هل يمهد الطريق لتقسيم سورية ؟؟

تبادل الاتهامات بالمسؤولية عن الفشل الذريع لمفاوضات جنيف 2 بين كل من روسيا -راعية الإرهاب في سوريا من خلال دعمها اللامتناهي للأسد- والولايات المتحدة الأمريكية ذات المصلحة الفعلية بتواصل الصراع في سورية, وتفضيلها بقاء بشار على وصول الإسلاميين إلى حكم دولة على تخوم القدس والمسجد الأقصى, يثيرالكثير من التساؤلات حول كونها مرحلة من مراحل الوصول إلى الهدف المخطط له مسبقا بتقسيم سورية إلى دويلات صغيرة متصارعة متناحرة.

  • التصنيفات: أحداث عالمية وقضايا سياسية -


تبادل الاتهامات بالمسؤولية عن الفشل الذريع لمفاوضات جنيف 2 بين كل من روسيا -راعية الإرهاب في سوريا من خلال دعمها اللامتناهي للأسد- والولايات المتحدة الأمريكية ذات المصلحة الفعلية بتواصل الصراع في سورية, وتفضيلها بقاء بشار على وصول الإسلاميين إلى حكم دولة على تخوم القدس والمسجد الأقصى, يثيرالكثير من التساؤلات حول كونها مرحلة من مراحل الوصول إلى الهدف المخطط له مسبقا بتقسيم سورية إلى دويلات صغيرة متصارعة متناحرة.

ولا يخفى على أحد أن مخططات تقسيم الدول العربية إلى دويلات, فيما بات يعرف بمشروع "الشرق الأوسط الجديد", والذي يصب في النهاية في مصلحة الكيان الصهيوني, الذي سيصبح حينذاك القوة الضاربة في المنطقة, اعتمدت بشكل نهائي من الكونجرس الأمريكي عام 1983م, بعد أن وافق المجلس بالإجماع في جلسة سرية على مشروع كلف الدكتور "برنارد لويس" بإعداده عام 1980م.

ومن المعلوم أن سياسة الغرب في الوصول إلى أهدافه الخبيثة تمر بمراحل وخطوات, ويبدو أنها تسير في الأزمة السورية نحو التقسيم, فتظاهر الغرب بعدم قدرته على الضغط على بشار لوقف مجازره البشعة بحق الشعب السوري, وإدخال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة, مع تشديد الخناق على توريد السلاح النوعي إلى الثوار, وإرباكهم بمعارك جانبية كمعركتهم مع "داعش", يشير إلى رغبتهم بجر جميع الأطراف للقبول بمشروع التقسيم في النهاية.

ومن هذا المنطلق صرح عضو سابق بالائتلاف السوري المعارض "خالد الخلف" أنه من المتوقع "أن يكون المخرج الدولي للأزمة السورية هو تقسيمها إلى 3 دويلات تتصارع راهنا ومستقبلا؛ لأنه لا يمكن إبقاء بشار رئيسا مهما يكلف الأمر، حتى ولو كان التقسيم، مشيرا إلى أن اللعبة الدولية انكشفت أوراقها للجميع، وأن الأسد يقتل بغطاء دولي.

ولم يكن جديدا أن يحمل "خلف" وغيره من الحكومات وفد نظام الأسد مسؤولية إفشال مؤتمر "جنيف2"؛ بسبب تعنته ببحث موضوع ما أسماه "الإرهاب"، ورفضه مناقشة بند تشكيل هيئة انتقالية في سورية, فجنيف 2 لم يكن بالنسبة لبشار وحلفائه سوى غطاء دولي لكسب الوقت في سبيل الوصول إلى استعادة بعض المناطق التي تم تحريرها على يد الثوار.

وفيما يخص مسألة جدية المجتمع الدولي وصدقه في حل الأزمة السورية، والتي يرددها الكثير من المسؤولين -ومنهم عضو الائتلاف السوري السابق خلف- الذي صرح لصحيفة "الوطنية" السعودية قائلا: "إذا كان المجتمع الدولي صادقا في حل الأزمة السورية فعليه دعوة بشار شخصيًّا، والتفاوض مع إيران لإزالة احتلالها لسوريا، وإلا سيكون القتال الداخلي إلى ما لا نهاية".

فإن الحقيقة أن المجتمع الدولي -المحكوم منذ إنشائه بمطامع الغرب- لم يكن يوما صادقا في حل الأزمة السورية ولن يكون, كما أنه مسؤول عن دماء المسلمين التي تراق هناك وفي معظم دول العالم, فكيف يمكن له أن يكون سببا في الحل ؟!!

إنها الحقيقة التي لا بد أن يعيها المسلمون جيدا إذا أرادوا لمأسينا أن تتوقف, فلا يمكن أن نتوقع من العدو أن يعمل على إيقاف جراحاتنا التي تنزف بشدة في كل مكان, بل لا بد من العمل لمواجهة هذا العدو بكل الوسائل الممكنة, وعدم الاستسلام لمخططاته ومؤامراته بحقنا.
إن استسلام الفريسة لعدوها هو السبب الأهم والأبرز في اصطيادها ووقوعها لقمة سائغة في فمه, بينما مقاومتها وهربها نحو الأمام دون التفات للوراء هو أقوى عوامل إفلاتها ونجاتها, فكيف إذا كان المسلمون يملكون من عوامل القوة المادية والاقتصادية وحتى العسكرية ما يجعلهم قادرين على مواجهة أي معتد أو طامع.

نعم .. قد تكون المخططات والمؤامرات على هذه الأمة كبيرة وخطيرة, إلا أنها على كل حال ليست حتمية, ويمكن مواجهتها بالعلم بها مسبقا, ومن ثم العمل على إجهاضها وإحباطها, وهذا لن يكون إلا بعودة المسلمين إلى دينهم, واعتصامهم بحبل الله المتين الذي أرشدنا إليه القرآن الكريم بقوله تعالى : {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [آل عمران: 103].