52 نقلاً عن العلماء في حكم مظاهرة الكفار ومعاونتهم على المسلمين

منذ 2014-11-29

فهذه نقولات عن أهل العلم تبين حكم مظاهرة الكفار على المسلمين ومعاونتهم بالسلاح أو المال أو الرأي. وقد جاء النص الصريح من كتاب الله عز وجل على أن من اتخذ الكفار أولياء من دون المؤمنين أنه: منافق.. لا يؤمن بالله ولا بالنبي وما أنزل إليه.. وأنه من جملة الكفار الذي والأهم ونصرهم.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد: 

فهذه نقولات عن أهل العلم تبين حكم مظاهرة الكفار على المسلمين ومعاونتهم بالسلاح أو المال أو الرأي.
وقد جاء النص الصريح من كتاب الله عز وجل على أن من اتخذ الكفار أولياء من دون المؤمنين أنه: منافق.. لا يؤمن بالله ولا بالنبي وما أنزل إليه.. وأنه من جملة الكفار الذي والأهم ونصرهم.

1- قال تعالى: {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا . الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۚ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّـهِ جَمِيعًا} [النساء:138-139].

2- وقال تعالى: {تَرَىٰ كَثِيرًا مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللَّـهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ . وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَـٰكِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ} [المائدة:80-81].

3- وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘبَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّـهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة:51] إلى قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ ۚ وَاتَّقُوا اللَّـهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} [المائدة:57].

4-   وقال تعالى: {لَّا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّـهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً ۗ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّـهُ نَفْسَهُ ۗ وَإِلَى اللَّـهِ الْمَصِيرُ} [آل عمرن:28] إلى غير ذلك من الآيات الدالة على هذا المعنى، المؤكدة له، تأكيدا يمنع تأويل الجاهلين، وتحريف المبطلين.

فاتخاذ الكفار أولياء من دون المؤمنين، أي مناصرتهم ومظاهرتهم ومعاونتهم على أهل الإسلام كفر صريح، وردة سافرة، وعلى هذا انعقد إجماع أهل العلم.

وقد جمعت هنا شيئاً من كلامهم، رغبة في تذكير الغافل، وتعليم الجاهل، وإرغام المعاند {لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَىٰ مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ} [الأنفال من الآية:42]:

أولاً: قال ابن جرير الطبري رحمه الله: في تفسير قوله {لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ} [المائدة من الآية:51]: "والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال: إن الله تعالى ذكره نهى المؤمنين جميعًا أن يتخذوا اليهود والنصارى أنصاراً وحلفاء على أهل الإيمان بالله ورسوله وأخبر أنه من اتخذهم نصيراً وحليفاً وولياً من دون الله ورسوله والمؤمنين فإنه منهم في التحزب على الله وعلى رسوله والمؤمنين وأن الله ورسوله منه بريئان".

وقال: "القول في تأويل قوله تعالى: {وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة من الآية:51] يعني تعالى ذكره بقوله {وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة من الآية:51] ومن يتول اليهود والنصارى دون المؤمنين فإنه منهم، يقول: فإن من تولاهم ونصرهم على المؤمنين فهو من أهل دينهم وملتهم؛ فإنه لا يتولى متول أحداً إلا وهو به وبدينه وما هو عليه راض، وإذا رضيه ورضي دينه فقد عادى ما خالفه وسخطه وصار حكمه حكمه".

ثانياً: وقال الطبري رحمه الله في تفسير قوله تعالى:  {لَّا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّـهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} [آل عمران من الآية:28].

"وهذا نهي من الله عز وجل المؤمنين أن يتخذوا الكفار أعوانًا وأنصارًا وظهورًا ولذلك كسر {يَتَّخِذِ} لأنه في موضع جزم بالنهي، ولكنه كسر الذال منه للساكن الذي لقيه وهي ساكنة.

ومعنى ذلك: لا تتخذوا أيها المؤمنون الكفار ظهرًا وأنصارًا توالونهم على دينهم وتظاهرونهم على المسلمين من دون المؤمنين، وتدلونهم على عوراتهم، فإنه من يفعل ذلك فليس من الله في شيء، يعني بذلك: فقد برىء من الله وبرىء الله منه بارتداده عن دينه ودخوله في الكفر. {إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً}: إلا أن تكونوا في سلطانهم فتخافوهم على أنفسكم فتظهروا لهم الولاية بألسنتكم وتضمروا لهم العداوة ولا تشايعوهم على ما هم عليه من الكفر ولا تعينوهم على مسلم بفعل".

ثالثاً: وقال ابن حزم رحمه الله في (المحلى [11/ 138]): "صح أن قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُم} إنما هو على ظاهره بأنه كافر من جملة الكفار، وهذا حق لا يختلف فيه اثنان من المسلمين".

رابعاً: وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى [7/17،18]: "ومثله قوله تعالى: {تَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ . وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [المائدة:80-81] فذكر جملة شرطية تقتضي أنه إذا وجد الشرط وجد المشروط بحرف (لو) التي تقتضي مع (انتفاء) الشرط انتفاء المشروط، فقال: {وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ} [المائدة من الآية:81] فدل على أن الإيمان المذكور ينفي اتخاذهم أولياء ويضاده، ولا يجتمع الإيمان واتخاذهم أولياء في القلب، ودل ذلك على أن من اتخذهم أولياء ما فعل الإيمان الواجب من الإيمان بالله والنبي وما أنزل إليه.

ومثله قوله تعالى: {لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة من الآية: 51] فإنه أخبر في تلك الآيات أن متوليهم لا يكون مؤمناً، وأخبر هنا أن متوليهم هو منهم، فالقرآن يصدق بعضه بعضاً".

خامساً: وقال شيخ الإسلام ابن تيمية، في (اقتضاء الصراط المستقيم 1/241 ت: د. ناصر العقل)، في التعليق على حديث «من تشبه بقوم فهو منهم» (ابن تيمية، مجموع الفتاوى [25/331]): "وهذا الحديث أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه بهم، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم، كما في قوله: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُم}".

سادساً: وقال شيخ الإسلام في (اقتضاء الصراط المستقيم) أيضًا: "فبين سبحانه وتعالى أن الإيمان بالله والنبي وما أنزل إليه مستلزم لعدم ولايتهم فثبوت ولايتهم يوجب عدم الإيمان لأن عدم اللازم يقتضي عدم الملزوم".

سابعاً: وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى [18/300]، بعد ذكر قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ} إلى قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ}: "فالمخاطبون بالنهي عن موالاة اليهود والنصارى هم المخاطبون بآية الردة، ومعلوم أن هذا يتناول جميع قرون الأمة، وهو لما نهى عن موالاة الكفار وبيّن أن من تولاهم من المخاطبين فإنه منهم، بيّن أن من تولاهم وارتد عن دين الإسلام لا يضرّ الإسلام شيئًا، بل سيأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه فيتولون المؤمنين دون الكفار ويجاهدون فى سبيل الله لا يخافون لومة لائم، كما قال في أول الأمر: {فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَـٰؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَّيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ} [الأنعام من الآية:89]، فهؤلاء الذين لم يدخلوا في الإسلام وأولئك الذين خرجوا منه بعد الدخول فيه لا يضرون الإسلام شيئاً بل يقيم الله من يؤمن بما جاء به رسوله وينصر دينه إلى قيام الساعة".

ثامناً: وقال شيخ الإسلام في (مجموع الفتاوى [28/192-193] فصل في الولاية والعداوة): "فذم من يتولى الكفار من أهل الكتاب قبلنا، وبين أن ذلك ينافي الإيمان: {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا . الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء من الآية:138-139] وقال: {إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَىٰ أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى ۙالشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَىٰ لَهُمْ . ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّـهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ ۖ وَاللَّـهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ} [محمد:25-26]. وتبين أن موالاة الكفار كانت سبب ارتدادهم على أدبارهم. ولهذا ذكر في سورة المائدة أئمة المرتدين عقب النهى عن موالاة الكفار قوله: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُم}".

تاسعًا: وقال شيخ الإسلام في اختياراته: "من جمز إلى معسكر التتر، ولحق بهم ارتد، وحل ماله ودمه" نقله الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ، الدرر السنية 8/338، مجموعة الرسائل النجدية 3/35، وعلق الشيخ رشيد رضا في الحاشية بقوله: "وكذا كل من لحق بالكفار المحاربين للمسلمين وأعانهم عليهم، وهو صريح قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُم}".

عاشرًا: وقال ابن القيم رحمه الله في (أحكام أهل الذمة: [1/195] ط. رمادي للنشر): "أنه سبحانه قد حكم ولا أحسن من حكمه أنه من تولى اليهود والنصارى فهو منهم {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُم} فإذا كان أولياؤهم منهم بنص القرآن كان لهم حكمهم، وهذا عام خص منه من يتولاهم ودخل في دينهم بعد التزام الإسلام فإنه لا يقر ولا تقبل منه الجزية بل إما الإسلام أو السيف فإنه مرتد بالنص والإجماع".

الحادي عشر: وقال ابن القيم رحمه الله في (أحكام أهل الذمة [1/479]): "ثم انتبه الآمر -الآمر بالله، الخليفة العباسي المتوفى سنة 467- من رقدته وأفاق من سكرته وأدركته الحمية الإسلامية والغيرة المحمدية فغضب لله غضب ناصر للدين وبار بالمسلمين وألبس الذمة الغيار، وأنزلهم بالمنزلة التي أمر الله تعالى أن ينزلوا بها من الذل والصغار، وأمر ألا يولوا شيئاً من أعمال الإسلام وأن ينشئوا في ذلك كتابًا يقف عليه الخاص والعام فكتب عنه ما نسخته: "… وقطع الموالاة بين اليهود والنصارى وبين المؤمنين وأخبر أنه من تولاهم فإنه منهم في حكمه المبين فقال تعالى وهو أصدق القائلين: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘبَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّـهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة:51] وأخبر عن حال متوليهم بما في قلبه من المرض المؤدي إلى فساد العقل والدين فقال: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ ۚ فَعَسَى اللَّـهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ} [المائدة:52] ثم أخبر عن حبوط أعمال متوليهم ليكون المؤمن لذلك من الحذرين فقال تعالى: {وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَـٰؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّـهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ ۙ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ ۚ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ} [المائدة:53]، ونهى المؤمنين عن اتخاذ أعدائه أولياء وقد كفروا بالحق الذي جاءهم من ربهم وأنهم لا يمتنعون من سوء ينالونهم به بأيديهم وألسنتهم إذا قدروا عليه فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم مِّنَ الْحَقِّ} [الممتحنة من الآية:1] إلى قوله: {إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُم بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ} [الممتحنة:2]، وجعل سبحانه لعباده المسلمين أسوة حسنة في إمام الحنفاء ومن معه من المؤمنين إذ تبرؤوا ممن ليس على دينهم امتثالاً لأمر الله وإيثاراً لمرضاته وما عنده فقال تعالى:  {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤْمِنُوا بِاللَّـهِ وَحْدَهُ} [الممتحنة:4].

وتبرأ سبحانه ممن اتخذ الكفار أولياء من دون المؤمنين وحذره نفسه أشد التحذير فقال:  {لَّا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّـهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً ۗ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّـهُ نَفْسَهُ ۗ وَإِلَى اللَّـهِ الْمَصِيرُ} [آل عمران:28].

الثاني عشر: وقال العلامة البرزلي رحمه الله، في نوازله: "أحفظ أن المعتمد بن عباد استغاث بهم -أي النصارى- في حرب المرابطين، فنصرهم الله عليه وهرب هو، ثم نزل على حكم يوسف بن تاشفين أمير صنهاجة، فاستفتى فيه الفقهاء فأكثرهم أفتى أنها ردة، وقاضيه مع بعضهم لم يروها ردة، ولم يبح دمه بالردة، فأمضى ذلك من فتواه ولم يبح دمه وأخذ بالأيسر ونقله إلى أغمات وأسكنه بها إلى أن مات بها" نقلاً عن (النوازل الصغرى) للعلامة محمد المهدي الوزاني [1/415،428]، وهو بنصه في النوازل الكبرى، له، المسماة بـ: "المعيار الجديد الجامع المعرب عن فتاوى المتأخرين من علماء المغرب" [3/23].

الثالث عشر: فتوى أبي العباس بن زكري رحمه الله: جاء في النوازل الصغرى [1/419]: "وقد سئل أبو العباس بن زكري عن قبائل المغرب الأقصى امتزجت أمورهم مع النصارى وصارت بينهم محبة، حتى إن المسلمين إذا أرادوا الغزو أخبر هؤلاء القبائل النصارى، فلا يجدهم المسلمون إلا متحذرين، وربما قاتلوا مع النصارى. 
فأجاب: ما وصف به القوم المذكورون يوجب قتلهم كالكفار الذين تولهم، ومن يتول الكفار فهو منهم".

الرابع عشر: فتوى الفقيه أبو الحسن علي بن عبد الله الأنصارى رحمه الله: جاء في (النوازل الصغرى [1/419]): "وسئل الفقيه أبو الحسن علي بن عبد الله الأنصاري عن أناس سكنوا بأوطانهم، والنصارى يجاورونهم، وهم على ثلاثة أقسام: … وقسم نيتهم أن يسكنوا ببلدهم ويغرموا للنصارى.
فأجاب: الجواب عن المسألة الهائلة التي هدت بها أركان الإسلام، وطمست بها عيون الليالي والأيام … وأما الثلث الثالث فبئس الثلث، لأنه خسر دينه ودنياه، وخالف ما أمره به مولاه، فهؤلاء يستحقون العقوبة العظيمة، إلى أن قال: وأما الذين يتجسسون على المسلمين فالمشهور أن دم الجاسوس مباح، وأنه يقتل، ويكون قاتله مأجورًا، وأما إن شهر السلاح مع النصارى ويأتي في عسكرهم، فهذا القسم قد مرق من الدين، فحكمه حكم النصارى في دمه وماله".

الخامس عشر: فتوى العلامة محمد بن مصطفى الطرابلسي رحمه الله،  (جاء في النوازل الكبرى [3/78-81]): "وسئل أيضاً عن بلدة استولى عليها الكفار وتمكنوا منها فانضم إليهم بعض القبائل والعشائر، وصاروا يقاتلون معهم المسلمين وينهبون مالهم، وينصحون الكفار ويعينونهم على أذى المسلمين، فكانوا أشد ضرراً على المسلمين من الكفار، فما الحكم فيهم وهذا حالهم؟
فأجاب: إني لم أقف على حكم هؤلاء في كتب مذهبنا معشر الحنفية ولكن وقفت على حكمهم في كتب بعض السادات المالكية، قال في فتح الثغر الوهراني:
لما دعا الناس سلطان الجزائر إلى جهاد الكفار الذين استولوا على ثغر وهران، جاؤوا إليه من كل فج عميق، وكان هذا غير حال القبائل العامرية، وأما بنو عامر فإنهم كانوا في ذلك على فرق، منهم من نجا بحصون العدو مدافعاً عن نفسه ومعيناً للعدو بسيفه وفلسه، فكانوا يقاتلون المسلمين مع عدوهم ويدفعون عنه، ويغزون على الحجلة المنصورة بالله تعالى، حتى إنهم كانوا على المسلمين أشد ضررًا من الكافرين، وهكذا كان بعض القبائل؛ والظاهر أن حكم هؤلاء حكم أهل دار الحرب في قتلهم وأخذ مالهم …" إلى أن قال: "ومنه تعلم أن من يدخل تحت جوارهم وأمانهم من غير إعانة لهم بنفسه ولا بماله، ولا يكون لهم عيناً ولا ردءًا دونهم، لا يباح قتله، وإنما هو عاص بمعصية لا تبيح ما عصمه الإسلام من دمه وماله".
إلى أن قال: "ومنهم من لجأ للمسلمين وصار يقاتل العدو معهم وهو مع ذلك يعين العدو خفية، ويعلمه بأحوال عساكر المسلمين، ويطلعه على عوارتهم، ويتربص بهم الدوائر، وقد اطلع لهم على كتب كتبها في ذلك الوقت كثير من مشايخهم المعروفين عندهم بالأجداد، يذكرون العدو وعهده، ويعلمونه ببقائهم عليه، وانتظارهم الفرج، مع تضعيفهم لجيوش المسلمين وتوهينهم إياهم؛ وحكم أولئك حكم الزنادقة، إن اطلع عليهم قتلوا وإلا فأمرهم إلى الله تعالى".
قال الطرابلسي تعليقاً: "فليحفظ فإنه مهم، وقواعد مذهبنا لا تأباه، والله تعالى أعلم".

السادس عشر: فتوى العلامة الونشريسي صاحب المعيار رحمه الله، جاء في (النوازل الكبرى [1/94-99]) قول صاحب المعيار: "وأما مقتحموا نقيضه -أي الجهاد- بمعاونة أوليائهم على المسلمين ؛ إما بالنفوس وإما بالأموال فيصيرون حينئذ حربيين مع المشركين، وحسبك من هذا مناقضة وضلالاً".

السابع عشر: فتوى العلامة التسولي رحمه الله، وقد استفتاه الأمير عبد القادر الجزائري حول من يداخل الفرنسيين ويبايعهم -من البيع- ويجلب إليهم الخيل، ويدلهم على عورات المسلمين، ما حكم الله في أنفسهم وأموالهم؟ 
قال الأستاذ الحسن اليوبي في كتابه (الفتاوى الفقهية في أهم القضايا من عهد السعديين إلى ما قبل الحماية، [ص:232]): "وقد نص الفقيه التسولي في جوابه على أن أولئك العملاء إذا أظهروا الميل للعدو الكافر وتعصبوا به، فيقاتلون قتال الكفار ومالهم فيء.

وبعد أن ساق ما أفتى به بعض الفقهاء من وجوب محاربة القبائل التي تقوم بقطع الطرقات ونهب أموال المسلمين وغير ذلك من الأعمال المنضوية تحت الحرابة عقب على ذلك بقوله: "وإذا كان يقاتل من أراد إفساد الكروم وغابة الزيتون فكيف بمن يريد إفساد الدين بالكتم على الجواسيس، ونقل الأخبار، ومبايعة الكفار، فهم أسوأ حالاً من المحاربين، لأنهم تولوا الكفار، ومن تولى الكفار فهو منهم".

قال الأستاذ الحسن اليوبي معلقاً: "وهو حكم صائب، فإذا كان الفقهاء قد رأوا قتل الجاسوس وهو الذين يعين الأعداء بنقل أخبار المسلمين إليهم، وإذا كان الإمام الونشريسي قد أفتى بأن مجرد الدعاء للكفرة بالبقاء وطول المدى -علم على ردة الداعي وإلحاده وفساد سريرته واعتقاده، لما تضمنه من الرضى بالكفر، والرضى بالكفر كفر- فكيف بمن يحمل السلاح إلى جانبهم، ويدافع عنهم، ويقتل إخوانه المسلمين، ويفعل بهم ما يفعله الأعداء من أسر ونهب، وفوق ذلك يمكن الكفار من التسلط على أراضي المسلمين ورقابهم".

الثامن عشر: وقال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: "اعلم أن من أعظم نواقض الإسلام عشرة … الثامن: مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين، والدليل قوله تعالى: {وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّـهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة من الآية:51] (الدرر السنية 10/92، الطبعة الخامسة، مجموعة التوحيد ص 23، الطبعة الرابعة).

التاسع عشر: وقال الشيخ أيضاً، في شرح ستة مواضع من السيرة: "فإذا عرفت هذه عرفت أن الإنسان لا يستقيم له إسلام ولو وحد الله وترك الشرك إلا بعداوة المشركين والتصريح لهم بالعداوة والبغض، كما قال تعالى: {لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ} [المجادلة من الآية:22]  (مجموعة التوحيد ص 19).

العشرون: وقال الشيخ أيضاً: "إن الأدلة على كفر المسلم إذا أشرك بالله أو صار مع المشركين على المسلمين -ولو لم يشرك- أكثر من أن تحصر من كلام الله وكلام رسوله وكلام أهل العلم المعتمدين" (الرسائل الشخصية ص 272).

الحادي والعشرون: وقال الشيخ أيضًا: متحدثا عن أعدائه الذين يقاتلهم ويكفرهم: "النوع الرابع: من سلم من هذا كله -أي فعل الشرك، وتفضيل المشركين على الموحدين، وكراهية أهل التوحيد- لكن أهل بلده يصرحون بعداوة التوحيد واتباع أهل الشرك ويسعون في قتالهم، وعذره أن ترك وطنه يشق عليه، فيقاتل أهل التوحيد مع أهل بلده، ويجاهد بماله ونفسه، فهذا أيضاً كفر، لأنهم لو أمروه بترك صيام رمضان ولا يمكنه ذلك إلا بفراق وطنه فعل، ولو أمروه أن يتزوج امرأة أبيه ولا يمكنه مخالفتهم إلا بفعل ذلك فعل" (مجموعة الرسائل والمسائل النجدية [4/301]).

الثاني والعشرون: وقال الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: "الدليل الثامن عشر: قوله تعالى:  {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَاللَّـهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} [الحشر:11] فإذا كان من وعد المشركين في السر بالدخول معهم، ونصرهم والخروج معهم إن جلوا، نفاقاً وكفراً وإن كان كذباً، فكيف بمن أظهر ذلك صادقاً؟ وقدم عليهم ودخل في طاعتهم، ودعا إليها ونصرهم، وانقاد لهم وصار من جملتهم، وأعانهم بالمال والرأي؟ هذا مع أن المنافقين لم يفعلوا ذلك إلا خوفاً من الدوائر، كما قال تعالى: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ} [المائدة: 52] وهكذا حال كثير من هؤلاء المرتدين في هذه الفتنة، فإن عذر كثير منهم هذا، هو العذر الذي ذكره الله عن الذين في قلوبهم مرض، ولم يعذرهم الله به" (الدرر السنية 8/137، مجموعة التوحيد ص 209).

الثالث والعشرون: وقال الشيخ سليمان أيضاً: "الدليل الثامن: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘبَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّـهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة:51] فنهى سبحانه المؤمنين عن اتخاذ اليهود والنصارى أولياء، وأخبر أن من تولاهم من المؤمنين فهو منهم، وهكذا حكم من تولى الكفار من المجوس وعباد الأوثان فهو منهم … 

الدليل التاسع: قوله تعالى: {تَرَىٰ كَثِيرًا مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللَّـهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ} [المائدة:80] فذكر تعالى أن موالاة الكفار موجبة لسخط الله والخلود في النار بمجردها وإن كان الإنسان خائفاً إلا المكره بشرطه، فكيف إذا اجتمع ذلك مع الكفر الصريح وهو معاداة التوحيد وأهله، والمعاونة على زوال دعوة الله بالإخلاص، وعلى تثبيت دعوة غيره؟!

الدليل العاشر: قوله تعالى: {وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَـٰكِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ} [المائدة:81] فذكر تعالى أن موالاة الكفار منافية للإيمان بالله والنبي وما أنزل إليه، ثم أخبر أن سبب ذلك كون كثير منهم فاسقين، ولم يفرق بين من خاف الدائرة ومن لم يخف، وهكذا حال كثير من هؤلاء المرتدين قبل ردتهم، كثير منهم فاسقون، فجر ذلك إلى موالاة الكفار والردة عن الإسلام نعوذ بالله من ذلك" (الدرر السنية 8/127-129، مجموعة التوحيد 203، 204).

الرابع والعشرون: وقال الشيخ سليمان أيضاً: "إن كانت الموالاة مع مساكنتهم في ديارهم، والخروج معهم في قتالهم ونحو ذلك، فإنه يحكم على صاحبها بالكفر، كما قال تعالى  {وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}  (الدرر السنية 8/159، مجموعة التوحيد ص 97).

الخامس والعشرون: وقال الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله: "وله نواقض ومبطلات تنافي ذلك التوحيد: فمن أعظمها أمور ثلاثة: 
الأمر الثالث: موالاة المشرك والركون إليه ونصرته وإعانته باليد أو اللسان أو المال، كما قال تعالى: {فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِّلْكَافِرِينَ} [القصص:86] … وقال تعالى: {تَرَىٰ كَثِيرًا مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللَّـهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ . وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَـٰكِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ} [المائدة:80-81] فتأمل ما في هذه الآيات وما رتب الله سبحانه على هذا العمل من سخطه والخلود في عذابه وسلب الإيمان وغير ذلك. وقال شيخ الإسلام في معنى قوله تعالى: {وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ} [المائدة من الآية:81] فثبوت ولايتهم يوجب عدم الإيمان" (الدرر السنية [11/300-304]، مجموعة الرسائل والمسائل النجدية [4/291]).

السادس والعشرون: وقال الشيخ عبد الرحمن بن حسن أيضاً: "وأما إيواؤهم ونقض العهد لهم، ومظاهرتهم ومعاونتهم، والاستبشار بنصرهم، وموالاة وليهم، ومعاداة عدوهم من أهل الإسلام: فكل هذه الأمور زائدة على الإقامة بين أظهرهم، وكل عمل من هذه الأعمال قد توعد الله عليه بالعذاب والخلود فيه وسلب الإيمان، وحلول السخط به وغير ذلك ما هو مضمون الآيات المحكمات التي قد تقدمت" (الدرر السنية [11/343]). 

السابع والعشرون: وقال الشيخ حمد بن عتيق رحمه الله في (الدفاع عن أهل السنة والاتِّباع [ص32]): "وقد تقدم أنَّ مظاهرة المشركين ودلالتهم على عورات المسلمين أو الذب عنهم بلسانٍ أو رضى بما هم عليه، كل هذه مُكفِّرات ممن صدرت منه من غير الإكراه المذكور فهو مرتد، وإن كان مع ذلك يُبْغض الكفار ويحب المسلمين". 

الثامن والعشرون: وقال الشيخ أيضاً: "فنهى سبحانه وتعالى المؤمنين أن يوالوا اليهود والنصارى، وذكر أن من تولاهم فهو منهم، أي: من تولى اليهود فهو يهودي، ومن تولى النصارى فهو نصراني، وقد روى ابن أبي حاتم عن محمد بن سيرين قال: قال عبد الله بن عتبة: ليتق أحدكم أن يكون يهوديًا أو نصرانياً وهو لا يشعر. قال: فظنناه يريد هذه الآية:  {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘبَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} وكذلك من تولى الترك فهو تركي، ومن تولى الأعاجم فهو عجمي، فلا فرق بين من تولى أهل الكتابين أو غيرهم من الكفار" (سبيل النجاة والفكاك ص 35، ت: الوليد الفريان"، ومجموعة التوحيد ص 220).

التاسع والعشرون: وقال الشيخ حمد بن عتيق أيضاً: |الأمر الثالث: مما يصير المسلم به مرتدًا: موالاة المشركين، والدليل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘبَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّـهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة:51] وقوله تعالى:  {لَّا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّـهِ فِي شَيْءٍ} [آل عمران:28] فذكر في الآية الأولى أن من تولى اليهود والنصارى فهو منهم، وظاهرها أن من تولاهم فهو كافر مثلهم، ذكر معناه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى" (سبيل النجاة والفكاك ص 77، مجموعة التوحيد ص 242).

الثلاثون: وقال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن رحمه الله: "وتعزيرهم وتوقيرهم كذلك، تحته أنواع أيضاً، أعظمها: رفع شأنهم، ونصرتهم على أهل الإسلام، وتصويب ما هم عليه. فهذا وجنسه من المكفرات، ودونه مراتب من التوقير بالأمور الجزئية، كلياقة الدواة ونحوه".

الحادي والثلاثون: وقال الشيخ عبد اللطيف أيضاً: "وقال تعالى: {لَّا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّـهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} [آل عمران:28] وقد جزم ابن جرير في تفسيره بكفر من فعل ذلك. قال تعالى: {لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ۚأُولَـٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ} [المجادلة:22] فليتأمل من نصح نفسه هذه الآيات الكريمات وليبحث عما قاله المفسرون وأهل العلم في تأويلها وينظر ما وقع من أكثر الناس اليوم، فإنه يتبين له -إن وفق وسدد- أنها تتناول من ترك جهادهم، وسكت عن عيبهم، وألقى إليهم السلم. فكيف بمن أعانهم أو جرهم على بلاد أهل الإسلام أو أثنى عليهم، أو فضلهم بالعدل على أهل الإسلام واختار ديارهم ومساكنتهم وولايتهم، وأحب ظهورهم، فإن هذا ردة صريحة بالاتفاق" ا(لدرر السنية [8/325-326]، ومجموعة الرسائل والمسائل النجدية [3/53]). 

الثاني والثلاثون: وقال الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف بن حسن رحمه الله، وقد سئل عن الفرق بين الموالاة والتولي، فأجاب: "التولي كفر يخرج من الملة وهو كالذب عنهم وإعانتهم بالمال والبدن والرأي، والموالاة كبيرة من كبائر الذنوب، كبل الدواة أو بري القلم أو التبشش لهم، أو رفع الصوت لهم".

الثالث والثلاثون: وقال الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف أيضاً: "من لم يعرف كفر الدولة، ولم يفرق بينهم وبين البغاة من المسلمين لم يعرف معنى لا إله إلا الله، فإن اعتقد مع ذلك أن الدولة مسلمون، فهو أشد وأعظم، وهذا هو الشك في كفر من كفر بالله وأشرك به ؛ ومن جرهم وأعانهم على المسلمين بأي إعانة فهي ردة صريحة" (الدرر السنية [10/429]).

الرابع والثلاثون: وقال الشيخ محمد بن عبد اللطيف رحمه الله: "وقال صلى الله عليه وسلم: «من جامع المشرك أو سكن معه فإنه مثله» فلا يقال إنه بمجرد المجامعة والمساكنة يكون كافرًا، بل المراد أن من عجز عن الخروج من بين ظهراني المشركين، وأخرجوه معهم كرها، فحكمه حكمهم في القتل، وأخذ المال لا في الكفر. وأما إن خرج معهم لقتال المسلمين طوعاً واختياراً، أو أعانهم ببدنه وماله، فلا شك أن حكمه حكمهم في الكفر" (الدرر السنية [8/456]).

الخامس والثلاثون: وقال الشيخ سليمان بن سحمان رحمه الله: "وكون الولاة مرتدين عن الدين بتوليهم الكفار، وهم مع ذلك لا يجرون أحكام الكفر في بلادهم، ولا يمنعون من إظهار شعائر الإسلام، فالبلد حينئذ بلد إسلام، لعدم إجراء أحكام الكفر، كما ذكر ذلك شيخنا الشيخ عبد اللطيف رحمه الله عن الحنابلة وغيرهم من العلماء" إلى أن قال: "وأما الولاة المذكورون، فإنهم قد حصل منهم موالاة وتول للكفار وموافقة، ومظاهرة على المسلمين، فلا شك في ردتهم، والمتأخرون منهم إما راضون بأفعالهم، أو معينون لهم، ولم يظهر منهم مخالفة لمن قبلهم ولا عيب على أفعالهم، فحكمهم حكمهم، إلا أن يكون قد تبين لكم منهم خلاف ما عليه أسلافهم" (الدرر السنية [8/491-494]).

السادس والثلاثون: وقال بعض علماء نجد: "الأمر الثالث: مما يوجب الجهاد لمن أتصف به مظاهرة المشركين، وإعانتهم على المسلمين بيد أو لسان أو بقلب أو بمال، فهذا كفر مخرج من الإسلام، فمن أعان المشركين على المسلمين، وأمد المشركين من ماله بما يستعينون به على حرب المسلمين اختيار منه فقد كفر" (الدرر السنية [9/292]).

السابع والثلاثون: وقال أحمد شاكر رحمه الله في (كلمة الحق): "أما التعاون مع الإنجليز بأي نوع من أنواع التعاون، قلّ أو كثر، فهو الردّة الجامحة، والكفر الصّراح، لا يقبل فيه اعتذار، ولا ينفع معه تأول، ولا ينجي من حكمه عصبية حمقاء، ولا سياسة خرقاء، ولا مجاملة هي النفاق، سواء أكان ذلك من أفراد أو حكومات أو زعماء. كلهم في الكفر والردة سواء، إلا من جهل وأخطأ، ثم استدرك أمره فتاب وأخذ سبيل المؤمنين، فأولئك عسى الله أن يتوب عليهم، إن أخلصوا من قلوبهم لله لا للسياسة ولا للناس. 

وأظنني قد استطعت الإبانة عن حكم قتال الإنجليز وعن حكم التعاون معهم بأي لون من ألوان التعاون أو المعاملة، حتى يستطيع أن يفقهه كل مسلم يقرأ العربية، من أي طبقات الناس كان، وفي أي بقعة من الأرض يكون".

وقال: "ولا يجوز لمسلم في أي بقعة من بقاع الأرض أن يتعاون معهم بأي نوع من أنواع التعاون، وإن التعاون معهم -أي الفرنسيين- حكمه حكم التعاون مع الإنجليز: الردة والخروج من الإسلام جملة، أيا كان لون المتعاون معهم أو نوعه أو جنسه".

الثامن والثلاثون: وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: "وقد أجمع علماء الإسلام على أنَّ من ظاهر الكفار على المسلمين وساعدهم بأي نوع من المساعدة فهو كافر مثلهم" (مجموع الفتاوى والمقالات [1/274]).

التاسع والثلاثون: وقال الشيخ عبد العزيز بن باز أيضاً: "أما الكفار الحربيون فلا تجوز مساعدتهم بشيء، بل مساعدتهم على المسلمين من نواقص الإسلام لقول الله عز وجل: {وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}" (فتاوى إسلامية، جمع محمد بن عبد العزيز المسند ج4 السؤال الخامس من الفتوى رقم 6901).

الأربعون: وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله: "ومن مظاهر موالاة الكفار إعانتهم ومناصرتهم على المسلمين ومدحهم والذب عنهم وهذا من نواقض الإسلام وأسباب الردة نعوذ بالله من ذلك" (الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد ص 351).

الحادي والأربعون: وقال الشيخ عبد الله الغنيمان حفظه الله: "وأما الوقوف مع دول الكفر على المسلمين ومعاونتهم عليهم فإنه يجعل فاعل ذلك منهم، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘبَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} والآيات في هذا كثيرة".

الثاني والأربعون: وقال الشيخ حمود بن عقلا الشعيبي حفظه الله: "أما مظاهرة الكفار على المسلمين ومعاونتهم عليهم فهي كفر ناقل عن ملة الإسلام عند كل من يعتد بقوله من علماء الأمة قديمًا وحديثاً".

وقال: "وبناء على هذا فإن من ظاهر دول الكفر على المسلمين وأعانهم عليهم كأمريكا وزميلاتها في الكفر يكون كافراً مرتداً عن الإسلام بأي شكل كانت مظاهرتهم وإعانتهم".

الثالث والأربعون: وقال الشيخ عبد الرحمن البراك حفظه الله: "فإنه مما لا شك فيه أن إعلان أمريكا الحرب على حكومة طالبان في أفغانستان ظلم وعدوان وحرب صليبية على الإسلام كما ذُكر ذلك عن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، وأن تخلي الدول في العالم الإسلامي عن نصرتهم في هذا الموقف الحرج مصيبة عظيمة، فكيف بمناصرة الكفار عليهم، فإن ذلك من تولي الكافرين ؛ قال تعالى:  {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘبَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّـهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} وقد عدّ العلماء مظاهرة الكفار على المسلمين من نواقض الإسلام لهذه الآية".

الرابع والأربعون: وقال الشيخ عبد الله السعد حفظه الله: "وقد حذر الله تعالى من موالاة الكافرين أشد تحذير، بل حكم بالكفر والردة على من تولاهم فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة:51 ] والآيات في هذا المعنى كثيرة جداً".

وقال: "وليعلم كل مسلم أن التعاون مع أعداء الله ضد أولياء الله بأي نوع من أنواع التعاون والدعم والمظاهرة يعد ناقضاً من نواقض الإسلام، دلّ على ذلك كتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ونص عليه أهل العلم رحمهم الله، فليحذر العبد أن يسلب دينه وهو لا يشعر". 

الخامس والأربعون: وقال الشيخ ناصر العمر حفظه الله: "رابعاً: حرمة مظاهرة المشركين واليهود والنصارى، وإعانتهم على المسلمين، وأن من فعل ذلك عالماً بالحكم طائعاً مختاراً غير متأول فقد برأت منه ذمة الله، حيث إن المظاهرة والمناصرة أعظم أنواع التولي والموالاة".

السادس والأربعون: وقال الشيخ سفر الحوالي حفظه الله، في بيانه عن الأحداث: "إن نصرة الكفار على المسلمين بأي نوع من أنواع المناصرة ولو كانت بالكلام المجرد هي كفر بواح، ونفاق صراح، وفاعلها مرتكب لناقض من نواقض الإسلام -كما نص عليه أئمة الدعوة وغيرهم- غير مؤمن بعقيدة الولاء والبراء". 

السابع والأربعون: وقال الشيخ سلمان بن فهد العودة حفظه الله: "الولاء للمؤمنين وعدم إعانة الكافرين عليهم، إذ أن الحكم في مناصرة الكافرين على المسلمين، وتولي اليهود والنصارى جليٌّ مُشرق لا لبس فيه ولا غموض، تواردت عليه آيات الكتاب، وأبدأَ القرآن فيه وأعاد:  {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘبَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّـهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة:51] وقال تعالى:  {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ} [الممتحنة من الآية:1] ولذا عدّ العلماء تولي الكافرين ومظاهرتهم على المسلمين انسلاخاً من الدين، قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في نواقض الإسلام: "الناقض الثامن: مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين، والدليل قوله تعالى: {وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} وقال الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله: "الكفار الحربيون لا تجوز مساعدتهم بشيء، بل مساعدتهم على المسلمين من نواقض الإسلام لقوله عز وجل: {وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}" أ.هـ.

الثامن و الأربعون: وقال الشيخ بشر بن فهد البشرحفظه الله: "ومما سبق يتبين أن التعاون مع أمريكا في العدوان على أفغانستان سواء كان بالرجال أو المال أو السلاح أو الرأي هو من قبيل مظاهرة الكفار على المسلمين، وهو كفر وردة عن الإسلام، وهذا الحكم يشمل الأفراد والجماعات وغيرهم".

التاسع والأربعون: وقال الشيخ علي الخضير حفظه الله: "أما مسالة مظاهرة الكفار فأعظم من بحثها هم أئمة الدعوة النجدية رحمهم الله واعتبروا ذلك من الكفر والنفاق والردة والخروج عن الملة وهذا هو الحق ويدل عليه الكتاب والسنة والإجماع…".

الخمسون: وقال الدكتور عبد العزيز بن محمد العبد اللطيف في (نواقض الإيمان القولية والعملية ص 381،382): "وأما مظاهرة الكفار على المسلمين، فالمقصود بها أن يكون أولئك أنصارًا وظهورًا وأعواناً للكفار ضد المسلمين، فينضمون إليهم، ويذبون عنهم بالمال والسنان والبيان، فهذا كفر يناقض الإيمان. وهذا ما يسميه بعض العلماء بـ (التولي) ويجعلونه أخص من عموم الموالاة، كما هو عند بعض أئمة الدعوة السلفية في نجد، مع أن جمهورًا من المفسرين يفسرون التولي بالموالاة" إلى أن قال: "وعلى كل فلا مشاحة في الاصطلاح، فالمهم أن مظاهرة الكفار ونصرتهم والذب عنهم يناقض الإيمان سواء سمي ذلك توليًا أم موالاة. إن مظاهر الكفار ضد المسلمين خيانة لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين".

الحادي والخمسون: وقال الشيخ سليمان العلوان حفظه الله: |وقد حكى غير واحد من العلماء الإجماع على أن مظاهرة الكفار على المسلمين ومعاونتهم بالنفس والمال والذب عنهم بالسنان والبيان كفر وردة عن الإسلام قال تعالى: {وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّـهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}. وأي تولٍ أعظم من مناصرة أعداء الله ومعاونتهم وتهيئة الوسائل والإمكانيات لضرب الديار الإسلامية وقتل القادة المخلصين".

الثاني والخمسون: وقال الشيخ سليمان العلوان أيضاً: "والحذر الحذر من مناصرة الكفار على المسلمين بأي نوع أو وسيلة من وسائل النصرة فهذا من التولي وهو كفر ونفاق ومرض في القلوب وفسق.

وليس من شروط الكفر أن تكون مظاهرته للكفار محبة لدينهم ورضى به، فهذا مذهب ضعيف لأن محبة دين الكفار والرضى به كفر أكبر دون مظاهرتهم على المسلمين. فهذا مناط آخر في الكفر ولو ادعى المظاهر محبة الدين وبغض الكافرين فإن كثيراً من الكفار لم يتركوا الحق بغضاً له ولا كراهية للدين إنما لهم طمع دنيوي ورغبة في الرياسات فآثروا ذلك على الدين قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}.

وقال الشيخ أيضًا: "قال تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}، وذلك لأنهم دخلوا في طاعتهم ونصروهم وأعانوهم بالمال والرأي.

ومن ذلك مشاركة الجنود المسلمين الموظفين في الحكومة الأمريكية في قتال الأفغان المجاهدين في سبيل الله فهذا من أكبر الذنوب وأعظمها منافاة لأصل الإيمان.

وتجويز هذا العمل بدليل الإكراه غير صحيح، فإن للإكراه ضوابط وشروطاً وهي غير متوفرة في هذه الصورة. فإن هؤلاء العسكريين يسعون لمصالحهم وتثبيت مناصبهم وكسب الأموال في سبيل قتل الأبرياء من المسلمين وهدم ديارهم وهذا لا يجيزه عاقل.

وقد يهددون بالقتل وهذا غير مسوَّغ للمشاركة لأنه لا يجوز شرعاً أن تبقي نفسك في سبيل هلاك الآخرين وقتل المظلومين فليست دمائهم بأرخص من دمائكم ولا دماؤكم بأغلى من دمائهم.

قال تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً} [النساء:93].

وقد أفتى بعض المنهزمين بجواز مشاركة المسلمين العسكريين العاملين في الحكومة الأمريكية في قتال الأفغان المسلمين وهذه مخالفة لسبيل المؤمنين، واجتهادات لا تحمل شعار العلم والفقه.

وقد كتبت رسالة مطولة في نقض هذه الفتوى وبيان منافاتها للأدلة السمعية والعقلية، فإن المظاهرة أي مظاهرة الكفار على المسلمين من المسائل المجمع على تحريمها وقد سمى الله ذلك كفراً وقد تقدم وسمى ذلك نفاقاً فقال تعالى: {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً . الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً} [النساء:138-139].

وسمى ذلك مرضاً في القلوب فقال تعالى: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ} [المائدة:52].

وسمى ذلك فسقاً فقال تعالى: {تَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ . وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [المائدة:80-81].

والإجماعات المنقولة في هذا الباب كثيرة، وقد حررت ذلك في غير موضع وبينت الفرق بين الموالاة والتولي، وأن التولي كفر أكبر وأما الموالاة فمنها ما هو مرادف للتولي، ومنها ما هو دون ذلك والله أعلم".

والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

تعليق:

كتب الإخوة الأفاضل تعليقات عدة على هذا الموضوع، وقد أضفت هذا التعليق:
"وأحب أن أعلق هنا على ما نقله الأخ محمد السالم عن الشيخ سليمان بن سحمان والشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن. 
فأقول: ليس هناك تعارض بين ما نقله وما نقلته عنهما.
فغاية ما نقله عنهما أن (التولي) كفر أكبر.
وأما الموالاة فمنها ما هو كفر أكبر، وهي الموالاة العامة المطلقة، ومنها ما هو دون ذلك.
وهذا ما درج عليه جماعة من أئمة الدعوة.
لكن السؤال: ما هو (التولي)؟!
الجواب: نقول: لقد أوضح أئمة الدعوة أنفسهم أنه: مظاهرة الكفار على المسلمين ومعاونتهم بالسلاح والبدن والمال والرأي.
ونقول أيضًا: إن هذه الصورة الخاصة (مظاهرة الكفار على المسلمين) - سواء سميت (تولياً) أو موالاة... قد بين أئمة الدعوة أنها كفر أكبر، وعلى رأسهم الإمام محمد بن عبد الوهاب، كما سبق. وحكى فيها الشيخ ابن باز رحمه الله الإجماع.
وقد نقل الاخ محمد السالم كلام الإمامين من كتاب (الموالاة والمعاداة) للشيخ محماس بن عبد الله الجلعود، مع أن الشيخ قال في بداية هذا المبحث: "التولي: هو الدفاع عن الكفار، وإعانتهم بالمال والبدن والرأي وهذا كفر صريح يخرج من الملة الإسلامية" (الموالاة والمعاداة 1/31).
ولم يحك الشيخ خلافًا! وقد فاتني بالأمس أن أضيف قول الشيخ محماس هنا.

  • 26
  • 7
  • 189,997

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً