لولا رحمة الله
منذ 2007-06-25
على حضرة الركاب المسافرين على الرحلة رقم..... والمتوجهة إلى..... الرجاء التوجه إلى صالة المغادرة استعداداً للسفر... دوى هذا الصوت في جنبات مبنى المطار، أحد الدعاة كان هناك جالساً في الصالة، وقد حزم حقائبه وعزم على السفر إلى بلاد الله الواسعة للدعوة إلى الله عز وجل، سمع هذا النداء فأحس بامتعاض في قلبه.. إنه يعلم لماذا يسافر الكثير من الناس إلى تلك البلاد وخاصة الشباب، وفجأة لمح هذا الشيخ الجليل شابين في العشرين من عمرهما أو تزيد قليلاً، وقد بدا من ظاهرهما ما يدل على أنهما لا يريدون إلا متعة الحرام من تلك البلاد التي عرفت بذلك.. لابد من إنقاذهما قبل فوات الأوان، قالها الشيخ في نفسه وعزم على الذهاب اليهم ونصحهما فوقف الشيطان في وجهه وقال له، مالك ولهم دعهم يمضيان في طريقهما ويرفها عن نفسيهما إنهم لن يستجيبوا لك، ولكن الشيخ كان قوي العزيمة ثابت الجأش عالم بمداخل الشيطان ومخارجه.. استوقف الشابين بعد أن ألقى عليهم التحية، ووجه إليهم نصيحة مؤثرة وموعظة بليغة، وكان مما قال لهما، ما ظنكم لو حدث خلل في الطائرة ولقيتما لا قدر الله حتفكما وأنتم على هذه النية قد عزمتما على مبارزة الجبار جل جلاله، فبأي وجه ستقابلان ربكما يوم القيامة يوم لا تنفع الحسرة والندامة فذرفت عينا هذين الشابين ورق قلبهما من موعظة هذا الشيخ، فقاما فوراً بتمزيق تذاكر السفر وقالا يا شيخ لقد كذبنا على أهالينا وقلنا أننا ذاهبان إلى مكة أو جدة فكيف الخلاص وماذا نقول لهما.
وكان مع الشيخ أحد طلابه، فقال إذهبا مع أخيكما هذا وسوف يتولى إصلاح شأنكما، ومضى الشابان مع صاحبهما وقد عزما على أن يبيتا عنده أسبوعاً كاملاً ومن ثم يعودان إلى أهلهما.. وفي تلك الليلة وفي بيت ذلك الشاب تلميذ الشيخ ألقى أحد الدعاة كلمة مؤثرة زادت من حماسهما وبعدها عزم الشابان على الذهاب إلى مكة لأداء العمرة، وهكذا أرادا شيئاً وأراد الله شيئاً آخر فكان ما أراد الله عز وجل.. وفي الصباح بعد أن أدى الجميع صلاة الفجر، انطلق الثلاثة صوب مكة شرفها الله بعد أن أحرموا من الميقات وفي الطريق كانت النهاية، وكانت الخاتمة والإنتقال إلى الدار الآخرة.
فقد وقع لهم حادث مروع، ذهبوا جميعاً ضحيته فاختلطت دمائهم الزكية بحطام الزجاج المتناثر، ولفظوا أنفاسهم الأخيرة تحت الحطام وهم يرددون، تلك الكلمات الخالدة لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك كم كان بين موتهما وبين تمزيق تذاكر سفرهما لتلك البلاد المشبوهة، إنها أيام بل ساعات معدودة ولكن الله أراد لهم الهداية والنجاة ولله الحكمة البالغة سبحانه، أخي المسلم إذا نازعتك نفسك الأمارة بالسوء إلى معصية الله ورسوله، فتذكر هادم اللذات وقاطع الشهوات ومفرق الجماعات ألا وهو الموت واحذر أن يأتيك وأنت على حال لا ترضي الله عز وجل فتكون من الخاسرين.
وإذا خلوت بريبـة في ظلمـة والنفس داعية إلى العصيان استحي من نظر الإله وقل لها إن الذي خلق الظلام يراني.
شتان بين من يموت وهو عاكف على آلات اللهو والفسوق والعصيان ومن يموت وهو ذاكر لله الواحد الديان فاختر لنفسك ما شئت.
موقع التقوى
المصدر: موقع التقوى
- التصنيف:
اسامة
منذ