هكذا تكون لذة الخيانة

منذ 2002-07-12
قصة ليست من نسج الخيال !!...
كان في رغدٍ من العيش ؛ يحسده عليه وعلى وظيفته ومنصبه أقرانُه ؛ يجري عليه رزقه بكرةً وعشياً ؛ يتقلب في نعم الله تعالى .. لكن .. دونما حمدٍ ولا شكر .

عقد صداقةً متينة ؛ وربط وشائج حميمة ؛ مع من كان سبباً في إخراج آدم من الجنة ؛ مع إبليس الرجيم !
سلَّمه مفاتيح قلبه ؛ يدخله متى شاء كما يشاء ويفعل به الأفاعيل ؛ ويتركه تتعاوى وتتعادى فيه الوحوش الضاريات .

وفي غمرة الضياع عرضت له امرأةٌ آيةٌ في الفتنة ؛ يرقص الدَّلُّ والغُنجُ في أعطافها ؛ وتمزج ذلك كله بالتمنع المصطنع .... وهن راغبات(1)! ..
وقع ذلك من نفسه موقعاً عظيماً ..

 

أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى *** فصادف قلباً خالياً فتمكنا

أما هو فقد كان خليَّ القلب ؛ لكنه كان يعرف الهوى ... فهوى في مهاوي الردى ؛ ودركات الرذيلة .

كانت تلك المرأة ؛ امرأةَ جاره ؛ وكانت مُنعمَّةً في بيتها ؛ مطاعة الأمر لدى سيدها ! ورغم تعاقب السنين وطول العشرة لم يعرف الملل إلى قلب زوجها منها طريقاً ؛ بل كان يتحبب إليها بكل ما تشتهي حتى كانت ( .. أنموذجاً ) في النساء فريداً .
لكنها هي أيضاً من اللائي أنخْن المطايا على باب من أغوى حواء وأخرجها من الجنة ..!

 

* * *رآها فّفُتِنَ بها ؛ ورأته هي فصادته ؛ وألقته في شباكها عبداً ؛ ونسيت الله ونسيت الزوج العبد السيد ! ونسيت ستة من الأطفال هم نتاج زواجها في سنوا ت عمرها .

 

ألقت إليه رقم هاتِفها ؛ فهاتَفها ؛ وكان يقضي معها الليالي الطوال على الهاتف في آهات الغرام الساخنة الفاجرة الكاذبة الخاطئة ...

وفي يوم ٍ... أقنعها بضرورة رؤيتها ..
- نار الشوق تُلهب قلبي .. أريد أن أراكِ ..- غداً .. زوجي في عمل آخر النهار .. إلى منتصف الليل .. سأرقد أطفالي .. وأنتظرك ؛ الساعة التاسعة مساء ، بعد صلاة العشاء !!- ما أطولها من ليلة حتى أراك غداً ..- ( ضحكة فاجرة مجلجلة ) .. تُصبح على خير !

 

* * *كان زميل الزوج يتفقد شبكة الهواتف في الحيّ ؛ فهذا عمله وعمل زوجها ؛ لفت انتباهه انشغال هاتف منزل زميله طويلاً ، وبدافع الفضول أقحم نفسه في ( الخط ) مسترقاً للسمع ! فإذا بالمفاجئة وهول الصدمة يعقد لسانه : رجلٌ أجنبيٌ يحادث امرأة زميله بكلام يقطر منه الفحش والتفحش وهي سامعة مطيعة ضاحكة ...فاجرة ! .

 

هُرع إلى مقر عمله ؛ حمل المصحف بيده ؛ دخل على زميله (.. زوجها ) ؛ قال له :- أريدك أن تقسم لي بالله وتعاهدني ألاَّ تمسني بسوء .. وضعْ يدك على المصحف(2)..
- ( أقسم له كما أراد )..!- زوجتك على موعدٍ خبيث ٍ مع خبيثٍ غداً ..! بعد صلاة العشاء ؛ التاسعة مساءاً !

ضاقت عليه الأرض بما رحبت ؛ وضاقت عليه نفسه ؛ وتتابع شريط الأحداث في عقله سريعاً .. الشرف .. العرض .. الأطفال .. العمل .. الزوجـ ... ؛ تصبَّر كمن يجرع العلقم طلباً للشفاء ؛ وكمن يمشي على الرمضاء في اليوم الصائف في شدة القيظ ؛ طلباً للظل الظليل ..

 

* * *همَّ أن يبطش بزميله ؛ فتذكر أن يده لا تزال على المصحف ؛ وأنه أقسم له ألاَّ يمسه بسوء .

 

في الموعد المضروب ؛ كانت سيارة تجوب الحي ؛ لا تلوي على شيء .. بها رجل يكثر الالتفات يميناً وشمالاً ؛ وَقَفَها(3) بعيداً .. ثم ترجل .. مشى على رجليه .. أتى باباً لبيتٍ لا يبعد عن المسجد كثيراً .. !
امتدت يده لكي يقرع الجرس ؛ وقبل أن تقع يده على زر الجرس ؛ فُتح البابُ فجأة ! ..وقف برهة .. ثم .. نظر .. ثم .. دخل بخطوات ثابتة .. ؛ وأغلق الباب خلفه بقوة ؛ فانبعث صوتٌ أصمَّ الآذان ...

كان هناك من يرقب البيت وضيفه الخبيث ! لكنه كان في همٍّ عظيم وصبرٍ أعظم .
انتظر زمناً ؛ ثم ترجل من سيارته ؛ ووقف لدى الباب ؛ أدخَل المفتاح وأدراه برفق ؛ فُتح الباب ؛ ثم... فَتح البابَ الداخلي ! ثم ...... هناك كانت المفاجأة التي تعقد لسان أفصح الفصحاء وأبلغ البلغاء في الدنيا ..الزوج والزوجة والخائن ؛ كلهم يلتقون في صالة المنزل ؛ ولكن رجلاً واحداً منهم فقط كان يلبس ثيابه .. أما الآخران .. فكما خلقهم الله ؛ حفاة عراة !

امتدت يد الزوج بقوة إلى باب الصالة المطل على غرفة صغيرة مجاورة ليفتحه ويُدخل الأطفال الستة الذين حبستهم العاهر بها ! فإذا بهم يدخلون ليقفوا على أفظع منظر رأته أعينهم البريئة في حياتهم .

نظر الزوج إلى الخائن والخائنة .. وأخرج من جيبه مسدساً حمله بيدٍ ترتجف من الغضب .. وجهه إلى الخائـ.....
- ماذا تظن أن أصنع بك الآن يا من انتهكت حرمتي وعرضي ودنست شرفي ..- .......................... !!- ( أرجع مسدسه على جيبه ) .. اسأل الله العظيم جبار السموات والأرض ؛ أن يجعل ذنب هؤلاء الصغار في عنقك إلى يوم القيامة ... أخرج .. أخرج ... الله ينتقم منك .. الله ينتقم منك ..وأنتِ البسي ثيابك واتصلي بأهلك وقولي لهم .. قولي لهم سنزوركم غداً حسبي الله ونعم الوكيل .. حسبي الله .....

 

* * *سحابة سوداء خيمت على وجوه الأطفال الأبرياء ؛ ولاذوا بأمِّهم العريانة التي تتقي بيدها عو....... ؛ وبكاءٌ ونحيبٌ يشق سماءَ ( الصالة ) .. وأعظمه بكاء المطعون في عرضه ؛ وعفة زوجته ؛ وحرمة منزله .. موقف يعجز القلم عن تصويره .

 

 

* * *أما الخائن .. فلبس ثيابه ؛ وخرج ولمَّا يغتسل ْ ! . مكث غير بعيد يرقب المكان ؛ فإذا سيارات النقل الثقيل ؛ ورجالٌ يدخلون المنزل ويخرجون يحملون على أكتافهم أثاث المنزل المنكوب ! وفجأة .. إذ بالزوج يخرج ووراءه الخائـنـة .. وخلفهم الأبرياء .. وعلى صدر الأب أصغر طفلٍ فيهم!, .. استقلوا سيارتهم .. وانطلقوا .. ؛ تبعهم الخائن من حيث لا يشعرون ؛ قطعوا مئات الأميال وهو خلفهم ؛ حتى تبين له أنهم فارقوا المنطقة ... إلى ... إلى الرياض ! حيث يقيم أهل الخائنة .أما هو فواصل سيره الساعات الطوال ؛ حتى وقف سيارته بجوار مسجد على قارعة الطريق ؛ اغتسل ... ثم .. واصل سيره .. فلم يقف بسيارته إلاّ بجوار .. بيت الله العتيق .. نظر طويلاً إلى الكعبة المشرفة ! التي تتستر بثيابها السوداء الجميلة ؛ فسالت دموعه على خديه ؛ وألم الجريمة يقطع قلبه تقطيعاً ؛ ويلوح له بين ناظريه أنىّ اتجه .

 

مكث سبعة أيام ؛ لا يذوق فيها طعماً للنوم ؛ إلاَّ يسيراً إذا غلبه النوم ؛ .. صلاة ٌ وبكاء وطواف واستغفار وشرب من ماء زمزم ....غاب عن عمله وعن الدنيا جميعاً ؛ ثم عاد إلى شقته وكان ( عزباً )! هو وزميل له .
عاد إلى شقته لكنه غير الشخص الذي خرج منها قبل أسبوع ؛ رآه زميله فعانقه وعاتبه على غيابه دون أن يخبره أو يخبر عمله أو والدته ؛ فلم يرد عليه إلاَّ بالاستغفار والتسبيح والتهليل .. فانفجر زميله ضاحكاً..- ما هذا الحال ؟! أراك تستغفر ... وأنت أكبر (.. مغازل )..!- ( بكاء قلب الهزل إلى جدٍ ).. هل تذكر جارتنا ؟- نعم ...- هل تعلم أني كنت على علاقة بها ؟- نعم أعلم ..- فهذه قصتنا فاسمعها ...!... وبعد ! فإنها ( من صميم الواقع ) .

وكتبها الشيخ « موسى محمد هجاد الزهراني » نائب مدير الشؤون الدينية بمجمع الملك فهد الطبي العسكري بالظهران .

-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-.-
(1) يروى في ذلك حديث ضعيف .

(2) لا أصل لهذا في الشرع .

(3) هذا اللفظ الفصيح ومنه قوله تعالى ( وقفوهم إنهم مسؤلون ) [الصافات] .

المصدر: خاص بإذاعة طريق الإسلام
  • 3
  • 5
  • 53,198
  • رابعة

      منذ
    [[أعجبني:]] أسلوب الشيخ خلاب في السرد .. و مفرداته جذابة آسرة لكن عندي ملاحظات .. [[لم يعجبني:]] فاتك يا شيخي أن تذكر مصيبة المتجسس الذي استمع ففضح و هتك ما ستره الله .. الله تعالى ستير يحب الستر .. قد تعظم الخيانة في قلوبنا فننسى عندها ما أمرنا به .. الستر .. قليل من التأمل في ديينا نعلم به كيف يريد الله تعالى الحفاظ على الأسر و البيوت و سلامتها و سلامة المجتمع .. تهور الأب بنكبةأبنائه بأمهم .. ما كان له داعي يريهم إياها و هي بهذا الوضع ..إن كان يحبهم .. هذه أيضا ما علق عليها الشيخ .. القصص كثيرة .. و لكن كنت أتمنى أن يعلق الشيخ و يضيء بعض الإضاءات على بعض التصرفات .. من خلال ما علمه الله من أحكام الشريعة و أخلاقها و قيمها .. وإلا .. فكتاب القصة كثر ..
  • عتيد

      منذ
    [[أعجبني:]] مقالة مناسبة وفي محل مناسب...ويحدث مثل هذه القضايا بل وأبشع منها... حتى مع الخدم...وللأسف!!! عليه،أقول: فاعتبروا ياأولي الأبصار...واتقوالله في أنفسكم
  • صفا

      منذ
    [[أعجبني:]] شدني عنوان المقاله [[لم يعجبني:]] كان لازم يكون العنوان لمقاله اخري!! وللاسف المقاله دي ممكن تتعمل فيلم فاشل لانني لم استفيدشيئ جديد بعد قراءتها!!! غير اني صعب عليا اوي الاطفال وحالهم الان بعد هذه الصدمه
  • adam

      منذ
    [[أعجبني:]] ردا على أخينا وليد أبو الفضل.. أخي العزيز.. ما يجب عليك أن تغيّر المنكر ما استطعت إلى ذلك سبيلا.. كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.. "من رأى منكم منكرا فليغيّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه..." فيجب عليك أن تمتنع عن هذا المنكر، تمنعه من بيتك وإخوتك، المرحلة الثانية: تنصح أصحابك ومن تعرفه يشاهد وينشر هذا الشر.. المرحلة الثالثة.. أن تستنكر ما يفعله من لا تستطيع نصيحته.. هذا ما أراه على حسب ما فهمت منك. والله أعلم
  • adam

      منذ
    [[أعجبني:]] أخي وإخواني في الله.. ما يجب عليك أن تغيّر المنكر ما استطعت إلى ذلك سبيلا.. كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.. "من رأى منكم منكرا فليغيّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه..." فيجب عليك أن تمتنع عن هذا المنكر، تمنعه من بيتك وإخوتك، المرحلة الثانية: تنصح أصحابك ومن تعرفه يشاهد وينشر هذا الشر.. المرحلة الثالثة.. أن تستنكر ما يفعله من لا تستطيع نصيحته.. هذا ما أراه على حسب ما فهمت منك. والله أعلم
  • إسماعيل

      منذ
    لم يعجبني: العنوان غير مناسب.. والسؤال هنا الرجل الضحية دعا على الشاب وهو مظلوم طبعا، فهل سيعاقب هذا الشاب حتى بعد توبته إن لم تسامحه الضحية؟
  • وطاس فريد

      منذ
    [[أعجبني:]] أعجبني فيها أن القصة فيها كثير من آيات الله في خلقه وأهمها الهداية، فإن لم نكن نعرف طريق الهداية لا يمكن أن نعرف طريق الله أبدا والله المستعان.
  • وليد أبو الفضل .

      منذ
    [[أعجبني:]] كنت أقول سابقا .. إنها حرب علينا من الخارج .. لكن اليوم أجد أن المصريين أنفسهم يصورون الأفلام الخليعة .. فيستهزئون بى و يقولون لى : هى الأن حلال .. فلابد لنا من التعلم .. فماذا أفعل بالله عليكم ؟؟؟
  • طالبة علم

      منذ
    [[أعجبني:]] هذه القصة .. هي من القصص التي تتكرر و العياذ بالله .. في هذه الأيام .. فنسال الله العافية .. و لكن يجب معرفة أسباب ذلك حتى لا تتكرر .. و أهم الأسباب .. عدم التربية الدينية .. فتنظر المرأة الى الرجل و الرجل ينظر اليها .. و أيضا اهمال الزوج أحيانا للمرأة .. فنراها تلجأ الى غيره لتجد الحنان الذي تفتقده .. أو أن يترك الرجل للمرأة الحبل على الغارب .. فلا يلقي بالا لتصرفاتها .. فليتق الله الرجال في النساء .. فان المرأة لا تنظر الى غير زوجها .. الا اذا كان زوجها مهمل لها غير مهتم بشؤونها .. و طبعا هذه أسباب .. و لكن لا نغفل عن أهم شيء و هو العلاج الأنفع .. ألا و هو مراقبة الله عز و جل .
  • مها اليوسف

      منذ
    [[أعجبني:]] تمسك ذلك الزوج المخدوع باعصابه . [[لم يعجبني:]] الخيانه نفسها.. و تصرف الصديق الذي ليس لديه أدنى شئ من الحكمة .. و كان الواجب و الأفضل عدم التنصت على الهاتف من أساس الموضوع .. ثم الأهم من ذلك عدم إخبار الزوج .. و بهذه الطريقة المدمرة .. و لو فكر هذا الصديق بشئ من الحكمة .. لكان عليه أن يحاول كل جهده الإتصال بهذا الزوجة .. و إعلامها بما علم عنها .. ثم تهديدها بذلك .. و ذلك عن طريق إعلام زوجها و أهلها بذلك .. إن لم تعدل عن هذه العلاقة المدمرة للاسرة .. و محاولة بذل جهد في إنتقاء أي أخت من الصالحات .. و هن كثيرات .. أن تتعرف عليها و تعلمها بما علمت و إعطائها مواعظ .. لصدها عن هذا الطريق .. و ربما كانت قد تهتدي على يدها .. بعد تخويفها بالله .. و تذكيرها بعذابه .. سبحانه و تعالى .. و لكن لا حول و لا قوة الا بالله العلي العظيم .. فقد تصرف هذا الصديق بتصرف طائش .. و قد اعتقد أن هذا لمصلحة صديقه .

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً