عيدان

منذ 2013-12-11

«شهران لا ينقصان؛ شهرا عيد رمضان وذو الحجة»


أخرج البخاري ومسلم عن أبي بكرة رضي الله عنه، قال: «شهران لا ينقصان؛ شهرا عيد رمضان وذو الحجة» (الحديث أخرجه البخاري في كتاب الصيام، باب: «شهرا عيد لا ينقصان». وأخرجه مسلم في كتاب الصيام، باب معنى قوله صلى الله عليه وسلم: «شهرا عيد لا ينقصان»).

يقول شيخ الإسلام رحمه الله: "الشهر مأخوذ من الشهرة، فإن لم يشتهر بين الناس لم يكن الشهر قد دخل، ويعرف الشهر بظهور الهلال".


ويقول شيخ الإسلام رحمه الله: "الهلال اسم لما يُستهَل به؛ أي يُعلَن به ويُجهَر به، فإذا طلع في السماء ولم يعرفه الناس ويستهلوا لم يكن هلالاً".

قال الراغب رحمه الله: "الشهر مدة مشهورة بإهلال الهلال أو باعتبار جزء من اثني عشر جزءًا من دوران الشمس من نقطة إلى تلك النقطة، قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ} [البقرة من الآية:185]، {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ} [البقرة من الآية:185]، {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة من الآية:197]، {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا} [التوبة من الآية:36]، {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} [التوبة من الآية:2]" (مفردات الراغب).

والمشاهرة: "المعاملة بالشهور، كالمسانهة والمياومة" (أي: المعاملة بالسنة وباليوم).

واشتهرتُ بالمكان: "أقمتُ به شهرًا، وشُهِرَ فلان واشتهر يُقال في الخير والشر".

العيد: كل يوم فيه جمع، واشتقاقه من عاد يعود، كأنهم عادوا إليه، وقيل: اشتقاقه من المعادة؛ لأنهم اعتادوه، والجمع أعياد.

قال الأزهري رحمه الله: "العيد عند العرب الوقت الذي يعود فيه الفرح والسرور".

"الرمض والرمضاء؛ شدة الحر. والرمض: حر الحجارة من شدة حر الشمس".

"رمضان: اسم للشهر العربي الذي يقع بين شعبان وشوال".

قال ابن دريد رحمه الله: "لَمَّا نقلوا أسماء الشهور العربية عن اللغة القديمة سَمَّوها بالأزمنة التي هي فيها، فوافق رمضان أيام رمض الحر وشدته، فسُمِّيَ به. وذو الحجة: شهر الحج، سُمِّيَ بذلك للحج فيه، والجمع ذوات الحجة، وذوات القعدة. وليس معنى: «لا ينقصان»؛ أي لا يكون الشهر منهما تسعًا وعشرين لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «صوموا لرويته وأفطروا لرؤيته، فإن غُم عليكم فأكملوا العدة»".

فلو كان رمضان ثلاثين يومًا دائمًا لم يحتج إلى قوله:
«فأكملوا العدة».

وقيل: "لا ينقصان معًا؛ أي لا يجتمعان في عام واحد كل واحد منهما تسعًا وعشرين وهو خلاف المعمول به من رؤية الأهلة في كل شهر إلا أن يقال أن ذلك على الغالب".

قال الطحاوي رحمه الله: "قد وجدناهما ينقصان معًا في بعض الأعوام".

قال الزين بن المنير رحمه الله: "أقرب الأقوال أن المراد أن النقص الحسي باعتبار العدد ينجبر بأن كلاً منها شهر عيد عظيم، فلا ينبغي وصفهما بالنقصان بخلاف غيرهما من الشهور".

وقال البيهقي رحمه الله: "أنهما خُصَّا بالذكر لتعلُّق حكم الصوم والحج بهما".

قال ابن حجر رحمه الله: "والمعنى أن كل ما ورد عنهما من الفضائل والأحكام حاصل، سواءً كان رمضان ثلاثين أو تسعًا وعشرين، سواءً صادف الوقوف اليوم التاسع أو غيره، ولا يخفى أن محل ذلك ما إذا لم يحصل تقصير في ابتغاء الهلال".

وفائدة الحديث: رفع ما يقع في القلوب من شك لمن صام تسعًا وعشرين أو وقف في غير يوم عرفة، وقد استشكل بعض العلماء إمكان الوقوف في الثامن اجتهادًا، وليس مشكلاً؛ لأنه ربما تثبت الرؤية بشاهدين أن أول ذي الحجة الخميس مثلاً فوقفوا يوم الجمعة، ثم تبين أنهما شهدا زورًا.

هذا ورفع الحرج في الخطأ في هذه الأيام التي ترتبط بها العبادات ثابت بفضل الله تعالى بعموم قوله تعالى: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة من الآية:286]، وقوله سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن من الآية:16]، ولحديث أبي هريرة مرفوعًا: «صومكم يوم تصومون، وفطركم يوم تفطرون، وأضحاكم يوم تُضحُّون» (أخرجه الترمذي وابن ماجة، وأورده الألباني في: الصحيحة؛ برقم: [224]).

وقد أفاض شيخ الإسلام رحمه الله ببيان رفع الحرج عن الخطأ في ذلك بما يستريح له صدر العابدين ويرد كيد الأعداء والمعاندين، فراجعه في (مجموع الفتاوى: ج25، ص: [102-177]).

وللعلامة الألباني في (السلسلة الصحيحة) شرح لهذا المعنى، ننقل بعضه لشدة حاجة الناس اليوم إليه؛ قال رحمه الله ونفعنا بعلمه:

"وقال أبو الحسن السندي في حاشيته على ابن ماجة، -بعد أن ذكر حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند الترمذي-: والظاهر أن معناه أن هذه الأمور ليس للآحاد فيها دخل، وليس لهم التفرُّد فيها، بل الأمر فيها إلى الإمام والجماعة، ويجب على الآحاد اتباعهم للإمام والجماعة، وعلى هذا فإذا رأى أحد الهلال، ورد الإمام شهادته ينبغي أن لا يثبت في حقه شيء من هذه الأمور، ويجب عليه أن يتبع الجماعة في ذلك.

قُلْتُ: وهذا المعنى هو المتبادر من الحديث، ويؤيده احتجاج عائشة رضي الله عنها به على مسروق رضي الله عنه حين امتنع من صيام يوم عرفة خشية أن يكون يوم النحر، فبيّنت له أنه لا عبرة برأيه وأن عليه اتباع الجماعة، فقالت: "النحر يوم ينحر الناس، والفطر يوم يفطر الناس".

قُلْتُ: وهذا هو اللائق بالشريعة السمحة التي من غاياتها تجميع الناس وتوحيد صفوفهم، وإبعادهم عن كل ما يُفرِّق جمعهم من الآراء الفردية، فلا تعتبر الشريعة رأي الفرد -ولو كان صوابًا في وجهة نظره- في عبادة جماعية كالصوم والتعييد وصلاة الجماعة ألا ترى أن الصحابة، رضي الله عنهم، كان يصلي بعضهم وراء بعض وفيهم من يرى أن مس المرأة والعضو وخروج الدم من نواقض الوضوء، ومنهم من لا يرى ذلك، ومنهم من يُتِمَّ في السفر، ومنهم من يُقصِر، فلم يكن اختلافهم هذا وغيره ليمنعهم من الاجتماع في الصلاة وراء الإمام الواحد، والاعتداد بها، وذلك لعلمهم بأن التفرُّق في الدين شرٌ من الاختلاف في بعض الآراء، ولقد بلغ الأمر ببعضهم في عدم الاعتداد بالرأي المخالِف لرأي الإمام الأعظم في المجتمع الأكبر كمِنَى، إلى حد ترك العمل برأيه إطلاقًا في ذلك المجتمع فِرارًا مما قد ينتج من الشر بسبب العمل برأيه.

فروى (أبو داود: [1/307]) أن عثمان رضي الله عنه صلى بمِنَى أربعًا، فقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه مُنكِرًا عليه: "صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين، ومع أبي بكر ركعتين، ومع عمر ركعتين، ومع عثمان صدرًا من إمارته ثم أتمها، ثم تفرَّقت بكم الطُرق فلوددتُ أن لي من أربع ركعات ركعتين متقبلتين، ثم إن ابن مسعود صلى أربعًا! فقيل له: عبت على عثمان ثم صليت أربعًا؟! قال: الخلاف شرٌ" (وسنده صحيح. وروى أحمد: [5/155] نحو هذا عن أبي ذر رضي الله عنهم أجمعين).

فليتأمَّل في هذا الحديث؛ وفي الأثر المذكور أولئك الذين لا يزالون يتفرَّقون في صلواتهم، ولا يقتدون ببعض أئمة المساجد، وخاصةً في صلاة الوتر في رمضان، بحجةِ كونهم على خلاف مذهبهم! وبعض أولئك الذين يدَّعون العلم بالفلك، ممن يصوم ويفطر وحده مُتقدِّمًا أو متأخرًا عن جماعة المسلمين، معتدَّاً برأيه وعلمه، غير مبال بالخروج عنهم، فليتأمل هؤلاء جميعًا فيما ذكرناه من العلم، لعلهم يجدون شفاءً لما في نفوسهم من جهل وغرور، فيكونوا صفًا واحدًا مع إخوانهم المسلمين، فإن يد الله مع الجماعة" (انتهى كلام العلامة الألباني رحمه الله).

نرجع إلى الحديث: «شهران لا ينقصان»، فنذكر طرفًا من فضائلهما إذا كان المعنى أن الفضل فيهما لا ينقص فمن فضائل شهر رمضان.

1- شهر جامع للعبادات والقربات؛ من الصوم، والصلاة، والصدقة، والذكر، وتلاوة القرآن، والعمرة التي تعدل حجة والاعتكاف، خاصةً في العشر الأواخر منه، وفيه صلة الأرحام، وإطعام الطعام إفطارًا للصائمين، هذا كله فضلاً عن سيدة ليالي العام؛ وهي ليلة القدر التي جعلها الله خيرًا من ألف شهر، امتن بها على هذه الأمة جبرًا لقصر أعمارها لتدرك من سبقها من الأمم وتتفوق عليهم من ذلك الفضل الذي ميّز الله به شهر رمضان.

2- أُنزِل فيه القرآن: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْءَانُ}، بل وأُنزِل فيه سائر الكتب السماوية المعروفة؛ لحديث أحمد في (مسنده) عن واثلة بن الأسقع، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أُنزِلت صحف إبراهيم عليه السلام، في أول ليلة من رمضان، وأُنزِلت التوراة لستٍ مَضين من رمضان، والإنجيل لثلاث عشرة خلَت من رمضان، وأُنزِل الفرقان لأربع وعشرين خلت من رمضان» (والحديث سنده حسن).

3- تُفتّح أبواب الجنة، وتُغلَق أبواب النار، وتسلسل الشياطين؛ لحديث أبي هريرة عند الشيخين: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا جاء رمضان فُتِّحَت أبواب الجنة، وغُلِّقَت أبواب النار، وصُفِّدَت مردة الشياطين».

4- رمضان شهر الصوم الذي اختصه الله من بين العبادات فاصطفاه له؛ لحديث البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له، إلا الصيام فإنه لي، وأنا أجزي به، والصيام جُنة». فهذا كافٍ في بيان فضل الصوم من بين سائر العبادات.

5- رمضان شهر المغفرة وتكفير الذنوب، وهذا ثابت في أعمال كثيرة اختص منها رمضان بجملةٍ كبيرة، ففي الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه: «من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر، إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه».

وحديث كعب بن عجرة رضي الله عنه، عند الحاكم بسند صحيح قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن جبريل عرض لي فقال: بَعُدَ من أدرك رمضان فلم يغفر له. قلت: آمين...» إلخ.

6- رمضان شهر الصبر؛ سمَّاه النبي صلى الله عليه وسلم بذلك في حديثه الذي أوصى به عبد الله بن عمرو: «صم شهر الصبر وثلاثة أيام من كل شهر». والصبر معلوم أنه نصف الإيمان، وأن الله رفع أجر الصابرين بقوله: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر من الآية:10].

7- رمضان شهر الجود والعطاء؛ لحديث ابن عباس عند البخاري ومسلم: كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة.

8- رمضان العمرة فيه كحجة مع النبي صلى الله عليه وسلم؛ لحديث ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فإن عمرة في رمضان تقضي حجة معي».

9- رمضان شهر عيد يتلوه عيد الفطر، يسبقه شهر يُسَن فيه الصوم، ويتلوه شهر يُضاعف فيه أجر الصوم؛ لحديث عائشة رضي الله عنها: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يصوم من شهر أكثر من شعبان، فإنه كان يصوم شعبان كله إلا قليلاً" (متفق عليه).

ولحديث مسلم عن أبي أيوب الأنصاري، رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من صام رمضان ثم أتبعه سِتًا من شوال كان كصيام الدهر».

فضائل ذي الحجة:

1- العشر الأوائل من ذي الحجة، ذكرها الله عز وجل في قوله: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} [الحج من الآية:28].

قال أهل التفسير: إنها العشر الأوائل من ذي الحجة، ومنها حديث ابن عباس رضي الله عنه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام». يعني الأيام العشر من ذي الحجة، قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: «ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء».

قال ابن رجب رحمه الله: "وهذا يدل على أن العمل المفضول في الوقت الفاضل يلتحق بالعمل الفاضل في غيره ويزيد عليه لمضاعفة ثوابه وأجره".

2- فيها أيام التشريق، وهي أيام منى التي قال فيها ربّ العزة سبحانه: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة من الآية:203]. وهي أيام يلتحق فيها الأكل والشرب بالقربات، لحديث مسلم عن نبيشة الهذلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله».

3- فيها يوم عرفة الذي أنزل الله عز وجل فيه قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة من الآية:3]، وفيه الصوم يكفر سنتين؛ لحديث مسلم عن أبي قتادة، رضي الله عنه، قال: سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عرفة؟ قال: «يُكفِّر السنة الماضية والباقية».

وأخرج مسلم عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبيدًا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو يتجلى، ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء».

وأخرج الحاكم عن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما رؤي الشيطان يومًا هو فيه أصغر ولا أدحر ولا أحقر ولا أغيظ منه في يوم عرفة، وما ذاك إلا لما يرى من تنزل الرحمة وتجاوز الله عن الذنوب العِظام إلا ما أرى يوم بدر، فإنه قد رأى جبريل يزع الملائكة» (والحديث أخرجه مالك في الموطأ مرسلاً).

4- فيه يوم النحر، وهو يوم الحج الأكبر، هكذا سمَّاه الله في قوله من سورة (التوبة): {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} [التوبة من الآية:3]، فيه نحر الهدي والأضحية، وجعل فيه حلق الرأس وقص الأظافر بعد الهدي أو الأضحية من القربات.

5- جعل الله من القربات فيه ترك الشعر والأظافر بغير قص في عشر ذي الحجة حتى ينحر الهدي؛ لحديث مسلم عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كان له ذبح يذبحه، فإذا أهل هلال ذي الحجة فلا يأخذن من شعره ولا من ظفره حتى يُضحِّي».

تلك جملة من القربات التي ميز الله بها شهر رمضان وذي الحجة، فمن تتبعها فاز بفضل الله فيها لا ينقص أجره ولا يزول بكمال الشهر أو عدمه.

إذا كان هذا الشهر تسعًا وعشرين أو ثلاثين، فليعلم أن من أصابه عذر يؤثر على قيامه بالعمل فأفطر في يوم صوم مسنون أو مفروض كرمضان أو عرفة فالمعذور مأجور.

ولذلك فلتنبه المرأة أن أيام حيضها في رمضان أو عشر ذي الحجة أو عرفة إذا منعتها الصوم فلا تمنعها الأجر، وأن قضاء الفريضة بصيام أيام أخر له أجر جديد، فلا تظن التي تمنع الحيض الذي كتبه الله على بنات آدم تزيد أجرًا عمن تركته وقضت مكانه أيامًا؛ لأن الله لا يقدر على عبد ما ينقص به الأجر، فهو أرحم وأكرم من ذلك الذي يظنه بعض الناس.

والله من وراء القصد.

 

محمد صفوت نور الدين

رئيس جمعية أنصار السنة المحمدية، توفي رحمه الله عام 1423 هـ بمكة المكرمة .

  • -3
  • 4
  • 6,458

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً