الشيعة في السنغال

منذ 2013-10-25

للشيعة في السنغال مدارس ومراكز وحوزات ودعاة، غير أنهم يبالغون في العدد كعادتهم في المزايدات، ويزعمون أن لهم في السنغال أكثر من مائة وعشرين مدرسة تضم ما يزيد على تسعة آلاف طالب وطالبة، وفي كل هذا بُعْدٌ عن الحقيقة


يبلغ عدد الشعب السنغالي أحد عشر مليون نسمة، ونسبة المسلمين منهم أكثر من 95%، والنسبة الباقية ما بين نصرانيٍّ وملحد ووثنيٍّ. وأكثر المسلمين فيها من أهل الاتجاهات الصوفية من أصحاب الطرق؛ كالقادرية، والتيجانية، والمريدية، والشاذلية.

وأهل السنة والجماعة (المسلمون في السنغال، لعبد القادر سيلا) ولله الحمد يشكلون عدداً كبيراً في السنغال، ولهم ثقلهم وتأثيرهم الإيجابي في الساحة الدعوية. كما أن للشيعة الإثني عشرية وجوداً في الوطن السنغالي.

تاريخ ظهور الشيعة في السنغال:

بدأ ظهور الشيعة في السنغال عام 1969م بمجيء شيخهم المعمَّم عبد المنعم  الزين اللبناني إلى هذا البلد، والذي ما جاء إليه إلا لمحاولة تشييع الشباب، وقد صرَّح نفسه بذلك في كتاب له سمَّاه (مذهب أهل البيت) فقال: "ومما ادَّخرته ليوم الجزاء ما منَّ به الله تعالى عليَّ أوائل عملي من اقتناع بعض الشباب من أبناء السنغال بطريقة أهل البيت عليهم السلام، فأعلنوا ولاءهم للنبي وآله". وهو بقوله هذا يشير إلى أن الناس لم يكونوا موالين للنبي قبله! "وانخرطوا في مدارسنا في السنغال و لبنان و جامعة قم المقدسة ينهلون منها علوم أهل البيت حتى بلغ عدد منهم رتبة عالية في العلم، ثم رجعوا إلى أهليهم وقراهم يبثونهم [كذا] ما عرفوه من عقائد وفقه وتفسير للقرآن الكريم والسنة الشريفة وغير ذلك من أنواع المعارف والعلوم" (مذهب أهل البيت، لعبد المنعم الزين، ص 20).

مراكز الشيعة ومدارسهم ومساجدهم:

للشيعة في السنغال مدارس ومراكز وحوزات ودعاة، غير أنهم يبالغون في العدد كعادتهم في المزايدات، ويزعمون أن لهم في السنغال أكثر من مائة وعشرين مدرسة تضم ما يزيد على تسعة آلاف طالب وطالبة، وفي كل هذا بُعْدٌ عن الحقيقة. قال عبد المنعم: "كما وفَّقنا الله تعالى لفتح مدارس دينية نيفت على مائة وعشرين مدرسة، تضم ما يزيد على تسعة آلاف طالب وطالبة، ثم تحلَّق الآباء حول أبنائهم حتى ناهز عدد الموالين لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم قرابة مائة وستين ألفاً من مختلف الأعمار والمناطق والمستويات العلمية والاجتماعية والوظائف والمهن" (مذهب أهل البيت، لعبد المنعم الزين، ص 20).

ولا غروَ في مثل هذه المبالغات؛ فقد افترى على نبينا صلى الله عليه وسلم أعظم من ذلك، فقال في مقدمة كتابه المذكور سابقاً: "إن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث: «إن المهدي إذا خرج سيكون من أتباعه رجل من أهل داكار» عاصمة السنغال"، وهذا من باب الترغيب للعوام بهذا الشرف المكذوب.

والسبب في وضعه هذا الحديث المنسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم هو أن في السنغال طائفة باطنية تسمى (اللايينية) والمنتسبون إليها يدَّعون لشيخهم المهديَّة، وكان عبد المنعم الزين يشاركهم في مناسباتهم تقيَّةً، ومن الصعب عليه أن يقول لهم: إن دعوى المهدية خاصة بالشيعة، فلجأ إلى هذا الإفك، كأنه لم يعلم بالحديث المتواتر! وهو ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من كذب عليَّ متعمِّداً فليتبوَّأ مقعده من النار» (أخرجه البخاري في صحيحه، رقم (1209)، وأخرجه مسلم في صحيحه، رقم 4).

وأشهر المناطق التي لهم فيها وجود هي:
1- العاصمة داكار.
2- كازاماس.
3- كولدا.
4- انجاسان.
5- دار الهجرة في مدينة غوناس.
6- كولاخ.
7- كار مدارو في إقليم تياس.
8- دارا جلوف.

وما من منطقة من هذه المناطق إلا ولأهل السنة فيها وجود أقوى من وجود الشيعة، وقبول أكثر من قبولهم؛ ولله الحمد، غير أن الشيعة يملكون أموالاً طائلة ينفقونها في تمويل (حركة التشييع) لأن وراءهم دولة تدعمهم، ولكن كثيراً من جهودهم تبوء بالإخفاق، فإن دعاة أهل السنة لهم في المرصاد في كل قطر ومِصْر، يبيِّنون ضلالاتهم بالحجة والبرهان مع فضح مخططاتهم ومعتقداتهم في الصحابة والقرآن والتقيَّة والمتعة (الزنى) وآل البيت وغيرها.

ومن مراكز الشيعة ومساجدهم ومدارسهم:

1- حوزة الرسول الأكرم:
تقع في داكار حي (e poin)، وهي مركز يضم مدرسة تابعة للحوزات القمّية الإيرانية، يديرها مبعوث من إيران اسمه (محمد شاهدي الرضوان) ويدرّس فيها أساتذة سنغاليون شيعيون تخرجوا في إيران ولبنان، والطلاب في هذه الحوزة كلهم أو جُلُّهم سنغاليون، ويوفَّر لهم سكن داخل الحوزة ومكتبة مليئة بالعديد من كتبهم، ويدرسون بالمجان، ويتخرجون بعد أربع سنوات بشهادة توازي الشهادة الثانوية، ثم توزَّع عليهم منح دراسية لإكمال دراستهم في إيران، وقد ذهبت دفعات إلى إيران حتى هذه السنة 2008م.

بينما يرجع بعضهم بتوفيق الله بعد أن يشاهد واقع الشيعة ويدرك حقيقة دعوتهم؛ لدى وصوله إلى جمهورية إيران، فلا يتمكن من تحمُّل ذلك ولا استيعابه، وعندئذ يضطر للعودة إلى وطنه السنغال سالماً غانماً.

2- كلية فاطمة الزهراء:
مدرسة شيعية تبدأ من روضة الأطفال إلى الثانوية، ويدرسون فيها إلى جانب العقائد الشيعية؛ مادة اللغة الفرنسية؛ بهدف تشييع أبناء الوطن. ومقرها في داكار، ويدرس فيها حالياً أكثر من ستمائة طالب، ذكوراً وإناثاً، بعضهم سنغاليون، وأكثرهم جالية لبنانية تحمل الجنسية السنغالية. وللمدرسة مكان واسع جداً، وتقع في وسط العاصمة.

وإلى جانب هذه المدرسة مسجد كبير ملحق بها، يصلي فيه جمع من السنغاليين العوام، الذين يجهلون موقف الشيعة منهم، وأكثرهم من أصحاب المحلات التجارية المجاورة للمسجد.

3- مؤسسة المزدهر الدولية في داكار:
أسَّسها وبناها أحد السنغاليين المسمَّى بـ (محمد علي الشريف حيدر)، كان موريتاني الأصل، سنغالي الجنسية والموطن، انتقل مع والده إلى قرية تسمى (دار الهجرة) التي تقع قرب مدينة انغوناس وقد نظَّم مؤتمراً شيعياً دولياً كبيراً في معرض داكار الدولي حضره علماء الشيعة من أوروبا و آسيا و إفريقيا.

وأنشطة المؤسسة هي: بناء المدارس والمساجد الشيعية، وكفالة الدعاة، وحفر الآبار، وإيجاد مشاريع استثمارية يرجع ريعها إلى أنشطتهم، وغيرها من الأعمال. وقد فتحوا الآن كلية في داكار، كما أصدروا مجلة باللغة العربية والفرنسية باسم المزدهر.

4- المؤسسة الإسلامية الاجتماعية:
ومبناها يتألَّف من أربعة طوابق، ويوجد في داخله مسجد جامع كبير، وقاعة للمحاضرات، ومكاتب، ومنزل شيخهم عبد المنعم الزين اللبناني. وفي المبنى مكان خاص لاجتماع النساء الداعيات للتخطيط ومدارسة كيفية تشييع نساء أهل السنة في السنغال.
وبنى هذه المؤسسة الجاليات اللبنانية من تجار الشيعة، وتم فتحها في عام 1981م.

5- القسم الفارسي في جامعة داكار:
وهو قسم فتحته الجمهورية الإيرانية في السنغال داخل جامعة (شيخ أنت جوب)، بدعوى تدريس اللغة الفارسية. والحقيقة في الأمر أنه معقل لبثِّ عقيدة الشيعة الإمامية. وكل من زار القسم أو جلس مع طلابه يدرك ذلك جلياً، فكُتب الشيعة العقدية باللغة الفارسية مليئة في مكتبتهم، يقرؤها الطلبة بدعوى تعلّم اللغة، وقد جعلوا للطلبة حوافز بحيث قرروا أن من يحصل على الليسانس يمكنه أن يواصل دراسته في إيران.

ومن تقيَّة عبد المنعم الزين ومكره وخداعه ونفاقه أنه يزور شيوخ الصوفية متقمِّصاً حب أهل البيت ومدَّعياً إياه، وفي واقع حاله أنه من ألدِّ أعداء الصحابة الكرام، وعلى رأسهم أبو بكر الصديق و عمر الفاروق و عائشة؛ رضي الله عنهم، فهو يتعبَّد الله بسبِّهم؛ كما هي حال الشيعة كلهم.

واستغل الأفَّاك هذه التقيَّة أمام الشيوخ حتى نُصب رسمياً (الخليفة العام لطائفة أهل البيت) في أوراق وقع عليها وزير الداخلية السابق عثمان غوم. وما عندي أدنى شك أنه لو أظهر حقيقة عقيدته في الصحابة رضي الله عنهم لما سمح له هؤلاء الشيوخ بالدخول عليهم فضلاً عن مكالمتهم؛ لأنهم بدون استثناء يحبون الصحابة ويمدحونهم في قصائدهم ويسمون أبناءهم بأسماء الخلفاء، وعما قريب سيُكشف أمره أمام أولئك الشيوخ الصوفيين؛ إن شاء الله.

وللشيعة في السنغال دعاة من السنغاليين أنفسهم، أكثرهم تلقوا دراساتهم في لبنان وإيران، وهم مدعومون بأموال ووسائل شتى، ومع ذلك فتأثيرهم محدود جداً في كل مكان يوجد فيه داعية واحد نشيط من أهل السنة؛ لأن خطاب أهل السنة في الصحابة أكثر انسجاماً مع أهل البلد حتى المتصوفة منهم، فلا تدخل بيتاً صوفياً أو غيره إلا وترى فيه من يسمَّى بأبي بكر أو عمر أو عثمان أو علي أو عائشة.

ويستعمل الشيعة في السنغال لمحاولة تشييع السنغاليين عدةَ وسائل، منها:

1- الإغراء بالأموال، وفتح المدارس والمراكز والمساجد التي تخدم عقيدتهم.
2- توزيع الكتيبات العربية والمترجمة إلى الفرنسية، مثل: (ثم اهتديت)، (الشيعة هم أهل السنة)، (مع الصادقين)، (ليالي بشاور)، (المراجعات)، (لماذا اخترت مذهب الشيعة؟) وغيرها.
3- التعليم.
4- إرسال الشباب إلى إيران ولبنان؛ لمواصلة دراستهم.
5- محاولة إيجاد علاقات مع زعماء الصوفية في البلد باستعمال التقيَّة والنفاق.
6- استغلال السفارة الإيرانية لتمرير مشاريعهم وبناء مراكزهم ومدارسهم ومساجدهم، وتسهيل كل ما يخدم عقيدتهم. وعن طريق السفارة فتحوا القسم الفارسي في جامعة داكار، وعن طريقها يشحنون حاويات الكتب إلى السنغال، وعن طريقها يمنحون شبابنا منحاً دراسية إلى الخارج.
7- تمويل دعاتهم ببناء مدارس ومساجد في مناطقهم وقراهم ليؤثروا في الناس مباشرة؛ في الوقت الذي يصعب على كثير من دعاة أهل السنة أن يجدوا مركزاً متكاملاً للتعليم والتحفيظ في منطقتهم أو قريتهم، أو وسائل أخرى تعينهم على الدعوة إلى الله.
والغريب في الأمر أنه مع قلة إمكانات وسائل الدعوة عند أهل السنة والجماعة، وكثرة ما يُموَّل به الشيعة؛ إلا أن دعاة أهل السنة والجماعة في جميع المناطق يفسدون على الشيعة أنشطتهم، وذلك ببيان حقيقتهم للناس وإظهار عقائدهم المخفيَّة وحقدهم الدفين على الصحابة الكرام الذين يكاد أهل السنغال يصلون إلى تقديسهم، وهجر من يذكرهم بسوء علناً.

جهود أهل السنة في دحض ضلالات الرافضة:

مما هو جدير بالذكر بيان جهود دعاة أهل السنة والجماعة في مقاومة المدِّ الرافضي في السنغال، ومن تلك الجهود ما يلي:

1- إقامة مناظرات علمية معهم: فقد أجروا معهم مناظرات علنية في بعض الإذاعات والقنوات التلفزيونية مباشرة؛ فأفحموهم إفحاماً وفضحوهم فضحاً، وبفضل الله ثم بهذه المناظرات تسنَّن شباب من الشيعة، إضافة إلى إدراك كثير من عوام أهل السنة فضلاً عن طلبة العلم ضلالاتهم وخبثهم، وبدؤوا يشهِّرون بهم ويحذِّرون الناس منهم.

وفي يوم الإثنين 14 / 4 / 2008م اجتمع شباب من أهل السنة مع ستة عشر شاباً من طلاب حوزة الرسول الأكرم من العصر إلى الساعة العاشرة ليلاً في مناظرة علمية ساخنة؛ فو الله ما انتهت الجلسة حتى وصل الشيعة إلى تردد في عقيدتهم وشكٍّ فيها بلا استثناء، بل إن بعضهم تسنَّن لاحقاً ولله الحمد بعدما قرأ وشاهد الكتيبات التي وزعت عليهم في نهاية الجلسة مثل: كتاب (أسئلة قادت شباب الشيعة إلى الحق)، و(قرص جرائم الرافضة) المترجم إلى اللغة السنغالية، و(كشف الجاني)، و(ماذا تعرف عن الشيعة؟).

2- تنظيم دورات شرعية هادفة لتطوير أداء الدعاة وتوعية العوام؛ سواء كان ذلك في تقرير عقيدة أهل السنة والجماعة، أو في ردِّ شبهات المخالفين.

3- توزيع كتب أهل السنة والجماعة وترجمة أشرطة علمائهم ونشرها على نطاق واسع؛ فقد ترجم أحد الدعاة السنغاليين قرص (جرائم الرافضة) إلى اللغة السنغالية ووُزِّع في الأقاليم والقرى بآلاف النسخ؛ فأثَّر في قلوب الناس تأثيراً عظيماً. وهذا القرص سبب في زعزعة أمن حوزتهم وخوفهم على طلابهم.

4- المشاركة في البرامج الإذاعية والتلفزيونية لبيان عقائدهم، وهذه الوسائل الإعلامية لها صدى كبير في البلد، فالدعاة لم يهملوا هذا الجانب المهم.
ومن المؤسف جداً أنه يوجد في السنغال عشرون محطة إذاعية (fm)، وست قنوات تلفزيونية، وليس لأهل السنة إلى الآن محطة إذاعية واحدة، فضلاً عن أن يكون لهم قناة تلفزيونية، ولكنهم لم يقصِّروا أبداً في استخدام هذه الوسائل؛ سواء كان ذلك بشراء برنامج في تلك الوسائل الإعلامية؛ حسب الإمكانات، أو من خلال التفاهم مع أربابها.

5- فتح المدارس التي يُدَرَّس فيها منهج أهل السنة والجماعة لشباب البلد من الروضة إلى الثانوية، وقد فتح بعض الدعاة كلية سمِّيت (الكلية الإفريقية للدراسات الإسلامية) ومناهجها قريبة جداً من مناهج الجامعة الإسلامية في المدينة النبوية، ويتخرج فيها الشباب بشهادة البكالوريوس التي تؤهلهم للقيام بالدعوة إلى الله على بصيرة وعلم مؤصَّل من الكتاب والسنة، وللجامعة دور كبير في البلد.

6- المنابر؛ فهناك مساجد كثيرة لأهل السنة يصلي فيها صلاةَ الجمعة جمعٌ غفير من المسلمين، بل في بعضها آلاف من جميع أوساط المجتمع، يستمعون إلى خطب الأئمة باللغة السنغالية بطريقة مؤثرة. ولهذه المنابر نفع عظيم في تصحيح العقيدة؛ ولله الحمد.

7- مساهمات اجتماعية؛ ككفالة الأيتام وإفطار الصائم وتقديم كسوة العيد وغيرها، وهو ما يمهد لأهل السنة والجماعة طريقاً لإيصال الدعوة الإسلامية، كما يحقِّق لهم سمعة طيبة.

8- تنظيم قوافل دعوية إلى القرى والأماكن النائية لتبليغ الدعوة الإسلامية المستمدة من الكتاب والسنة على فهم سلف الأمة.

أبو محمد الإفريقي
 

المصدر: مجلة البيان
  • 0
  • 2
  • 4,304

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً