ماذا يحدث في موريتانيا؟!

منذ 2014-03-08

إن من واجب الدعاة والمفكرين المسلمين ليس في موريتانيا فحسب، بل في كل البلاد الإسلامية، توجيه الناس وتعليمهم أمور دينهم، وإزالة جميع الشبهات التي قد يثيرها أعداء الإسلام حول معتقداتهم، وذلك من خلال التركيز على ثوابت هذه الدين، وإثارة الفطرة الإنسانية السليمة التي أودعها الله في نفوسهم، في زمن أصبح شعار "حرية التعبير" بابا واسعا للنيل من مقدسات المسلمين ورموزهم.

 الأحداث المتلاحقة التي تتوالى في أقصى الوطن العربي "موريتانيا" يثير كثيرًا من التساؤلات وعلامات الاستفهام، فمنذ فترة ليست بالقصيرة ومحاولات المساس بهوية المسلمين لم تهدأ هناك، وحوادث النيل من مقدسات المسلمين ورموز دينهم تجري على قدم وساق، وخاصة في بداية هذا العام .

 

ولا شك أن وراء هذه الحوادث المتتالية أصابع تحركها وجهات تمولها وتدعمها، لا تريد الخير للإسلام، وتطمع بإثارة الشبهات حول هذا الدين ونشر بذور الإلحاد فيه، من خلال دفع بعض المأجورين أو المتهورين الجاهلين للتجرأ على الطعن برموز وثوابت هذا الدين .

 

وهو ما أكده الداعية الموريتاني الشيخ محمد ولد سيدي يحي -في محاضرة بثها التلفزيون الرسمي- حيث قال: "إن بعض المنزعجين من إقبال الناس على الله في البلد، باتوا يلجأون إلى أساليب قذرة من خلال استهداف الكتب داخل المساجد للتغطية على كفرهم وإلحادهم المرفوض من قبل الشعب الموريتاني"، كما أصدر بيانا حول جريمة تمزيق المصحف الأخيرة.
 

وبغض النظر عن حوادث الإساءة لمقدسات المسلمين خلال العامين الماضيين في موريتانيا، فإن الأيام الأولى من بداية هذا العام شهدت البلاد حادثة الإساءة للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم, على يد شاب موريتاني يدعى "محمد ولد محمد الشيخ امخيطير" الذي نشر مقالا على الفيس بوك بعنوان: (الدين والتدين و المعلمين) أراد من خلاله إلصاق تهمة تهميش طبقته الإجتماعية الحرفية "المعلمين" إلى الدين الإسلامي، على الرغم من أن الإسلام جاء ليسوي بين جميع طبقات المجتمع، ولا أدل على ذلك من قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } [الحجرات: آية13].

 

بل إن دعوة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لاقت قبولا من ضعفاء أهل مكة في البداية، لكونها تسوي بين الغني والفقير والعبد والسيد والقوي والضعيف، فلا فرق في الإسلام بين بلال بن رباح وصهيب وبين عبد الرحمن وعثمان ررضي الله عنهم أجمعين، وقد طبق النبي صلى الله عليه وسلم هذا الأمر طوال مدة دعوته، وأكد عليه في نهاية حياته خلال خطبة حجة الوداع حيث قال: «أيها الناس ألا إن ربكم واحد وإن أباكم واحد إلا لا فضل لعربي على أعجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى.» [مسند الأمام أحمد بإسناد صحيح برقم: 23536].
 

وبدلا من كتابة مقال للعودة إلى تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، والتمسك بسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم وما كان عليه السلف الصالح، لتخليص المجتمع من حالة الطبقية والتهميش التي تعيشها -التي يعتبر الابتعاد عن الإسلام سببها الرئيسي- تطالعنا مواقع التواصل الاجتماعي بمقال يهاجم الإسلام، ويتهم الرسول صلى الله عليه وسلم بما لا يليق به، الأمر الذي يشير إلى وجود من يدفع أمثال هؤلاء الشباب لتبني أمثال تلك الأفكار المقلوبة والمغلوطة عن الإسلام.
 

ولم تكد تهدأ تداعيات نشر ذلك المقال على مواقع التواصل الاجتماعي، حتى فوجئ الشعب الموريتاني المسلم بما لم يحدث في تاريخه مطلقا من قبل، حيث نقلت تقارير إعلامية عن شهود عيان قيام أربعة أشخاص بدخول مسجد في حي تيارت بنواكشوط، وتمزيقهم 4 مصاحف، ثم قاموا برميها في باحة المسجد وفي المكان المخصص للوضوء، ما أثار موجة احتجاجات امتدت إلى مناطق مختلفة من العاصمة، وأدت إلى مقتل طالب جامعي إصابة آخرين بحروق جراء انفجار قنبلة غازية أطلقتها الشرطة على المتظاهرين الغاضبين .
 

وأوضح إمام المسجد -الذي تحدث لقناة شنقيط الفضائيية- : "إن الجناة أربعة أوقفوا سيارتهم غير بعيد من المسجد ثم دخلوا، وكان أحدهم وهو أبيض البشرة هو من تولى تمزيق المصاحف وتدنيسها، فيما بقي الآخر وهو أسود البشرة يحرسه ويطلب منه أن يسرع في الخروج .

 

ومن خلال هذه التفاصيل يتبين أن الأمر مدبر، وأن هناك من يريد استمرار ظاهرة المساس بالمقدسات في موريتانيا، ونشر بذور الإلحاد في المجتمعات الإسلامية، من خلال تزايد أمثال هذه الحوادث التي تمهد لانتشاره، ناهيك عن المآرب السياسية والأيديولوجية التي يسعى البعض لتحقيقها مستغلين أمثال هذه الظروف، خاصة في ظل التوترات السياسية التي تشهدها كثير من الدول العربية والإسلامية.
 

وإذا كان واجب الدولة في موريتانيا ملاحقة الجناة والقبض عليهم وإنزال العقوبة الشرعية المستحقة عليهم، إضافة لمراجعة القوانين الخاصة بالمساس بالمقدسات الدينية، وإجراء التعديل المناسب على العقوبة فيها بما يناسب الحوادث المتلاحقة في البلاد، مما يكون رادعا لتكرار هذه الحوادث في المستقبل، وذلك قبل أن يستفحل الأمر ويخرج عن السيطرة، خاصة إذا علمنا أن الشعب الموريتاني بأكمله مسلم سني، ولا وجود لأي ديانة أخرى هناك.
 

فإن من واجب الدعاة والمفكرين المسلمين ليس في موريتانيا فحسب، بل في كل البلاد الإسلامية، توجيه الناس وتعليمهم أمور دينهم، وإزالة جميع الشبهات التي قد يثيرها أعداء الإسلام حول معتقداتهم، وذلك من خلال التركيز على ثوابت هذه الدين، وإثارة الفطرة الإنسانية السليمة التي أودعها الله في نفوسهم، في زمن أصبح شعار "حرية التعبير" بابا واسعا للنيل من مقدسات المسلمين ورموزهم.

 

عامر الهوشان

 

  • 2
  • 0
  • 3,000

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً