نماذج مِن إيثار رسول الله صلى الله عليه وسلم

منذ 2014-01-06

أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم مِن جميع الأخلاق أوفر الحظِّ والنَّصيب، فما مِن خُلُقٍ إلَّا وقد تربَّع المصطفى صلى الله عليه وسلم على عرشه، وعلا ذِروة سَنَامه، ففي خُلُق الإيثَار كان هو سيِّد المؤثرين وقائدهم، بل وصل الحال به صلى الله عليه وسلم أنَّه لم يكن يشبع لا هو ولا أهل بيته بسبب إيثاره صلى الله عليه وسلم

 
 
أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم مِن جميع الأخلاق أوفر الحظِّ والنَّصيب، فما مِن خُلُقٍ إلَّا وقد تربَّع المصطفى صلى الله عليه وسلم على عرشه، وعلا ذِروة سَنَامه، ففي خُلُق الإيثَار كان هو سيِّد المؤثرين وقائدهم، بل وصل الحال به صلى الله عليه وسلم أنَّه لم يكن يشبع لا هو ولا أهل بيته بسبب إيثاره صلى الله عليه وسلم، قال ابن حجر: "والذي يظهر أنَّه صلى الله عليه وسلم كان يؤثر بما عنده، فقد ثبت في الصَّحيحين أنَّه كان إذا جاءه ما فتح الله عليه مِن خيبر وغيرها مِن تمر وغيره يدَّخر قوت أهله سنة، ثمَّ يجعل ما بقي عنده عُدَّة في سبيل الله تعالى، ثمَّ كان مع ذلك إذا طرأ عليه طارئ أو نزل به ضيف يشير على أهله بإيثارهم، فربَّما أدَّى ذلك إلى نفاد ما عندهم أو معظمه.
 
وإليك أخي الكريم بعض الصُّور مِن إيثار رسول الله صلى الله عليه وسلم:
عن سهل بن سعد، قال: «جاءت امرأة ببردة، قال: أتدرون ما البردة؟ فقيل له: نعم، هي الشَّملة منسوج في حاشيتها. قالت: يا رسول الله، إنِّي نسجت هذه بيدي أكسوكها، فأخذها النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم محتاجًا إليها، فخرج إلينا وإنَّها إزاره، فقال رجل مِن القوم: يا رسول الله، اكسنيها. فقال: (نعم). فجلس النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم في المجلس، ثمَّ رجع فطواها، ثمَّ أرسل بها إليه، فقال له القوم: ما أحسنت، سألتها إيَّاه، لقد علمت أنَّه لا يردُّ سائلًا. فقال الرَّجل: والله ما سألته إلَّا لتكون كفني يوم أموت. قال سهل: فكانت كفنه».

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: «إنَّا يوم الخندق نحفر فعرضت كُدْيَةٌ صورة  شديدةٌ فجاءوا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فقالوا: هذه كُدْيَةٌ عرضت في الخندق، فقال: أنا نازل ثمَّ قام وبطنه معصوبٌ بحجر، ولبثنا ثلاثة أيَّام لا نذوق ذواقًا فأخذ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم المعول فضرب في الكُدْيَة فعاد كثيبًا أهيل أو أهيم، فقلت: يا رسول الله ائذن لي إلى البيت، فقلت لامرأتي: رأيت في النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم شيئًا ما كان في ذلك صبر فعندك شيء؟ فقالت: عندي شعير وعناق. فذبحت العناق، وطحنت الشَّعير حتى جعلنا اللَّحم بالبرمة، ثمَّ جئت النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم والعجين قد انكسر، والبرمة بين الأثافي صورة قد كادت أن تنضج، فقلت:طعيِّم لي، فقم أنت يا رسول الله ورجل أو رجلان، قال: كم هو؟ فذكرت له، فقال: كثير طيِّب، قال: قل لها لا تنزع البرمة ولا الخبز مِن التَّنُّور حتى آتي، فقال: قوموا، فقام المهاجرون والأنصار، فلمَّا دخل على امرأته، قال: ويحك جاء النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بالمهاجرين والأنصار ومَن معهم! قالت: هل سألك؟ قلت: نعم. فقال: ادخلوا ولا تضاغطوا، فجعل يكسر الخبز ويجعل عليه اللَّحم ويخمِّر البرمة والتَّنُّور إذا أخذ منه، ويقرِّب إلى أصحابه ثمَّ ينزع، فلم يزل يكسر الخبز ويغرف حتى شبعوا وبقي بقيَّةٌ. قال: كلي هذا وأهدي، فإنَّ النَّاس أصابتهم مجاعة».

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «قال أبو طلحة لأمِّ سليم: لقد سمعت صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضعيفًا أعرف فيه الجوع، فهل عندك مِن شيء؟ قالت: نعم. فأخرجت أقراصًا مِن شعير، ثمَّ أخرجت خمارًا لها فلفَّت الخبز ببعضه، ثمَّ دسَّته تحت يدي ولاثتني ببعضه، ثمَّ أرسلتني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فذهبت به فوجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ومعه النَّاس، فقمت عليهم، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: آرسلك أبو طلحة؟ فقلت: نعم. قال:بطعام؟ قلت: نعم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن معه: قوموا. فانطلق وانطلقت بين أيديهم حتى جئت أبا طلحة فأخبرته، فقال أبو طلحة: يا أمَّ سليم، قد جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنَّاس، وليس عندنا ما نطعمهم. فقالت: الله ورسوله أعلم. فانطلق أبو طلحة حتى لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو طلحة معه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هلمِّي يا أمَّ سليم ما عندك، فأتت بذلك الخبز، فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ففتَّ، وعصرت أمُّ سليم عكَّة فأدمته، ثمَّ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه ما شاء الله أن يقول، ثمَّ قال: ائذن لعشرة. فأذن لهم، فأكلوا حتى شبعوا، ثمَّ خرجوا، ثمَّ قال: ائذن لعشرة. فأذن لهم، فأكلوا حتى شبعوا ثمَّ خرجوا، ثمَّ قال: ائذن لعشرة. فأذن لهم، فأكلوا حتى شبعوا، ثمَّ خرجوا، ثمَّ قال: ائذن لعشرة. فأكل القوم كلُّهم حتى شبعوا، والقوم سبعون أو ثمانون رجلًا»

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّه كان يقول: «الله الذي لا إله إلَّا هو، إن كنت لأعتمد بكبدي على الأرض مِن الجوع. وإن كنت لأشدُّ الحجر على بطني مِن الجوع. ولقد قعدت يومًا على طريقهم الذي يخرجون منه فمرَّ أبو بكر فسألته عن آية مِن كتاب الله ما سألته إلَّا ليشبعني، فمرَّ ولم يفعل، ثمَّ مرَّ أبو القاسم صلى الله عليه وسلم فتبسَّم حين رآني، وعرف ما في نفسي وما في وجهي. ثمَّ قال: يا أبا هر! قلت: لبَّيك رسول الله. قال: الْحَق. ومضى فتبعته، فدخل فاستأذن، فأذن لي، فدخل فوجد لبنًا في قدح، فقال: مِن أين هذا اللَّبن؟ قالوا: أهداه لك فلان أو فلانة، قال: أبا هر! قلت: لبَّيك يا رسول الله. قال: الْحَق إلى أهل الصُّفَّة فادعهم لي. قال: وأهل الصُّفَّة أضياف الإسلام لا يأوون على أهل ولا مال ولا على أحد. إذا أتته صدقة بعث بها إليهم ولم يتناول منها شيئًا، وإذا أتته هديَّة أرسل إليهم وأصاب منها وأشركهم فيها- فساءني ذلك، فقلت: وما هذا اللَّبن في أهل الصُّفَّة؟ كنت أحقَّ أن أصيب مِن هذا اللَّبن شربة أتقوَّى بها، فإذا جاءوا أمرني فكنت أنا أعطيهم، وما عسى أن يبلغني مِن هذا اللَّبن؟! ولم يكن مِن طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم بدٌّ، فأتيتهم فدعوتهم فأقبلوا فاستأذنوا، فأذن لهم وأخذوا مجالسهم مِن البيت. قال: يا أبا هر، قلت: لبَّيك يا رسول الله. قال: خذ فأعطهم. فأخذت القدح فجعلت أعطيه الرَّجل فيشرب حتى يروى، ثمَّ يردُّ عليَّ القدح حتى انتهيت إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وقد روي القوم كلُّهم. فأخذ القدح فوضعه على يده فنظر إليَّ فتبسَّم، فقال: أبا هر، قلت: لبَّيك يا رسول الله. قال: بقيت أنا وأنت. قلت: صدقت يا رسول الله. قال: اقعد فاشرب، فقعدت فشربت. فقال: اشرب. فشربتُ، فما زال يقول: اشرب. حتى قلتُ: لا -والذي بعثك بالحقِّ- ما أجد له مسلكًا. قال: فأرني، فأعطيته القدح، فحمد الله وسمَّى، وشرب الفضلة».

 

  • 1
  • 0
  • 3,991

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً