الطريق ليس هناك
إن من سياسات الغرب الثابتة ميله للتعامل مع الطوائف وليس مع الأكثرية، فالمشاعر العرقية أو الطائفية هي التي يريد توطيدها، ومن ثوابته أنه لايبرم عهداً إلا على نية نقضه عندما تحين الفرصة المناسبة، كما قال تعالى: {وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْد} [الأعراف من الآية:102]، ولذلك لا يوثق بأمريكا ووعودها. وروسيا وإيران عدوتان لدودتان للمسلمين في سورية، فلم يبق إلا أن ترجعوا -وأعني المعارضة السياسية والإئتلاف خاصة- أن ترجعوا إلى ضمير الشعب السوري وإلى معاناة الشعب السوري وترفضون الشروط المذلة التي يريدها منظمو جنيف وعلى رأسهم الإبراهيمي.
الطريق ليس إلى جنيف 2 ولا إلى جنيف 3؛ وإنما عند الأمة، عند الشعب السوري الذي صمد حتى الآن رغم كل الأهوال التي انصبت عليه، الحل ليس في دهاليز الفنادق حيث تبدأ التنازلات والمساومات، وحيث يتسلل الذين يتقنون انتهاز الفرص، ويتقنون النفاق.
هؤلاء يتنازلون عن أشياء كثيرة مقابل بعض الفتات، وبعض هؤلاء يفرح إذا صافحه الوزير الفلاني أوالرئيس الفلاني، لقد تخلى ما يُسمّى المجتمع الدولي عن واجباته الأخلاقية والإنسانية وليس غريباً هذا الفعل منه، وتخلى الأصدقاء، فالانقلاب في مصر جعل من مصر دولة هامشية في المنطقة لاتستطيع أن يكون لها دور في أحداث سورية، هذا إن لم يكن لها موقف سلبي من الثورة السورية ابتداء، وتركيا رغم موقفها الإيجابي بل والمشرِّف مقارنة بغيرها ولكنها بدأت تراجع حساباتها مع دول المنطقة، ويجتمع وزير خارجيتها مع نظيره الإيراني، كيف تذهبون إلى جنيف وليس معكم تفويض من الشعب ولا اتفاق وتفويض من الكتائب التي تقاتل على الأرض، كيف تذهبون والمعارضة أصبحت معارضات، معارضتان في الداخل تريدان الحضور، هذا عدا عمَّن يدس أنفه ليحضر كمعارض ولو فردياً، وكيف تجلسون مع إيران الداعم الأكبر لقتل الشعب السوري.
إن من سياسات الغرب الثابتة ميله للتعامل مع الطوائف وليس مع الأكثرية، فالمشاعر العرقية أو الطائفية هي التي يريد توطيدها، ومن ثوابته أنه لايبرم عهداً إلا على نية نقضه عندما تحين الفرصة المناسبة، كما قال تعالى: {وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْد} [الأعراف من الآية:102]، ولذلك لا يوثق بأمريكا ووعودها.
وروسيا وإيران عدوتان لدودتان للمسلمين في سورية، فلم يبق إلا أن ترجعوا -وأعني المعارضة السياسية والإئتلاف خاصة- أن ترجعوا إلى ضمير الشعب السوري وإلى معاناة الشعب السوري وترفضون الشروط المذلة التي يريدها منظمو جنيف وعلى رأسهم الإبراهيمي.
ألا يستحق هذا الشعب الذي يحمل ميراثاً عريقاً في الإسلام وحافظ على الفضائل الأخلاقية قروناً رغم كل ماعاناه من ويلات الإستبداد والإستعمار ومكر الغرب الذي حاول محو مقوماته بالتدرج والخفاء، حارب الايمان بالإلحاد والوحدة بإثارة النعرات العنصرية والعربية بإحياء اللهجات الإقليمية، ألا يستحق هذا الشعب التقدير وأن يُسمَع صوته وماذا يريد؟ أبعد كل هذا الدمار يبقى بشار على أرض الشام؟
ما هذه الدول التي ترى كل يوم القتل لشعب يطالب بحريته ثم يختزلون القضية في تدمير الكيماوي الحل هو في التعاون والاتحاد والوحدة، وحدة السلاح والمال، وحدة التخطيط وغرفة العمليات الموحدة، وعندئذ إذا كان لابد من الذهاب الى جنيف ستذهبون وأنتم أقوياء، تفرضون الشروط التي لابد منها، الشروط التي لاتنازل عنها، إن الخطأ في مثل هذه اللحظات يجر إلى الكوارث "وما اتفاقيات أوسلو عنكم ببعيد".
وفي التاريخ الحديث وفي مفاوضات المغرب مع فرنسا وبداية التنازلات علّق الأمير محمد بن عبد الكريم: "إن هذا خذلان لإخواننا في الجزائر".
ونحن نقول: إن الذهاب لجنيف تحت شروط مذلة هو خذلان للشعب السوري. إنها لحظات مصيرية لا يجوز النظر إليها بعين السهولة وأننا نقبل الآن أي شيء لتمرير هذه المرحلة.
في جنيف ستكون الضغوط والمساومات حتى تتبرأ أمريكا ويتبرأ الغرب ويقول لقد حاولنا وقمنا بواجبنا ولكن الأطراف أفشلوا المؤتمر.
إذن من الآن نكون واضحين؛ لا نريد حلولاً عرجاء، حلولاً لا طعم لها ولا لون، نريد حلولاً يرجع فيه الحق لأصحابه، ويعاقب المجرم على إجرامه، تذكروا يا من ستذهبون إلى جنيف ماذا سيكتب التاريخ عنكم، وماذا ستقول الأجيال عنكم، والله غالب على أمره.
- التصنيف:
- المصدر: