أولمرت ...وأبو مازن ، أي فرق ؟!
محمد جلال القصاص
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
كل اليهود في ( إسرائيل ) على قَوْلَةٍ وحادة هي : لابد من ( إسرائيل الكبرى ) .. ( مملكة الرب ) التي تمتد من النيل غربا إلى الفرات شرقا ، ومن شمال سوريا شمالا إلى شمال الجزيرة العربية جنوبا ، يَشهد بذلك عَلَمُهم ذو الخطين الأزرقين ـ النيل والفرات ـ ، وتشهد لذلك اللافتة المنصوبة على مدخل الكنيست الإسرائيلي متضمنة الوعد المزعوم في التوراة بميراث هذه الأرض ، وتشهد العملة المعدنية التي يتعاملون بها . كلهم على هذا .
ولست أريد مناقشة هذا اليقين الكاذب الذي ابتدعه الأحبار بما حرفوا من كتاب الله ، وإنما : أردت الإشارة إلى أن ( اليهود لم يكونوا يوماً ما رأس حربة في أي قضية من القضايا .ولا حتى قضاياهم هم . فهم كالشجرة الطفيلية لا تنمو إلا على ساق غيرها أو كالدودة المعوية التي لا تأكل إلا من قوت غيرها، فمن حادثة بنى قينقاع حيث كان المنافقون هم الناطقين الرسميين والمدافعين الظاهرين إلى مؤامرة الأحزاب حيث كان الجند جند قريش وحلفائها لا جند قريظة وأخواتها ؛ إلى الإدارة الأمريكية حيث لا يزال اليهود ـ وهم يسيطرون على الجزء الأكبر من الاقتصاد والإعلام والتأثير السياسي . . الخ ـ يستخدمون أمثال نيكسون وكارتر وريجان وبوش وهم جميعَا نصارى ! !) كما يقول الشيخ الدكتور سفر الحوالي حفظه الله .
وقد جاء اليهود إلى فلسطين بحبل من الله وحبل من الناس ( الانجليز ثم الأمريكان ) ... وحاول إخوانُ القردة والخنازير الاعتماد على أنفسهم في تحقيق حلمهم الأكبر ( إسرائيل الكبرى ) وما استطاعوا . فبيدي بني الأصفر سيطر اليهود على الأنظمة العربية . وأصبحت الأنظمة ( الثورية ) دول صديقة تسعى في إحلال السلام بمفهوم اليهود، والقضاء على الإرهاب الذي لا يعني إلا المجاهدين من أبناء الإسلام .
وأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا ، فبعد أن تفوقوا على الأنظمة العربية عسكريا واقتصاديا وأعلنوا نظرية المجتمع الآمن والجيش الذي لا يقهر ، وبعد أن تواطأت معهم الحكومات ورضيت ـ الحكومات ـ بالتطبيع وبدا لليهود أن الأمور استقرت أتاهم الله من حيث لم يحتسبوا ، فكانت الانتفاضة الفلسطينية بوجهها الإسلامي الصريح ، وفيها حيِّد الجيش اليهودي بعدده وعتاده ، فلم يعد يستطيع فعل شيء أمام هذا العدو الجديد ، ودبَّ الخوف في كل مكان بفعل العمليات الاستشهادية وانتهت نظرية المجتمع الآمن ، وكالعادة عجز اليهود عن حلّ هذا الإشكال بأنفسهم واستجلبوا عملاءهم لسحق الفلسطينيين. فقدمت السلطة الفلسطينية من تونس بأجهزتها الأمنية ، وتولت الأمر نيابة عن اليهود . ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا .
وازداد الأمر باشتعال انتفاضة الأقصى الأخيرة . وحاول اليهود ثانية أن يتولوا أمرهم بأيديهم فجيء بشارون أو ذئب إبليس ـ كما يسميه الدكتور عبد العزيز كامل ـ وأعلن في برنامجه الانتخابي عن خطة المائة يوم للقضاء على الانتفاضة ، وتهجير الفلسطينيين إلى الأردن التي قال عنها أنها من أرض إسرائيل ، وطرد السلطة الفلسطينية إلى الخارج مرة ثانية . ووقف المغضوب عليهم وراء ذئب إبليس ( شارون ) وانتخبوه بنسبة لم تسجل لغيره ممن سبقوه( 62.5 % ) . وفشل شارون .
ومرّة ثانية أُلقي السلاح في يد غيرهم للدفاع عنهم . فكان محمود عباس ( أبو مازن ) . فما الفرق ؟ ما الفرق بين شارون ( أو ألمرت ) و ( أبو مازن ) ؟
لا شيء . اللهم إلا كمن يَقْتُلكَ بخنجر وهو يَسُّب ويصيح ، ومن يمد إليك يدا مخملية يقبض بها على رقبتك حتى تموت وهو يبتسم . والموتُ بالزهر مثل الموت بالفحم . فما الفرق ؟
أيها السادة !
لم تطأ جيوش الكفر أرض الإسلام إلا على ظهر المنافقين وأعيدوا النظر في التاريخ فتنة عثمان ، وسقوط بغداد على يد التتار بالأمس وعلى يد الصليبيين اليوم ، والحروب الصليبية ، وسقوط الأندلس . بل أعيدوا النظر في من أخرجوا المرأة من بيتها ومن فتحوا حصوننا الفكرية للغزو الفكري حتى اختلط الحابل بالنابل وأُحل حرامنا وحُرم حلالنا ، وأصبحنا غرباء في ديارنا . مَن وراء هذا ؟
أليس الذين في قلوبهم مرض ـ شبهه أو شهوة ـ رفاعة الطهطاوي ومحمد عبده وقاسم أمين وطه حسين ....الخ ؟
أيها السادة !
لابد ـ واليوم قبل غد ـ من [ تميز الصف فكريا وعقديا وذلك بنبذ الشعارات العلمانية البالية الباهتة مثل " نضالنا الوطني " و " كفاحنا الثوري " " تحرير كامل التراب الوطني " ، وكذا نبذ الثناء على الزعامات العلمانية المعادية للخط الإسلامي ، والتي لم تقاتل يوما لتكون كلمة الله هي العليا ، بل ولم تحقق نصرا حقيقيا للقضية الفلسطينية ... لابد من اتخاذ خط تغييري استراتيجي يهدف إلى أسلمة القضية شكلا وجوهرا .. مظهرا ومخبرا ... صورة وحقيقة ] . { َلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ }[ الحج : 40 ]