رسالة إلى الائتلاف السوري
محمد العبدة
كتبت سابقا مخاطبا أعضاء الائتلاف السوري، وذلك قبل مؤتمر جنيف وقلت يومها: الحل ليس في جنيف (1) وليس في جنيف (2) وأقول الآن: وليس في جنيف (3)، وإنما الحل عند الشعب السوري، عند الثوار الذين خرجوا في الشوارع يتحدون النظام والذين يقاتلونه دفاعا عن الدين وعن بلد إسلامي محتل، وعن كرامة الإنسان وحريته، وعندما نقول عند الشعب السوري فهذا يعني أن يكون هناك تلاحم وتوافق مع كل المخلصين الأوفياء ومع كل المقاتلين الصادقين، لأن هذا النظام مكشوف لأبسط رجل في سورية، إنه لا يفهم إلا لغة القوة، وأنه قد تمرس بالمماطلات ونقض العهود والوعود.
- التصنيفات: أحداث عالمية وقضايا سياسية -
كتبت سابقا مخاطبا أعضاء الائتلاف السوري، وذلك قبل مؤتمر جنيف وقلت يومها: الحل ليس في جنيف (1) وليس في جنيف (2) وأقول الآن: وليس في جنيف (3)، وإنما الحل عند الشعب السوري، عند الثوار الذين خرجوا في الشوارع يتحدون النظام والذين يقاتلونه دفاعا عن الدين وعن بلد إسلامي محتل، وعن كرامة الإنسان وحريته، وعندما نقول عند الشعب السوري فهذا يعني أن يكون هناك تلاحم وتوافق مع كل المخلصين الأوفياء ومع كل المقاتلين الصادقين، لأن هذا النظام مكشوف لأبسط رجل في سورية، إنه لا يفهم إلا لغة القوة، وأنه قد تمرس بالمماطلات ونقض العهود والوعود.
هذا النظام لا يستطيع أن يفاوض، فتركيبته الأساسية تخالف أي منطق وأي سياسة عقلانية، إنه يعلم أن تفكيك أي جزء منه هو انهيار الكل. هل يمكن التفاوض مع نظام يعتبر كل مقاوم له سواء بالمظاهرات أو المعارضة بالرأي أو بالإعلام هو عمل إرهابي، بل كل مسلم ملتزم بدينه لا يحب الفساد في الأرض هو إرهابي، بل كل شريف معارض له سيخترع له تهمة ما. وهنا سؤال: كيف تفاوضون نظاما يعتبركم إرهابيين ويصادر أملاككم في سورية!
وأما الغرب وموقفه من المؤتمر والقضية السورية، فإن أوروبا كما قيل عنها هي عملاق اقتصادي وقزم سياسي وهي لم تستطع أن تساعد الشعب الأوكراني مساعدة قوية في احتجاجه وانتفاضته ضد التسلط الروسي وإن حاولت ولكن بضعف، وقد علقت بعض الصحف الأمريكية والفرنسية على هذا الضعف الأوروبي. وإذا كان هذا مع الجار القريب فبالأولى أن تتخاذل تجاه القضية السورية أيضا، وإذا كان الموقف الأوروبي بهذا الضعف فإن الموقف الأمريكي أضعف، ليس لأن أمريكا ضعيفة ولكن لأنه لا يوجد قرار ولا توجد إرادة، واللوبي الصهيوني حاضر هناك، والعلاقات مع إيران جيدة. وهكذا أصبحت روسيا لاعبا أساسيا في الشأن السوري، وهي التي تحدد من الإرهابي وغير الإرهابي، وهي التي تعارض أي قرار للأمم المتحدة ولو كان يتعلق بالشأن الإنساني، وتقمص بوتين شخصية القيصر الذي يريد إعادة مجد روسيا التي حاربت المسلمين واستولت على أقاليمهم في القرن التاسع عشر، ولا تزال محتلة للشيشان وداغستان وغيرها. وقد كان غريبا من الائتلاف الذهاب إلى موسكو، وروسيا هي العدو الأول للثورة السورية، ماذا يرجون منها وماذا حققوا من هذه الزيارة، ومن الذي أشار عليهم بهذه الزيارة التي رجعوا منها بخفي حنين.
النظام يماطل ويستفيد من الوقت وأمريكا لا تريد أن تتدخل ولو إنسانيا، وأوروبا لم تحل مشكلة من المشاكل العالمية في العصر الحديث، والدول الصديقة تدعم الثورة ولكن (بالقطارة) كما يقال، ولا ينفع في هذه الأحوال التفجع والرثاء لحالنا، ونبدأ بالكلام على دماء المسلمين الرخيصة، وأنه لو قتلت مجموعة من الحيوانات في مكان ما في الأرض لهاجت جماعات الرفق بالحيوان وتدخلت الدول. كل هذا لا ينفع، ولكن الذي ينفع هو الرجوع إلى سنن الله في النصر والهزيمة، واتحاد الكلمة والتعاون الصادق والاستعانة بالخبرات العسكرية والسياسية والإعلامية هو من سنن الله تعالى في النصر.
لا بد من التنسيق والتشاور والتعاون مع الكتائب التي تنتهج الوسطية، ولا بد من التنسيق والتشاور مع قادة الرأي والعقلاء، عندئذ تكون الكلمة لها أهمية ولها وزن، وتكون ثقة الشعب عاملا قويا لدعم الحراك السياسي وتضطر الدول الصديقة لزيادة الدعم، عندما ترى الدعم الداخلي.
قد يقول بعض أفراد الائتلاف هذا الذي نستطيع عليه أو هذا المتاح أمامنا، ذلك لأنهم لم يقوموا بالأمور الأخرى، لم يجربوا وقفة شجاعة مع كل الذين يتعاملون معهم، لا تنجح الثورة إذا لم يكن هناك ثوار بقيادة واحدة ولها أهداف محددة واضحة. أيصح في هذه الظروف الصعبة والعدو يزود بأحدث الأسلحة الروسية وبالمال والرجال من ايران، أيصح أن لا نفكر في عمل كبير يستحقه الشعب السوري، وحتى لا نتحول إلى لاجئين تتصدق عليهم الأمم المتحدة.