صلاح نصر

منذ 2013-12-02

تظل تجربتي في قراءة كتاب (الحرب النفسية) لصلاح نصر تجربة مرعبة رغم مرور خمسين عاما. فالكتاب محشو بالمعلومات كقنبلة غاز حارقة تحت ضغط كبير. لكن ما أرعبني لم تكن المعلومات الواردة في الكتاب؛ بل شخصية الكاتب؛ شخصية صلاح نصر؛ شخصية ضابط المخابرات، وكيف يجب أن يكون أمام الناس دمثا إلى أقصى الحدود بينما يقبعُ داخله وحشٌ شرسٌ مفترسٌ بلا أخلاقٍ ولا ضميرٍ ولا دينٍ


تظل تجربتي في قراءة كتاب (الحرب النفسية) لصلاح نصر تجربة مرعبة رغم مرور خمسين عاما. فالكتاب محشو بالمعلومات كقنبلة غاز حارقة تحت ضغط كبير. لكن ما أرعبني لم تكن المعلومات الواردة في الكتاب؛ بل شخصية الكاتب؛ شخصية صلاح نصر؛ شخصية ضابط المخابرات، وكيف يجب أن يكون أمام الناس دمثا إلى أقصى الحدود بينما يقبعُ داخله وحشٌ شرسٌ مفترسٌ بلا أخلاقٍ ولا ضميرٍ ولا دينٍ، وعليه في نفس الوقت أن يزعم أنه أعلى الناس أخلاقًا، وأرهفهم ضميرًا، وأشدهم تدينًا، وأن يداري وحشيته بالإفراط في العاطفة والوجدان.

صلاح نصر.. ضابط المخابرات.. هاتك الأعراض، عابد ذاته، عاشق السلطة، مرتكب كل الشرور والآثام حتى أتخيل الشيطانَ طفلاً بريئًا إزاءه انتهى فعليا يوم 13 يونيو 67 عندما سقط في مكتبه مصابًا بجلطة كبيرة في القلب بعد نذر زوال إمبراطوريته. وبعدها سجن، ونكل به، وأصابه هياج عصبي شديد وصل إلى حد الهستيريا في السجن وفي مستشفى المعادي، وظل ملعونا من المصريين إلى آخر الزمان بعد أن ذهب مجده وجاهه، وانقطعت نشواته، وجرد من كل شيء حتى الحياة.

كان ما يرعبني فيه كيف يمثل الدور وضده بكل هذا الإتقان. الآن فقط أتنبه إلى أن شخصيته هي التي أوحت لي بفكرة عملي الأدبي: (بروتوكولات حكماء العرب).. وهو أقرب أعمالي إلى قلبي. كيف كان يمثل الدور وضده، ويفعل الشيء وعكسه، ويمارس أعلى درجات الإجرام ويدعي أعلى درجات الخلق، وهو مسعور يدعي الرزانة والرصانة والعقل؛ ليس فيه صواب ولا حق ولا خير، ينكر ويفعل، ويكذب ويطلب التصديق... و.. و.. و...

ولكم كانت نهايته مأساوية؛ خاصة رعبه في السجن الحربي وهو يتملق أصغر جندي مطاردا على الدوام بأن أحدا سيفعل فيه بعض ما فعله في الناس..
نهاية مأساوية حتمية..


محمد عباس
 

  • 0
  • 0
  • 1,519

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً