جسم الإنسان منظومة دفاع أبدعها الخالق عز وجل
منذ 2014-02-03
الإنسان ذلك الذي أعجز العلم في أسراره وكلما حللنا لغزاً وجدنا بحاراً من الألغاز، إنه صنعة متقنة فريدة في كل ذرة من ذراته، وكلماتي هذه ما هي إلا محاولة للوقوف على باب إحدى شبكات أسراره عسانا نطلع على البعض منها لأن الكل ممنوع، ما رأيكم لو أطللنا على أروع وزارة دفاع في العالم؟، إنها الجملة المناعية في جسدنا البشري هذا.
الإنسان ذلك الذي أعجز العلم في أسراره وكلما حللنا لغزاً وجدنا بحاراً من الألغاز، إنه صنعة متقنة فريدة في كل ذرة من ذراته، وكلماتي هذه ما هي إلا محاولة للوقوف على باب إحدى شبكات أسراره عسانا نطلع على البعض منها لأن الكل ممنوع، ما رأيكم لو أطللنا على أروع وزارة دفاع في العالم؟، إنها الجملة المناعية في جسدنا البشري هذا.
أمامنا سائل أحمر قانئ يتدفق في أنهار دقيقة ترفدها روافد وتتشعب لفروع، تتسع هنا وتضيق هناك في شبكة فائقة الدقة خلابة في روعتها توصل الحياة لكل خلية من خلايا الجسم التي تعد بآلاف المليارات، تلك هي شبكة الأوعية الدموية (العروق)، وذلك السائل هو الدم الذي لا يجاريه سائل آخر في عمله ومكنوناته.
يحمل الدم في تياره الهادر بالإضافة لعناصره الأساسية أجساماً تدعى الكريات البيض وهي تعد بالمليارات وقد اختصت بحماية الجسم، وهي أنواع، فمنها ما يدعى الوحيدات كونها احتوت داخلها نواة واحدة ومنها ما احتوى نواة توزعت على عدة نوى فظهرت وكأنها متعددة النوى ولها أنواع عديدة يطول شرحها ولكل منها دورها ووظيفتها، من الكريات التي تجول في الدم كريات لمفاوية تنقسم لنوعين كبيرين ولكل نوع فروع كثيرة وليست هذه التقسيمات عبثية، بل لكل قسم وظيفة خاصة وعمل لا يحيد عنه، من تلك الكريات ما اختص بابتلاع الأجسام الغريبة من جراثيم وغيرها ومنها ما اختص بالفتك بها ومنها ما كان عمله إطلاق المواد التي تبيد الجراثيم أو تطهوها أو تربطها لتقدمها فريسة سهلة لخلايا أخرى تكمل عملية التهامها والقضاء عليها، هذه المواد المنطلقة تدعى الغلوبولينات المناعية وهي أنواع خمسة رئيسية ولكل نوع فروع عدة، فالنوع الأول ويدعى IgM يتكون في بدء الإصابة ليحمي الجسم، والنوع الثاني ويدعى IgG يحارب على المدى الطويل، وهناك نوع يستقر على الأغشية المخاطية ليحميها، وهناك ماله علاقة بالحساسية وهناك نوع لم يحدد العلم بعد دوره.
هناك خلايا تقبع في كل زاوية من زوايا البدن متربصة بالأعداء كأنها الثغور على الحدود فمنها ما رقد في الجلد، ومنها ما استوطن الرئة، ومنها ما كان في الكبد، وهكذا، وهناك عضو نبيل هو الطحال صمم ليكون مصفاة أمان حيث أنه شبكة للتنقية، وعلى نمطه بنيت نقاط عديدة توزعت على كل أنحاء الجسم يتم بها تفتيش كل قادم ألا وهي العقد اللمفاوية التي ترتبط ببعضها بخطوط وقنوات اتصال هي الأوعية اللمفاوية وهي شبكة أنهار أخرى ولكن لها سائلها الخاص بها، فإن اجتاز الجرثوم مكان الحراسة الأول كان له الثاني بالمرصاد بعد أن يعزز دفاعاته ويستنفر قوى البدن الأخرى.
وهناك مواد لها أدوار دقيقة ومحددة في هذا الجهاز الدفاعي وهي كثيرة منها الإنترفيرون ومنها الإنترلوكين، وهناك مواد تجذب الكريات البيض لمواقع الحروب، ومنها ما يساعد في التصاقها على الجراثيم، ومنها ما يساعد الكرية على ابتلاع الجرثوم، ومنها ما يساعد على تكوين المناعة الآنية والمستقبلية.
وهناك مواد تشكل في مجموعها جملة تسمى جملة المتممة تتم بها تفاعلات بالألوف في كل لحظة، وكل تفاعل يحرض تفاعلات وأحداث وارتكاسات عديدة تساهم في مجملها في العملية الدفاعية. يحيط بكل ما سبق سور عظيم ولا سور الصين، إنه الجلد الذي يغلف البدن والأغشية المخاطية التي تكمل التغليف من الداخل، والجلد عضو حي ومتحرك ومتجدد ويحوي الكثير من الدفاعات التي تمنع دخول الأغراب.
وعلى الفوهات والأعضاء النبيلة حرس حدود، فالأجفان والرموش تحيط بالعين الوديعة عدا الجمال الذي تمنحه للعين فما بالك إن تعطلت وظيفة الأجفان؟، وما رأيك لو جف الدمع؟، إن ذلك يؤرق الإنسان حتماً، هل تعلم أن غشاء الطبل يرقد في قاع كهف يحجبه عن الأخطار؟.
إن أي خلل في أي جزء من تلك المنظومة الدفاعية كماً أو نوعاً يؤدي لاضطراب في مناعة الجسم ولكن الجسم له هامش أمان يستطيع أن يناور به، فيعاوض ويرمم حيث أنه يتعرض في كل لحظة لمؤثرات عديدة يقف ضدها من دون أن نشعر، ولكن قد تأتي اللحظة التي يكون الخلل فيها كبيراً أو يكون الغازي فظيعاً فيظهر المرض، وقد يحدث في الجسم ما يجعل جملة المناعة تحارب صاحبها فتؤذيه وهي أمراض المناعة الذاتية التي تفقد فيها وزارة دفاع البدن بوصلتها لو جاز التعبير، أو رأيت لو أتى جرثوم أو فيروس إلى الإنسان ودخل فمه، قاومته في البداية الأغشية المخاطية لتمنعه من الاستقرار، فإن استطاع الاستيطان والتكاثر تم استدعاء الكريات البيض وتفعلت الذاكرة المناعية عسى أن يوجد في الجسم مواد مناعية نوعية لذلك المهاجم وتنشب الحرب ويعلو أوارها وتظهر نيرانها على شكل حمى تصيب البدن، فإن تم تطويق الجراثيم تعافى المريض، وإلا فإنه يركب تيار الدم ويتكاثر وتزداد الحرب ضراوة فإن انتصر الجرثوم انتشر ليستقر في أنحاء الجسم المختلفة مصيباً إياها بالآفات، وآنذاك تستنزف دفاعات الجسم، ولابد من العون الخارجي الذي يأتي بالدواء المناسب بإذن الله تعالى.
إن الإنسان لا يستطيع إلا أن يشوه ويشوش، لقد حرق الأشجار، ودمر الطبيعة الخلابة، وامتدت يده لتطال تلك المنظومة البديعة التي أحسن الله خلقها فعبث بها، وقد يسألني سائل أو يعبث الإنسان بما هو خير له؟، نعم، أو رأيت الذي أدمن المسكرات حتى أتلف كبده وأضعف مناعته وتهدم الحصن الذي يحميه؟ أم ذلك الذي عشق الشذوذ الجنسي فأورده الإيدز وتحطمت دفاعاته كاملة؟، أم ذلك الذي كان للمخدرات رفيقاً فأنهكت بدنه وأوصلت له جراثيم وآفات لا قبل له بها تصل الدم من غير حجاب؟. وهناك العابث الذي يخاف سبل الوقاية فيرفض التطعيمات "اللقاحات"، ولا يقتنع بأصول العناية بالصحة، وينبذ الدواء من دون وجه حق إما لجهل لم يستطع الخروج منه، وإما لتعال لامبرر له، وإما لإهمال ألم به.
إنها حقائق، الجملة المناعية نعمة من نعم الله سبحانه فلنعطها حقها ليتم صونها وحفظها للحظة المناسبة كي تبقى درعاً لأجسامنا بإذن الله.
عبد المطلب السح
- التصنيف:
- المصدر: