رديف القوامة

منذ 2014-01-12

من بيتكما الانطلاقة، وعبر أيامكما الزاخرة يتمُّ المسير إلى رضوان الله وجنته، واقترانكما المبارك ما هو إلا تعاطفٌ وتلاطف، تآزر وتسانُد؛ فأنتما شريكانِ مسؤولان، وصديقان متساندان.

 
 
قوله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللهُ} [النساء: 34].
آيات كريمات في غاية العظمة والجلال والهيبة، فإن اكتفتِ الآذانُ بسماعها، انطلقتْ جارحةُ اللسان بالشطط، أما إنْ ألقى القلبُ السمعَ، وعى واطمأنَّ وهدأ، فالرجلُ على المرأة قيِّم.
وليس في الأمر جدة، فقد أرغى وأزبد المرجِفون حول هذه الآية الكريمة، ولا يضير الأفقَ النير أشواكُ الأرض المؤذية.
 
أما أن يوضع بالكفة المقابلة للقوامة حافظية الصالحات القانتات؛ ليتزن السير نحو رضا الله، فهذا هو أعلى مراتب التكريم والتنظيم.
 
فالقيم ربان سفينة الحياة، يدرس خرائطَ السير وأهدافه، وتراه يعرف من أين تُلتقط الأصداف واللآلئ وكيف، ثم هو يدرك أين توجد الصخور الصادمة.
 
والصالحة القانتة تمدُّه بالرأي السديد، ويشتغل فكرُها لصيانة سفينة الربان، ورعاية ذات الربان، وكما يقول المفكر المغربي السيد عبدالسلام ياسين في كتابه القيم "تنوير المؤمنات"، معرفًا الحفظ بأنه: "استمرار واستقرار: هما قطبا السكون للحياة الزوجية".
 
غيبٌ، إن حفظتْه المرأة ارتقتْ صفوف القانتات الفائزات برضوان الله، إن حفظ الأنساب غيب لا يحفظه غيرُها، وحفظ الأموال وإدارتها غيبٌ لا يدركه غيرُها، ورعاية العقل والاهتمام بتوسعة الأفق غيبٌ تدرك فنَّه العاقلةُ.
 
وحفظ النفس والروح، والنأي بهم عن المخاطر غيبٌ تحتاط له الصالحةُ القانتة العابدة، كما عدد أصابع يدها الخمس، تحفظ الصالحة القانتة مقاصدَ الشريعة الخمس، مهمة قد لا يطولها الرجل، لا بقيومته، ولا بقامته.
 
وحيث يغيب الرجل ساعيًا وباحثًا، وكاد يترك موقعه شاغرًا محتاجًا لمن يحفظه له، ولا أنسب من أن تكون صاحبة اليد الحانية، والقلب الرؤوم، ذات الضلع المعوج دأبًا وانكبابًا هي الحافظة.
 
على هذه الشاكلة؛ فالقوامة مسؤولية، وريادة، وإمارة؛ لإنشاء مؤسسة أسرية ناجحة، والحفظُ مسؤولية مراقبة ومتابعة؛ لضمان استمرار حياة تلك المؤسسة الأسرية، وكلاهما معًا هما ساعدان يحملان عبء إقامة بيت مسلم، وتوطيد شريعة الله.
 
من بيتكما الانطلاقة، وعبر أيامكما الزاخرة يتمُّ المسير إلى رضوان الله وجنته، واقترانكما المبارك ما هو إلا تعاطفٌ وتلاطف، تآزر وتسانُد؛ فأنتما شريكانِ مسؤولان، وصديقان متساندان.



أم حسان الحلو
 

 

  • 3
  • 0
  • 2,018

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً