من يحمي المسلمين؟
سار الكثير من المسلمين وراء من شوَّهوا سمعة الخلافة الإسلامية رغم حمايتها لحدود وأعراض وأرواح الملايين من المسلمين لمئات السنين ولم تسقط فلسطين إلا بعد زوالها...
- التصنيفات: الواقع المعاصر - مواضيع إخبارية -
صدمة كبيرة تجتاح المرء عندما يطَّلِع على أحوال المسلمين حول العالم والمجازر التي يتعرَّضون لها، وسط صمت المؤسسات الدولية واكتفاء الدول العربية والإسلامية بالاستنكار والشجب؛ دون اتخاذ إجراءات حاسمة لحمايتهم وسط سؤال يتردد على الألسنة بقوة.. من يحمي المسلمون؟
منذ انهيار الخلافة الإسلامية إثر سقوط الدولة العثمانية في بدايات القرن التاسع عشر الميلادي وهذا السؤال لا توجد له إجابة شافية، رغم وجود اتحادات وروابط إسلامية تم تشكيلها في مراحل لاحقة إلا أنها عجزت عن القيام بهذا الدور حتى الآن، وفشلت في تكوين آليات ضغط من أجل حماية مصالح المسلمين، وتحسين أوضاعهم خصوصًا مع تزايد أعدادهم وانتشارهم في مناطق كثيرة كأقليات تحت أنواع مختلفة من الحكم بعضه وثني والبعض الآخر نصراني أو عنصري أو دكتاتوري.
وإذا أمعنَّا النظر؛ نجد أن في البلدان الوثنية التي يُعبَد فيها بوذا أو غيره تتمتع الأقليات من الأديان الأخرى بحقوق أفضل بكثير من المسلمين، حيث توجد دول ومنظمات تضغط على سلطات هذه البلدان من أجل هذا الهدف وتعلق مساعدات وخدمات واستثمارات في حال تعرَّض "المسيحيون" مثلًا أو اليهود لاضطهاد أو تم هضم بعض حقوقهم.
أما المسلمون فيتعرَّضون لحملات من التجويع والحصار والقتل، وهدم المساجد وتدنيس مقدساتهم دون أن نسمع عن إجراء واحد حاسم لحمايتهم...
عدد من الدول الإسلامية والعربية تمتلك الكثير من الثروات والاستثمارات والمصالح مع مختلف دول العالم ومع ذلك قَلَّ أن تجد موقفًا حاسِمًا يتم اتخاذه لحماية دماء المسلمين التي تراق كالأنهار في ميانمار وأفريقيا الوسطى ومالي وتركستان الشرقية وتايلاند وغيرها من بلدان العالم.
لقد كشف الحديث الذي أدلى به أحد قيادات المسلمين في أفريقيا الوسطى عن حقيقة الأزمة التي تجتاح البلاد التي يعيش فيها المسلمون، ويعانون من التآمر من القوى الكبرى التي تلعب لمصالحها مع الحكومات المستبدة والعنصرية ليس فقط في أفريقيا ولكن في كل مكان.
ففرنسا تنشر قواتها في أفريقيا الوسطى من أجل اليورانيوم والنفط، ولا تفكِّر في حفظ دماء أو أعراض حيث ما زالت تسيطر اقتصاديًا على دول أفريقيا التي كانت تحتلها عسكريًا.
يقول القيادي "محمد إسماعيل" الذي كان يعمل مستشارًا للرئيس السابق "بلإريقيا" الوسطى قبل عزله: "أن مليشيات "الأنتي بلكا" تأتي إلى بيوت المسلمين وتشير عليها للقوات الفرنسية حتى يقتحموها ويخلوها من جميع أنواع الأسلحة، وبعد أن تنصرِف القوات الفرنسية تدخل المليشيات المسيحية إلى بيوت المسلمين وتقتلهم"، كما تحدَّث عن: "حصار الآلاف من المسلمين في حي بالعاصمة بانجي والهجوم اليومي عليهم من قبل المليشيات المسلحة تحت سمع وبصر القوات الفرنسية".
في نفس الوقت؛ فجَّر مسؤول أممي مفاجأة من العيار الثقيل عندما أكد أن المسلمين يُقتَلون أمام أعينهم دون أن يستطيعوا حمايتهم وهو نفس ما قالته الرئيسة الجديدة للبلاد.. وما يحدث في أفريقيا الوسطى على يد الفرنسيين يحدث أيضًا في مالي القريبة منها حيث يتم قتل المسلمين بالتحالف مع قوات الجيش الحكومية في شمالي البلاد بحجة أنهم يدعمون "الجماعات المسلحة"، وهو ما أكده العديد من أهالي المنطقة.
سار الكثير من المسلمين وراء من شوَّهوا سمعة الخلافة الإسلامية رغم حمايتها لحدود وأعراض وأرواح الملايين من المسلمين لمئات السنين ولم تسقط فلسطين إلا بعد زوالها.
صحيح أن الخلافة ضعفت في أواخر عهدها نتيجة لعدة عوامل وظهرت فيها بعض المثالب؛ إلا أنها كانت الحصن الذي يلجأ إليه المسلمون وظلت تُمثِّل عقبة كؤود ضد مخططات الاستعمار الصليبي الذي سعى بكل ما أوتي من قوة لإسقاطها واستخدم في ذلك شتى الوسائل وجند العديد من العملاء.
اليوم؛ وفي وقت أصبح حلم الخلافة بعيد المنال في ظل حالة التشرذم التي يعيشها العالم الإسلامي، فليس أقل من توحُّد المسلمين في كيانٍ قويٍ يحمي مصالحهم على شاكلة الاتحاد الأوروبي، ولتتخلى كل دولة عن بعض مصالحها ونرجسيتها من أجل إنقاذ ملايين المسلمين الذين لا يجدون حماية حقيقية وفي ظل تخاذل المؤسسات الدولية التي أصبحت تتبرأ من حمايتهم رسميًا.
ــــــــــــــــــ
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى | 5/5/1435هـ