تعظيم الله تعالى وشعائره
إن تعظيم الله تعالى وتعظيم ما يستلزم ذلك من شعائر الله تعالى وحدوده من أجلّ العبادات القلبية وأهم أعمال القلوب، التي يتعين تحقيقها والقيام بها، وتربية الناس عليها، وبالذات في هذا الزمان الذي ظهر فيه ما يخالف تعظيم الله تعالى من الاستخفاف والاستهزاء بشعائر الله تعالى، والتسفيه والازدراء لدين الله تعالى وأهله
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. أما بعد:
فإن تعظيم الله تعالى وتعظيم ما يستلزم ذلك من شعائر الله تعالى وحدوده من أجلّ العبادات القلبية وأهم أعمال القلوب، التي يتعين تحقيقها والقيام بها، وتربية الناس عليها، وبالذات في هذا الزمان الذي ظهر فيه ما يخالف تعظيم الله تعالى من الاستخفاف والاستهزاء بشعائر الله تعالى، والتسفيه والازدراء لدين الله تعالى وأهله.
إنّ الإيمان بالله تعالى مبني على التعظيم والإجلال له عزّ وجل (انظر تفسير السعدي: 3 / 259) قال الله تعالى: {تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ} [مريم:90]. قال الضحاك بن مزاحم في تفسير هذه الآية: "يتشققن من عظمة الله عز وجل" (العظمة لأبي الشيخ : 1 / 341).
ويبين شيخ الإسلام ابن تيمية أهمية تعظيم الله سبحانه وإجلاله فيقول: "فمن اعتقد الوحدانية في الألوهية لله سبحانه وتعالى، والرسالة لعبده ورسوله، ثم لم يُتبع هذا الاعتقاد موجبه من الإجلال والإكرام، الذي هو حال في القلب يظهر أثره على الجوارح، بل قارنه الاستخفاف والتسفيه والازدراء بالقول أو بالفعل، كان وجود ذلك الاعتقاد كعدمه، وكان ذلك موجباً لفساد ذلك الاعتقاد ومزيلاً لما فيه من المنفعة والصلاح" (الصارم المسلول).
ومما قاله ابن القيّم عن منزلة التعظيم: "هذه المنزلة تابعة للمعرفة، فعلى قدر المعرفة يكون تعظيم الربّ تعالى في القلب، وأعرف الناس به أشدهم له تعظيمّاً وإجلالاً، وقد ذم الله تعالى من لم يعظمه حق عظمته، ولا عرفه حق معرفته، ولا وصفه حق صفته، قال تعالى: {مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً} [نوح:13]، قال ابن عباس ومجاهد: "لا ترجون لله عظمة"، وقال سعيد بن جبير: "ما لكم لا تعظمون الله حق عظمته، وروح العبادة هو الإجلال والمحبة، فإذا تخلى أحدهما عن الآخر فسدت" (مدارج السالكين : 2 / 495).
وتعظيم الله وإجلاله لا يتحقق إلا بإثبات الصفات لله تعالى، كما يليق به سبحانه، من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، والذين ينكرون بعض صفاته تعالى، ما قدروا الله عز وجل حق قدره، وما عرفوه حق معرفته (انظر مجموع الفتاوى لابن تيمية : 13 / 60)، ولما كان من أسماء الله تعالى الحسنى: (المجيد) و(الكبير) و(العظيم) فإن: "معنى هذه الأسماء: أن الله عز وجل هو الموصوف بصفات المجد والكبرياء والعظمة والجلال، الذي هو أكبر من كل شيء، وأعظم من كل شيء، وأجلّ وأعلى، وله التعظيم والإجلال، في قلوب أوليائه وأصفيائه، قد ملئت قلوبهم من تعظيمه، وإجلاله، والخضوع له، والتذلل لكبريائه" (تفسير السعدي : 5 / 622).
ويقول العلامة محمد الأمين الشنقيطي في هذا المقام: "إن الإنسان إذا سمع وصفاً وصف به خالق السموات والأرض نفسه، أو وصفه به رسوله، فليملأ صدره من التعظيم، ويجزم بأن ذلك الوصف بالغ من غايات الكمال والجلال والشرف والعلو ما يقطع جميع علائق أوهام المشابهة بينه وبين صفات المخلوقين، فيكون القلب منزهاً معظماً له جلّ وعلا، غير متنجّس بأقذار التشبيه" (منهج ودراسات لآيات الأسماء والصفات : ص36).
ومما يوجب تعظيم الله تعالى وإجلاله: أن نتعّرف على نعم الله تعالى، ونتذكرّ آلاء الله عزّ وجلّ، ومما قاله أبو الوفاء ابن عقيل في ذلك: "لقد عظم الله سبحانه الحيوان، لا سيما ابن آدم، حيث أباحه الشرك عند الإكراه وخوف الضرر على نفسه، فقال: {إلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإيمَانِ} [النحل:106]: من قدّم حرمة نفسك على حرمته، حتى أباحك أن تتوقى وتحامى عن نفسك بذكره، بما لا ينبغي له سبحانه، لحقيق أن تعظم شعائره، وتوقر أوامره وزواجره، وعصم عرضك بإيجاب الحدّ بقذفك، وعَصَم مالك بقطع مسلم في سرقته، وأسقط شطر الصلاة لأجل مشقتك، وأباحك الميتة سدّاً لرمقك، وحفظاً لصحتك، وزجرك عن مضارك بحد عاجل، ووعيد آجل، وخَرقَ العوائد لأجلك، وأنزل الكتب إليك، أيحسن بك مع هذا الإكرام أن تُرى على ما نهاك منهمكاً، وعما أمرك متنكبّاً، وعن داعيه معرضاً، ولسنته هاجراً، ولداعي عدوك فيه مطيعاً؟
يعظمك وهُوَ هُوَ، وتهمل أمره وأنت أنت، هو حطّ رتب عباده لأجلك، وأهبط إلى الأرض من امتنع من سجدة يسجُدها لك.
ما أوحش ما تلاعب الشيطان بالإنسان بينا يكون بحضرة الحق، وملائكة السماء سجود له، تترامى به الأحوال والجهالات بالمبدأ والمآل، إلى أن يوجد ساجداً لصورة في حجر، أو لشمس أو لقمر، أو لشجرة من الشجر، ما أوحش زوال النعم، وتغيّر الأحوال، والحور بعد الكور" (الذيل على طبقات الحنابلة لابن رجب : 1 / 153).
ولقد كان نبينا محمد يربي أمته على وجوب تعظيم الله تعالى، ففي حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "يا محمد، إنّا نجد أن الله يجعل السموات على إصبع، والأرضين على إصبع، والشجر على إصبع، والماء على إصبع، والثرى على إصبع، وسائر الخلق على إصبع، فيقول: أنا الملك"، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه، تصديقاً لقول الحبر، ثم قرأ {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ} [الزمر:67].
وما في الآية يدل على أن عظمة الله تعالى أعظم مما وصف ذلك الحبر، ففي الآية الكريمة تقرير لعظمة الله تعالى نفسه، وما يستحقه من الصفات، وأن لله عز وجل قدراً عظيماً، فيجب على كل مؤمن أن يقدر الله حق قدره (انظر : فتاوى ابن تيمية، مجلد 13 / 160162).
يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب، عند هذه الآية الكريمة: "ما ذكر الله تبارك وتعالى من عظمته وجلاله أنه يوم القيامة يفعل هذا، وهذا قَدْر ما تحتمله العقول، وإلا فعظمة الله وجلاله أجل من أن يحيط بها عقل... فَمَن هذا بعض عظمته وجلاله كيف يُجعل في رتبته مخلوق لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضرًّا؟" مؤلفات الشيخ محمد بن عبدالوهاب : 4 / 346).
ولما قال الأعرابي لرسول الله صلى الله عليه وسلم: "فإنا نستشفع بالله عليك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «سبحان الله، سبحان الله!» فما زال يسبّح حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه، ثم قال: «ويحك، أتدري ما الله؟ إن شأن الله أعظم من ذلك، إنه لا يستشفع بالله على أحد من خلقه» (سنن أبي داود : كتاب السنة، ح / 4726).
وقد اقتفى الصحابة رضي الله عنهم ومن تبعهم بإحسان هذا المسلك، فعظّموا الله حق تعظيمه، وعُمرت قلوبهم بإجلال الله تعالى وتوقيره: فهذا ابن عباس رضي الله عنهما يقول لبعض أصحاب المراء والجدل: "أما علمتم أن لله عباداً أصمتهم خشية الله تعالى من غير عيّ ولا بكم، وإنهم لَهُمُ العلماء العصماء النبلاء الطلقاء، غير أنهم إذا تذكروا عظمة الله تعالى انكسرت قلوبهم، وانقطعت ألسنتهم، حتى إذا استفاقوا من ذلك، تسارعوا إلى الله بالأعمال الزاكية، فأين أنتم منهم؟" (أخرجه الهروي في ذم الكلام ص184).
وكان أهل العلم يعظمون ربهم، ويقدرونه عزّ وجل حق قدره، حتى قال عون بن عبد الله: "ليعظم أحدكم ربه، أن يذكر اسمه في كل شيء حتى يقول: أخزى الله الكلب، وفعل الله به كذا" (شأن الدعاء للخطابي ص18، ووردت هذه المقالة عن مطرف بن عبدالله بن الشخير، كما في الحلية لأبي نعيم 2 / 209، وذم الكلام للهروي ص190).
ويقول الخطابي: "وكان بعض من أدركنا من مشايخنا قلّ ما يذكر اسم الله تعالى إلا فيما يتصل بطاعة" (شأن الدعاء ص 18، 19).
وكان أبو بكر الشاشي يعيب على أهل الكلام كثرة خوضهم في الله تعالى، إجلالاً لاسمه تعالى، ويقول: "هؤلاء يتمندلون (من المنديل، يريد الامتهان والابتذال) بالله عزّ وجلّ" (الشفا للقاضي عياض 2 / 1096).
ومن أروع الأمثلة التي دوّنها التاريخ عن سلفنا الصالح، وتعظيمهم لله عزّ وجلّ، ما وقع لإمام دار الهجرة مالك بن أنس رحمه الله تعالى، لما سأله أحدهم عن قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5] "كيف استوى؟" فما كان موقف الإمام مالك إزاء هذا السؤال؟ يقول الرواي: "فما رأيته وجد (غضب) من شيء كوجده من مقالته، وعلاه الرحضاء (العرق)، وأطرق القوم، فجعلوا ينتظرون الأمر به فيه، ثم سُرّي عن مالك، فقال: "الكيف غير معلوم، والاستواء غير مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وإنى لأخاف أن تكون ضالاًّ"، ثم أُمر به فأُخرج" (أخرجه الصابوني في عقيدة السلف أصحاب الحديث ص17، 18). فتأمّل رحمك الله ما أصاب الإمام مالك رحمه الله من شدة الغضب وتصبب العرق إجلالاً وتعظيماً لله تعالى وإنكاراً لهذا السؤال عن كيفية استواء الربّ تعالى.
ومن الأمثلة في هذا الباب ما جرى للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى، لما مر مع ابنه عبدالله على قاص يقص حديث النزول فيقول: "إذا كان ليلة النصف من شعبان ينزل الله عزّ وجلّ إلى سماء الدنيا بلا زوال ولا انتقال ولا تغير حال"، يقول عبدالله: فارتعد أبي، واصفر لونه، ولزم يدي، وأمسكته حتى سكن، ثم قال: قف بنا على هذا المتخرص، فلما حاذاه قال: "يا هذا رسول الله أغير على ربه عزّ وجلّ منك، قل كما قال رسول الله" (أورد هذه القصة عبدالغني المقدسي في كتابه (الاقتصاد في الاعتقاد) ص 110).
ومن تعظيم الله تعالى: تعظيم كلامه، وتحقيق النصيحة لكتابه تلاوة وتدبراً وعملاً، وقد حقق سلفنا الصالح الواجب نحو كتاب الله تعالى من التعظيم والإجلال، حتى إن بعض السلف كانوا يكرهون أن يصغروا المصحف (انظر الحلية لأبي نعيم 4 / 230). وقال بعضهم: والله ما نمت في بيت فيه كتاب الله، أو حديث رسول الله احتراماً لهما (انظر طبقات السبكي 6 / 82).
ومما يجب تعظيمه وتوقيره: تعظيم رسول الله وتوقيره، وتعظيم سنته وحديثه، يقول ابن تيمية في تقرير وجوب توقيره وإجلاله: "إن الله أمر بتعزيره وتوقيره، فقال: {وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ} [الفتح:9] والتعزير اسم جامع لنصره وتأييده ومنعه من كل ما يؤذيه، والتوقير اسم جامع لكل ما فيه سكينة وطمأنينة من الإجلال والإكرام وأن يعامل من التشريف والتكريم والتعظيم بما يصونه عن كل ما يخرجه عن حد الوقار.
ومن ذلك: أنه خصّه في المخاطبة بما يليق به، فقال: {لا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُم بَعْضاً} [النور:63]، فنهى أن يقولوا: يا محمد، أو يا أحمد، أو يا أبا القاسم، ولكن يقولوا: يا رسول الله، يانبي الله، وكيف لا يخاطبونه بذلك والله سبحانه وتعالى أكرمه في مخاطبته إياه بما لم يكرم به أحداً من الأنبياء، فلم يَدْعُه باسمه في القرآن قط.
ومن ذلك: أنه حرّم التقدم بين يديه بالكلام حتى يأذَن، وحرم رفع الصوت فوق صوته، وأن يُجهر له بالكلام كما يجهر الرجل للرجل.
ومن ذلك: أن الله رفع له ذكره، فلا يُذكر الله سبحانه إلا ذكر معه، وأوجب ذكره في الشهادتين اللتين هما أساس الإسلام، وفي الأذان الذي هو شعار الإسلام، وفي الصلاة التي هي عماد الدين" (الصارم المسلول في الرد على شاتم الرسول ص422- 424 باختصار).
ومما يجدر التنبيه عليه: أن التعظيم المشروع لرسول الله هو تعظيمه بما يحبه المعظّم ويرضاه ويأمر به ويثني على فاعله، وأما تعظيمه بما يكرهه ويبغضه ويذم فاعله، فهذا ليس بتعظيم، بل هو غلو منافٍ للتعظيم (انظر تفصيل ذلك في الصارم المنكي في الرد على السبكي لابن عبدالهادي ص385).
وعقد الدرامي في سننه باباً بعنوان: باب تعجيل عقوبة من بلغه عن النبي حديث فلم يعظمه، ولم يوقره (انظر سنن الدارمي 1 / 116 فما بعدها)، وأورد الدرامي جملة من الآثار التي تضمنت عقوبات ومثلات في حق من لم يعظّم حديث رسول الله.
وقد عني السلف الصالح بتعظيم السنة النبوية وإجلال رسول الله، ومن ذلك: ما قاله عبد الله بن المبارك عن الإمام مالك بن أنس: كنت عند مالك وهو يحدثنا حديث رسول الله فلدغته عقرب ست عشرة مرة، ومالك يتغير لونه ويصفر، ولا يقطع حديث رسول الله، فلما فرغ من المجلس وتفرق الناس، قلت: "يا أبا عبدالله، لقد رأيت منك عجباً!" فقال: "نعم إنما صبرت إجلالاً لحديث رسول الله-صلى الله عليه وسلم" (الديباج المذهب لابن فرحون 1 / 104).
وقال الشافعي رحمه الله تعالى: "يكره للرجل أن يقول: قال رسول الله، ولكن يقول: رسول الله؛ تعظيماً لرسول الله" (أخرجه الهروي في ذم الكلام ص225).
وممن يجب تعظيمهم وإجلالهم: صحابة رسول الله، فيتعين احترامهم وتوقيرهم، وتقديرهم حق قدرهم، والقيام بحقوقهم رضي الله عنهم.
وقد خرج جرير بن عبد الله البجلي، وعدي بن حاتم، وحنظلة الكاتب رضي الله عنهم من الكوفة حتى نزلوا قرقيساء وقالوا: "لا نقيم ببلدة يشتم فيها عثمان بن عفان" (انظر الإبانة الصغرى لابن بطة ص164).
وباعد محمد عبد العزيز التيمي داره وقال: "لا أقيم ببلدة يشتم فيها أصحاب رسول الله" (انظر الإبانة الصغرى لابن بطة ص164).
ولما أظهر ابن الصاحُب الرفضَ ببغداد سنة 583 هـ جاء الطالقاني إلى صديق فودّعه، وذكر أنه متوجه إلى بلاد قزوين. فقال صديقه: "إنك ههنا طيّب، وتنفع الناس". فقال الطالقاني: "معاذ الله أن أقيم ببلدة يجهر فيها بسبّ أصحاب رسول الله"، ثم خرج من بغداد إلى قزوين، وأقام بها إلى أن توفي بها (طبقات السبكي 6 / 11).
وبالجملة يجب تعظيم شعائر الله تعالى جميعها، كما قال تعالى: {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإنَّهَا مِن تَقْوَى القُلُوبِ} [الحج:32].
ويلحظ الناظر في حال المسلمين أن ثمة مخالفات تنافي تعظيم الله تعالى وشعائره كالاستهزاء، أو الاستخفاف، أو الازدراء، أو الانتقاص لدين الله تعالى وشعائره. وتظهر هذه المخالفات عبر وسائل الإعلام المختلفة، ومن خلال منابر ثقافية ومؤسسات علمية مشبوهة وغيرها.
ويمكن أن نشير في خاتمة هذه المقالة إلى أهم أسباب وقوع تلك المخالفات المنافية للتعظيم، ومنها:
الجهل بدين الله تعالى، وقلة العلم الشرعي، وضعف التفقه في هذا الأصل الكبير، ومنها: غلبة نزعة الإرجاء في هذا الزمان، فمرجئة هذا الزمان الذين يقررون أن الإيمان تصديق فقط، ويهملون العبادات القلبية، كانوا سبباً رئيساً في ظهور وجود هذه المخالفات... فيمكن أن يكون الرجل عندهم مؤمناً ما دام مصدقاً، وإن استخف بالله تعالى، أو استهزأ برسوله أو دينه!! ومن أسباب هذه الظاهرة: وجود علم الكلام قديماً، الذي لا يزال أثره باقياً إلى هذا العصر، فأهل الكلام يخوضون في الله تعالى وصفاته، مما أورثهم سوء أدب مع الله.
وأخيراً: فإن من أسباب ذلك: كثرة الترخص والمداهنات والتنازلات من علماء السوء الذين أُشربوا حب الدنيا والرياسة، فجعلوا الدين ألعوبة يأخذون منه ويدعون.
ورحم الله ابن القيّم حيث يقول: "كل من آثر الدنيا من أهل العلم واستحبها، فلا بد أن يقول على الله غير الحق في فتواه وحكمه؛ لأن أحكام الرب سبحانه كثيراً ما تأتي على خلاف أغراض الناس" (الفوائد ص93).
- التصنيف: