رسالة إلى الأخ الدكتور أسامة السيد الأزهري
"تكلم الآن أو اصمت إلى الأبد"
"تكلم الآن أو اصمت إلى الأبد"
طالعت اليوم قَدَراً مقالة الدكتور أسامة السيد الأزهري في جريدة (الوطن) التى كتبها من شهور بعنوان (وامرساه)، وهي حقا مقالة رائعة، يلوم فيها الدكتور مرسي على ما حدث في عهده للإنسان المصري، وأخذ يُعدِّد قتلى الحوادث، ثم قال في نهايته:
"وقد بلغ الإهمال من المسئولين عن شعبك أن الكوارث تحصده حصداً كما ترى، فلا تتهاون في محاسبة المسئول مهما كان حجمه ومركزه، وإلا فدماؤهم في رقبتك، وها نحن نمتثل لما علمنا إياه الدكتور صفوت حجازى، ونقول: وامرساااااه، فهل من مجيب؟"أ. هـ.
وهكذا يجب أن يكون العلماء من تقديم النصح للحاكم رضى أو سخط. فجزاك الله خيراً!
لكنني أخي الكريم لم أستطع دفع ما ثار في خاطرى، عقب قراءة كلامك، فأحببت أن أشارككم فيما لا أستطيع دفعه:
أقول:
هل تستطيع أخي الدكتور أسامة -الآن- أن تقول كلاماً مشابهاً حول خمسة آلاف قتيل، وآلاف الجرحى في يوم واحد، في أكبر مقتلة في مصر في العصر الحديث -بحسب تقارير دولية- وأن تكتب -مشكوراً مقالة بعنوان (واسيسااه)؟
هل تستطيع توجيه اللوم للسيسي ومَن حوله عن تعطل حياة ملايين المصريين يومياً بإيقاف القطارات وزيادة أعباء الحياة على الناس؟
هل تستطيع أن توجه السيسي أي توجيه أخلاقي، وهو الذي ثبت كذبه بدل المرة مرات عديدة؟
هل تستطيع أن تقول: "وإلا فدماؤهم في رقبتك، وها نحن نمتثل لما علمتنا إياه حين قلت: "تتقطع إيدينا إذا اتمدت على مصري، انتو متعرفوش أنكم نور عيني ولا أيه؟" فندعوك لقطع يدك عن السياسة واعتزال القوات المسلحة الحياة السياسية؟".
هل تستطيع تذكيره بقوله: "الجيش إذا نزل اتكلم على مصر كمان تلاتين أو أربعين سنة" وتمتثل لكلامه وتقوله له: من فضلك ارجع بالجيش إلى مهمته الأصلية، وحصن البلاد من أعدائها، فإن من تقتلهم في الشوارع ليسوا هم الأعداء، إنهم خارج مهمتك؟
تكلم يا دكتور أسامة، فإن قول الحق لا يكون فقط حين تكون الشجاعة (موضة) و ربما سراً من أسرار النجومية، التي تُفتح معها كل القنوات!
تكلم يا دكتور أسامة فإن الشجاعة: أن تقول الحق لمن معه القوة، لا لوم الضعيف العاجز، الذي يجب أن يعان، لا أن يلام!
تكلم يا دكتور أسامة ولا تَدَّعِ اعتزال السياسة؛ فإنك منغمس فيها لأذنيك، وموقعك معروف من الفرقاء المتخاصمين المختلفين وإن ادعيت الحياد!
تكلم يا دكتور أسامة فإنك تحتاج للتكفير عن (توظيفهم، استغلالهم، احتمائهم، تصديرهم) لك في نزاع سياسي -أنا على يقين أنك لا تتبنى فيه الخطاب العلماني ولكنهم للأسف، وسامحني على هذا التعبير الذي لا أجد له بديلاً: استغفلوك، وأخذوك واجهة- تُستخدم كدعاية فى نزاع سياسي طرفاه (اسلامى و علماني) وأخذوا منك كل ما يريدون، ولو بمجرد وجود اسمك في جريدة او برنامج في قناة يوحي للمشاهد أنك تذهب مذاهبهم السياسية!
وإذا أردت أن تعرف كيف تم (استغفال فضيلتكم) فأنصحكم بقراءة ما كتبته الدكتوره نادية مصطفى حول (الظهير الديني للعلمانيين) ومقالة الفقير (جنود الله في المعركة الخطأ) ومقالة (بيني وبين الجفري)!
وأنا على يقين أنك تدري جيدا كيف (وظفوك سياسياً)! حين كنت تنتقد تصرفات دعاة الشريعة على أرضية علمانية (جريدة الوطن / قناة سي بي سي)؛ فأنت شئت أو أبيت قد روجت لهؤلاء! {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}!
تكلم فقد صارت لك عندهم كلمه -وتلك نعمة- بما صرت تظهر في قنواتهم وتكتب في صحفهم وأذكرك بكلام التاج السبكي (في معيد النعم ومبيد النقم/ ص: [15-16]) حين قال:
"إذا كنت مقبول الكلمة عند ولي الأمر فالمطلوب منك أن تنصحه وتنهى إليه ما يصح ويثبت عندك من حال الرعايا وتساعد عنده على الحق بما تصل إليه قدرتك. ولا يكن حظك منه الاقتصار على حطام تجمعه لنفسك أو دنيا تضمها إليك... وما أحمق من كانت له كلمة نافذة عند ولي أمر فوجد مظلوماً يستغيث فقام يصلي شكراً لله تعالى على أن جعله ذا كلمة نافذة عند ولي الأمر وترك المظلوم يتخبطه الظلم ولا يجد منجداً، وهو قادر على إنجاده فذاك الذي صلاته وبال عليه" أ. هـ.
تكلم الآن؛ فإنه واجب وقتك.. أو اصمت إلى الأبد، ملفوفا بثوب الخزي والعار!
تكلم وثُر لدماء أبرياء تراق في شوارع مصر... وإن منعوك من قنواتهم وصحفهم، فاعلم أنك قد ربحت نفسك واحمد الله على ذلك، وإن خسرت (نجوميتهم)!
- التصنيف: