تمحيص جهاد الشام
محمد صالح المنجد
ألا لابد من الحذر من مؤامرات الإبعاد والفصل بين جنود الإسلام وبين العلماء ودعاة أهل السنة داخل البلد وخارجه وأنه يُستفاد من علم ورأي كل صاحب علم وحكمة والتسليم للكتاب والسنّة (أطيعوا الله ورسوله) وأن العلم الشرعي يحكم في السلاح والجنود والقادة والخلافات، والإذعان لذلك (سمعنا وأطعنا).
- التصنيفات: الواقع المعاصر - أحداث عالمية وقضايا سياسية -
الحمد لله،
1- سنّة الله ماضية، وليس بينه وبين أحد من خلقه نسب، فيمحّص المؤمنين، ويميز الخبيث من الطيب، ويمحق الكافرين، ولو بعد حين.
2- وحتى أهل القتال لما كانت الانحرافات، ونوايا السوء تدخل بعضهم من الغلوّ وإرادة الدنيا والمال والزعامة والبغي على غيرهم كان لهم من التمحيص نصيب.
3- ولما دخلت الفتنة بين المسلمين بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى وقع القتل فيهم، فإن دخول الفتنة بين غيرهم ممن هو أقلّ منهم إيمانًا وعلمًا أقرب وأشدّ.
4- وميادين القتال التي فيها حَمْل السلاح يمكن أن يتحول فيها بسهولة إلى فتنة فهو يؤثر في نفوس حامليه فمن لم ينضبط منهم بميزان الشرع هلك، وأهلك.
5- ولذلك لم يؤذن لمجتمع المسلمين الأول بحمل السلاح إلا بعد مسيرة طويلة من العلم والإيمان والعبادة والدعوة والتربية قاربت ١٥ سنة واستمرت بعدها.
6- ولا بد قبل الكلام في أمر فتنة القتال من استحضار الظروف التي مرت وتمر بالساحة الشامية لإقامة العذر والعدل في الحكم.
7- فإن القتال في الشام جاء:
- وقد أخذ العدوّ المجرم المسلمين بالشام وهو مستعدّ بسلاحه وجيشه وهم عُزّل.
- وإن الجهاد فيها جهاد دفع في أصله ثم تشكّلت كتائب المسلمين للمدافعة.
- وإن العوامل الجغرافية، وتعدد المدن المنكوبة، وطبيعة المدافعة، والهبّة للدفاع عن المستضعفين ، قد أدّت إلى نشوء مجموعات ليست تحت راية واحدة.
- وإن مجرمي العالم قد أجلبوا على مسلمي الشام بخيلهم ورجلهم كفارًا ومشركين.
- اختراق كتائب من الشبيحة والمنافقين من جهة واللصوص والمجرمين.
8- فصارت مكامن الخطر على الجهاد الشامي:
- كتائب المنافقين المجهزة المدعومة داخليًّا وخارجيًّا.
- وأهل الغلو.
- والشبيحة واللصوص.
- وأخطاء الصادقين.
9- ولما كانت المقدمات الخاطئة تقود إلى نتائج آثمة كان كل من ضلّ عن النهج النبوي في أمور القتال قادة انحراف ما اعتقده بقلبه إلى ظلمه بسلاحه بيده.
10- فإذا اعتقدت مجموعة - مثلاً - أنها أقامت دولة الإسلام وأن قائدها هو أمير المؤمنين فإن نتيجة ذلك أن تعتقد بأن له السمع والطاعة على الجميع، وأن كل من ليس تحت إمرته فهو خارج عنه، وأنها تقيم الحدود وتنصّب الأمراء على البلدان، وأن لها التصرف في الأموال العامة من النفط والقمح وغيرها، وأن لهم أن يُخْضِعُوا غيرهم لهم بالقوة، وأن يُوقفوا من شاءوا، وأن لهم تنصيب المحاكم الشرعية والقضاة، وأن كل محكمة أخرى بغير إذنهم هي لاغية، وهكذا.
11- وهذا الانحراف - ولا شك - سيكون سببًا للتنافس على المناطق والأقاليم والاقتتال تبعًا لذلك فيكون هذا سببًا عظيمًا للفتنة وإراقة الدماء المعصومة.
12- فإذا انضمّ إلى ذلك التكفير الباطل، وما يستتبعه من استباحة دماء بعض المسلمين، وأموالهم وعدم العذر الصحيح بالجهل، ولا بالإكراه، ولا بالشبهة،
13- ومخالفة قاعدة:
- من ثبت إسلامه بيقين لا يخرج منه إلا بيقين،
- والأصل إجراء أحكام الناس على الظاهر،
- ولا يُحكم بكفر المسلم إلا بعد إقامة الحجة،
- وأن الحكم بالتكفير من اختصاص أهل الفتوى والعلم بالقضاء،
- وأن إقامة حدّ الردّة وغيره لها شروط متعلقة بالإمامة، وهيمنة سلطة الإسلام،
- وغير ذلك من القواعد التي إذا حصلت مخالفتها مع الأَثَرة والاستعلاء والغلظة وقلة الخبرة وضياع الحكمة حصل الخوض والتوسع في الدماء ولا ريب.
14- ومن الأسباب العظيمة أيضًا لسفك دماء المسلمين بالشام تلك الفئات المندسّة من المنافقين الذين يُغرون العداوة بين الكتائب المسلمة بالمكر والخبث.
15- فيُطلقون النار من جهة فصيل على جهة الفصيل الآخر كما فعله سلفهم أيام "علي" و"معاوية" رضي الله عنهما، وقد ثبت هذا في مواقف عدة فكيف إذا رافق هذا تصعيد إعلامي بمكر خبيث في التحريش بين كتائب المسلمين من معرّفات تتكلم باسم هذا وباسم ذاك فتُغري بينهم العداوة والبغضاء، وتوقد نار الفتنة.
16- وهناك أعداء مندسّون يُنشبون الحرب بين المسلمين من أشكال هذا وأمثاله يتظاهرون بالتدين وهم شبيحة يوقدون الفتنة.
17- مخاطر ومحاذير:
- الخناجر الثلاثة في ظهور المجاهدين: المنافقون، والغلو، واللصوصية.
- الفوضى في المناطق المحررة.
- تنفير العامة من الدين.
- تشويه سمعة الجهاد في الداخل والخارج.
- وما يتبعه من ضعف أو انقطاع عون المسلمين لإخوانهم.
- تحول السلاح من الجبهة ضد العدو إلى نحور المسلمين.
- العدوان والبغي على دماء المسلمين وأعراضهم.
- فقدان الحاضنة الشعبية، وتعاطف العامة، ومؤازرتهم، وانقلاب البعض إلى تمنّي عودة نظام الإجرام.
18- خطوات سريعة مطلوبة:
- استكمال خطة الوحدة الإسلامية بين الكتائب المسلمة.
- إنشاء محكمة إسلامية عليا للفصل في النزاعات يستجيب الجميع لها.
- مناصحة أهل الغلوّ كما فعل "ابن عباس" رضي الله عنه.
- التواصل مع المنضمين مع كتائب وكلاء الأعداء الخارجيِّينَ فقد يستجيب بعض من انضمّ إليهم ويتركهم.
- استمالة الكتائب التي فيها بعض البدع كالتصوف ودعوتهم بالحسنى إلى كلمة سواء.
- القيام بجهد دعوي مكثف مع كتائب اللصوص، وتكثيف الوعظ، والدعوة للتوبة.
- تنفيذ قوله تعالى: (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله .. ).
- التفريق بين قتال الكفار والمرتدِّينَ، وقتال البغاة الذين يظلمون الناس، وقتال دفع الصائل، وقتال الفتنة يكون بين فئتين من المسلمين كلاهما على المنهج الحق، ولكن نزغ الشيطان بينهما.
- ومن الفروق المُهِمَّة بين قتال الكفار والمرتدين وقتال أهل البغي، أن المرتدّ يُقتل ولو كان جريحًا، وأما البغاة فيقاتلون حتى تنكسر شوكتهم، ولا يُجهز على جريحهم.
- ولا تُسبى نساؤهم ولا يُتّبع مُدْبِرهم ولا تؤخذ أموالهم غنائم.. مع استعمال قاعدة: درء المفسدة بالأسهل فالأسهل، وعدم المواجهة بالأشد إذا أمكن الأخفّ
- استنفاد الوسع في الإصلاح.
- أنه لا يحكم بقتال البغاة إلا العلماء على ضوء الأخبار الصحيحة عن الواقع
- إحياء وتقوية سلطان الشرع ليكون حاكمًا وفاصلاً
- العدو الأصلي هو نظام الإجرام وأعوانه، فلا يجوز تركهم، ولا الانسحاب من الجبهات ضدهم، ولا إخلاء الثغور لهم، بل لا يجوز تركهم يشمتون بالمسلمين.
- المقرَّات والسلاح والعتاد في جهاد الشام ليست للنهب ولا للعدوان ولا للاستيلاء استئثارًا، وإنما هي لمصلحة الدين والمسلمين لا تُؤخذ إلا لذلك.
- الحذر من مؤامرات الإبعاد والفصل بين جنود الإسلام وبين العلماء ودعاة أهل السنة داخل البلد وخارجه وأنه يُستفاد من علم ورأي كل صاحب علم وحكمة.
- التسليم للكتاب والسنّة (أطيعوا الله ورسوله) وأن العلم الشرعي يحكم في السلاح والجنود والقادة والخلافات، والإذعان لذلك (سمعنا وأطعنا).