نماذج من رفق النَّبي صلى الله عليه وسلم
كان النَّبي صلى الله عليه وسلم رفيقًا هيِّنًا ليِّنًا سهلًا، في تعامله، وفي أقواله وأفعاله، وكان يحب الرِّفق، ويحث النَّاس على الرِّفق، ويرغِّبهم فيه، فعن عبادة بن شرحبيل قال: "أصابنا عام مخمصة، فأتيت المدينة، فأتيت حائطًا من حيطانها، فأخذت سنبلًا ففركته فأكلته، وجعلته في كسائي، فجاء صاحب الحائط، فضربني وأخذ ثوبي، فأتيت النَّبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرته، فقال للرجل: «ما أطعمته إذ كان جائعًا، أو ساغبًا، ولا علمته إذ كان جاهلًا»، فأمره النَّبي صلى الله عليه وسلم، فردَّ إليه ثوبه، وأمر له بوسق من طعام، أو نصف وسق" (رواه ابن أبي عاصم في ((الآحاد والمثاني)) (3/273) (1654)، وابن الأثير في ((أسد الغابة)) (3/49)، وصحح إسناده الشنقيطي في ((أضواء البيان)) (1/141)، وصححه الألباني في ((صحيح ابن ماجه)) (1875)).
- التصنيفات: السيرة النبوية - محاسن الأخلاق -
كان النَّبي صلى الله عليه وسلم رفيقًا هيِّنًا ليِّنًا سهلًا، في تعامله، وفي أقواله وأفعاله، وكان يحب الرِّفق، ويحث النَّاس على الرِّفق، ويرغِّبهم فيه، فعن عبادة بن شرحبيل قال: "أصابنا عام مخمصة، فأتيت المدينة، فأتيت حائطًا من حيطانها، فأخذت سنبلًا ففركته فأكلته، وجعلته في كسائي، فجاء صاحب الحائط، فضربني وأخذ ثوبي، فأتيت النَّبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرته، فقال للرجل: «ما أطعمته إذ كان جائعًا، أو ساغبًا، ولا علمته إذ كان جاهلًا»، فأمره النَّبي صلى الله عليه وسلم، فردَّ إليه ثوبه، وأمر له بوسق من طعام، أو نصف وسق" (رواه ابن أبي عاصم في ((الآحاد والمثاني)) (3/273) (1654)، وابن الأثير في ((أسد الغابة)) (3/49)، وصحح إسناده الشنقيطي في ((أضواء البيان)) (1/141)، وصححه الألباني في ((صحيح ابن ماجه)) (1875)).
وكان صلى الله عليه وسلم رفيقًا بقومه رغم أذيتهم له، فعن عروة أنَّ عائشة رضي الله عنها زوج النَّبي صلى الله عليه وسلم حدثته أنَّها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: "هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟" قال: «لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشدَّ ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد يَالِيلَ بن عبد كُلال، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي، فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني، فقال: إنَّ الله قد سمع قول قومك لك، وما ردوا عليك، وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم، فناداني ملك الجبال فسلَّم علي، ثُمَّ قال: يا محمد، فقال: ذلك فيما شئت، إن شئت أن أُطبق عليهم الأخشبين؟» الأخشبان: جبلا مكة. انظر: ((تاج العروس)) للزبيدي (2/357) فقال النَّبي صلى الله عليه وسلم: «بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئًا» (رواه البخاري (3231) ومسلم (1795)).
وكان صلى الله عليه وسلم رفيقًا في تعليمه للجاهل، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "بينما نحن في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء أعرابي فقام يبول في المسجد، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَهْ مَهْ" (مه: اسم لفعل الأمر، ومعناه اكفف. انظر: مختار الصحاح للرازي ص 300). قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تُـزْرموه» (لا تزرموه: أي لا تقطعوا عليه بوله. انظر: مختار الصحاح للرازي ص 136). «دعوه»، فتركوه حتى بال، ثُمَّ إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه، فقال له: «إنَّ هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر، إنَّما هي لذكر الله عزَّ وجلَّ والصلاة وقراءة القرآن»، أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال فأمر رجلًا من القوم فجاء بدلو من ماء فشنَّه عليه" (الشن: الصب المتقطع. انظر: لسان العرب لابن منظور (13/242) (رواه مسلم: 285).
وعن معاوية بن الحكم السلمي قال: "بينا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم، فقلت: يرحمك الله. فرماني القوم بأبصارهم، فقلت: واثُكْلَ أُمِّيَاه، ما شأنكم تنظرون إلي؟ فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلمَّا رأيتهم يُصمِّتونني لكني سكت، فلما صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبأبي هو وأمي، ما رأيت معلمًا قبله ولا بعده أحسن تعليمًا منه، فو الله ما كهرني (الكهر: الانتهار. انظر: لسان العرب لابن منظور 5/154)، ولا ضربني، ولا شتمني. قال: «إنَّ هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام النَّاس، إنَّما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن»" (صحيح مسلم: 537).
كما أنَّه صلى الله عليه وسلم كان يُبيِّن للناس الأمور بالرِّفق، ومن ذلك الشاب الذي طلب منه أن يأذن له بالزنى، فعن أبي أمامة قال: إن فتى شابًّا أتى النَّبي صلى الله عليه وسلم فقال: "يا رسول الله ائذن لي بالزنا"، فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالوا: "مه مه"، فقال: «ادْنُه»، فدنا منه قريبًا، قال: فجلس، قال: «أتحبُّه لأمِّك؟» قال: "لا والله جعلني الله فداءك"، قال: «ولا النَّاس يحبونه لأمهاتهم»، قال: «أفتحبه لابنتك؟» قال: "لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداءك"، قال: «ولا النَّاس يحبونه لبناتهم»، قال: «أفتحبه لأختك؟» قال: "لا والله جعلني الله فداءك"، قال: «ولا النَّاس يحبونه لأخواتهم» قال: «أفتحبه لعمتك؟» قال: "لا والله جعلني الله فداءك"، قال: «ولا النَّاس يحبونه لعماتهم»، قال: «أفتحبه لخالتك؟» قال: "لا والله جعلني الله فداءك"، قال: «ولا النَّاس يحبونه لخالاتهم»، قال: فوضع يده عليه، وقال: «اللهم اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وحصن فرجه»، فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء" (رواه أحمد (5/256) (22265)، والبيهقي في (الشعب) (7/295). قال الهيثمي في (مجمع الزوائد) (1/134): رجاله رجال الصحيح، وصحح إسناده الألباني في (السلسلة الصحيحة) (1/712)، وصححه الوادعي في (الصحيح المسند) (501)).
وكان صلى الله عليه وسلم رفيقًا بنسائه، فعن أنس: أن النَّبي صلى الله عليه وسلم أتى على أزواجه، وسَوَّاق يسُوقُ بهنَّ يُقال له: أَنْجَشَة، وكان يَحْدُو للإبل ببعض الشعر حتى تسرع على حِدَائه، فقال له النبي: «ويحك يا أَنْجَشَة، رُوَيدًا سَوْقَك القوارير» رويدًا أي مهلًا. انظر: لسان العرب لابن منظور (5/154) (رواه مسلم (2323)).
كما أنَّه صلى الله عليه وسلم كان يرفق بأبناء المسلمين، فعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذني فيقعدني على فخذه، ويقعد الحسن على فخذه الآخر، ثم يضمهما، ثم يقول: «اللهم ارحمهما، فإنِّي أرحمهما» (رواه البخاري (6003)).
نماذج من رفق الصحابة رضي الله عنهم
رفق عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
عن زيد بن وهب قال: خرج عمر رضي الله عنه ويداه في أذنيه وهو يقول: "يا لبيكاه يا لبيكاه"، قال النَّاس: "ما له؟" قال: "جاءه بريد من بعض أمرائه أنَّ نهرًا حال بينهم وبين العبور ولم يجدوا سفنًا، فقال أميرهم: اطلبوا لنا رجلًا يعلم غور الماء. فأتي بشيخ فقال: إني أخاف البرد وذاك في البرد، فأكرهه فأدخله، فلم يلبثه البرد، فجعل ينادي: يا عمراه يا عمراه! فغرق، فكتب إليه فأقبل فمكث أيامًا معرضًا عنه، وكان إذا وجد على أحد منهم فعل به ذلك"، ثم قال: "ما فعل الرجل الذي قتلته؟" قال: "يا أمير المؤمنين، ما تعمدت قتله، لم نجد شيئًا يعبر فيه، وأردنا أن نعلم غور الماء، ففتحنا كذا وكذا، وأصبنا كذا وكذا"، فقال عمر رضي الله عنه: "لرجل مسلم أحبُّ إليَّ من كلِّ شيء جئت به، لولا أن تكون سُنَّة لضربت عنقك، اذهب فأعط أهله ديته، واخرج فلا أراك" (رواه البيهقي في (السنن الكبرى) (8/559) (17555)).
- وعن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: "خرجت مع عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، إلى السوق، فلحقت عمر امرأة شابَّة فقالت: "يا أمير المؤمنين هلك زوجي، وترك صبية صغارًا، والله ما ينضجون كراعًا (الكراع في الغنم والبقر بمنزلة الوظيف في الفرس والبعير، وهو مستدَقُّ الساقِ. انظر: (الصحاح) للجوهري: 3/1275)، ولا لهم زرع، ولا ضرع، وخشيت أن تأكلهم الضبع، وأنا بنت خُفاف بن إِيماء الغفاري، وقد شهد أبي الحديبية مع النَّبي صلى الله عليه وسلم"، فوقف معها عمر ولم يمض، ثُمَّ قال: "مرحبًا بنسب قريب، ثم انصرف إلى بعير ظهير (بعير ظهير أي قوي. انظر: فتح الباري لابن حجر: 1/152) كان مربوطًا في الدار، فحمل عليه غرارتين (مثنى غرارة وهي ما يوضع فيها الشيء من التبن وغيره. انظر: عون المعبود للعظيم آبادي: 8/147). ملأهما طعامًا وحمل بينهما نفقة وثيابًا، ثم ناولها بخطامه، ثُمَّ قال: اقتاديه فلن يفنى حتى يأتيكم الله بخير"، فقال رجل: "يا أمير المؤمنين، أكثرت لها"، قال عمر: "ثكلتك أمُّك، والله إني لأرى أبا هذه وأخاها قد حاصرا حصنا زمانًا فافتتحاه، ثم أصبحنا نستفيء (نستفيء من استفأت هذا المال أي: أخذته فيئا، أي نطلب الفيء من سهمانهما. انظر: عمدة القاري لبدر الدين العيني: 17/219). سهمانهما فيه" (رواه البخاري: 4160).
وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يذهب إلى العوالي كل يوم سبت، فإذا وجد عبدًا في عمل لا يطيقه وضع عنه (رواه مالك (2/980) (41)).