هل لنا أن نحتفل بالمولد النبوي ؟

منذ 2002-05-21
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين, وبعد :

فلا يخفى ما ورد في الكتاب والسنة من الأمر باتباع شرع الله ورسوله, والنهي عن الابتداع في الدين , قال تعالى : { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم } [آل عمران/31] , وقال تعالى : { اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلاً ما تذكرون } [الأعراف/3] , وقال تعالى : { وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله } [الأنعام/ 153 ] , وقال صلى الله عليه وسلم : ( إن أصدق الحديث كتاب الله , وخير الهدي هدي محمد , وشر الأمور محدثاتها ) . وقال صلى الله عليه وسلم : (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ). [رواه البخاري رقم 2697, ومسلم رقم 1718] . وفي رواية لمسلم : ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) .

وإن من جملة ما أحدثه الناس من البدع المنكرة الاحتفال بذكرى المولد النبوي في شهر ربيع الأول , وهم في هذا الاحتفال على أنواع :

فمنهم من يجعله مجرد اجتماع تُقرأ فيه قصة المولد , أو تقدم فيه خطب وقصائد في هذه المناسبة .
ومنهم من يصنع الطعام والحلوى وغير ذلك , ويقدمه لمن حضر.
ومنهم من يقيمه في المساجد , ومنهم من يقيمه في البيوت .
ومنهم من لا يقتصر على ما ذكر , فيجعل هذا الاجتماع مشتملاً على محرمات ومنكرات من اختلاط الرجال بالنساء والرقص والغناء , أو أعمال شركية كالاستغاثة بالرسول صلى الله عليه وسلم وندائه والاستنصار به على الأعداء وغير ذلك.

وهو بجميع أنواعه واختلاف أشكاله واختلاف مقاصد فاعليه لا شك ولا ريب أنه بدعة محرمة محدثة أحدثها الشيعة الفاطميون بعد القرون الثلاثة المفضلة لإفساد دين المسلمين . وأول من أظهره بعدهم الملك المظفر أبو سعيد كوكبوري ملك إربل في آخر القرن السادس أو أول القرن السابع الهجري , كما ذكره المؤرخون كابن خلكان وغيرهما.
وقال أبو شامة : وكان أول من فعل ذلك بالموصل الشيخ عمر بن محمد الملا أحد الصالحين المشهورين , وبه اقتدى في ذلك صاحب إربل وغيره.
قال الحافظ ابن كثير في (البدية والنهاية : 13/137) في ترجمة أبي سعيد كزكبوري : " وكان يعمل المولد الشريف في ربيع الأول ويحتفل به احتفالاً هائلاً .. إلى أن قال : قال البسط : حكى بعض من حضر سماط المظفر في بعض الموالد كان يمد في ذلك السماط خمسة آلاف رأس مشوي , وعشرة آلاف دجاجة , ومائة ألف زبدية , وثلاثين صحن حلوى .. إلى أن قال : ويعمل للصوفية سماعاً من الظهر إلى الفجر ويرقص بنفسه معهم" .
وقال ابن خلكان في (وفيات الأعيان : 3/274 ): " فإذا كان أول صفر زينوا تلك القباب بأنواع الزينة الفاخرة المتجملة , وقعد في كل قبة جوق من الأغاني وجوق من أرباب الخيال ومن أصحاب الملاهي , ولم يتركوا طبقة من تلك الطبقات (طبقات القباب) حتى رتبوا فيها جوقاً . وتبطل معايش الناس في تلك المدة ، وما يبقى لهم شغل إلا التفرج والدوران عليهم ... " إلى أن قال : " فإذا كان قبل المولد بيومين أخرج من الإبل والبقر والغنم شيئاً كثيراً زائداً عن الوصف ، وزفها بجميع ما عنده من الطبول والأغاني والملاهي ، حتى يأتي بها إلى الميدان ... " إلى أن قال : " فإذا كانت ليلة المولد عمل السماعات بعد أن يصلي المغرب في القلعة ".

فهذا مبدأ حدوث الاحتفال وإحيائه بمناسبة ذكرى المولد ، حدث متأخراً ومقترناً باللهو والسرف وإضاعة الأموال والأوقات وراء بدعة ما أنزل الله بها من سلطان .

والذي يليق بالمسلم إنما هو إحياء السنن وإماتة البدع ، وألا يقدم على عمل حتى يعلم حكم الله فيه .

*****


حكم الاحتفال بذكرى المولد النبوي :

الاحتفال بمناسبة مولد الرسول صلى الله عليه وسلم ممنوع ومردود من عدة وجوه :
أولاً : أنه لم يكن من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ولا من سنة خلفائه . وما كان كذلك فهو من البدع الممنوعة ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ) [ أخرجه أحمد 4/126 ، والترمذي برقم 2676 ].

والاحتفال بالمولد محدث أحدثه الشيعة الفاطميون بعد القرون المفضلة لإفساد دين المسلمين . ومن فعل شيئاً يتقرب به إلى الله تعالى لم يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يأمر به ، ولم يفعله خلفاؤه من بعده ، فقد تضمن فعلُه اتهامَ الرسول بأنه لم يبين للناس دينهم ، وتكذيب قوله تعالى : { اليوم أكملت لكم دينكم } [المائدة/3] لأنه جاء بزيادة يزعم أنها من الدين ولم يأت بها الرسول صلى الله عليه وسلم .

ثانياً : في الاحتفال بذكرى المولد تشبه بالنصارى ، لأنهم يحتفلون بذكرى مولد المسيح عليه السلام والتشبه بهم محرم أشد التحريم ، ففي الحديث النهي عن التشبه بالكفار ، والأمر بمخالفتهم ، ففد قال صلى الله عليه وسلم : ( من تشبه بقوم فهو منهم ) [أخرجه أحمد 2/50 ، وأبو داود 4/314] ، وقال : ( خالفوا المشركين ) [أخرجه مسلم 1/222 رقم 259 ]، ولا سيما فيما هو من شعائر دينهم .

ثالثاً : أن الاحتفال بذكرى مولد الرسول مع كونه بدعة وتشبهاً بالنصارى وكل منهما محرم فهو كذلك وسيلة إلى الغلو والمبالغة في تعظيمه حتى يفضي إلى دعائه والاستعانة به من دون الله ، كما هو الواقع الآن من كثير ممن يحيون بدعة المولد ، من دعاء الرسول من دون الله ، وطلب المدد منه ، وإنشاد القصائد الشركية في مدحه كقصيدة البردة وغيرها ، وقد نهى صلى الله عليه وسلم عن الغلو في مدحه فقال : ( لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم فإنما أنا عبده ، فقولوا عبد الله ورسوله ) [أخرجه البخاري 4/142 رقم 3445 ، الفتح 6/551 ] ، أي لا تغلوا في مدحي وتعظيمي كما غلت النصارى في مدح المسيح وتعظيمه حتى عبدوه من دون الله ، وقد نهاهم الله عن ذلك بقوله : { يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه } [النساء/171] .

ونهانا نبينا صلى الله عليه وسلم عن الغلو خشية أن يصيبنا ما أصابهم ، فقال : ( إياكم والغلو ، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو ) [أخرجه النسائي 5/268 ، وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي رقم 2863 ].

رابعاً : إن إحياء بدعة المولد يفتح الباب للبدع الأخرى والاشتغال بها عن السنن ، ولهذا تجد المبتدعة ينشطون في إحياء البدع ويكسلون عن السنن ويبغضونها ويعادون أهلها ، حتى صار دينهم كله ذكريات بدعية وموالد ، وانقسموا إلى فرق كل فرقة تحيي ذكرى موالد أئمتها ، كمولد البدوي وابن عربي والدسوقي والشاذلي ، وهكذا لا يفرغون من مولد إلا يشتغلون بآخر ، ونتج عن ذلك الغلو بهؤلاء الموتى وبغيرهم ودعائهم من دون الله ، واعتقادهم أنهم ينفعون ويضرون حتى انسلخوا من دين الله وعادوا إلى دين أهل الجاهلية الذين قال الله فيهم : { ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله } [يونس/18] ، وقال تعالى : { والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى } [الزمر/3 ]

*****


مناقشة شبه مقيمي المولد :

هذا ، وقد يتعلق من يرى إحياء هذه البدعة بشبه أوهى من بيوت العنكبوت ، ويمكن حصر هذه الشبه فيما يلي :

1- دعواهم أن في ذلك تعظيماً للنبي صلى الله عليه وسلم :
والجواب عن ذلك أن نقول : إنما تعظيمه صلى الله عليه وسلم بطاعته وامتثال أمره واجتناب نهيه ومحبته صلى الله عليه وسلم ، وليس تعظيمه بالبدع والخرافات والمعاصي ، والاحتفال بذكرى المولد من هذا القبيل المذموم لأنه معصية ، وأشد الناس تعظيماً للنبي صلى الله عليه وسلم هم الصحابة رضي الله عنهم ، كما قال عروة بن مسعود لقريش : ( أي قوم ، والله لقد وفدت على الملوك ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي ، والله إن رأيت ملكاً قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمداًُ صلى الله عليه وسلم ، والله إن تنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم ، فدلك بها وجهه وجلده ، وإذا أمرهم ابتدروا أمره ، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوءه ، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده ، وما يحدّون النظر إليه تعظيماً له ) [البخاري 3/178 رقم 2731 ، 2732 ، الفتح : 5/388] ، ومع هذا التعظيم فإنهم -رضي الله عنهم- لم جعلوا يوم مولده عيداً واحتفالاً ، ولو كان ذلك مشروعاً ما تركوه .

2- الاحتجاج بأن هذا عمل كثير من الناس في كثير من البلدان :
والجواب عن ذلك أن نقول : الحجة بما ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، والثابت عن الرسول صلى الله عليه وسلم النهي عن البدع عموماً ، وهذا منها ، وعمل الناس إذا خالف الدليل فليس بحجة وإن كثروا : { وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله } [الأنعام/116] ، مع أنه لا يزال بحمد الله في كل عصر من ينكر هذه البدعة ويبين بطلانها ، فلا حجة بعمل من استمر على إحيائها بعد ما تبين له الحق .
فممن أنكر الاحتفال بهذه المناسبة شيخ الإسلام ابن تيمية في " اقتضاء الصراط المستقيم " ، والإمام الشاطبي في " الاعتصام " ، وابن الحاج في " المدخل " ، والشيخ تاج الدين علي بن عمر اللخمي ألّف في إنكاره كتاباً مستقلاً ، والشيخ محمد بشير السهسواني الهندي في كتابه " صيانة الإنسان " ، والسيد محمد رشيد رضا ألف فيه رسالة مستقلة ، والشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ألف فيه رسالة مستقلة ، وسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز ، وغير هؤلاء ممن لا يزالون يكتبون في إنكار هذه البدعة كل سنة في صفحات الجرائد والمجلات ، في الوقت الذي تقام فيه هذه البدعة .

3- يقولون : إن في إقامة المولد إحياءً لذكرى النبي صلى الله عليه وسلم .
والجواب عن ذلك أن نقول : إن ذكرى الرسول صلى الله عليه وسلم تتجدد مع المسلم ، ويرتبط بها المسلم كلما ذكر اسمه صلى الله عليه وسلم في الأذان والإقامة والخطب ، وكلما ردد المسلم الشهادتين بعد الوضوء وفي الصلوات ، وكلما صلى على النبي صلى الله عليه وسلم في صلواته وعند ذكره ، وكلما عمل المسلم عملاً صالحاً واجباً أو مستحباً مما شرعه الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه بذلك يتذكره ويصل إليه في الأجر مثل أجر العامل .. وهكذا المسلم دائماً يحيي ذكرى الرسول ويرتبط به في الليل والنهار طوال عمره بما شرعه الله ، لا في يوم المولد فقط وبما هو بدعة ومخالفة لسنته ، فإن ذلك يبعد عن الرسول صلى الله عليه وسلم ويتبرأ منه .
والرسول صلى الله عليه وسلم غني عن هذا الاحتفال البدعي بما شرعه الله له من تعظيمه وتوقيره كما في قوله تعالى : { ورفعنا لك ذكرك } [الشرح/4] ، فلا يذكر الله عز وجل في أذان ولا إقامة ولا خطبة وإلا يذكر بعده الرسول صلى الله عليه وسلم وكفى بذلك تعظيماً ومحبة وتجديداً لذكراه وحثاً على اتباعه.
والله سبحانه وتعالى لم ينوه في القرآن بولادة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وإنما نوه ببعثته ، فقال : { لقد منَّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم } [آل عمران/124] ، وقال : { هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم } [الجمعة/2 ]

4- وقد يقولون : الاحتفال بذكرى المولد النبوي أحدثه ملك عادل عالم ، قصد به التقرب إلى الله !
والجواب عن ذلك أن نقول : البدعة لا تُقبل من أي أحد كان ، وحُسن القصد لا يُسوغ العمل السيئ ، وكونه عالماً وعادلاً لا يقتضي عصمته .

5- قولهم : إن إقامة المولد من قبيل البدعة الحسنة لأنه ينبئ عن الشكر لله على وجود النبي الكريم !
ويجاب عن ذلك بأن يقال : ليس في البدع شيء حسن ، فقد قال صلى الله عليه وسلم : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) [أخرجه البخاري 3/167 رقم 2697 ، الفتح 5/355] ، وقال صلى الله عليه وسلم : ( فإن كل بدعة ضلالة ) [أخرجه أحمد 4/126 ، والترمذي رقم 2676 ]، فحكم على البدع كلها بأنها ضلالة ، وهذا يقول : ليس كل بدعة ضلالة ، بل هناك بدعة حسنة .
قال الحافظ ابن رجب في شرح الأربعين : " فقوله صلى الله عليه وسلم : ( كل بدعة ضلالة ) من جوامع الكلم ، لا يخرج عنه شيء ، وهو أصل عظيم من أصول الدين ، وهو شبيه بقوله صلى الله عليه وسلم : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) [أخرجه البخاري 3/167 رقم 2697 ، الفتح 5/355 ]، فكل من أحدث شيئاً ونسبه إلى الدين ولم يكن له أصل من الدين يرجع إليه فهو ضلالة والدين بريء منه ، وسواء في ذلك مسائل الاعتقادات أو الأعمال أو الأقوال الظاهرة والباطنة " انتهى [من كتاب جامع العلوم والحكم ، ص 233 ]
وليس لهؤلاء حجة على أن هناك بدعة حسنة إلا قول عمر رضي الله عنه في صلاة التراويح : ( نعمت البدعة هذه ) [صحيح البخاري 2/252 رقم 2010 معلقاً ، الفتح 4/294 ]

وقالوا أيضاً : أنها أُحدثت أشياء لم يستنكرها السلف ، مثل : جمع القرآن في كتاب واحد ، وكتابة الحديث وتدوينه .
والجواب عن ذلك أن هذه الأمور لها أصل في الشرع فليست محدثة .
وقول عمر : ( نعمت البدعة ) يريد : البدعة اللغوية لا الشرعية ، فما كان له أصل في الشرع يرجع إليه ، إذا قيل : إنه بدعة ، فهو بدعة لغة لا شرعاً ، لأن البدعة شرعاً ما ليس له أصل في الشرع يرجع إليه .
وجمع القرآن في كتاب واحد له أصل في الشرع ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر بكتابة القرآن لكن كان مكتوباً متفرقاً ، فجمعه الصحابة في كتاب واحد حفظاً له .
والتروايح قد صلاها النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه ليالي وتخلف عنهم في الأخير خشية أن تُفرض عليهم ، واستمر الصحابة رضي الله عنهم يصلونها أوزاعاً متفرقين في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته ، إلى أن جمعهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه خلق إمام واحد كما كانوا خلف النبي صلى الله عليه وسلم ، وليس هذا بدعة في الدين .
وكتابة الحديث أيضاً لها أصل في الشرع ، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بكتابة بعض الأحاديث لبعض أصحابه لما طلب منه ذلك ، وكان المحذور من كتابته بصفة عامة في عهده صلى الله عليه وسلم خشية أن يختلط بالقرآن ما ليس منه ، فلما توفي صلى الله عليه وسلم انتفى هذا المحذور ، لأن القرآن قد تكامل وضبط قبل وفاته صلى الله عليه وسلم ، فدوّن المسلمون السنة بعد ذلك حفظاً لها من الضياع ، فجزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خيراً ، حيث حفظوا كتاب ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم من الضياع وعبث العابثين .

ويقال أيضاً : لماذا تأخر القيام بهذا الشكر على زعمكم فلم يقم به أفضل القرون من الصحابة والتابعين وأتباع التابعين ، وهم أشد محبة للنبي صلى الله عليه وسلم وأحرص على فعل الخير والقيام بالشكر ، فهل كان من أحدث بدعة المولد أهدى منهم وأعظم شكراُ لله عز وجل ؟ حاشا وكلا .

6- قد يقولون : إن الاحتفال بذكرى مولده صلى الله عليه وسلم ينبئ عن محبته فهو مظهر من مظاهرها ، وإظهار محبته صلى الله عليه وسلم مشروع !
والجواب أن نقول : لا شك أن محبته صلى الله عليه وسلم واجبة على كل مسلم أعظم من محبة النفس والولد والوالد والناس أجمعين - بأبي وأمي صلوات الله وسلامه عليه - ولكن ليس معنى ذلك أن تبتدع في ذلك شيئاً لم يشرعه لنا ، بل محبته تقتضي طاعته واتباعه ، فإن ذلك من أعظم مظاهر محبته ، كما قيل :
لو كان حبك صادقاً لأطعته***** إن المحبّ لمن يحب مطيع

فمحبته صلى الله عليه وسلم تقتضي إحياء سنته ، والعض عليها بالنواجذ ، ومجانبة ما خالفها من الأقوال والأفعال ، ولا شك أن كل ما خالف سنته فهو بدعة مذمومة ومعصية ظاهرة ، ومن ذلك الاحتفال بذكرى مولده وغيره من البدع ، وحسن النية لا يبيح الابتداع في الدين ، فإن الدين مبني على أصلين : الإخلاص والمتابعة ، قال تعالى : { بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون } [البقرة / 112 ] ، فإسلام الوجه لله الإخلاص لله ، والإحسان هو التابعة للرسول وإصابة السنة .

7- ومن شبههم : أنهم يقولون : إن في إحياء ذكرى المولد وقراءة سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه المناسبة حثاً على الاقتداء والتأسي به !
فنقول لهم : إن قراءة سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم والتأسي به مطلوبان من المسلم دائماً طوال السنة وطوال الحياة ، أما تخصيص يوم معين لذلك بدون دليل على التخصيص فإنه يكون بدعة ( وكل بدعة ضلالة) [أخرجه أحمد 4/164 ، والترمذي 2676 ] ، والبدعة لا تثمر إلا شراً وبعداً عن النبي صلى الله عليه وسلم .

وخلاصة القول : أن الاحتفال بذكرى المولد النبوي بأنواعه واختلاف أشكاله بدعة منكرة يجب على المسلين منعها ومنع غيرها من البدع ، والاشتغال بإحياء السنن والتمسك بها ، ولا يُغتر بمن يروّج هذه البدعة ويدافع عنها ، فإن هذا الصنف يكون اهتمامهم بإحياء البدع أكثر من اهتمامهم بإحياء السنن ، بل ربما لا يهتمون بالسنن أصلاً ، ومن كان هذا شأنه فلا يجوز تقليده و الاقتداء به ، وإن كان هذا الصنف هم أكثر الناس ، وإنما يقتدي بمن سار على نهج السنة من السلف الصالح وأتباعهم وإن كانوا قليلاً ، فالحق لا يُعرف بالرجال ، وإنما يُعرف الرجال بالحق .

قال صلى الله عليه وسلم : ( فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً ، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ، عضّوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل بدعة ضلالة ) [أخرجه أحمد 4/126 ، والترمذي رقم 2676] ، فبين لنا صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الشريف بمن نقتدي عند الاختلاف ، كما بين أن كل ما خالف السنة من الأقوال والأفعال فهو بدعة ، وكل بدعة ضلالة .

وإذا عرضنا الاحتفال بالمولد النبوي لم نجد له أصلاً في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا في سنة خلفائه الراشدين ، إذن فهو من محدثات الأمور ومن البدع المضلة ، وهذا الأصل الذي تضمّنه هذا الحديث وقد دل عليه قوله تعالى : { فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاًُ } [النساء /59 ]

والرد إلى الله هو الرجوع إلى كتابه الكريم ، والرد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم هو الرجوع إلى سنته بعد وفاته ، فالكتاب والسنة هما المرجع عند التنازل ، فأين في الكتاب والسنة ما يدل على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي ؟ فالواجب على من يفعل ذلك أو يستحسنه أن يتوب إلى الله تعالى منه ومن غيره من البدع ، فهذا هو شأن المؤمن الذي ينشد الحق ، وأما من عاند وكابر بعد قيام الحجة فإنما حسابه عند ربه .

هذا ونسأل الله أن يرزقنا التمسك بكتابه وسنة رسوله إلى يوم نلقاه وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه .

.............................................................................................................................
من كتاب : حقوق النبي صلى الله عليه وسلم بين الإجلال والإخلال ص 139 للشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان - عضو هيئة كبار العلماء بالسعودية .

صالح بن فوزان الفوزان

عضو هيئة كبار العلماء بالسعودية

  • 143
  • 26
  • 174,294
  • عشكتك حلم

      منذ
    نعم نحتفل بمولد النبى صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ( 1 ) كلمة فى الاحتفال بالمولد النبوى الشريف 1- نعم نحتفل بميلاد اشرف الخلق وسيد الوجود سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وصحبه . نحتفل به كل سنة . نحتفل به فى كل شهر . نحتفل به فى كل أسبوع . نحتفل به كل ساعة وكل نفس 2- الاحتفال بذكرى مولد سيدنا محمد من أفضل الأعمال وأعظم القربات ، بل إنها تعد فى العصر الحاضر من أهم الواجبات . 3- بمولد النبى صلى الله عليه وآله وصحبه ، بزوغ الرحمة الإلهية على وجه البسيطة ، إنها لحظة إعادة اتزان البشرية ، انها لحظة الفرح والسرور للكائنات العلوية والسفلية التى كانت تتألم من انتشار الشرك والضلالة والفساد . 4- الاحتفال بذكرى المولد النبوى يعنى اجتماع الناس على تلاوة القرآن والحديث الشريف وعلى الذكر وعلى المدائح النبوية وايضا الاستماع الى جوانب كثيرة من جوانب سيرته وشمائله وأيضا إطعام الطعام وإنفاق المال وكذلك إعلانا بالفرح بيوم مجيئه الكريم وظهوره الى عالم الشهادة بالجسد المبارك والعقد الرشيد . 5- إننى أزعم أن الاحتفال بميلاد الحبيب المصطفى أصبح واجبا من الواجبات ولم يعد من المستحبات فى عصرنا الحاضر ، فهناك جوانب من السيرة النبوية لايتم التعرض لها إلا فى مناسبة المولد النبوى ، وإذا أردنا أمثلة على ذلك فها هى : - الإرهاصات التى حدثت تمهيدا وتبشيرا بمولده الشريف . - طهارة نسبه وعراقة أصله . - خصائصه الشريفة وغيرها من الجوانب . فهل هنا ك لقاءات أو محاضرات أو خطب منبرية تتعرض لها ؟؟؟ فإذا عدنا الى البرامج التليفزيونية او الخطب المنبرية او كتيبات الوزارات المختلفة وهى مسجلة ومطبوعة خلال عام 2015 هل نجد مايتعرض لهذه المواضيع ؟ هل نجد من تحدث عن طهارة نسب النبى وهو من صميم العقيدة ؟ هل نجد من يناقش عصمة النبى صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم وهى من صميم العقيدة ؟ هل سمعنا عن بشارة سيف بن يزن لعبد المطلب بظهور النبى محمد ؟ أقول ان مثل هذه الموضوعات لايتم التعرض لها فى كل قنوات الدعوة وفى هذا العصر الذى يوحى الشيطان الى أوليائه أن يطعنوا قلب الإسلام ، وقلب الإسلام هنا هو نبينا محمد صلى الله عليه وآله وصحبه ، فإن الحديث عن رسول الله فى شخصه الشريف وفى شمائله وصفاته لمن عقيدة الإسلام بل هى ركن من أركان الإسلام وليست سنة من السنن . لهذا أقول : إن الاحتفال بالمولد النبوى الشريف لهذا السبب أصبح واجبا من الواجبات ، حيث أن أعداء الإسلام اليوم يطعنون فى نبوته وأصله ونسبه وأيضا فإن عامة المسلمين لا يعرفون عن حياته وسيرته إلا الفتات ناهيك عن ذاته وصفاته وأحواله . 6- وهناك سؤال هام : هل الاحتفال بالمولد النبوى يقع ضمن العقائد ام ضمن العبادات فيترتب عليه مايترتب عليها من أحكام ؟؟؟ أقول : ان الاحتفال بالمولد النبوى لا هو من العقائد ولا هو من العبادات بل هو من العادات . فمحبة النبى صلى الله عليه وآله وصحبه من أصول العقيدة وهى شطر الركن الأول من أركان الإسلام ، ولا إيمان إلا بمحبته صلى الله عليه وآله وصحبه . لكن التعبير عن هذا الحب من العادات ، وكل يحبه حسب فكره وقلبه ، فمن يعبر عن حبه بحفظ أحاديثه أو تلاوتها ومن يحبه بالنظر فى سيرته ومن يحبه بالتمثل ببعض صفاته وشمائله ومن يحبه بمدارسة أحواله وتعليمها للآخرين ومن يحبه بمديحه وإنشاد القصائد فى شمائله الشريفة ومن يحبه بعقد مجالس الذكر ، وكل ذلك كان يفعله صحابة رسول الله الكرام رضى الله عنهم أجمعين . فالاحتفال بالمولد النبوى من هذا الباب . وهذه العادات حلالها حلال وحرامها حرام . مثلا : جمع المال يكون واجبا فى حالة النفقة على الأهل والولد فى الضروريات ، ويكون مباحا فى حالة إشباع الحاجيات الأخرى ويكون حراما فى حالة قصد إشباع الملذات الحرام ... وهكذا جميع العادات . فالاحتفال بميلاد سيد الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وصحبه يكون واجبا فى عصر هجم فيه الأعداء على دينه وشخصه بكل أنواع الهجوم ، ويكون واجبا لإحياء سيرته وشخصه فى عصر ابتعد المسلمون عن الارتباط بشخصه واستبدالها بأفكار وعادات غيره ، فيكون واجبا لإحياء سيرته وإشعال محبته فى القلوب ، وحين يكون الناس متمسكون بمحبته موفقون لشريعته فهنا يكون الاحتفال بالمولد مستحبا ، ويكون الاحتفال بالمولد زيادة فى المحبة حين يكون رسول الله حاضرا بيننا على مدى اللحظات والأيام . أما فى حالة اشتمال الاحتفال على حرام أو محظور فيكون هذا الفعل حرام حسب حرمة الفعل المحرم أو المحظور 7- القرآن والسنة عظمت ميلاد الأنبياء : ففى نبى الله عيسى يقول تعالى : "والسلام عليه يوم ولد" وفى نبى الله يحى يقول تعالى : "وسلام عليه يوم ولد" . وفى ميلاد نبى الله موسى أوحى الله الى أمه وفى ليلة الإسراء والمعراج أمر نبينا بأن يصلى حيث ولد نبى الله عيسى . وكانت البشريات ترد على السيدة آمنه حين حملت بنبينا وحين ولدته . والأحبار والرهبان بشروا به وكانوا ينتظرون ولادته وبعثته . ولأن الله عظم آثار الأنبياء مثل مقام ابراهيم وبقية آل موسى وآل هرون ، فمن باب أولى تعظيم ميلاد خاتم النبيين سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم . ( 2 ) فوائد الاحتفال بالمولد النبوى الشريف الاحتفال بميلاد سيد الخلق وأشرف الكائنات سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم من الأمور الحسنة ، تعود على الأمة بالخير العميم وتعود على النفوس والقلوب بالآثار الحميدة وتعود على الفرد بالسكينة وتجديد الايمان . ومن فوائد الاحتفال بالمولد النبوى نذكر هذه الفوائد : 1- إظهار السرور والبهجة والاستبشار بمولد سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وصحبه . وفى هذا يقول الله تبارك وتعالى : "قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون " وأقول :إن فضل الله ورحمته هو سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وصحبه حيث أن هذه الآية يفسرها الآية الأخرى :" وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " والحديث الصحيح :"إنما أنا رحمة مهداة" اذا يطلب من الله تعالى أن نفرح بالنبى صلى الله عليه وآله وصحبه . والعجب كل العجب ممن يفرق بين مولده وبين بعثته ، العجب كل العجب ممن يفرق بين ذاته وبين سنته ، العجب كل العجب ممن يفرق بين أمر الله وبين أمره ، فمولد رسول الله هو مولد الاسلام ، هو مولد الأمة ، هو مولد التوحيد . فالاحتفال بالمولد النبوى ماهو إى إظهار الفرح والسرور والابتهاج بميلاده الشريف صلى الله عليه وآله وصحبه ولنذكر الحديث الوارد فى تحفة الأحوذى شرح جامع الترمذى والذى جاء فيه أن جارية نذرت إن عاد رسول الله سالما من احدى الغزوات أن تضرب بالدف وتغنى بين يديه فرحا بسلامته صلى الله عليه وآله وصحبه ، فلما أخبرت سيدا رسول الله وافق وأذن لها وأوفت بنذرها فرحا بسلامة الحبيب رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه ولنذكر نساء الأنصار وصبيانها وولدانها الذين استقبلوا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه حين دخل المدينة يوم الهجرة بالفرح والسرور والغناء . ولنذكر فرح العباس ورقصه أمام سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه حين قال له : أشبهت خلقى وخلقى . إذا كان ذلك كذلك : فكيف يعاب على مسلم إظهار الفرح بمولد النبى صلى الله عليه وآله وصحبه وذلك بالقاء المدائح والأشعار كما فعل صحابته عند مقدمه المدينة وإذا كان نبى الله عيسى جعل نزول مائدة من السماء عيدا له ولأمته فكيف لنا بميلاد سيد الكائنات وخير البشر !!! فولادته كانت بمثابه تغيير للكون كله وللانسانية جمعاء ، وكان مولده نقطة تحول فارقة فى التاريخ الانسانى . 2- الاحتفال بمولد النبى صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم إظهار لمحبته ، ومحبته من أصول الايمان ، ففى الحديث الصحيح :"لايؤمن أحدكم حتى أكون أحب اليه من والده وولده والناس أجمعين " ومظاهر الحب لاكيفية لها ، تكون حسب قرب المحب من حبيبه ، فحب سيدنا أبو بكر جعله يفتدى حبيبه بنفسه وماله كله ، وحب سيدنا عمر جعله ينفق نصف ماله وحب سيدنا عثمان جعله يتزوج بابنتيه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم وحب سيدنا على جعله ينام فى فراشه مستعدا للموت فى سبيله ، وحب ثوبان جعله يخدمه ويبكى للبعد عنه وحب السيدة عائشة جعلها تغار عليه أشد الغيرة ، وهكذا 3- الاحتفال بمولد النبى صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم يعنى الاحتفال به وهو أصل الإيمان وركن الإسلام . 4- الاحتفال بالمولد النبوى تعظيم لشعائر الله تعالى ، يقول تعالى :" ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب " ويقول تعالى :" ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه " فإذا كان البدن من شعائر الله وأمر الله بتعظيمها ، وإذا كان السعى والطواف والذبح والمقام من شعائر الله ويجب تعظيمها ... فما بالنا بتعظيم سيد الخلق وأكمل البشر صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ، ومن هذا التعظيم والإجلال : الفرح والسرور عند ذكر مولده وظهوره فى عالم الشهادة . 5- الاحتفال بالمولد النبوى إظهار الشكر له تعالى على نعمة إيجاده صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم . فهل هناك نعمة أعظم علينا من وجود رسول الله . فبوجوده انزاح الشرك وثبت الايمان وبوجوده نعيش فى نعمة الإسلام بشرائعه الراقية المرضية ، فإسلامنا يوجب علينا شكر الله تعالى . 6- الاجتماع على ذكر الله والصلاة على النبى صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ، فالاحتفالات بالمولد النبوى تشمل تلاوة القرآن ودروس السيرة النبوية المختلفة . 7- التعرف على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم وهذه المعرفة شطر الدين ، فالركن الأول من أركان الإسلام هو : شهادة أن لاإله إلا الله وأن محمدا رسول الله فحين يتعرف المسلم على نبيه فإنه يقترب من شهادة أن سيدنا محمدا رسول الله . 8- التبرك بذكرى مولد النبى صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم وحصول البركة بالاحتفال به وذكر مولده الشريف ، وقد درج الصحابة والتابعين وتابعيهم على التبرك بالنبى وآثاره ودعائه وأماكن ملامسه وخطواته ، كما دعا أبو بكر أن يموت يوم الاثنين تبركا طلب عمر أن يدفن فى حجرته تبركا . كذلك فإننا نتبرك بالاحتفال بمولده صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم فحين نمدح سيدنا رسول الله وحين نصلى عليه ونسلم وحين نذكر اسمه فلا شك عندنا أنه يسمعنا أو على الأقل يبلغه ذلك منا ، فيذكرنا ويستغفر لنا وتحل علينا بركته وفضله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم 9- التعرض للمكافأة من النبى صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ، فهو الكريم الجواد ، وقد كان الشعراء يفدون الى رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم بالقصائد والمدائح فيرضى عنهم ويكافئهم . ونحن حين نعقد مجالس نصلى فيها على سيد الخلائق صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم فإننا نعتقد يقينا أنه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم حى فى قبره تعرض عليه أعمال الأمة يرد علينا السلام وهو فى حياته البرزخية فى أكمل وأجل حياة ، ونحن ننتظر المكافأة منه بالرضى والاستغفار والشوق والمحبة فهو الجواد الكريم ، وإنه حين يتوجه الينا بالنظر تحل علينا البركات والرحمات . 10- الاحتفال بمولد النبى صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تكثير للصلاة على النبى ، وقد طلب منا ربنا أن نكثر من الصلاة عليه . 11- تثبيت قلوب المؤمنين ، فقد قص الله سيرة الأنبياء على رسول الله وذكر أن ذلك لنثبت به فؤادك ، فقال تعالى :"وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك " ونحن حين نسمع أنباء سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم يثبت الله قلوبنا وتطمئن أفئدتنا ونزداد إيمانا على إيمان ويقينا على يقين 12- تربية الأجيال : فالاحتفال بالمولد النبوى الشريف تربية للأجيال على محبته ومعرفته وتعظيمه وإجلاله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم 13- يقول صلى الله عليه وآله وصحبه :" أدبوا أولادكم على ثلاث خصال : حب نبيكم ، وحب آل بيت نبيكم ، وتلاوة لقرآن " فحين يستمع المؤمنون الى سير ومغازى وشمائل رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم فإنه يتربى على الآداب والأخلاق النبوية . 14- الاحتفالات بالمولد النبوى الشريف وسيلة للدعوة الى الله ، فالداعون الى الله يستغلون هذه المناسبة بنشر سننه وآدابه ، وحبذا لو تم إرسال القوافل الى الأمم الغير مسلمة حاملة أنوار النبوة الداعية إلى المحبة والسلام والأخلاق الفاضلة لتغيير صورة الإسلام فى الغرب والتى أخذوها من أعداء سيدنا محمد ، وبيان أن ما يحدث من تصرفات المتشددين والمتنطعين والمتفيقهين بعيدة كل البعد عن أخلاقيات وشرائع وخصال سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم 15- وفى هذه المناسبة يقوم أهل الخير بفعل الخيرات والمبرات والتصدق على الفقراء ، فهناك من ينفق على إطعام الطعام وهناك من ينفق على كسوة الأيتام والفقراء وهناك من يطبع المطبوعات وهناك من يقف بجوار ذوى الحاجات ، وكل هذه الفعال من صلب ما دعى اليه الإسلام . ( 3) تاريخ عمل المولد النبوى الشريف 1- يقول الإمام الحافظ السيوطى : إن أول من احتفل بالمولد النبوى الشريف بشكل كبير ومنظم هو حاكم أربل (شمال العراق) فى عصر صلاح الدين الأيوبى ، واسمه الملك الظفر أبو سعيد كوكبرى بن زين الدين على بن بكتكين . والملك المظفر قد وثقه جماعة من العلماء : يقول الحافظ ابن كثير : إنه أحد الملوك الأمجاد والكبراء الأجواد وكان له آثار حسنة ، ويقول ابن خلكان : كان من أعيان العلماء ومشاهير الفضلاء ، وقال الحافظ الذهبى : كان متواضعا خيرا سنيا يحب الفقهاء والمجتهدين ، وقال ابن كثير : كان الملك المظفر يعمل المولد الشريف فى ربيع الأول ويحتفل به احتفالا هائلا وكان شهما شجاعا بطلا عاقلا عالما عادلا .ويقول : كان الملك المظفر هو أول من احتفل بالمولد النبوى بشكل منتظم فى عهد السلطان صلاح الدين الأيوبى فى كل سنة ، وكان يصرف فى المولد الأموال الكثيرة والخيرات الكثيرة حتى بلغت ثلاثمائة ألف دينار كل سنة ، وكان يصل اليه من البلاد القريبة مثل بغداد والموصل عدد كبير من الفقهاء والصوفية والوعاظ والشعراء ، ولا يزالون يتواصلون من شهر المحرم إلى أوائل ربيع الأول ، وكان يعمل المولد سنة يوم 8 ربيع الأول وسنة يوم 12 ربيع الأول بسبب الاختلاف بيوم تحديد يوم مولد النبى صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم وحين قدم الحافظ ابن دحية من المغرب ودخل الشام واجتاز أربل سنة 604 هجرية ووجد الملك المظفر يعتنى بالمولد ألف كتاب : التنوير فى مولد البشير النذير ليقرأ فى احتفالات المولد النبوى . 2- وتتوالى العصور ويستمر الاحتفال بالمولد النبوى الشريف على طول وعرض دولة أهل السنة والجماعة ويؤلف الحفاظ والعلماء نصوص الموالد النبوية لتقرأ ليلة المولد وعلى مدار العام وفى المناسبات الجليلة حتى يومنا هذا ، وتعد هذه المناسبة عطلة رسمية فى عدة دول منها مصر والجزائر والمغرب وسوريا وليبيا والأردن وتونس والإمارات وسلطنة عمان عدا المملكة السعودية . 3- يقول الفكر الوهابى والسلفى إن أول من ابتدع فكرة المولد النبوى هم الفاطميون العبيديون الذين ابتدعوا مولد النبى ومولد على ومولد فاطمة الزهراء ومولد الإمام الفاطمى الحاضر . وهم بهذا يريدون اثبات ان هذا الاحتفال بدعة وضلالة وفى النار . والذي يهمنا هنا هو أن أهل السنة والجماعة على مدى ألف عام يحتفلون بذكرى المولد النبوى الشريف ، سواء منهم العلماء أو الحفاظ أو الفقهاء أو المفسرون أو الصوفية أو العوام ، جميع هؤلاء من ألف عام يحتفلون بالمولد النبوى ، وإذا رجعنا الى فكرة الفاطميين فإننا نجد أن الناصر صلاح الدين الأيوبى قد مسح كل علومهم وآثارهم وحول جامعهم الأزهر الى جامعة سنية عريقة ، فكيف يمحو آثارهم ويبىقى احتفالاتهم !!! وكيف يقر الملك المظفر على مايفعله من إظهار السرور والاحتفال بالمولد النبوى إن كان هذا فعل الفاطميون أعداء أهل السنة ، وإن كان هذا منكرا فكيف سكت صلاح الدين ومن وراءه العلماء الأمجاد أمثال العز بن عبد السلام وغيره على هذا المنكر ولم يبطله ويمحوه كما محى فكر الفاطميين وعقيدته ومسح آثارهم !!! وإن كان هذا الاحتفال منكرا فكيف ألف علماء السنة وحفاظها الموالد المختلفة لتقرأ فى ليلة المولد الشريف !!! ( 4 ) موقف علماء أهل السنة والجماعة من الاحتفال بالمولد النبوى ننقل هنا رأى علماء أهل السنة والجماعة فى الاحتفال بالمولد النبوى الشريف ليتبين لنا أن هذا الاحتفال من صميم عمل أهل السنة والجماعة بل وصل الحال الى حد الاجماع والاتفاق على مشروعية الاحتفال ، وهؤلاء هم عمد اهل السنة والجماعة ومرجعهم الفكرى والعلمة على مدى ألف عام رأى العلماء والحفاظ القدامى : • الإمام الحافظ السيوطي، حيث قال: "عندي أن أصل عمل المولد الذي هو اجتماع الناس وقراءة ما تيسر من القرآن ورواية الأخبار الواردة في مبدأ أمر النبي وما وقع في مولده من الآيات ثم يمد لهم سماط يأكلونه وينصرفون من غير زيادة على ذلك هو من البدع الحسنة التي يثاب عليها صاحبها لما فيه من تعظيم قدر النبي وإظهار الفرح والاستبشار بمولده الشريف" • الإمام الحافظ ابن الجوزي، حيث قال عن المولد النبوي: "من خواصه أنه أمان في ذلك العام وبشرى عاجلة بنيل البغية والمرام" • الإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني، حيث قال الحافظ السيوطي: "وقد سئل شيخ الإسلام حافظ العصر أبو الفضل ابن حجر عن عمل المولد فأجاب بما نصه: أصل عمل المولد بدعة لم تنقل عن السلف الصالح من القرون الثلاثة، ولكنها مع ذلك اشتملت على محاسن وضدها، فمن تحرى في عملها المحاسن وتجنب ضدها كانت بدعة حسنة، وقد ظهر لي تخريجها على أصل ثابت، وهو ما ثبت في الصحيحين من أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قدم المدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسألهم، فقالوا: هو يوم أغرق الله فيه فرعون, ونجى موسى، فنحن نصومه شكرا لله، فيستفاد منه فعل الشكر لله على ما من به في يوم معين من إسداء نعمة، أو دفع نقمة.. إلى أن قال : وأي نعمة أعظم من نعمة بروز هذا النبي.. نبي الرحمة في ذلك اليوم، فهذا ما يتعلق بأصل عمله، وأما ما يعمل فيه: فينبغي أن يقتصر فيه على ما يفهم الشكر لله تعالى من نحو ما تقدم من التلاوة والإطعام والصدقة وإنشاد شيء من المدائح النبوية والزهدية المحركة للقلوب إلى فعل الخير والعمل للآخرة" • الإمام الحافظ السخاوي، حيث قال عن المولد النبوي: "لم يفعله أحد من السلف في القرون الثلاثة, وإنما حدث بعدُ, ثم لا زال أهل الإسلام من سائر الأقطار والمدن يعملون المولد ويتصدقون في لياليه بأنواع الصدقات ويعتنون بقراءة مولده الكريم، ويظهر عليهم من بركاته كل فضل عميم" • ابن الحاج المالكي، حيث قال: "فكان يجب أن نزداد يوم الاثنين الثاني عشر في ربيع الأول من العبادات والخير شكرا للمولى على ما أولانا من هذه النعم العظيمة وأعظمها ميلاد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم" وقال أيضا: "ومن تعظيمه صلى الله عليه وآله وسلم الفرح بليلة ولادته وقراءة المولد" • ابن عابدين، حيث قال: "اعلم أن من البدع المحمودة عمل المولد الشريف من الشهر الذي ولد فيه صلى الله عليه وآله وسلم". وقال أيضا: "فالاجتماع لسماع قصة صاحب المعجزات عليه أفضل الصلوات وأكمل التحيات من أعظم القربات لما يشتمل عليه من المعجزات وكثرة الصلوات" • الحافظ عبد الرحيم العراقي، حيث قال: "إن اتخاذ الوليمة وإطعام الطعام مستحب في كل وقت فكيف إذا انضم إلى ذلك الفرح والسرور بظهور نور رسول الله في هذا الشهر الشريف ولا يلزم من كونه بدعة كونه مكروها فكم من بدعة مستحبة قد تكون واجبة" • الحافظ شمس الدين ابن الجزري، حيث قال الحافظ السيوطي: "ثم رأيت إمام القراء الحافظ شمس الدين ابن الجزري قال في كتابه المسمى (عرف التعريف بالمولد الشريف) ما نصه: قد رؤي أبو لهب بعد موته في النوم فقيل له: ما حالك؟ فقال: في النار إلا أنه يخفف عني كل ليلة اثنين، وأمص من بين أصبعي ماء بقدر هذا- وأشار لرأس أصبعه -، وأن ذلك بإعتاقي لثويبة عندما بشرتني بولادة النبي وبإرضاعها له. فإذا كان أبو لهب الكافر الذي نزل القرآن بذمه جوزي في النار بفرحه ليلة مولد النبي صلى اله عليه وسلم به فما حال المسلم الموحد من أمة النبي يسر بمولده ويبذل ما تصل إليه قدرته في محبته، لعمري إنما يكون جزاؤه من الله الكريم أن يدخله بفضله جنات النعيم" • أبو شامة (شيخ النووي)، حيث قال: "ومن أحسن ما ابتدع في زماننا ما يُفعل كل عام في اليوم الموافق لمولده صلى الله عليه وآله وسلم من الصدقات، والمعروف، وإظهار الزينة والسرور، فإن ذلك مشعرٌ بمحبته صلى الله عليه وآله وسلم وتعظيمه في قلب فاعل ذلك وشكراً لله تعالى على ما منّ به من إيجاد رسوله الذي أرسله رحمة للعالمين" • الشهاب أحمد القسطلاني (شارح البخاري)، حيث قال: "فرحم الله امرءا اتخذ ليالي شهر مولده المبارك أعيادا، ليكون أشد علة على من في قلبه مرض وإعياء داء" • الحافظ شمس الدين بن ناصر الدين الدمشقي، حيث قال في كتابه المسمى (مورد الصادي في مولد الهادي): "قد صح أن أبا لهب يخفف عنه عذاب النار في مثل يوم الاثنين لإعتاقه ثويبة سرورًا بميلاد النبي "، ثم أنشد: إذا كان هـذا كافرًا جـاء ذمـه وتبت يـداه في الجحـيم مخـلدًا أتى أنـه في يـوم الاثنين دائـمًا يخفف عنه للسـرور بأحــمدا فما الظن بالعبد الذي طول عمره بأحمد مسرورٌ ومات موحـــدًا رأى العلماء من المتأخرىن: • محمد الطاهر بن عاشور شيخ جامع الزيتونة ومن أبرز علماء المالكية، أيّد الاعتناء بيوم المولد النبوي في قوله: ""فَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِلْمَوَاقِيتِ الْمَحْدُودَةِ اعْتِبَارًا يُشْبِهُ اعْتِبَارَ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ الْمُتَجَدِّدِ، وَإِنَّمَا هَذَا اعْتِبَارٌ لِلتَّذْكِيرِ بِالْأَيَّامِ الْعَظِيمَةِ الْمِقْدَارِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ [إِبْرَاهِيم: 5] ، فَخَلَعَ اللَّهُ عَلَى الْمَوَاقِيتِ الَّتِي قَارَنَهَا شَيْءٌ عَظِيمٌ فِي الْفَضْلِ أَنْ جَعَلَ لِتِلْكَ الْمَوَاقِيتِ فَضْلًا مُسْتَمِرًّا تَنْوِيهًا بِكَوْنِهَا تَذْكِرَةً لِأَمْرٍ عَظِيمٍ، وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّهُ لِأَجْلِهِ سُنَّةَ الْهَدْيِ فِي الْحَجِّ، لِأَنَّ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْوَقْتِ ابْتَلَى اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ بِذَبْحِ وَلَدِهِ إِسْمَاعِيلَ وَأَظْهَرَ عَزْمَ إِبْرَاهِيمَ وَطَاعَتَهُ رَبَّهُ وَمِنْهُ أَخَذَ الْعُلَمَاءُ تَعْظِيمَ الْيَوْمِ الْمُوَافِقِ لِيَوْمِ وِلَادَةِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَجِيءُ مِنْ هَذَا إِكْرَامُ ذُرِّيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ وَأَبْنَاءِ الصَّالِحِينَ وَتَعْظِيمِ وُلَاةِ الْأُمُورِ الشَّرْعِيَّةِ الْقَائِمِينَ مَقَامَ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَعْمَالِهِمْ مِنَ الْأُمَرَاءِ وَالْقُضَاةِ وَالْأَئِمَّةِ" • حسنين محمد مخلوف شيخ الأزهر، حيث قال: "إن إحياء ليلة المولد الشريف وليالي هذا الشهر الكريم الذي أشرق فيه النور المحمدي إنما يكون بذكر الله وشكره لما أنعم به على هذه الأمة من ظهور خير الخلق إلى عالم الوجود، ولا يكون ذلك إلا في أدب وخشوع وبعد عن المحرمات والبدع والمنكرات. ومن مظاهر الشكر على حبه مواساة المحتاجين بما يخفف ضائقتهم، وصلة الأرحام، والإحياء بهذه الطريقة وإن لم يكن مأثورا في عهده صلى الله عليه وآله وسلم ولا في عهد السلف الصالح إلا أنه لا بأس به وسنة حسنة" • محمد الفاضل بن عاشور من علماء تونس البارزين، في قوله: "إن ما يملأ قلوب المسلمين في اليوم الثاني عشر من ربيع الأول كل عام من ناموسِ المحبة العُلوي، وما يهزّ نفوسهم من الفيض النوراني المتدفق جمالا وجلالا، ليأتي إليهم محمّلا من ذكريات القرون الخالية بأريج طيب ينمّ عما كان لأسلافهم الكرام من العناية بذلك اليوم التاريخي الأعظم، وما ابتكروا لإظهار التعلّق به وإعلان تمجيده من مظاهر الاحتفالات، فتتطلع النفوسُ إلى استقصاء خبر تلك الأيام الزهراء والليالي الغراء؛ إذ المسلمون ملوكاً وسوقةً (أي عامتهم) يتسابقون إلى الوفاء بالمستطاع من حقوق ذلك اليوم السعيد" • محمد الشاذلي النيفر، شيخ الجامع الأعظم في تونس، في قوله: "وَأَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ مَا يُؤَيِّدُ مَا تَقَدَّمَ عَنِ «ابْنِ حَجَرٍ» وَ«السّيُوطِيِّ» أَنَّ اللَّـهَ أَوْجَبَ عَلَيْنَا مَحَبَّةَ نَبِيِّهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بَعْدَ مَحَبَّتِهِ جَلَّ وَعَلَا، وَذَلِكَ يُوجِبُ عَلَيْنَا تَعْظِيمَ كُلِّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَمِنْ ذَلِكَ تَعْظِيمُ يَوْمِ مَوْلِدِهِ بِالاحْتِفَالِ بِهِ بِمَا يُجِيزُهُ الشَّرْعُ الكَرِيمُ" • محمد متولي الشعراوي، حيث قال: "وإكرامًا لهذا المولد الكريم فإنه يحق لنا أن نظهر معالم الفرح والابتهاج بهذه الذكرى الحبيبة لقلوبنا كل عام وذلك بالاحتفال بها من وقتها" • المبشر الطرازي، شيخ علماء التركستان: حيث قال: "إن الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف أصبح واجبًا أساسيًا لمواجهة ما استجد من الاحتفالات الضارة في هذه الأيام" • محمد علوي المالكي، حيث قال: "إننا نقول بجواز الاحتفال بالمولد النبوي الشريف والاجتماع لسماع سيرته والصلاة والسلام عليه وسماع المدائح التي تُقال في حقه، وإطعام الطعام وإدخال السرور على قلوب الأمة" • يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، حيث قال عن ذكرى المولد: "إذا انتهزنا هذه الفرصة للتذكير بسيرة رسول الله، وبشخصية هذا النبي العظيم، وبرسالته العامة الخالدة التي جعلها الله رحمة للعالمين، فأي بدعة في هذا وأية ضلالة؟" • محمد سعيد رمضان البوطي، حيث قال: "الاحتفال بذكرى مولد رسول الله نشاط اجتماعي يبتغي منه خير دينيّ، فهو كالمؤتمرات والندوات الدينية التي تعقد في هذا العصر، ولم تكن معروفة من قبل. ومن ثم لا ينطبق تعريف البدعة على الاحتفال بالمولد، كما لاينطبق على الندوات والمؤتمرات الدينية. ولكن ينبغي أن تكون هذه الاحتفالات خالية من المنكرات" • نوح القضاة مفتي الأردن سابقاً، حيث قال: "ولا شك أن مولد المصطفى من أعظم ما تفضل الله به علينا، ومن أوفر النعم التي تجلى بها على هذه الأمة؛ فحق لنا أن نفرح بمولده " • علي جمعة مفتي مصر، حيث قال: "الاحتفال بذكرى مولده من أفضل الأعمال وأعظم القربات؛ لأنه تعبير عن الفرح والحب له، ومحبة النبي أصل من أصول الإيمان" • محمد بن عبد الغفار الشريف، الأمين العام للأوقاف في الكويت، حيث قال: "الاحتفال بمولد سيد الخلق عليه وعلى آله أفضل الصلاة والتسليم أمر مستحب، وبدعة حسنة في رأي جماهير العلماء" • محمد راتب النابلسي، حيث قال: "الاحتفال بعيد المولد ليس عبادة ولكنه يندرج تحت الدعوة إلى الله، ولك أن تحتفل بذكرى المولد على مدى العام في ربيع الأول وفي أي شهر آخر، في المساجد وفي البيوت" • عمر بن حفيظ، حيث قال: "مجالس الموالد كغيرها من جميع المجالس؛ إن كان ما يجري فيها من الأعمال صالح وخير، كقراءة القران، والذكر للرحمن، والصلاة على النبي، وإطعام الطعام للإكرام ومن أجل الله، وحمد الله، والثناء على رسوله، ودعاء الحق سبحانه، والتذكير والتعليم، وأمثال ذلك مما دعت إليه الشريعة ورغبت فيه؛ فهي مطلوبة ومندوبة شرعاً" • عبد الملك السعدي، المفتي العام للعراق سابقًا: "لم يكن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف معروفاً في عصر الصحابة الكرام. ولكن لا يَلزم من عدم وجوده في عصر النبي -صلى الله عليه سلم- أو في عصر الصحابة كونه بدعة سيئة أو منافياً للشريعة، فالاحتفال بالمولد إن أُقيم على أساس أنَّه عبادة مشروعة -كالصوم والصلاة والعبادات الأخرى- : فهو بدعة. وكذا لا نسمِّيه عيدا، بل إحياء ذكرى؛ لأنَّه لا يوجد سوى عيدين في الإسلام. وإن أقيم على أساس إحياء ذكرى مولد سيد المرسلين وإعادة ذكريات سيرته العطرة وخلا من المنكرات واختلاط الرجال بالنساء والمبالغة في مدحه صلى الله عليه سلم فلا يعد بدعة" وهذا هو رأى جماهير المشايخ والعلماء ، علماء لأزهر الشريف وعلماء والاوقاف وعلماء الصوفية . ولم يشذ عن هذا سوى الشيخ محمد بن عبد الوهاب ومن ينتسب الى مذهبه المتشدد الشاذ أمثال : • محمد بن إبراهيم آل الشيخ: • عبد العزيز بن باز• محمد ناصر الدين الألباني • محمد بن صالح العثيمين وتابعيهم من مصر . ( 5 ) أقوال وحجج المعارضين للاحتفال بالمولد النبوى الشريف درج العلماء من اتباع الوهابية وتابعيهم السلفيين على انكار الاحتفال بالمولد النبوى الشريف ، وليس رأيهم أن الاحتفال يعد خلاف الأولى أو خطأ يسيرا ، لكن باعتباره بدعة .. ضلالة ..فى النار .. وهو حرام ويؤدى الى الشرك الأكبر المخرج من الملة ... ولا يجوز المشاركة فيه ولا الاعانة عليه .... حتى إن اكل الحلوى وبيعها وتصنيعها وإهدائها حرام فى شهر ربيع الأول . وهكذا وبسهولة يصل بهم الحال الى تضليل أئمة أهل السنة والجماعة من الحفاظ والفقهاء والمفسرين على مدى ألف عام ، ولا يدرون أنهم بهذا يهدمون الدين ، فإن هذا الدين لم يصل الى القرن الخامس عشر الهجرى إلا عن طريق هؤلاء العلماء . فإن كان الحافظ ابن حجر العسقلانى او الحافظ السيوطى أو الحافظ السخاوى أو الحافظ النووى أو الحافظ الدمشقى أو شيخ الحفاظ العراقى أو الحافظ ملا على قارى أو الحافظ ابن كثير أو الامام الحافظ ابن الجزرى أو الحافظ العسقلانى أو العالم الحافظ ابن الديبغ ........ الخ ان كان هؤلاء على ضلالة ومبتدعون وعقيدتهم خرقاء ، فإن هذا قدح فى الإسلام نفسه حيث أن فيه إثبات للمبطلين أن الإسلام الذى بين أيدينا ليس هو الإسلام الصحيح مادام من نقلوه ضالون مبتدعون مضلون . وفى هذه الورقة نعرض لأهم حجج وأدلة المعترضين ، وستجد عزيزى القارىء أنها لاتثبت أمام النقد وهى أدلة قد أخذ صاحبها قرارا بالحكم اولا ثم بدأ يلوى نصوصا وأدلة لإثباته . فأقول وبالله التوفيق : 1- اول سند لهم حديث النبى صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم " من أحدث فى أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " وحديث " إياكم ومحدثات الأمور فكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار " فيقولون ان لفظة "كل" هنا تشمل العموم وهم بهذا يجعلون علماء الأمة بل والصحابة أصحاب بدع وعلى رأسهم الخليفة عمر بن الخطاب - فالقرآن لم يجمعه رسول الله وإنما جمع فى عهد أبو بكر الصديق - نقل مقام ابراهيم من موضعه (ملاصقا للكعبة) الى مكان آخر حيث أبعده عمر بن الخطاب . صلاة التراويح فى جماعة – فكرة بناء المراحيض والميضأة بالمسجد – زيادة الأذان الأول يوم الجمعة – زيادة ورحمة الله وبركاته فى التشهد بعد السلام عليك أيها النبى – وحديثا : ختم القرآن ليلة 27 من رمضان فى الحرم وغيرها من المحدثات كل هؤلاء وغيرهم ابتدعوا أشياء رأوها حسنة ولم تكن فى عهد رسول الله ولم ياذن بها او يقرها النبى صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم بل إنها من ضمن العبادات . فهل هؤلاء من اهل الضلال والبدع المنكرة !!! 2- يقولون لايوجد فى الدين شىء اسمه بدعة حسنة : وهذا لايقوله إلا من يريد التفريق بين المسلمين وإشعال نار الفتن بينهم ،،، - يقول الحافظ الإمام النووى فى قول النبى صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم :"كل بدعة ضلالة " هذا عام مخصوص ، والمراد غالب البدع ، والبدعة مالم يكن فى عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم وهى منقسمة الى حسنة وقبيحة (يقول هذا فى شرحه لصحيح مسلم ) - ويقول أمير المؤمنين فى الحديث الحافظ شيخ الإسلام ابن حجر العسقلانى شارح صحيح البخارى :"وكل مالم يكن فى زمنه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم يسمى بدعة ، لكن منها مايكون حسن ومنها مايكون خلاف ذلك " - والامام الشافعى يقول : البدعة بدعتان : بدعة محمودة وبدعة مذمومة ، فما وافق السنة فهو محمود وما خالف السنة فهو مذموم - وقال سلطان العلماء العز بن عبد السلام : البدعة منقسمة الى واجبة ومحرمة ومندوبة ومكروهة ومباحة ، وذلك بعرضها على قواعد الشريعة ، فإن دخلت فى قواعد الإيجاب فهى واجبة وان دخلت فى قواعد التحريم فهى محرمة ...... الخ 3- يقولون ان الدولة الفاطمية العبيدية الشيعية التى حكمت مصر 357-567هجرية هم أول من أحدث المولد النبوى وهذا وهم ، فالحافظ ابن كثير يقول فى البداية والنهاية أن الملك المظفر أبو سعيد كوكبرى أحد الملوك الأمجاد له آثار حسنة وكان يعمل المولد الشريف فى ربيع الأول ويحتفل به احتفالا هائلا ....الخ ما قال . 4- يقولون إن النبى صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم لم يحتفل بمولده والصحابة لم يحتفلوا بمولد النبى ولو كان الاحتفال بمولده مشروع أو ذو فائدة لاحتفل به النبى والصحابة ، وحين نحتفل به نحن فإننا نتهمهم بأنهم كتموا عنا شيئا ولم يدلونا عليه . وهذا كلام المجادلين بالباطل : فكون شىء لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ليس معناه أنه حرام ، ولا يشك عاقل فى فرح الصحابة به صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ولا فرح التابعين بمن رأوه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ، لكن الفرح به يأخذ أساليب وأشكالا مختلفة حسب الشخص وحسب العصر والعادات والسلوكيات ، ولا حرج فى الأساليب والمظاهر ، فالفرح به صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم عبادة لكن التعبير عن هذا الفرح وسيلة يباح فيها كل المباحات ولكل وجهة هو موليها ، فمن يفرح ويعبر عن فرحه بتلاوة الكتاب الذى نزل عليه ومن يفرح بمدحه ومن يفرح بإطعام الطعام ومن يفرح ببذل المال ومن يفرح بتأليف كتاب ومن يفرح بمدارسة سيرته بل إن العباس فرح بالرقص أمامه حين قال له : أشبهت خلقى وخلقى . فالفرح به من الأمور الأساسية فى الدين ، بل إن الفرح بمولده على الخصوص يخفف العذاب عن أبى لهب وهو من أشد الناس كفرا وذلك لأنه فرح بمولده وأعتق جاريته ثويبية كما جاء فى صحيح البخارى . 5- يقرون أن الاحتفال بالمولد النبوى حرام ، ولا يدرون أنهم بهذا يخالفون قاعدة أصولية جليلة من قواعد الأصول وهى التى تقول : لا تشرع عبادة إلا بشرع الله ، ولا تحرم عادة إلا بتحريم الله . فما سكت عنه الوحى غير محظور ولا منهى عنه ، وقد فهم الصحابة الكرام هذا حين قالوا :"كنا نعزل والقرآن ينزل فلو كان شىء ينهى عنه لنهى عنه القرآن " (عن سيدنا جابر) ، فهذا فهم عظيم للصحابة الكرام ، فما اعتاده الناس مما لايضاد الشرع فهو غير محظور ولا منهى عنه 6- الحديث والقاعدة "كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار " هذا الأصل خاص بقسم العبادات حيث أن الأصل فيها التوقيف ولا يجوز إحداث عبادة مبتدعة ، لكن الاحتفال بالمولد النبوى من قسم العادات ومن نقله الى قسم العبادات فهو مغالط وصاحب هوى ، وأكرر أن محبة النبى من أركان الإسلام والعبادات لكن التعبير عن المحبة من قسم العادات . فكل خير تشمله الأدلة الشرعية ولم يقصد بإحداثه مخالفة الشريعة ولم يشتمل على منكر فهو من الدين . 7- الحديث الشريف :" كل محدثة بدعة ..." يفسره حديث :" من أحدث فى أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " فلفظ ما ليس منه هو تفسير للبدع المحظورة وتفسير للأمر المحدث المعتبر بدعة وضلالة ، أى ليس له سند ظاهر أو خفى من الكتاب والسنة ، وهذا مايقوله عون المعبود شرح سنن ابو داود وايضا وما يقوله فيض القدير شرح الجامع الصغير للإمام المناوى وما يقوله شرح المبسوط لشمس الأئمة السرخسى وهم مراجع أهل السنة والجماعة . 8- يقولون : إن تخصيص عبادة معينة فى وقت معين هو بدعة . وهذه حجة مغلوطة : لأن هذا القول مقصور على عبادات الفرائض مثل وقت الصلاة الفريضة ووقت الصيام المفروض ووقت وجوب الزكاة ووقت الحج ، أما مايختص بالعبادات التطوعية فهى مشروعة فى كل وقت باستثناء أوقات الكراهة ، أما سائر الأوقات الأخرى فإنه يباح فيها كل تطوع قولى أو فعلى من ذكر أو أمر بمعروف أو نهى عن منكر أو تطوع صلاة أو صيام أو صدقة أو عمرة ، ففى فتح البارى مثلا أن سيدنا عبد الله بن عمر كان يذكر الناس بالمواعظ كل يوم خميس ويقول : قال الله تعالى لسيدنا موسى :"وذكرهم بأيام الله" 9- يقولون : لو كان الاحتفال بالمولد خيرا محضا أو راجحا لكان الصحابة أحق به منا . وهذا جدل فى جدل ، فشتان بين عهد الصحابة والتابعين وانشغالهم فى كل أوقاتهم وأحوالهم بالنبى صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم وبين عهدنا الذى شغلت الدنيا مؤمنهم قبل شقيهم . الصحابة لاحاجة لهم بالذكرى لأنهم عاشوها بالفعل ، أما نحن فنحتاج إلى أن نعيشها بفكرنا وعقولنا وعواطفنا فيها ، بل إن الصحابة كانوا يروون مغازى رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم لأولادهم كما كانوا يحفظونهم السورة من القرآن (كما فى حديث سعد بن ابى وقاص) إننا فى عصر غاب الناس عن نبيهم وانشغلت عقولهم وضمائرهم بالدنيا وأصبحت التحسينات ضروريات وانقلب الميزان والواقع يدل على هذا : فلتنزل الشارع وتسأل أفراد الأمة عن زوجات النبى أو خصائصه أو عدد أولاده أو عدد من بايعوا بيعة العقبة أو بيعة الرضوان او أى شىء فى سيرة الحبيب قلما تجد من يعلم مثل هذه الأمور ، فالتذكير بحقائق السيرة النبوية وحقائق الرسالة المحمدية وحقائق الوحى وحقائق الشخصية المحمدية أصبحت فريضة من الفرائض لا سنة ، ففيها ارتباط بين أفراد الأمة وبين شخص نبيهم تطبيقا للآية : " لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة " ويخطىء من يختصر هذا الارتباط ليكون ارتباطا بصحيح البخارى او مسلم أو باقى كتب السنة ، فإن الصحابة لم يكن لديهم كتب البخارى ومسلم لكن كان ارتباطهم بشخص سيد الخلق صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم . 10- يقولون ليس فى شرعنا إلا عيدان فقط ومن أتى بثالث فقد تجاوز الحد وأتى بمنكر . وهذا أيضا من المغالطات : - فقد أخرج ابن جرير عن قبيصة بن أبى ذؤيب أن كعب الأحبار قال لسيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه : لو غير هذه الأمة نزلت عليهم هذه الآية لنظروا اليوم الذى نزلت فيه عليهم فاتخذوه عيدا يجتمعون فيه ، فقال عمر : وأى آية ياكعب ؟ فقال :" اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا " فقال عمر : لقد علمت اليوم الذى أنزلت فيه والمكان الذى انزلت فيه ، نزلت فى يوم جمعة ويوم عرفة وكلاهما بحمد الله لنا عيد . وهنا نجد سيدنا عمر بن الخطاب اعتبر يوم الجمعة عيد ويوم عرفة عيد ولم يستنكر اتخاذ يوم نزول الآية عيد ، ولم يقل إن المسلمين ليس لهم إلا عيدان . وفيما رواه الامام أحمد فى المسند عن أبى هريرة رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قال :" يوم الجمعة عيد فلا تجعلوا يوم عيدكم يوم صيامكم إلا أن تصوموا يوما قبله أو بعده " فتسمية يوم الجمعة أو يوم عرفة عيدا إنما هو بالمجاز لكون اجتماع الناس والفرح والسرور رغم أنها ليست أعياد على الحقيقة ، ومثلما يقول قائل : كل يوم لانعصى الله فيه فهو لنا عيد ، أى يوم فرح وسرور ، ومن هذا يكون المولد النبوى الشريف عيد للمحبين يظهرون فيه الفرح بميلاد نبيهم وليس عيدا بالمعنى الاصطلاحى . 11- يقولون إن يوم ولادته هى يوم وفاته والأولى أن نحزن فى هذا اليوم بدلا من الفرح والسرو . وهذا كلام باهت : فولادته صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أعظم النعم ووفاته أعظم المصائب ، لكن الشرع حثنا على إظهار الفرح عند الولادة بل وذبح الذبائح (العقيقة) وأمرنا بالسكون والصبر عند الوفاة . فنحن فى هذا اليوم نظهر الفرح والسرو بمولده صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم . 12- يقولون : المحتفلين بالمولد يبالغون فى مدح النبى صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ويطرونه إطراء المشركين والنبى نهى عن الإطراء ويضربون المثل على ذلك بانشاد البردة وفيها : يا أكرم الخلق مالى من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمم ولا أدرى أهم لايفهمون المعنى أم يغالطون فعوام الأمة يعرفون أن الحادث العمم هو يوم القيامة ، وفى هذا اليوم لايوجد ملاذ لجميع الخلق الا رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم كما وردت الأحاديث الصحيحة . 13- يقولون إن المولد النبوى يحصل فيه اختلاط بين الرجال والنساء ويحدث استماع للمعازف وشرب للمسكرات . طبعا هذا كلام يخالف الواقع ، لكن بافتراض حدوث هذا فهل الحل هو إلغاء الاحتفال بالمولد أم نزيل المنكرات ، وبالمثل يجب أن نلغى الأسواق لأن النبى يقول انها مسكن ابليس وجنوده ، وأيضا يجب إلغاء التفاسير لأنها مليئة بالاسرائيليات ونلغى الأفراح لأن فيها رقص واختلاط ونلغى عيد الفطر لأن فيه اختلاط أيضا وسفور . وهكذا فإن مايقوله الكارهون للاحتفال بالمولد النبوى حجج واهية مردود عليها ، وكان يجب أن يقولون إن هذا رأى ورأى ، يجب أن يقولون أن هذا رأينا ولكم رأيكم ، أما أن يتهمون المخالف بالبدعة والضلالة والشرك فهذا مما يؤدى الى الإرهاب الفكرى بل والإرهاب الاجرامى إذا كان بين شباب متهور مسوق لامرجعية لديه ولا حكمة عنده . ( 6 ) زوايا الدروس الخاصة بمناسبة الاحتفال بالمولد النبوى الشريف للعلماء والدعاة والمعلمين مواضيع ثرية يمكن تناولها فى معرض الاحتفالات بالمولد النبوى الشريف ، وهناك زوايا عديدة يمكن استعراضها فى هذا الموضوع ، وقد اختصرت عناوين هذه الموضوعات فى العناصر التالية : زاوية السيرة النبوية : 1- حياة النبى صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قبل الميلاد (فى عالم البطون ) 2- إرهاصات مولد النبى حياة النبى صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم 3- سيف بن ذى يزن وعبد المطلب . 4- ولادته ورضاعه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم 5- حياة النبى صلى الله عليه وآله وصحبه قبل المبعث . 6- عصمة رسول الله من الميلاد وحتى البعثة . زاوية نبوته صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم : 1- عملية نزول الوحى وكيفية نزول القرآن . 2- كيف تشهد أن سيدنا محمدا رسول الله حقا . 3- خصائصه الشريفة صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم 4- شق صدره الشريف صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم 5- رغم كثرة شرائعه فلا يوجد أدنى تناقض بين أقواله وأفعاله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم زاوية شخصه الشريف صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم 1- كمال جسده صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم 2- كمال خلقه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم 3- كمال دينه وشريعته صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم 4- كيف استطاع رسول الله تحقيق الهدف من رسالته فى ثمانى سنين زوايا أخرى : 1- مقارنة بين ما أوتى الأنبياء وما أوتى نبينا صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم 2- تلاوة الموالد النبوية لكبار علماء السنة 3- شبهات حول الرسول مما يثيره أعداء الإسلام . 4- الاحتفال بالمولد النبوى واجبا وليس ترفا . 5- رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم فى عيون أصحابه . 6- رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم فى القرآن الكريم . ذكر من ألفوا موالد تقرأ فى حفلات المولد النبوى الشريف : • الحافظ عبد الرحيم العراقي: توفي 808 هـ، له مولد باسم "المورد الهني في المولد السني". • الحافظ ابن كثير: توفي 774 هـ، وله مولد طبع بتحقيق صلاح الدين المنجد. • الحافظ السخاوي: توفي 902 هـ، وله مولد باسم "الفخر العلوي في المولد النبوي". • الحافظ ابن الجوزي: توفي 597 هـ، وله مولد باسم "العروس"، وقد طبع في مصر. • الحافظ أبو الخطاب عمر بن علي بن محمد المعروف بابن دحية الكلبي: توفي 633 هـ، وله مولد باسم "التنوير في مولد البشير النذير". • شمس الدين ابن ناصر الدين الدمشقي: توفي 842 هـ، وله مولد باسم "المورد الصاوي في مولد الهادي" وكذلك "جامع الآثار في مولد المختار" و"اللفظ الرائق في مولد خير الخلائق". • ملا علي قاري: توفي 1014 هـ، وله مولد باسم "المورد الروي في المولد النبوي" وهو مطبوع. • الحافظ شمس الدين ابن الجزري: توفي 660 هـ، إمام القراء، وله مولد باسم "عرف التعريف بالمولد الشريف". • علي زين العابدين السمهودي: توفي 911 هـ، وله مولد اسمه "الموارد الهنية في مولد خير البرية". • الحافظ محمد الشيباني المعروف بابن الديبع: توفي 944 هـ. • ابن حجر الهيتمي: توفي 974 هـ، وله مولد باسم "إتمام النعمة على العالم بمولد سيد ولد آدم". • الخطيب الشربيني: توفي 1014 هـ، وله مولد باسم "المولد الروي في المولد النبوي". • المحدث جعفر بن حسن البرزنجي: توفي 1177 هـ، وله مولد باسم "عقد الجوهر في مولد النبي الأزهر"، وهو من أكثر الموالد انتشارًا في البلاد الإسلامية. • أبو البركات أحمد الدردير: توفي 1201 هـ، وله مولد مطبوع في مصر. • عبد الهادي نجا الأيباري المصري: توفي 1305 هـ، وله مولد مخطوط. • يوسف النبهاني: توفي 1350 هـ، وله مولد باسم "جواهر النظم البديع في مولد الشفيع"، طبع في بيروت. • عمر بن حفيظ: وله مولد باسم "الضياء اللامع بذكر مولد النبي الشافع". • نوح القضاة: مفتي الأردن سابقًا: وله مولد باسم "مولد الهادي "، طبع في الأردن. • المولد العثماني. المسمى الأسرارالربانية تأليف الإمام السيد محمد عثمان المرغني (المتوفي عام 1343 هـ) نعم نحتفل بمولد النبى صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم يسعدنى أن أقدم فى هذه الورقة 1- كلمة فى الاحتفال بالمولد النبوى الشريف . 2- فوائد الاحتفال بالمولد النبوى الشريف . 3- تاريخ عمل المولد النبوى الشريف . 4- موقف علماء أهل السنة والجماعة من الاحتفال بالمولد النبوى الشريف . 5- الاعتراضات التى يثيرها المخالفون والرد عليها . 6- زوايا الدروس الخاصة بمناسبة الاحتفال بالمولد النبوى الشريف . نعم نحتفل بمولد النبى صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم
  • محمد منصور بخيت

      منذ
    جزاكم الله خيرا على تنبيه المسلمين عن هذه الاشياء المخالفة للسنة والعقيدة
  • nada

      منذ
    [[أعجبني:]] احسن الله اليك كما احسنت البيان قي هذه المسألة التي يجهلها الكثيرون و يخوض فيها الخائضون بغير علم
  • enas

      منذ
    [[أعجبني:]] عرض الامر بصوره مرتبه [[لم يعجبني:]] كيف لا يقرا الدكتور راى ابن تيميه فى المساله هناك فرق بين المولد وكيفة اقامه المولد فراجع العلماء فتواهم حتى لايضلو الامه
  • عبد الله

      منذ
    لم يعجبني: 0125465534 إخوانى الأفاضل، أريد أن أنبه كل السامعين والقارئين لتلك المقالة حتى لا يغتروا بها لشىء هام، ألا وهو كثير من أكابر أئمة أهل السنة أجازوا الاحتفال بالمولد النبوى الشريف بل وكان منهم من يشارك فيه، ولكن بغير خروج عن الشرع وإليك أسماؤهم ويمكنك الاطلاع للتأكد من كلامى هذا: - الإمام الحافظ وأكبر شارح فى التاريخ الإمام ابن حجر العسقلانى، فقال مانصه عندم "سئل شيخ الإسلام حافظ العصر أبو الفضل أحمد بن حجر عن عمل المولد فأجاب بما نصه أصل عمل المولد بدعة لم ينقل عن أحد من السلف الصالح من القرون الثلاثة ولكنها مع ذلك قد اشتملت على محاسن وضدها فمن تحرى في عملها المحاسن وتجنب ضدها كان بدعة حسنة ومن لا فلا قال وقد ظهر لي تخريجها على أصل ثابت وهو ما ثبت في الصحيحين من أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسألهم فقالوا هذا يوم أغرق الله فيه فرعون ونجى موسى فنحن نصومه شكرا لله تعالى فيستفاد منه فعل الشكر لله على ما من به في يوم معين من إسداء نعمة أو دفع نقمة ويعاد ذلك في نظير ذلك اليوم من كل سنة" حواشي الشرواني ج7/ص423 - الإمام الحافظ جلال الدين السيوطى: وله مؤلف مشهور جدا باسم حسن المقصد فى عمل المولد - الإمام شيخ القراء الحافظ شمس الدين الجزرى، فى "عرف التعريف بالمولد الشريف" - الإمام الحافظ أبو الفرج بن الجوزى - الإمام الحافظ "ابن ناصر الدمشقى" - الإمام بن كثير - الإمام ابن السنى - الإمام عبد الله بن الحاج - العلامة ملا على القارىء - العلامة الحافظ السخاوى - الإمام الحافظ القسطلانى - الإمام خاتمة المحدثين الزرقانى فى شرحه على "المواهب اللدنية" - الإمام شيخ الإسلام: ابن حجر الهيتمى المكى فى كتابه "الفتاوى الحديثة" - الإمام الحافظ بن دحية. وبالطبع كل هؤلاء الجبال الرواسى من العلماء العظام قيدوا أن لا يصاحب الاحتفال محرم أو محظور، يعنى يكون إقامة شعائر تعبدية فحسب كالصدقة أو إطعام الطعام أو إحياء سنة النبى صلى الله عليه وسلم فيا أخى الحبيب اتقى الله ولا تطلق لنفسك العنان بتبديع أو تفسيق من فعل ذلك، فإنك على خطر عظيم وقد تقول أنه كل يؤخذ من قوله ويرد أقول لك هؤلاء هم أكابر علماء أهل السنة، وليس واحد أو اثنان بل هم كثيرون جدا، وما ذكرتهم من العلماء هم بعض من كل وقليل من كثير وهم أفهم للدين من العلماء المحدثين واكتملت أهليتهم فى الفتوى فمن أخذ بقولهم وعمل بعملهم، فهو مصيب إن شاء الله
  • ايمن عبدربه

      منذ
    [[أعجبني:]] الدفاع عن دين الله ورسله
  • ايمن عبدربه

      منذ
    [[أعجبني:]] المحافظه على سنة رسول الله فقهكم الله فى دينه [[لم يعجبني:]] اعنكم الله على اعداء الدين
  • السيد جمال السيد

      منذ
    [[أعجبني:]] الاستدلال بالقران والسنه والواقع ومجاراه العقول باساليب سلسه [[لم يعجبني:]] خلو المقال من بيان مساوى واضار هذه البدع
  • محمد

      منذ
    [[أعجبني:]] المقالةكلها [[لم يعجبني:]] لاشيء
  • نشوة

      منذ
    [[أعجبني:]] عن صيام يوم الاثنين ذكر الرسول ان قال ذاك يوم مولدت فيه فلماذا لا نحي سنته بالصيام في يوم مولده

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً