السادسة مساءًا
سوف ينزل عليك الخبر كالصَّاقعة، لدرجة أنّه يشُلُّ تفكيرك لدقائق، وربّما أثار قشعريرة في جسدك وأنزل دمعة من عينك!
مع دورة الأيّام وسرعة انقضائها أدعو الله عز وجل أن يمتعك بالصحة
والعافية، وأن يديم عليك نعمة الإسلام، وأن يفيض عليك من كرمه
وجوده..
لكن دعنا نكن جادين ولو مرة واحدة في حياتنا ونرسم صورة لواقع مؤلم
ومحزن ليوم قادم في حياتك قرب أم بعد!
هب أنّك علمت أن يوم غد الساعة السادسة مساءا سوف تنتقل إلى قبرك..
نعم سوف يداهمك الموت وينِزل بساحتك شئت أم أبيت!
أليس هذا أمراً ممكناً؟ إذاً دعنا نَرَ صورةً لما سوف تعمله من هذه
اللحظة التي علمت فيها بهذا الخبر وحتى ساعة الاحتضار: السادسة
مساءا!
سوف ينزل عليك الخبر كالصَّاقعة، لدرجة أنّه يشُلُّ تفكيرك لدقائق،
وربّما أثار قشعريرة في جسدك وأنزل دمعة من عينك!
وانتفاضة الجسم ووهن الركب في هذا وارد غير مستبعد لدقائق.. وقد يستمر
ساعاتٍ! سوف تقفز من فراشك الوثير.
ودوام العمل لا معنى له! أمّا أحبابك وصغارك فإنَّ النّظرة الحنونة
تختفي والابتسامة العريضة تزول..
فلقد شُغلت بما هو أهم وأعظم! الوقت يمر سريعاً وأنت بين حالين:
استثمار الوقت في الدعاء والاستغفار، وبين ردّ الحقوق وتصفية
الحسابات.. والتأهب للرحيل غداً!
ستواجهك مشاكل كثيرة لا يكفي الوقت لحلّها.. مثلاً: بقي عليك خمسة
أيّام من شهر رمضان أفطرتها وأنت مسافر العام الماضي والوقت الآن ليس
فيه مُتسع! وهناك أموال لأصحابها لم تصلهم، وهناك ديون عليك لم
تسددها.. !
العجب أن مساء هذا اليوم لك موعد مع صاحب تجارة للبحث معه في إجراء
تسليم مبلغ خمسة ملايين ريال! ومتى يتم تسليمها إليك!؟
ولكن هذه الخمسة ملايين مرت أمام فكرك في أقل من لحظة ولم تشغلك
كثيراً!!
أما ذلك الموعد المضروب لك صباحَ الغد مع المسؤول الكبير فلا يعني لك
شيئاًّ! وقد كنت حريصاً على هذا اللقاء من قبل، وبذلت الأسباب وسعيت
بكل قوة لتحديده!
بقى على موعد الأذان ساعة أو تزيد من الآن، ولكنك سارعت إلى الوضوء
والسؤال عن موعد الأذان، وقال لك من حولك: لا يزال الوقت مبكراً.. بقي
ساعة ونصف فلم السؤال؟ ورغم ذلك هرولت إلى المسجد على عجل، فإذا
الأبواب مغلقة والمسجد مطفأ الأنوار! لكنّك وقفت دقائق في حر الشمس
تنتظر لعلَّ الباب أن يفتح!
بعد موعدك غداً مع المسؤول الكبير هناك توقيع عقد جاهز لإنجاز أعمال
تزيد قيمتها عن مائة مليون ريال، لكنك أسقطت الموعد ولم تهتم
به!
ألهذا الحد فجعك الموتُ وألهاك عن مائة مليون ريال دفعةً واحدةَ! لقد
سقط مفهوم الحياة لديك فقد أدبرت الدنيا وأقبلت الآخرة وأتى الموعد
الحق.
عدت من المسجد خائفاً تترقب الموت وتنتظر إلى الساعة الحاسمة
الفاصلة.. وكانت العائلة
مجتمعةً على مائدة الغداء ورفعت صوتك على عجل عندما دُعيت للطعام..
(سامحوني) (حلّلوني) ثم أطلقت نظرةً نحو أحبّ صغارك إليك
وقلت للجميع: "لا
تنسوني من الدعاء.. " فإذا الصغير يقول..
" ألم تعمل يا أبي من قبل؟ "
لكن لا وقت لديك للطعام، ولا لرد الجواب فالوقت يمرُّ سريعاً..
مررت من أمام سيَّارتك الجديدة التي دفعت فيها كما قلتَ مبلغاً كبيراً
لتستمتع بالحياة، ولكن هذا الاستمتاع سقط وأنت تمر بجوارها وتنظر
إليها في ازدراء.
مرت الساعات سريعة عجلى، وأقبل الليل والجميع غادر إلى فراشه يبحث عن
النوم.. أمّا أنت فعيناك زائغتان وقدمك تجري ولسانك يردد كلمات الذكر
الاستغفار ثم توضأت وبدأتَ تصلّي وأطلت الصلاة!
ومرت ساعة وساعتان وأنت تصلي!
وأسرعت عندما سمعت الأذان الأوّل للفجر وظننت أن الصلاة بقي عليها أقل
من نصف ساعة وإذا بك تقضي ساعتين في المسجد تنتظر الصلاة فرحاً
سعيداً، ولكن أهمّك إقبال ا لصباح وموعد الساعة السادسة!
أخي
القارئ..
أطال الله عمرك على طاعته ومتعك بالصحة والعافية.. هل فكرت ماذا تفعل
لو جاءك طارق يطرق بابك ويعلمك بأنّ نهاية أمرك من هذه الدنيا غداً
الساعة السادسة مساء؟ أليس في الوقت متسع لأن تعيد ترتيب أوراقك،
وتنظر في حال أيّامك، وترفع يديك إلى السماء حمداً لله عز وجل إن بقي
في الحياة متسع، ولم يحن بعد موعد الساعة الحاسمة في حياتك!
- التصنيف:
من عباد الله
منذ@تائبه@
منذرونى
منذأبو محمد القاسم
منذاحمد
منذsouas
منذأبوعبيدةعامر
منذابو سميه الواكد
منذفاروق ابراهيم سروجي
منذمحمود صابر
منذ