ابنتي والأفكار الوافدة
تبلغ ابنتي من العمر 14 سنة؛ ربيِّناها على مبادئ الإسلام وعلى سلامة العقيدة، وهي مُحجبَّة وتُصلي -ولله الحمد-. منذ شهور بدأت تأتيني بقناعاتٍ جديدة تمسّ عقيدتها وكثيراً من فروع الدين! فكيف أتصرّف حتى أحمي ابنتي من الأفكار الوافدة؟
المشكلة:
تبلغ ابنتي من العمر 14 سنة؛ ربيِّناها على مبادئ الإسلام وعلى سلامة العقيدة، وهي مُحجبَّة وتُصلي -ولله الحمد-.
منذ شهور بدأت تأتيني بقناعاتٍ جديدة تمسّ عقيدتها وكثيراً من فروع الدين! فكيف أتصرّف حتى أحمي ابنتي من الأفكار الوافدة؟
الحل تقترحه عليكِ عميدة كلية التربية في جامعة الجنان: "د. رُبى شعراني".
عزيزتي الأم: أَقرَّ الله عينكِ بابنتكِ وحفظها لكِ، وأعانكِ على حُسْنِ تربيتها، فالتربية اليوم من أصعب المهام، وهي -مع ذلك- الورقة الرابحة الوحيدة التي بين أيدينا، فقد خسِرنا كل شيء ولم يبقَ أمامنا سواها.
وبعد؛
فلعل أولى الخطوات في مجال طَرحُكِ عزيزتي هي التحاور الدائم مع ابنتكِ، وأؤكد هنا على حُسنِ التواصل بحكمةٍ ولين، فالله سبحانه وتعالى عندما أمر موسى وهارون عليها السلام بالتواصل مع فرعون الظالم أوصاه باللّين في القول: {فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه:44]؛ فما بالكِ ونحن نتواصل مع أولادنا فلذاتُ أكبادنا.
وفي هذا المجال؛ نؤكد على ضرورة الاستماع بعيداً عن النقد، فالنقد يدفع ابنتكِ لعدم مصارحتكِ في المرة القادمة، فتلتزم الصمت إزاءكِ وتُخفي عليكِ ما تخشى نقدكِ له؛ وهذا جِدُّ خطير، ويؤدي إلى عواقب وخيمة، أقلّه تمتنع عن مصارحتكِ بما يجول في خاطرها فتترسخ الأفكار التي تخشينها دون معرفةٍ منكِ.
والرسول صلى الله عليه وسلم المُعلِّم الأول في هذا المجال؛ حيث اشتُهِرت عنه قصة الشاب الذي طلب منه بكلِ جرأةٍ أن يأذن له بالزنا فلم ينهره أو يُوبِّخه أو... وإنما جلس معه جلسةَ تحاورٍ وإقناعٍ برويّةٍ لا مثيل لها، وقد أسفرت بالنهاية عن نتائج طيبة، وهذا ما يجب أن نترصّده في تربيتنا لأولادنا وبناتنا.
فالاستماع أمر جوهريّ في التربية؛ ولعل 80 بالمائة من مهنة الطبيب النفسي قائمةً على الاستماع للمريض، فعلينا إذن أن نُشكِّل الحضن المستمع لأولادنا وإلا بحثوا عن هذا الحضن خارج البيت.
وبذلك؛ تستطيعين أيتها الوالدة الكريمة الاطِّلاع على مكنونات ابنتكِ من أفكارٍ وتوجُّهاتٍ فتتمكنين بصدركِ الرحب من القضاء على (أفكار السوء) في مَهدِها.
ومن جهة أخرى؛ استعيني بالمدرسة لتكون عوناً لكِ في تشكيلِ أفكار ومبادئ ابنتكِ، فأَحسني اختيار البيئة التعليمية المناسبة، ولا ننسى دور المُعلِّم الأساسي في هذا المجال.
ولا تُهمِّشي دور والدها، أو أخيها أو أختها أو رفيقة لها؛ فهؤلاء قد يلعبون دوراً فعّالاً في التأثير على أفكارها.
وحاولي دوماً إلحاقها بالأنشطة الفعّالة في جمعياتٍ أو نوادٍ كشفيةٍ أو دينية؛ فكل هذا من شأنه إبعادها عن الفراغ المصاحب لرفاقِ وأفكار السوء.
سيدتي؛ صاحبي ابنتكِ تكسبيها، فتحميها من أفكار شاذَّة مُتعِبة.
ولا تنسَيْ الدعاء لها بالتوفيق والصلاح؛ فهذا أساس الفلاح في الدنيا والآخرة.
والحمد لله ربِّ العالمين.
- التصنيف:
- المصدر: