حرب اللغة في المغرب تشتعل!

منذ 2013-12-11




أثارت توصيات ندوة دولية نظمها الفاعل الجمهوي ورجل الإشهار المغربي المعروف "نور الدين عيوش" طيلة الأسابيع الأخيرة، نقاشاً حاداً حول المسألة اللغوية بالمغرب، خصوصاً وأن التوصيات التي قدمها عيوش للديوان الملكي ورئيس الحكومة وعدد من الوزراء دعت إلى اعتماد اللهجة المغربية الدارجة كلغة لتدريس الأطفال في السنوات الأولى مع ضرورة تقليص حضور الدين في التعليم الأَوّلي، الأمر الذي جلب لصاحبه موجة من الانتقادات.

الإهتمام الكبير والنقاش الصاخب الذي رافق دعوة "الدارجة" على مستوى الساحة المغربية يأتي انطلاقاً من التوقيت الذي جاءت فيه، حيث رأى الكثيرون في توقيت انعقاد الندوة وطبيعة الشخصيات التي حضرتها الأمر الذي أثار من حولها هذه الضجة الكبيرة.

فالندوة انعقدت بعد أيام من إلقاء العاهل المغربي (محمد السادس) خطاباً للعرش تزامن مع إحدى المناسبات الوطنية، وجه فيه انتقادات كبيرة للتعليم بالبلاد وتراجع المستوى لدى الطلاب المغاربة وغيرها من المشاكل التي يتخبّط فيها القطاع، الأمر الذي رأى فيه عدد من المتتبعين أن صاحب الدعوة للتدريس بالدارجة مدعومٌ من جهات قريبة من القصر.

هذه الفرضية تجد ما يعززها في الواقع، خصوصاً أن الندوة التي نظمت وخرجت بهذه التوصيات حضرها المستشاران الملكيان "فؤاد عالي الهمة" و"عمر عزيمان"، حيث يعد الأول المستشار المفضل والأقرب للملك، فيما الثاني مكلف بملف التعليم، غير أن صاحب المبادرة رفض بشكلٍ قاطع أن يكون للقصر أو المستشارين الملكيين أي علاقة بالمذكرة والتوصيات التي جاءت بها.


دفاع قوي عن العربية

إلى ذلك، تلقت دعوة اعتماد الدارجة بدل العربية الفصحى كلغة للتدريس ردودا قاسية من طرف المدافعين عن اللغة العربية من مؤسسات حزبية وهيئات مدنية ومفكرين ومثقفين، أجمعوا على رفض دعوة عيوش واعتبروها دعوة "زائدة تهدف لنشر الفتنة".

ومن أبرز المدافعين عن العربية والمعارضين للدارجة، برز في النقاش الأخير، الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية، وهو هيئة مَدنيّة تضم أزيد من 100 جمعية من مختلف جهات المملكة، انخرطت في حملة قوية للدفاع عن العربية واعتبرت دعوة "عيوش" بمثابة إعلان حرب ضد اللغة العربية لإضعافها، دفاعاً عن لغة الاستعمار وخدمةً لأجندة الفرنكوفونية المهيمنة في البلاد.

كما أن دعوة الدارجة، أخرجت المفكر البارز "عبد الله العروي"، من صمته الاختياري الطويل ليعلن عن موقفه الرافض للتعليم بالدارجة في حوار مُطول مع إحدى الجرائد الوطنية نُشر على مدى أسبوع، قبل أن تستضيفه القناة الثانية، في مناظرة تلفزيونية مع "نور الدين عيوش" صاحب فكرة الدارجة، خلفت تأييداً واسعاً للمفكر العروي واستهجاناً لدعوة عيوش على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي.

هذا واعتبر العروي مبادرة نور الدين عيوش، بالمبادرة المشبوهة التي تهدف لتقويض الوحدة الوطنية للمغرب، مؤكداً أن الواقفين وراءها "أصحاب ميولات إديولوجية يريدون أن يجدوا خدمةً لأنفسهم"، في إشارة من المفكر المغربي إلى الأسباب الحقيقية التي كانت وراء دعوة التدريس بالدارجة.

الدارجة والفشل المنتظر

بعيداً عن الانتقادات والهجوم الكبير الذي تعرض له صاحب توصية اعتماد الدارجة في التعليم المغربي، يبقى الدستور المغربي واضحاً في قضية اللغة، حيث يعتبر العربية إلى جانب الأمازيغية لغتين رسميتين للبلاد، الأمر الذي استند إليه المدافعون عن العربية وجددوا مطالبتهم باحترام الدستور والتمكين أكثر للغة الرسمية للبلاد.

ويعرف المغرب تنوعاً لغوياً وثقافياً كبيراً يرى فيه عدد من المتخصصين في اللغة واللسانيات أن دعوة اعتماد الدارجة في التعليم يستحيل تطبيقها، بسبب تعدد اللهجات التي تختلف من منطقة لأخرى، وغيرها من المؤشرات الموضوعية التي تؤكد فشل هذه الدعوة قبل اعتمادها، بحسب عدد من المختصين والمنتقدين لها.


عبد الله التجاني
 

  • 3
  • 1
  • 2,520

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً