السادسة مساءًا

منذ 2007-08-06

سوف ينزل عليك الخبر كالصَّاقعة، لدرجة أنّه يشُلُّ تفكيرك لدقائق، وربّما أثار قشعريرة في جسدك وأنزل دمعة من عينك!

مع دورة الأيّام وسرعة انقضائها أدعو الله عز وجل أن يمتعك بالصحة والعافية، وأن يديم عليك نعمة الإسلام، وأن يفيض عليك من كرمه وجوده..

لكن دعنا نكن جادين ولو مرة واحدة في حياتنا ونرسم صورة لواقع مؤلم ومحزن ليوم قادم في حياتك قرب أم بعد!

هب أنّك علمت أن يوم غد الساعة السادسة مساءا سوف تنتقل إلى قبرك.. نعم سوف يداهمك الموت وينِزل بساحتك شئت أم أبيت!

أليس هذا أمراً ممكناً؟ إذاً دعنا نَرَ صورةً لما سوف تعمله من هذه اللحظة التي علمت فيها بهذا الخبر وحتى ساعة الاحتضار: السادسة مساءا!

سوف ينزل عليك الخبر كالصَّاقعة، لدرجة أنّه يشُلُّ تفكيرك لدقائق، وربّما أثار قشعريرة في جسدك وأنزل دمعة من عينك!

وانتفاضة الجسم ووهن الركب في هذا وارد غير مستبعد لدقائق.. وقد يستمر ساعاتٍ! سوف تقفز من فراشك الوثير.

ودوام العمل لا معنى له! أمّا أحبابك وصغارك فإنَّ النّظرة الحنونة تختفي والابتسامة العريضة تزول..
فلقد شُغلت بما هو أهم وأعظم! الوقت يمر سريعاً وأنت بين حالين: استثمار الوقت في الدعاء والاستغفار، وبين ردّ الحقوق وتصفية الحسابات.. والتأهب للرحيل غداً!

ستواجهك مشاكل كثيرة لا يكفي الوقت لحلّها.. مثلاً: بقي عليك خمسة أيّام من شهر رمضان أفطرتها وأنت مسافر العام الماضي والوقت الآن ليس فيه مُتسع! وهناك أموال لأصحابها لم تصلهم، وهناك ديون عليك لم تسددها.. !

العجب أن مساء هذا اليوم لك موعد مع صاحب تجارة للبحث معه في إجراء تسليم مبلغ خمسة ملايين ريال! ومتى يتم تسليمها إليك!؟

ولكن هذه الخمسة ملايين مرت أمام فكرك في أقل من لحظة ولم تشغلك كثيراً!!

أما ذلك الموعد المضروب لك صباحَ الغد مع المسؤول الكبير فلا يعني لك شيئاًّ! وقد كنت حريصاً على هذا اللقاء من قبل، وبذلت الأسباب وسعيت بكل قوة لتحديده!

بقى على موعد الأذان ساعة أو تزيد من الآن، ولكنك سارعت إلى الوضوء والسؤال عن موعد الأذان، وقال لك من حولك: لا يزال الوقت مبكراً.. بقي ساعة ونصف فلم السؤال؟ ورغم ذلك هرولت إلى المسجد على عجل، فإذا الأبواب مغلقة والمسجد مطفأ الأنوار! لكنّك وقفت دقائق في حر الشمس تنتظر لعلَّ الباب أن يفتح!

بعد موعدك غداً مع المسؤول الكبير هناك توقيع عقد جاهز لإنجاز أعمال تزيد قيمتها عن مائة مليون ريال، لكنك أسقطت الموعد ولم تهتم به!

ألهذا الحد فجعك الموتُ وألهاك عن مائة مليون ريال دفعةً واحدةَ! لقد سقط مفهوم الحياة لديك فقد أدبرت الدنيا وأقبلت الآخرة وأتى الموعد الحق.

عدت من المسجد خائفاً تترقب الموت وتنتظر إلى الساعة الحاسمة الفاصلة.. وكانت العائلة
مجتمعةً على مائدة الغداء ورفعت صوتك على عجل عندما دُعيت للطعام.. (سامحوني) (حلّلوني) ثم أطلقت نظرةً نحو أحبّ صغارك إليك وقلت للجميع: "لا تنسوني من الدعاء.. " فإذا الصغير يقول.. " ألم تعمل يا أبي من قبل؟ "

لكن لا وقت لديك للطعام، ولا لرد الجواب فالوقت يمرُّ سريعاً..

مررت من أمام سيَّارتك الجديدة التي دفعت فيها كما قلتَ مبلغاً كبيراً لتستمتع بالحياة، ولكن هذا الاستمتاع سقط وأنت تمر بجوارها وتنظر إليها في ازدراء.

مرت الساعات سريعة عجلى، وأقبل الليل والجميع غادر إلى فراشه يبحث عن النوم.. أمّا أنت فعيناك زائغتان وقدمك تجري ولسانك يردد كلمات الذكر الاستغفار ثم توضأت وبدأتَ تصلّي وأطلت الصلاة!

ومرت ساعة وساعتان وأنت تصلي!

وأسرعت عندما سمعت الأذان الأوّل للفجر وظننت أن الصلاة بقي عليها أقل من نصف ساعة وإذا بك تقضي ساعتين في المسجد تنتظر الصلاة فرحاً سعيداً، ولكن أهمّك إقبال ا لصباح وموعد الساعة السادسة!

أخي القارئ..

أطال الله عمرك على طاعته ومتعك بالصحة والعافية.. هل فكرت ماذا تفعل لو جاءك طارق يطرق بابك ويعلمك بأنّ نهاية أمرك من هذه الدنيا غداً الساعة السادسة مساء؟ أليس في الوقت متسع لأن تعيد ترتيب أوراقك، وتنظر في حال أيّامك، وترفع يديك إلى السماء حمداً لله عز وجل إن بقي في الحياة متسع، ولم يحن بعد موعد الساعة الحاسمة في حياتك!

  • 13
  • 0
  • 9,797
  • من عباد الله

      منذ
    [[أعجبني:]] الموضوع جميل جداٍٍٍوبجد أفقنى من الغفلة جزاكم الله كل خير على هذا الموضوع . وأيضا عنوان المقالة حلو جدا دعانى لقرأتها وأتمنى من الله أن يوفقكم ويجعلكم السبب فى هدايتنا أجمعين. وياريت تسعاعدونى كيف أثبت على الايمان وعلى طاعة الله؟ أرجوكم ساعدونى. [[لم يعجبني:]] لايوجد شئ فيها لم يعجبنى فعلا حلوه جدا
  • @تائبه@

      منذ
    [[أعجبني:]] فكرة الموضوع كلها رائعة واجمل حاجه ان الاخ وضع الحقيقه نصب اعيننا ففعلا لو الانسان عرف ان هيموت فى وقت محدد ومعروف فكيف سيكون الحال وما الوضع اكيد هتفرق كثير ونحن لاندرى متى الموت فيجب الاستعداد للموت دائماووضعه امام اعيننا فى كل وقت [[لم يعجبني:]] الموضوع كله جميل
  • رونى

      منذ
    [[أعجبني:]] وذكر لعل الذكر تنفع المؤمنين
  • أبو محمد القاسم

      منذ
    [[أعجبني:]] فيها تذكير بالهم الحقيقي الذي يجب على الإنسان أن يحمله .. من جعل الهموم هما واحدا فرج الله عنه هم الدنيا وهم الآخرة [[لم يعجبني:]] كل شيئ لم يذكر
  • احمد

      منذ
    [[أعجبني:]] الذى اعجبنى هو اظهار حالنا كبشر و لو فهمنا جميعا الدنيا على حقيقتها لكان حالنا مع الله له شان اخر و لكنا سادة العالم لان الدنيا ليست فى قلوبناو لا حول ولا قوة الا بالله [[لم يعجبني:]] كان نفسى ان تكون كمالة القصة ان الموعد مر و لم يحدث شئ و وهكذا كل يوم و نرى ما يكون عليه التصرف من نفس الشخص
  • souas

      منذ
    [[أعجبني:]] السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الصلاة والسلام على شرف المرسلين وسيد الاولين والاخرين سيدنا محمد عليه افضل الصلاة والسلام وعلى اله وصحبه اجمعين الموضوع ككل اعجبني واسترعى انتباهي ان الانسان بهذه الحياة زائر لوقت قليل بعدها يلقى العلي القدير فبأي حال ياترى سيكون مقامه ألهتنا اعمالنا واولادنا وتفاهات الحياة الغرورة ولم نتدكر ان الموت اقرب الينا من حبل الوريد اجل سعاد الموت تعرفينه يا نفسي باب تدخله كل الخلائق ادعو الله ان يتغمدنا برحمته ويهدينا لصالح الاعمال ويختم لنا بخيرها لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين [[لم يعجبني:]] لا يمكن ان لا يعجبني فهو الحقيقة الوحيدة في حياة بني البشر وهدا لا يعني ان نترك ونزهد بالكل لا الحياة عمل وجد وتقرب من الله عز وجل فقط ان لا يكون كل همنا العمل الزواج الاولاد والسفر الى غير دلك نضع نصب اعيننا اولا واخيرا ان نرضي الله عز وجل في كل صغيرة وكبيرة لا البشر وتكون الحياة قنطرة عبور لدار القرار والله سبحانه راض عنا ويدخلنا برحمته الجنة مع احب مخلوقاته على قلب كل مسلم اجل لقاء الله سبحانه ورؤية رسول الله تستحق اكثر من دلك اللهم اغفر لامة سيدنا محمد مغفرة عامة
  • أبوعبيدةعامر

      منذ
    [[أعجبني:]] أعجبني في المقالة فكرتها وتجسيدها لحال الإنسان في حياته اليومية مع الغفلة التي يعيشها على شكل سيناريو من الأحداث المتتابعة بفرضية الموت المؤقت . [[لم يعجبني:]] لكن حبذا لو تأنى الكاتب في كتابته وراعى الأوقات والعبارات فمثلا : عنوان المقالة لوكان السادسة صباحاً لكان مناسب أكثر لأنه ختم الحديث بصلاة الفجر واللتي تعقبها السادسة صباحاً وليس مساءا.. ومثال: أخطأ الكاتب جزاه الله خيرا عندما قال بأن الرجل هرول مسرعا إلى المسجد فوجد الباب مغلقا والأنوار مطفأة برغم أن الوقت كما يشير المقال هو وقت الظهيرة . فحبذا لو راعى بعض النقاط واللتي ستزيد من جمال المقال لو انتبه لها ... وجزيتم خيرا ...
  • ابو سميه الواكد

      منذ
    [[أعجبني:]] كلها ولله الحمد جيده لكن اريد فقط هل امه الله منتقبة حسب الزي الاسلامي [[لم يعجبني:]] لا شيء جزاكم الله خيرا
  • فاروق ابراهيم سروجي

      منذ
    [[أعجبني:]] طريقة النصح والاعتبار
  • محمود صابر

      منذ
    [[أعجبني:]] أعجبتنى الفكرة لأنها جديدة ، كانت كالجرس أيقظتنى من الغفلة...وظل عقلى يفكر وكأنى سأموت غدا، حقا" مقال مؤثر للغايه ... جزاكم الله عنا خيرا

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً