الإهمال في حياتنا الزوجية
الإهمال والتجاهل عدو خفي يتسلل إلى الحياة الزوجية في صور متكررة قد لا ينتبه لها الزوجان حتى إنه ليصنع من المواقف الصغيرة مشكلة كبيرة.
- التصنيفات: قضايا الزواج والعلاقات الأسرية -
الإهمال والتجاهل عدو خفي يتسلل إلى الحياة الزوجية في صور متكررة قد لا ينتبه لها الزوجان حتى إنه ليصنع من المواقف الصغيرة مشكلة كبيرة.
صور من الإهمال:
-عدم رد الزوج على التليفون وعندما تلومه زوجته يتحجج بأنه مشغول.
-إهمال الزوجة لأمور الزوج ومع تقدم العمر وسنوات الزواج تقلل الزوجة من اهتمامها بشكلها وقوامها وزينتها.
-تواجد الزوج خارج البيت لفترات طويلة.
-اهتمام الزوجة بأولادها أكثر من زوجها.
-عدم الثناء والمدح عند حصول التغيير والتجديد في أي جانب من جوانب الحياة الزوجية.
تقول زوجة:
زوجي لا ينظر إلي بقدر ما أقضي وقتًا طويلًا أمام المرآة، أتجمل وأتزين لزوجي لكنه يتجاهلني، لا يدري ماذا لبست.. ولا تجذبه رائحة العطور، التي أغرق نفسي بها إغراقا لعلها تلفت انتباهه، كلما شعرت بتجاهل زوجي أحاول أن أستخرج منه كلمات الانتباه، مرة لبست لبسًا جديدًا.. ولم ينتبه.. سألته ما رأيك بهذا يا زوجي العزيز، قال: جميل ورائع، ثم بادر بسؤال -وليته ما سأل- من أين لك هذا؟ قلت بخيبة: هل نسيت؟ هذا هديتك لي يوم قدمت من سفرك.
- تغيب الزوج عن البيت لفترات طويلة:
"فالزوجة تشكو انشغال الزوج عنها، وانصرافه شبه التام إلى عمله، وإيثاره على كل أحد، وكل شيء فماذا يكون رده؟
الزوج: لماذا تتضايقين؟كل حاجاتك آتيك بها.
الزوجة: وهل كل حاجاتي أمور مادية فقط؟
الزوج: أنتِ تعرفين كثرة انشغالي ومسئولياتي.
الزوجة: لن تكون أكثر انشغالًا ومسئوليات من نبي الله صلى الله عليه وسلم وهو يحمل رسالة الله الخاتمة إلى العالمين، فهل منعه هذا عن أن يسابق زوجته يوما؟ بل فعل ذلك مرتين.
عن عائشة رضي اللَّـه عنها أنها كانت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، قالت: فسابقته فسبقته على رجلي، فلما حملت اللحم سابقته فسبقني. فقال: (هذه بتلك السبقة)، وفي لفظ: سابقني النبي صلى الله عليه وسلم فسبقته، فلبثنا حتى إذا أرهقني اللحم سابقني فسبقني. فقال: (هذه بتلك)، وهذا منه صلى الله عليه وسلم من حسن خلقه مع أهله، وملاطفته لهم، وحسن المعاشرة، وفيه جواز المسابقة على الأقدام، وفيه إدخال الرجل السرور على زوجته بما يؤنسها، وهي سبقته في المرة الأولى؛ لأنها كانت فتاة شابة خفيفة لم تحمل من اللحم ما يثقلها ويمنعها من قوة الجري؛ فلهذا سبقته، فصبر لها صلى الله عليه وسلم، فلما كان بعد مدة، وجاءت مناسبة أخرى سابقها، وكانت في هذه المرة قد حملت من اللحم، وسمنت وأرهقها اللحم يعني: أثقلها فسبقها في هذه المرة؛ فقال صلى الله عليه وسلم تطييبًا لخاطرها: (هذه بتلك)، يعني: هذه السبقة مني مقابل سبقتك الأولى لي؛ فحصل التعادل. وهذا من مكارم أخلاقه صلى الله عليه وسلم.
الصدود العاطفي:
إن أصعب شيء تواجهه الزوجة من زوجها، و هو الشيء الذي يحطمها ويغتال مشاعرها ويجرح أنوثتها ويئد حبها ويشعرها بالتضاؤل والانهيار ويشعرها بالتلاشي والاحتراق ويفجر في وجدانها براكين الألم ويهز وجدانها هو (الصدود العاطفي) وقد تسأل: وما الصدود العاطفي؟ إنها حين تأتي إليك تحمل قلبها فوق كفيها، مفعما بالحب، تلفه مشاعرها السامية وتحتويه أحاسيسها المتدفقة، وتحيط بها آمالها وأمانيها، تأتي لتقدمه إليك، ولا تريد منك أن ترده إليها مرة أخرى، بل تريد منك أن تحتويه، وتحفر له مكانا آمنا بين ضلوعك ثم تسكنه في داخل وجدانك، ثم تحيطه برعايتك وعنايتك، و ترويه بحبك وحنانك، ولكنك تركتها مقتولة بسيف الإهمال والجمود، لماذا النفور وأنت تحتاج إلى الورود؟ ولماذا هذا الصدود والعناد؟ لماذا تغتال الحب الذي أنت في حقيقة الأمر محتاج إليه؟
من مقاصد الزواج:
الإعفاف والإحصان من المقاصد الأساسية للزواج، ولكن قد لا يتحقق هذا الأمر، فترى الزوج يقضي أوقاته خارج المنزل لا يعود إلا في ساعة متأخرة من الليل قد أرهقه التعب، فيرتمي على فراشه نائمًا دون السؤال عن زوجته، هذه صورة تتكرر لـ(هجر الفراش). وكرد فعل لذلك تهمل الزوجة في زينتها واهتمامها بملابسها لأن الزوج لا يرى وإن لاحظ تأنقها مثلا لا يعلق ولا يثني عليها فتصاب بالاحباط.
سلمان الفارسي وسر التوازن:
زار سلمان الفارسي رضي الله عنه أخاه أبا الدرداء رضي الله عنه فما وجده، لكنه وجد أم الدرداء وهي متبذِّلة، فسألها عن شأنـها.
فقالت: أخوك أبو الدرداء ليس له بنا حاجة في الدنيا!
فجاء أبو الدرداء، فصنع له طعامًا.
فقال له: كُل.
قال: فإني صائم.
قال: ما أنا بآكل حتى تأكل. قال: فأكل.
فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم قال: نَـم، فنام، ثم ذهب يقوم، فقال: نَم فنام، ثم ذهب يقوم، فقال: نَم.
فلما كان من آخر الليل قال سلمان: قُم الآن، فَصَلَّيَا.
فقال له سلمان: إن لربك عليك حقّـا، ولنفسك عليك حقّـا، ولأهلك عليك حقّـا، فأعطِ كل ذي حق حقّه، فأتى أبو الدرداء النبيَّ صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: صدق سلمان. (رواه البخاري). ومعنى (متبذّلة) أي لابسة ثياب البذلة وهي المهنة، أي أنـها تاركة الزينة. وعرّضت عن إعراض زوجها عنها بقولها: أخوك أبو الدرداء ليس له بنا حاجة! فانظر إلى فقه هذا الصحابي الجليل -أعني سلمان رضي الله عنه- كيف قدّم الحقوق والواجبات على النوافل من صيام النهار وقيام الليل، وما ذلك إلا لأن حق الأهل أولى، وهو ما أقرّه عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ماذا بعد:
-اهتم بشريك حياتك حتى لا يدب الفتور والملل في حياتك الزوجية.
-اتصل وأنت خارج البيت للاطمئنان على شريكك.
-حاول عمل نوع من التوازن في حياتك واستفد من قصة سلمان في هذا الموضوع.
أم عبد الرحمن محمد يوسف