بديل الجمعيات الإسلامية المصرية المجمدة
لم تقتصر العداوة على المسلمين في العالم الغربي غير المسلم، بل تعدته إلى البلاد العربية والإسلامية، التي تتعرض لموجة تغييرات لم تشهد المنطقة لها مثيلاً، أثمرت عن عودة التيار الإسلامي إلى الساحة السياسية بقوةٍ، وأظهرت قوته وتماسكه وشعبيته رغم الضربات العلمانية الكثيرة التي تعرض لها منذ انهيار الخلافة العثمانية وحتى الآن.
- التصنيفات: الواقع المعاصر -
لم تعد الحملة الشرسة على الإسلام والمسلمين في العالم تحتاج لدليلٍ أو برهانٍ، فالواقع المعاصر ينطق بهذه العداوة بفصاحةٍ وبيانٍ، والأحداث اليومية الدامية ضد المسلمين في كل مكانٍ من هذا العالم، تُنبئ عن خروج هذه العداوة الغربية العلمانية عن عباءة التَّستر بالشعارات الكاذبة إلى التصريح والمجاهرة والعلن.
ولم تقتصر هذه العداوة على المسلمين في العالم الغربي غير المسلم، بل تعدته إلى البلاد العربية والإسلامية، التي تتعرض لموجة تغييرات لم تشهد المنطقة لها مثيلاً، أثمرت عن عودة التيار الإسلامي إلى الساحة السياسية بقوةٍ، وأظهرت قوته وتماسكه وشعبيته رغم الضربات العلمانية الكثيرة التي تعرض لها منذ انهيار الخلافة العثمانية وحتى الآن.
وكعادة الغرب في تعامله مع هذا التيار منذ عقودٍ من الزمان، فإن العنف والقوة ومصادرة الحريات هو سلاحه الأهم في معركته مع المسلمين، بعد هزيمته الحالية والتاريخية أمامهم ديمقراطياً وحضارياً، ولعل ما يحدث في مصر ترجمةً حقيقية لما سبق، فبعد فشل العلمانيين في الفوز بأي استحقاق برلماني أو رئاسي، لم يجدوا إلا الطريقة الغربية الأخيرة للتعامل مع الإسلاميين، والتي لم تكتف باستهداف قادة التيار الإسلامي واعتقالهم، بل تعدته إلى الجمعيات الخيرية الإسلامية، التي تتحمل عبئاً كبيراً عن الدولة المصرية في مساعدة الفقراء والمساكين وعلاج المرضى والمصابين. فقد صدر منذ مدة قرار بتجميد أموال 1055 جمعيةً خيرية إسلامية في مصر، وأشهرها "الجمعية الشرعية" و"أنصار السنة المحمدية" و"الشبان المسلمون"، بدعوى ارتباطها بشكل أو بآخر بجماعة الإخوان المسلمين التي أصبحت محظورةً، بل ومنظمة إرهابية وفق قرار الحكومة المصرية الأخير.
ومع علم جميع المصريين براءة هذه الجمعيات من أي ارتباط بالإخوان أو غيرهم، إضافةً إلى حاجة المجتمع المصري الشديدة لأمثال هذه الجمعيات على الأرض, حيث تزداد نسبة الفقراء والمحتاجين في مصر يوماً بعد يوم, فإن ذلك لم يشفع لهذه الجمعيات بالبقاء, بل مضى قرار تجميد أموالها تمهيداً لإيجاد البديل عنها, والذي كشفت صحيفة المصريون عن طبيعته وخلفيته وأهدافه, التي لا تقتصر على مساعدة الفقراء والمساكين فحسب, بل تتعداها إلى أهدافٍ عقائدية وإيديولوجية وسياسية خطيرة.
ففي الوقت الذي أُعلنت فيه الحرب على الجمعيات الخيرية الإسلامية, فُتِح الباب على مصرعيه للجمعيات النصرانيّة, حيث كشفت صحيفة المصريون عن وجود 1600 جمعيةً قبطية تعرض خدماتها كبديل عن الجمعيات الإسلامية التي صدر بشأنها قرار تجميد أموالها مؤخراً.
ونقلت الصحيفة عن محمد الشماس -الذي كان يعمل شماساً بالكنيسة قبل إسلامه- عن أن الجمعيات القبطية المعلن عنها لا تزيد على 700 جمعية، بينما هناك أكثر من 900 جمعية مخفيةً غير معلن عنها، مؤكداً أن كل الجمعيات القبطية المُعلنة والمخفية تحظى بدعمٍ خارجى وداخلى كبير، أما الداخلي فيتمثل برجال الأعمال الأقباط وعلى رأسهم نجيب ساويرس، وأما الدعم الخارجي فيتمثل بتجمع الأقباط المهجر "بولندا" الذين يُمولون الكنائس المصرية التى تقوم بتمويل الجمعيات المعلن عنها، بالإضافة إلى الأقباط المهاجرين بالخارج فى أستراليا وأوروبا والأمريكيتين بطريقةٍ شخصية والذين يمولون الجمعيات القبطية بشكلٍ مباشر وشخصى.
ولم ينكر الأقباط إحلال جمعياتهم كبديل عن جمعيات الإسلاميين، بل أكد نشطاء وحقوقيون أقباط، استعدادهم التام لاستقبال كل المتضررين من إغلاق الجمعيات الإسلامية بجمعياتهم القبطية: الخيرية القبطية والتوفيق والمحبة والإيمان والإخلاص وملجأ الأيتام والأقباط الأرثوذكس وغيرها كثير، مؤكدين أنهم يعملون على جمع أكبر قدر من التبرعات من الداخل والخارج للمساهمة فى إنجاح هذا العمل البديل، وكشفت بعض الحركات القبطية عن استعدادها لمساعدة المتضررين بقرار التجميد، وتفعيلها لحملات لمقاطعة منتجات شركات ومصانع جماعة الإخوان المسلمين، متمثلة فى قائمة تشمل كل مصانع وشركات الإخوان.
و رغم زعم رمسيس النجار (مستشار الكنيسة المصرية) خضوع كل الجمعيات القبطية للمراقبة المالية والاجتماعية من وزارة التأمينات، وتأكيده على عدم وجود مصادر تمويل لها إلا ما تتلقاه من المتبرعين وبعض الدول الخارجية، تحت سمع وبصر وزارة التأمينات ومباحث الأمن الوطني، إلا أن الجميع يعلم أن الكنائس لا تخضع لهذه المراقبة لا في مصر ولا في غيرها. لقد دقَّ الإسلاميون في مصر ناقوس الخطر من آثار ونتائج هذه الخطوة، محذرين من حربٍ على الإسلام تتحرك على قدمٍ وساق, مستغلة حالة الفوضى التي تعيشها البلاد للقضاء على الإسلام في مصر والترويج للنصرانية فيها، من خلال إغلاق الجمعيات الخيرية الإسلامية لفتح الطريق لجمعيات قبطية، لكون الطريق الأسهل للمواطن الـ"البسيط" هى المساعدات الخيرية.
وقد أكد خالد سعيد (المتحدث باسم الجبهة السلفية) أن نحو ربع مليون أسرة مصرية معرضون لخطر اللجوء للجمعيات القبطية المتهمة بالقيام بأعمال أخرى في الخفاء مثل التنصير، مؤكداً رصد عدة حالات تنصير في عدة محافظات مصرية. إنها السياسة الغربية المُعادية للإسلام والمسلمين التي لم تتغير منذ عقود، التي تجعل من حاجة المسلمين الماسة إلى لقمة العيش والغذاء والدواء، وسيلةً للمساومة على الدين والعقيدة، وتحقيق المصالح الغربية المادية المقيتة، ومن هنا يمكن فهم حرص الغرب الشديد على إبقاء الفقر مُخيماً على معظم بلاد المسلمين.
عامر الهوشان