أبناؤنا وقِيَم النهضة؛ مثقف الفكر

منذ 2014-01-09

السفينة التي تستعد للإبحار تجاه النهضة عليها من مختلف فئات البشر والمِهَن والأحداث، ولا شك أن من سيقودون السفينة عبر الأمواج والمحيطات سيكونون أصحاب الفكر والثقافة، وإن السفينة إذ تتخذ قرارًا بالمضيِّ قدمًا أو التراجع أو الاتجاه يمينًا أو يسارًا فأصحاب التأثير والقرارات جميعًا هم المثقفون.


السفينة التي تستعد للإبحار تجاه النهضة عليها من مختلف فئات البشر والمِهَن والأحداث، ولا شك أن من سيقودون السفينة عبر الأمواج والمحيطات سيكونون أصحاب الفكر والثقافة، وإن السفينة إذ تتخذ قرارًا بالمضيِّ قدمًا أو التراجع أو الاتجاه يمينًا أو يسارًا فأصحاب التأثير والقرارات جميعًا هم المثقفون.

وقرار آخر يسبِق هذه القرارات، وهو قرار كل أب وكل أم؛ أن يُربِيا جيلًا من المؤثرين أو جيلًا من التابعين المتأثرين وخطوات ومسئوليات ستلحق حتمًا بهذا القرار.

الخطوة الأولى: كن مثقفًا

تلك رسالتنا لأبنائنا منذ ولادتهم، وإن كان يقال إن الثقافة أن: "تَعرِف شيئًا عن كل شيء، وكل شيء عن شيء".

فلن نُنْشِئ جيلًا مثقفًا إلا بالقراءة كوسيلة أساسية غالبة، وهنا نريد أن نتناول أهم الوسائل لتربية جيل على حب القراءة وملازمتها:

نجعل الكتاب صديقه بأن يكون زاهي الألوان، كثير الصور، وخاصةً صور الحيوانات. "أمي تقرأ.."، "أبي يقرأ.."، فيجب أن ينشأ الطفل وهو يرانا نقرأ مُختلَف أنواع الكتب وليس الجرائد فقط. كما يجب أن يعتاد الطفل أننا نقرأ له يوميًّا بصوتٍ واضح، قبل أن يتعلَّم القراءة ثم نقرأ معه يوميًّا بعد التعلُّم.

-  اشتريا له الكتب التي تعلَمان أنها ستُثير انتباهه مهما كانت غريبةً بالنسبة لكما.

-  لا تمانعا أن يقرأ في كل شيء، سواءً كانت قِصصًا للرعب أو الخيال، المهم أن يعتاد كثرة القراءة.

-  قوما بإجراء مسابقات بين أفراد العائلة لقراءة كتب كاملة في وقت قصير، والمكافأة فسحة متميزة حالما ينتهي الجميع.

-  اطبخي مع طفلك بالاستعانة بكتاب للطبخ أسبوعيًّا.

-  التعوُّد على استخدام المعجم للغة العربية والقواميس لغيرها، فنبحث معه عن معنى الكلمة وإن كُنَّا نَعرِفها ليعتاد اللجوء للكتب.

-  حاوِلا أن تجعلا وقتًا للقراءة لكل العائلة في نفس الوقت.

-  اشتركا معه في مكتبة، وليكن له كارنيه خاص يحتفظ به حالما يستطيع القراءة.

-  تعوَّد الادخار لشراء الكتب.

-  دبَّرا مع أهل أصدقائه "ناديًا للقراءة" أسبوعيًّا أو حتى نصف شهري؛ للتشجيع، ويشتمل على مسابقات وأبحاث ونزهات ثقافية.

-  اقرآ مع الأطفال كل اللافتات على الطريق والقصاصات، وغيرها، وتنافسا معهم، من يقرأ أولًا بطريقةٍ مَرِحَة.

-  التمسا تعاون المُدرسة ومساعدتها.

- اجعلاه يقرأ ما يعلَمه من الجديد والغريب والمتميز والفكاهي؛ لجذب مزيد من انتباهه للقراءة.

- ساعِدَاه على التعلُّم من الكتب، وخاصةً ذات الصور، مثل التعلُّم على أجزاء جسمه وخاصةً الأجهزة الداخلية، مثل الأمعاء والرئة وغيرها.

-  اهتما بمكتبة البيت وكل أنواع الكتب، وتأكدا أن يتعلَّم شدة الاهتمام بها والمحافظة عليها.

-  القراءة المدرسية لا يعتد بها كقراءة يومية، ويجب أن يلازمها قراءات أخرى ولو غير علمية.

الخطوة الثانية: كن مؤثرًا

إن حقيقة الثقافة كما هو معناها لغةً مثقف هي ثقف؛ أي صار حاذِقًا وخفيفًا، أما ثقَّف فتعني: "الرمح، قوَّمه وسوَّاه، والولد، هذَّبه، وعلمه، فتهذب وتعلم، فهو مثقَّف، وهي مثقَّفة".

ويؤكد المعجم أن هذه الصفة مستعارة من ثقف الرمح، أما الثقافة فهي كما يقول المعجم: "التمكُّن من العلوم والآداب والفنون، والمثقَّف: الرمح في عُرُف الشعراء".

إن الرمح المثقَّف هو الرمح الذي صُنِع بمهارةٍ فاستقام وشُحِذَ رأسه، فإذا أُطْلِقَ لا يطيش عن مرماه، وإذا أصاب هدفه لا ينكسر نصله، ولكنه يخرج كما دخل لاستوائه وحِدَّته، فيكون قد أثَّر ولم يتأثر وأصاب هدفه ولم يتغير عن شكله وهدفه وهويته، وإن هذا المعنى هو أساس ما نريد أن نزرعه في أبنائنا ونحن نربيهم على الثقافة والقراءة.

الوسائل:

1-  اسمعا منه كل ما يقول، وداوِما على أن يشعر أنه مهمٌ بشكلٍ غيرَ مبالَغٍ فيه وطبيعي.

2-  ساعِداه على اختيار الكتب وسؤاله عن سبب اختيارها.

3-  ناقِشا معًا ما يقرأ وقيِّماه ببساطة.

4-  اصطحباه لمقابلة كاتب كل حين وآخر.

5-  اصنعا معه كتابه الخاص.

6-  قدِّما له قدوات ونماذج عدة، من خلال الكتب، وأخرى حية، يزورهم، أو يشاهدهم، أو يسمع منهم، وخاصةً العلماء وطالبي العلم.

7-  قصص القِيَم والمبادئ والثبات عليها، وأهمها قصص الأنبياء والصحابة، ومرورًا بقصص البطولات وغيرها.

8-  عوِّدَاه أن يُقيِّم المواقف بناءً على المبادئ لا الأشخاص.

9-  التركيز على قيمة التميز والغربة «بدأ الإسلام غريبًا...»[1] بشكلٍ مُبسَّط وسلِس، مثل: ماذا لو اتفق كل زملائك على شيء خاطئ؟

لو وجدتَ الناس جميعًا يسيرون في الاتجاه العكسي، كيف تَعرِف ما تفعل؟! وهكذا.

10-  ساعِدَاه على أن يكون صاحب أعمال متميزة إيجابية، مثل مساعدة يتيم.

تعليق ملصقات دعوية في العمارة، تنظيف في البيت، مساعدة الجدِّ والجدَّة، كروت لمواقف كثيرة بعنوان: "لماذا فعلوا ذلك؟ ويقرأها، ثم يُفكِّر، لِمَ يتصرَّف شخصان بشكلٍ مختلفٍ على نفسِ الموقف.

سلالِم المعرفة

علينا أن نُربِّيهم على إدراك سلالِم المعرفة وأهمية كلٍ منها وكيفية التقدُّم في كل منها:

أن يعرف عن نفسه ضعفه وقوته، تاريخه ومستقبله، أن يعرف عن دِينه كله، ولا يسعه جهله. إن أهم المعارِف والثقافة التي يجب أن نُعلِّمها أبناءنا هي دينهم، ثم ما سِواها ثانيًا، وهو الضامن لسير الثقافة في مسيرها النافع المثمِر للبشرية كلها، كما هو الضامن لرُّقيّ الفكر وتأثيره لا تأثُّره، وهو المقياس والميزان للصالح والطالح.

أن يتعرَّف على ما حوله؛ عدوّه وصديقه، إمكاناته ومُعوِّقاته، تحدياته وفُرَصِه.

التاريخ والجغرافيا

قراءةُ أطفالنا في التاريخ العالمي والإسلامي والمعاصر ومعرفتهم بسِيّرِه وقِصصه؛ يصنع شخصياتهم وفِكرهم بشكلٍ متميز، ويمكننا أن نفعل ذلك باستخدام قص القصص البطولية والجذابة في السِنّ المبكرة، ثم بالقراءة معهم، وكذلك إلمامهم بالجغرافيا عن العالم بشكلٍ عام، وعن العالم الإسلامي بشكلٍ خاص، ومعرفته بالأحوال والأحداث وأسماء البلدان والعواصم وأشهر الأماكن.

كما يجب أن يَتثقَّف من خلال سماع الراديو والأشرطة والولوج إلى الشبكة العنكبوتية بشكلٍ مستمرٍ وباحث، وينبغي أن نُقلِّل قدرَ الإمكان وقت مشاهدتهم العامة للتلفاز.

كل ذلك سيتم خلال أشهر وسنوات طويلة، ولكن يجب أن يتم وِفقًا لرؤية وخِطط طويلة الأمد. 

أسماء صقر

 

المصدر: إخوان أون لاين
  • 1
  • 0
  • 1,880

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً