماً في الكيل بكيلين، كما تؤكد الدعوة أن السيسي لا يشعر بالاطمئنان لموقفه وأن حجم الضغط الداخلي عليه في تزايد.
الأهم من ذلك أن السيسي يريد أن يتخذ إجراءات قمعية استثنائية من أجل القضاء على الإسلاميين ويريد أن يستند في ذلك إلى ما أسماه "تفويضاً شعبيا‘ً" لأن السيسي أو أي دولة في العالم لا تحتاج إلى هذا التفويض من أجل مكافحة الإرهاب أو العنف إلا إذا كان ما يريده سيتجاوز القانون والإجراءات المتعارف عليها ولكن هل يظن أن هذا التفويض يتم عبر الحشود؟!
ولماذا ما دام واثقاً من شعبيته لم يدع لاستفتاء على هذه الإجراءات حتى يكون الأمر أكثر انضباطاً وواضحاً للعيان؟! أم أنه يريد اللعب بالإعلام والخداع التليفزيوني والسينمائي كما حدث في مظاهرات 30 يونيو؟!
ثم هل يظن أن هذه الاستعراض الإعلامي مهما كان حجمه سيعطيه الحق في إبادة الملايين من الإسلاميين ومن المتعاطفين والمؤيدين لهم؟!
والمقصود هنا ليس فقط الإبادة الجسدية ولكن المعنوية والسياسية والدعوية أيضاً.
هل يظن أن مصر الخمسينيات يمكن أن تعود كما أوهمه هيكل؟!
أو أن العالم الآن هو العالم في وقت مذابح الجيش الجزائري في التسعينيات؟!
إن ثورة المعلومات والاتصالات فضحت جميع الأساليب القمعية وإجراءات مثل هذه ستكون بمثابة انتحار عسكري.
إن الجيش والشرطة وقفاً سنة كاملة يشاهدون المعارضة تعبث بأمن البلاد وتحرق وتستخدم العنف في جميع مظاهراتها وسقط عشرات القتلى والجرحى جراء هذا العنف فلماذا لم يوجهوا لهم هذه الرسائل الصارمة كما يفعلون الآن؟!
لماذا يتأكد وزير الداخلية من الإجراءات الأمنية في التحرير ولا يفعل ذلك في رابعة والنهضة؟!
هل دماء معتصمي رابعة والنهضة رخيصة إلى هذه الدرجة؟!
ألم يقم السيسي بما قام به من أجل القضاء عى الانقسام والحد من تدهور الأوضاع، كما قال؟ فماذا حدث الآن؟
هل تحسنت الأوضاع الأمنية والاقتصادية في البلاد بعد عزل مرسي أم زادت تدهوراً؟
هل هو إلى الآن يؤمن حقاً رغم كل هذا الاستقطاب أنه لم ينحاز لطرف دون طرف ولم يورط الجيش في السياسة؟
خالد مصطفى