دلالات الإعلان عن الجبهة الإسلامية في سوريا
لم تكن خطوة الإعلان عن تشكيل (الجبهة الإسلامية) في سوريا هي الأولى من نوعها نحو تحقيق الوحدة المأمولة بين كتائب وألوية الثورة السورية، فقد سبقتها خطوات كثيرة سابقة: كالإعلان عن تشكيل (جيش الإسلام) الذي يضم أكثر من 43 فصيلا مقاتلا ومبايعة محمد زهران علوش قائدا عاما لهذا الجيش، وكذلك الإعلان عن تشكيل الجبهة الإسلامية السورية في بداية عام 2013م والتي ضمت 11 كتيبة وجماعة وحركة، إلا أنها كانت خطوات محلية لاجتماع كتائب المحافظة الواحدة في الغالب الأعم.
لم تكن خطوة الإعلان عن تشكيل (الجبهة الإسلامية) في سوريا هي الأولى من نوعها نحو تحقيق الوحدة المأمولة بين كتائب وألوية الثورة السورية، فقد سبقتها خطوات كثيرة سابقة: كالإعلان عن تشكيل (جيش الإسلام) الذي يضم أكثر من 43 فصيلا مقاتلا ومبايعة محمد زهران علوش قائدا عاما لهذا الجيش، وكذلك الإعلان عن تشكيل الجبهة الإسلامية السورية في بداية عام 2013م والتي ضمت 11 كتيبة وجماعة وحركة، إلا أنها كانت خطوات محلية لاجتماع كتائب المحافظة الواحدة في الغالب الأعم.
وتنفرد خطوة الإعلان عن تشكيل (الجبهة الإسلامية) بشمولها أكثر من محافظة سورية ثائرة، كما أن أهميتها تنبع من كونها تجمع بين أهم الفصائل والألوية الكبيرة المقاتلة ضد نظام بشار الأسد والمليشيات الشيعية الداعمة له، ناهيك عن تأكيدها الصبغة الإسلامية للثورة السورية، وإعلانها ولأول مرة عن لعب دور سياسي إلى جانب الدور العسكري.
فقد أعلنت سبعة فصائل مقاتلة بمناطق مختلفة بسوريا اندماجها في تكتل واحد باسم (الجبهة الإسلامية)، يهدف لإسقاط نظام بشار الأسد و(بناء دولة إسلامية راشدة)، وتضم الجبهة كلا من: حركة أحرار الشام الإسلامية، وجيش الإسلام، وألوية صقور الشام، ولواء التوحيد، ولواء الحق، وكتائب أنصار الشام، والجبهة الإسلامية الكردية، والتي تنشَط في مناطق دمشق وريفها ومحافظات حمص واللاذقية وحماة وإدلب وحلب ودير الزور.
ومن أبرز دلائل هذه الخطوة ما يلي:
1- أنها جاءت عقب استشهاد قائد لواء التوحيد عبد القادر الصالح، الذي كان من أبرز الداعين والمشجعين لهذه الخطوة، عبر لقاءاته المتتالية مع قادة أحرار الشام وصقور الشام وجيش الإسلام، ليؤكد هذا الدين من جديد أن المطلوب من المسلم هو إخلاص النية والعمل لله، وترك ظهور وتحقق النتائج لله تعالى، حيث من الممكن ألا تظهر تلك النتائج في حياة صاحبها، ولكن جهوده بلا شك لن تضيع سدى، وأن الثواب والأجر قد كتب له بإذن الله، ناهيك عن إمكانية تحقق النتائج بعد وفاته، وهذا ما حصل تمامًا مع جهود القائد الشهيد عبد القادر الصالح، التي ظهرت نتائجها بعد وفاته بأسبوع واحد فقط، وهو درس عظيم لا بد أن نتدبره.
2- التأكيد على الصبغة الإسلامية للثورة السورية، تلك الصفة التي لا يماري بها إلا كل غافل أو حاقد، فمعظم الفصائل المقاتلة على الأرض ذات صبغة إسلامية واضحة، وهي الصفة التي كانت وما زالت تقلق الغرب وتقض مضاجعه، وتجعله لا يكتفي بعدم مساعدة الثوار والوقوف مع نظام بشار، بل جعلته يتآمر على هذه الثورة لإجهاض مشروعها الإسلامي، من خلال إلصاق تهمة الإرهاب والتشدد بفصائلها ومقاتليها، وهي لعبة باتت مكشوفة ومفضوحة. وقد ظهرت الصبغة الإسلامية في نص بيان تشكيل الجبهة، التي تهدف إلى إسقاط نظام بشار وبناء دولة إسلامية راشدة تكون فيها السيادة لله عز وجل وحده مرجعا وحاكما وناظما لتصرفات الفرد والدولة. وحتى لا يصطاد الغرب وأعداء الثورة بالماء العكر، ويوقعوا بين الثوار من خلال التحريض والتشويه ونشر الشائعات، أكد رئيس مجلس الشورى للجبهة الإسلامية أحمد عيسى الشيخ عدم تعارض عمل الجبهة مع عمل الجيش السوري الحر، كما أكد على تعاون الجبهة مع كل العاملين المخلصين على الجبهة السورية، موضحًا أن الهدف من اندماج هذه الفصائل والألوية هو (إحداث نقلة نوعية في الحراك العسكري ورص الصفوف وحشدها بشكل يجعلها بديلًا للنظام في جميع الصعد).
3- إدراك جميع الفصائل المقاتلة على الأرض السورية ضرورة وأهمية الوحدة للوصول إلى هدف إسقاط نظام بشار، وأن طول أمد المعركة لم يكن بسبب نقص الذخيرة وكيد الأعداء فحسب، بل بسبب الفرقة التي يعمل بها ألوية وكتائب الثوار، وأنه لا بد في النهاية من الاعتصام بحبل الله تعالى جميعًا، ليس على المستوى المحلي من خلال وحدة بعض الكتائب والألوية في المدينة والمحافظة الواحدة، بل على صعيد أكثر المحافظات السورية كما هو الشأن في خطوة (الجبهة الإسلامية)، وهو ما أشار له أحمد عيسى الشيخ بتأكيده على أن الجبهة نواة لإحياء ما أسماه فريضة الاعتصام وتحقيق آمال السوريين. لقد أكدت شريعة الإسلام وجوب الوحدة في كل المجالات وخاصة في أمر الجهاد، فمن المعلوم أن أمر الجهاد موكول إلى الإمام في الفقه الإسلامي، مما يعني وجوب الوحدة في القتال، وجعل الأمر يصدر عن قيادة واحدة موحدة ترضاها الجماعة الإسلامية، حتى يتحقق النصر المأمول من الله تعالى في أقرب وقت ممكن.
4- الإشارة إلى الدور السياسي لهذه الجبهة إلى جانب الدور العسكري، وهي المرة الأولى التي يعلن بها كيان عسكري سوري عن لعب دور سياسي، مما يبعث الأمل بإمكانية انبثاق هيئة سياسية سورية من الداخل السوري تعبر عن آمال وطموحات الشعب السوري الحقيقية، والتي دفع ثمنا باهظًا من أجل الوصول إليها، بعيدا عن المعارضة الخارجية التي لم تستطع التعبير عن طموحات وآمال السوريين، كما أنها لم ترتق إلى مستوى تضحياتهم الكبيرة والعظيمة. وقد ظهر هذا الدور السياسي في نص بيان تشكيل الجبهة، حيث عرف أحمد عيسى الشيخ الجبهة بأنها: جبهة سياسية عسكرية اجتماعية مستقلة تهدف إلى إسقاط نظام الأسد في سوريا وبناء دولة إسلامية راشدة تكون فيها السيادة لله عز وجل وحده مرجعًا وحاكمًا وناظمًا لتصرفات الفرد والدولة.
ومع الاستبشار بالإعلان عن مثل هذه التجمعات والتشكيلات الوحدوية الجديدة، والتي نأمل أن تستمر حتى إعلان اجتماع ووحدة جميع الفصائل المقاتلة على الأرض السورية، إلا أنه لا بد من التأكيد على وجوب وجود آثار عملية فعلية على الأرض لمثل هذه التجمعات، فما لم يكن هناك تواجد حقيقي للجبهة على الأرض فإنها لن تختلف كثيرا عن كيانات تشكلت في السابق، مما يعني أنها -لا قدر الله- مجرد دعاية إعلانية ليس لها أي مردود أو تأثير على أرض الواقع، الأمر الذي قد يفقد أمثال هذه التشكيلات المصداقية عند أبناء الشعب السوري.
فنسأل الله العلي القدير أن يرينا نتائج هذا التشكيل على الأرض في القريب العاجل، ليكون حافزًا لمزيد من التجمعات والتشكيلات، التي تعجل في انتصار الثورة السورية وتشكيل الدولة الإسلامية المنشودة.
- التصنيف:
- المصدر: