الشيخ عكرمة صبري: أ حذر المسلمين من ضياع الأقصى
حوار: السيد عبد الفتاح / القاهرة 8/4/1426هـ - 16/05/2005م
- محاولة المتطرفين اليهود اقتحام الأقصى بالونة اختبار ولن تكون
النهاية..
- لا نعوِّل كثيراً على مواقف الدول العربية والإسلامية؛ فالمؤتمرات
لا تحفظ المقدسات ولا تحرّر البلاد!
- الهدنة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل استراحة محارب.. والصهاينة
لا يريدون السلام.
- الغرب يخشى نهوض المسلمين بالإسلام من جديد..
حذّر الشيخ عكرمة صبري، مفتي القدس وخطيب المسجد الأقصى، في حوار مع
"الإسلام اليوم" مسلمي العالم أجمع، والعرب من مخاطر عدم الوقوف بشدة
أمام المخططات المشبوهة للمنظمات اليهودية المتطرفة والمدعومة من
الحكومة الإسرائيلية، والتي ترمي إلى هدم المسجد الأقصى الشريف. وأكّد
مفتي القدس أن المحاولة الأخيرة من المتطرفين اليهود يوم العاشر من
مايو الحالي لن تكون الأخيرة، وأن إسرائيل عازمة على المساس بالمسجد
الأقصى وتدميره لبناء الهيكل المزعوم مكانه.
وفي ذات الوقت، انتقد مفتي القدس الموقف العربي والإسلامي الضعيف تجاه
التهديد باقتحام وهدم الأقصى، وتجاه المخططات الإسرائيلية الخاصة
بتهويد القدس وإقامة المستوطنات, مؤكداً أن الأقصى ليس فلسطينياً فقط؛
بل إنه ملك للعرب وجميع المسلمين في العالم، ولذلك فعليهم جميعاً أن
يسارعوا إلى نجدته وحمايته من اليهود, ومع ذلك فالموقف لايزال كعادته
لا يخرج عن الاستنكار والشجب والإدانة.
كما أشار الشيخ عكرمة إلى أن اليهود المتطرفين سوف يكررون محاولاتهم
لاقتحام الأقصى، وأن المحاولة الأخيرة كانت مجرد بالون اختبار يختبرون
به الموقف العربي والإسلامي، والذي كان -للأسف- دون المستوى المطلوب
بكثير! كذلك أكد الشيخ عكرمة صبري في حواره مع (الإسلام اليوم) أثناء
زيارته للقاهرة أن الغرب يخشى الإسلام، ولهذا فإنه يحاربه، ويسعى
جاهداً إلى تشويه صورته وإلصاق التهم الكاذبة به.
كما تطرّق مفتي القدس إلى الحديث عن المقاومة الفلسطينية والهدنة
الأخيرة بين فصائل المقاومة، وعن الإصلاحات في السلطة الفلسطينية، وعن
تصوره لمستقبل عملية التسوية.
أطماع اليهود في الأقصى
- الإسلام: نريد أن نتعرف منكم على الصورة الحقيقية لما حدث من محاولة
المتطرفين اليهود لاقتحام المسجد الأقصى المبارك؟
ـ أتصوّر أن الوضع لم يكن غامضاً، بل كانت الأمور واضحة في إصرار
الشعب الفلسطيني في دحر أولئك اليهود المتطرفين الذين يحاولون اقتحام
المسجد الأقصى المبارك, والحقيقة أن هذه المحاولة ليست جديدة، وهي
ليست الأولى ولن تكون الأخيرة! إذ إن الأطماع اليهودية قائمة لتحقيق
أحلامهم المزعومة في إقامة هيكل سليمان على أنقاض المسجد الأقصى
المبارك.
وبالتالي نحن ندعو ودعونا الشعب الفلسطيني بشدّ الرحال إلى المسجد
الأقصى بشكل يومي، وليس في اليوم التاسع من شهر مايو الجاري فقط ،
والأمر بالنسبة لنا ليس بالغريب أو الجديد وسنكون نحن المرابطين، ونحن
الذين سنتصدى لهذه العدوانات المتوالية أولاً بأول.
- الإسلام: هل لك أن تصف لنا كيف جرت الأمور ليلة العاشر من مايو
؟
- لقد كانت ليلة طويلة، لأن شرطة الاحتلال الإسرائيلية قد وضعت
الحواجز منذ الليل، ومنعت الشباب الذين تقل أعمارهم عن أربعين سنة من
دخول مدينة القدس, وبالتالي وضعت عدة حواجز على المدينة من الخارج
وحواجز أخرى على البلدة القديمة من الداخل, وعلى بوابات الأقصى، وذلك
لتمنع أكبر عدد ممكن من المواطنين من الوصول إلى المسجد الأقصى.
ومع ذلك كان هناك عشرات الآلاف دخلوا الأقصى ليحموه، وكان مئات الآلاف
حول مدينة القدس، وحصل نوع من الاحتكاك والمشادات بين المواطنين
والشرطة الإسرائيلية؛ لأنها حرمتهم من الوصول إلى المسجد الأقصى وأصيب
20 فلسطينياً جراء الاشتباكات مع الشرطة الصهيونية، وقد أعلنّا
استنكارنا على تقييد حركة المصلّين من جانب الشرطة الإسرائيلية, لنقول
أن المشكلة نبعت من هؤلاء المتطرفين اليهود, ولم تكن المشكلة والأزمة
بسببنا نحن المسلمين؛ فنحن لم نقم بأي عمل مخل بالأمن, وبالتالي لا
يجوز للشرطة الإسرائيلية أن تعاقب المسلمين؛ لأنها عاقبت اليهود. ولكن
بحمد الله مرّ ذاك اليوم بسلام رغم التوتر الشديد، والناس كانت على
أعصابها، ومع ذلك فقد اعتاد الناس على مثل هذه المواقف.
- الإسلام: ولكن ـ والحمد لله ـ لم يستطع المتطرفون اليهود اقتحام
المسجد؟
- إن السبب الرئيس في حماية المسجد الأقصى وإفشال ذلك المخطط الآثم هو
وحدة وتلاحم شعبنا والشرفاء في أمتنا، الذين أعلنوا النفير العام من
القدس وحيفا ويافا وغزة وجنين والنقب والمثلث والجليل حتى بيروت ودمشق
وعمان والقاهرة وكل مكان لحماية المسجد الأقصى، كما أننا نؤكد أن
التهديد لم ينتهِ، والمطلوب أن يشدّ الجميع الرحال إلى المسجد الأقصى؛
لأن المسجد المبارك في خطر دائم.
- الإسلام: في رأيكم، من يقف وراء هذه المنظمات المتطرفة؟
- شارون هو الذي يسيّر كل عصابات التطرف، وهو المسؤول عن التصعيد
الخطير الذي تسعى لتنفيذه عصابات التطرف الإسرائيلية التي لم توقف
يوماً اعتداءاتها على المدينة المقدسة ومقدساتها. وعلينا أن نتذكر ما
قام به المتطرفون اليهود وقوات الاحتلال من تدمير للمسجد الأقصى منذ
احتلال القدس الشرقية عام 1967.
رهان خاسر
- الإسلام: الأقصى في خطر، وهذه المرة قد تكون بالونة اختبار لمعرفة
درجة ردة الفعل على المستوين العربي والإسلامي فهل في رأيكم ستتلوها
محاولات أخرى ؟
- هم يخططون ويقومون بجس النبض ليعرفوا في النهاية متى سنكون مستسلمين
أو راضخين للأمر الواقع. ونحن نقول بأعلى صوتنا: إن وجودنا في مدينة
القدس هو وجود بأمر من الله سبحانه وتعالى, وهو أمر مرتبط بالإيمان.
لا نملّ بحمد الله ولا نتكاسل، ولن نتنازل، و الذي يراهن على أننا
سنستسلم فرهانه خاسر؛ لأن الإنسان لا يتخلى عن إيمانه في أي لحظة من
اللحظات بل يزداد إيمانه حينما يقع في شدة, ونحن في شدة وإيماننا
يزداد وتمسكنا بالأقصى يزداد.
- الإسلام: يزعم اليهود أن المسجد الأقصى مُقام على هيكل سليمان
المقدس لديهم، ولذا فإنهم يريدون هدم الأقصى لإقامة الهيكل ثانية..
فما ردّكم على ذلك؟
- وعلينا أن نذكر بتصريحات الحاخام (أبراهام شابيرا) قبل عدة أشهر في
لقاء صهيوني؛ إذ قال: "لا يوجد شيء اسمه الأقصى، إن هذه كذبة افتراها
علينا العرب. إن جبل الهيكل ـ يقصد المسجد الأقصى ـ يتبع اليهود،
وأي اتفاق تسوية يجب أن يضمن لليهود إقامة شعائرهم الدينية في
داخله".ولكننا نؤكد لذلك، الفتوى الشرعية التي تنص على أن أرض القدس
وسماءها وظاهرها وباطنها وقف إسلامي، وأن فكرة تقسيم الأقصى على نحو
تكون أرض المصلى لليهود والطابق العلوي للمسلمين أمر مستحيل شرعاً؛
لأن الأرض وما عليها وما حولها وقف خالص لله تعالى وللمسلمين.
ولكنني أؤكد أنها خزعبلات وأكاذيب صهيونية. فتلك العصابات تزعم أن
المسجد الأقصى قد بُني على أنقاض هيكل سليمان, وهم يبحثون منذ سنوات
عن هذه الأنقاض، ولم يعثروا على شيء. بل إنهم غير متأكدين من مكان هذا
الهيكل، فتارة يقولون: إنه يقع على طريق بين أريحا والقدس, وتارة
أخرى يقولون: إنه على طريق بين القدس وبيت لحم، ومنهم من يزعم أن
الهيكل هو في منطقة الحرم القدسي الشريف.. ولكن نقول بشكل واضح: إن
الأقصى للمسلمين بقرار من ربّ العالمين, وليس بقرار من الأمم
المتحدة ومجلس الأمن, وحراس الأقصى لن يسمحوا لليهود المساس
بحرمته.
حفريات إسرائيلية
- الإسلام: وماذا عن الحفريات الإسرائيلية التي لا تزال مستمرة تحت
أساسات المسجد الأقصى، وقد أحدثت خسائر عديدة في أساساته والطرق
المؤدية إليه؟
- الحفريات الإسرائيلية المستمرة تحت أساسات المسجد الأقصى المبارك
ومن حوله تهدد بانهيار المسجد المبارك أو أجزاء منه في أي وقت. وقد
حدث من قبل انهيار في الطريق المؤدي إلى باب المغاربة نتيجة تلك
الحفريات التي تستهدف تقويض بناء المسجد الأقصى وهدمه، وإقامة هيكلهم
المزعوم مكانه. والاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى المبارك لا
تتوقف عند هذا الحد، كما أن مخاطر الحفريات لم تتوقف عند أساسات
المسجد الأقصى المبارك، بل امتدت لتشمل العقارات الوقفية الأثرية
الملاصقة لسور المسجد الأقصى من الجهتين الغربية والشمالية، وقد أحدثت
تلك الحفريات تصدعات وشقوقاً في تلك العقارات.
- الإسلام: ماذا عن الموقف العربي والإسلامي في مواجهة هذه المحاولات
الصهيونية المتواصلة للمساس بالأقصى ؟
- بكل صراحة نحن لا نعول على الموقف العربي أو الإسلامي، وهو أمر مرير
علينا أن نقوله، ولكن هذه هي الحقيقة, فنحن لا ولن ننتظر حتى يفيق
العرب من سباتهم! لأن ذلك يحتاج إلى وقت طويل, وإذا انتظرنا فإن
الأقصى سيطير من بين أيدينا.
- الإسلام: ما الذي تتخذونه في مواجهة سياسات تهويد القدس
والمستوطنات؟
- أولاً: الحفاظ على هويتنا وعلى وجودنا بتقوية مؤسساتنا، وفي نفس
الوقت فضح أي سمسار يحاول أن يسرب أرضا أو بيوتا إلى اليهود وإبطال أي
صفقة مشبوهة فيها التزوير والتحريف. هذا ما نستطيع الحفاظ عليه
والقيام به قدر إمكاناتنا وصلاحيتنا.
الغرب يخشى الإسلام
- الإسلام: هذه المحاولة لا شك أنها انعكاس ودليل على الموقف من
الإسلام والمسلمين بصفة عامة. فلماذا الإسلام؟
- الغرب يخشى من نهوض المسلمين بالإسلام من جديد. فالإسلام هو القوة
التي ترعب الغرب ـ هكذا يفكرون ـ وبالتالي لا يريدون للمسلمين أن
ينهضوا فيحاولون أن يبعدوا المسلمين عن الإسلام وأن يشوهوا صورة
الإسلام.
- الإسلام: ما هي حقيقة قيام اليهود بشراء أراضٍ تابعة للمسيحيين في
القدس، وما هي جهودكم لمواجهة تهويد القدس؟
- بطبيعة الحال فإن من أهداف إسرائيل في احتلال القدس هو تهويدها.
وهذا التهويد قائم منذ عام 1967، ومن مظاهره ووسائله شراء العقارات أو
استئجار عقارات " لمدد" طويلة من أملاك كنيسة الروم الأرثوذكس، وحصلت
ضجة كبيرة ضد بطريرك الروم وحملّوه المسؤولية فاضطر إلى إلغاء الوكالة
الدورية التي كان قد أعطاها للمدير المالي للكنيسة، وللعلم فإن المدير
المالي للكنيسة خرج من فلسطين، وهو يوناني ومتزوج من يهودية، وقد
أبطلنا -بفضل الله- هذه الصفقة.
استراحة محارب
- الإسلام: ما هي رؤيتكم للهدنة التي تم الاتفاق عليها مؤخراً بين
الفصائل الفلسطينية وإسرائيل؟ وهل يمكن أن يحدث تقدم في العملية
السلمية؟
- بالنسبة للهدنة، فهي في رأيي تمثل استراحة محارب، وهي مؤقتة بكل
تأكيد؛ لأن إسرائيل لن تلتزم بها, وعندئذ ستنهار الهدنة. أما عن
العملية السلمية فإسرائيل أصلاً ليس في نيتها الالتزام بالعملية
السلمية, إنما هي تريد أن تضيع الوقت حتى تمكّن نفسها من الأراضي
المحتلة أكثر فأكثر .
- الإسلام: هل أنتم راضون عن عمليات الإصلاح التي أجرتها السلطة
الفلسطينية مؤخراً؟
- وأين هذه الإصلاحات في السلطة الفلسطينية، نحن لا نجدها على أرض
الواقع. مجرّد شعارات برّاقة ترفعها السلطة!
- الإسلام كلمة أخيرة تقولها للمسلمين والعرب؟
- أقول لجميع المسلمين في العالم: إن المسجد الأقصى أمانة في أعناقكم
جميعاً، ولابد من الحفاظ عليه، وعلى جميع الأنظمة الإسلامية توحيد
الصفوف والعمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي؛ لأنه السبب الرئيس في
كل المصائب.
- التصنيف: