التنصير في الشرق الأوسط
نشرت أخيرًا بعضُ الصحف الإلكترونية على شبكة الإنترنت حول استضافة السفارة المصرية بواشنطن لقادة التنصير بالدول العربية، في يوليو الماضي يدل على أن المخطط التنصيري العالمي بدأ يكثّف نشاطه في منطقة الشرق الأوسط.
- التصنيفات: الملل والنحل والفرق والمذاهب -
ما زلنا نتواصل مع القارئ في سلسلة المقالات والدراسات حول المخطط العالمي للتنصير وخططه وأساليبه لحرب الإسلام، ونقف هنا مع الجهود التنصيرية التي تبذل منذ سنوات طويلة؛ لاختراق حصون الإسلام في الشرق الأوسط، فقد أفردنا مقالة مستقلة عن "التنصير في مصر بلد الأزهر"، ونواصل هنا الحديث عن التنصير في سائر دول الشرق الأوسط.
فالخبر الذي نشرته أخيرًا بعضُ الصحف الإلكترونية على شبكة الإنترنت حول استضافة السفارة المصرية بواشنطن لقادة التنصير بالدول العربية، في يوليو الماضي يدل على أن المخطط التنصيري العالمي بدأ يكثّف نشاطه في منطقة الشرق الأوسط.
والخبر يقول: إن السفير المصري لدى الولايات المتحدة "نبيل فهمي" أقام اجتماعًا سريًا بمقر السفارة المصرية في الثاني من يوليو هذا العام (2007م)، حضره 15 قسًا من كبار قادة الحركة الدينية بالعاصمة الأمريكية وسفراء ثماني دول عربية هي: الجزائر والمغرب والكويت وليبيا والعراق واليمن والبحرين، بالإضافة إلى مصر، وسفير الجامعة العربية بالأمم المتحدة.
وقالت المصادر: إن اللقاء جاء بدعوة من أحد الإسرائيليين ويدعى "بني هين" ويعد أحد قادة اللوبي اليهودي في واشنطن، وحضر عن الجانب الإنجيلي والكنائس الأمريكية كلٌّ من القس "جوناثان فالويل" ابن القس الراحل "جيري فالويل"، الذي اعتاد سب الإسلام، والقس "جوردون روبرتس" نجل القس "بات روبرتسون"، الذي اعتاد الإساءة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، كما حضره القس "بول كراوش" والمنصر الألماني "رايتهارد بونك"، بالإضافة إلى "دون آرج" مدير الجمعية الوطنية للإنجيليين.
ونقل موقع "وورلد نت ديلي" عن القس جوناثان فالويل: أن قادة الحركة الدينية الأمريكية طالبوا خلالَ اللقاءِ سفراءَ الدول العربية الإسلامية، بفتح الباب أمام الكنائس الأمريكية؛ لتقديم ما أسماه (المساعدات التعليمية والإنسانية في الدول العربية)، وطالبوا أيضًا سفراءَ الدول العربية بالسماح بافتتاح فروع لجامعة "الحرية" الأمريكية المتخصصة في تعليم دراسات وأبحاث التنصير واللاهوت المسيحي وفق المعتقد الإنجيلي في كل الدول العربية.
وأضاف القس فالويل أنهم طالبوا خلال اللقاءِ الدولَ العربية بالتحرك نحو الحرية الدينية وفتح الباب أمام الديانات الأخرى، وأن وفد الحركة الدينية الأمريكية أبدى استعدادَه لزيارة الدول العربية للتحدث مع قادتها بشأن هذه المطالب.
وأوضح فالويل أن قادة الحركة الدينية الأمريكية أبدوا استعدادهم أن يستضيفوا عددًا من الطلاب العرب لدراسة مقررات جامعتهم الخاصة بالتنصير أو اللاهوت في الولايات المتحدة أو منحهم شهادات عن طريق الإنترنت.
اختراق الشرق الأوسط:
وحملات التنصير في الشرق الأوسط حقيقة واقعية لا يمكن إنكارها، إذ استطاع المنصرون اختراقَ عدد من الدول الإسلامية تحت ستار المؤسسات الخيرية، والخبرة الأجنبية، وإنشاء المدارس والمستشفيات.
ولقد حصلت مجلةُ "الرابطة" السعودية، في منتصف التسعينيات من القرن الماضي، على نشرة تنصيرية تصدر في أمريكا تسمى "ديت لاين" تخطط لأن توقع المسلمين في شراكها، والنشرة موجهة أصلا إلى المسيحيين الذين يهتمون بتنصير المسلمين وبأوضاع العالم العربي، فهي تحضهم على التطوع للعمل في البلاد العربية، وتحثهم على القيام بهذا العمل الشاق، كما توضح لهم كيفية نشر أصول الدعوة المسيحية بين المسلمين عن طريق تقريب وجهات النظر فيما يخص مفهوم التوحيد والتثليث.
ويلاحظ في النشرة نداء توجهه إلى المسيحيين في بلاد الإسلام؛ يقول النداء: "يا من لهم فرص أكبر في العمل في ديار المسلمين، أنتم ولا شك تعلمون أنه لا يسمح للمسلم شرعًا أن يرتد عن دينه ويعتنق دينًا آخر، مما ينتج عنه استحالةُ العمل بينهم، وكذلك لا مجال للبعثات التنصيرية للعمل هناك، إذ ليس مصرحًا لها بالنشاط، ويبدو أن الستار قد أسدل وبُني الحصن بقوة قد تبدو غير قابلة للاختراق، ولا سيما في نظر الذين يغفُلون عما يصنعه الرب في العالم العربي.
وتضيف النشرة: هناك إحساس لدى العاملين في البلاد الإسلامية أننا أمام فتح مبين، صحيح أن بعض الجهات في العالم الإسلامي أصبحت أكثر تعصبًا، ولكنها تبقى أقلية شديدة البروز فقط، وذلك يدفعنا إلى مضاعفة جهودنا الآن هو ما نراه من تغير في المواقف والمزاج لدى الأغلبية.
التركيز على الشباب:
وتوضح النشرة أن ما يربو على 65% من سكان العالم العربي الآن هم دون الثلاثين، وفي دائرة هذا السن تقوى نزعةُ البحث عن الحقيقة والاستقرار والعثور على منارة هادية في خضم الاضطرابات التي تعترضهم وهم يواجهون مشكلات العصر، ومما يزيد تعقيدَ المشكلة الأزماتُ الإسكانية، وعدمُ الاستقرار الاقتصادي، والاضطراباتُ الاجتماعية، في وقت يسعى فيه الجميع إلى تحسين مستوى معيشتهم.
وتواصل النشرة بيانها قائلة: هناك بعثات تنصيريه فعالة تعمل حاليًا بنجاح في هذه البلاد الممنوعِ فيها النشاطُ ظاهرًا، ولكن هذه البعثات تتعرض يوميًا إلى توترات وضغوط لا يمكن تجاوزُها إلا بوسائل روحانية، فلقد عُرف العالم العربي بأنه أشد المناطق صعوبة على وجه الأرض لدخول الإنجيل، ولا يزالُ غيرَ ملتفت إليه التفاتًا كافيًا من قبل رجال الكنيسة نتيجة لجهلهم أن العالم العربي لم يحصل على هذه السمعة إلا لقلة المتطوعين للتضحية في سبيل إعلاء كلمة الإنجيل.
ثم تقول النشرة: فعليكم وعلينا أن ننظر إلى العالم العربي من منظار الرب، فلو أننا استصعبنا هذه المهمة لكنا قد ظننا نقصًا في الرب، وقد وصلنا أخيرًا في اجتماعات مؤتمر الكنائس العالمي في فرنسا إلى اتخاذ قرارات حددنا فيها أهدافنا، وبعد صلواتنا المكثفة الحارة شعرنا أن الرب يحثنا على الانتفاض وعدم التواني في فتح أبواب جديدة على العالم العربي، وسيركز العدد القادم من "ديت لاين" علي الطرق الجزئية التي تدخلك في باب المستحيل.
العالم الإسلامي اليوم:
ولقد نشر القس زويمر، بمؤازرة زملاء له، كتابًا تحت عنوان "العالم الإسلامي اليوم" في النصف الأول من القرن العشرين، جمعوا فيه تقاريرَ ومباحث تاريخية كتبها المنصرون عن حال المسلمين القاطنين في مناطقهم التنصيرية، وتلي هذه التقاريرَ خلاصةٌ عن أعمال المنصرين التي قاموا بها في البقاع المختلفة وما نتج عنها من انتشار الدين المسيحي.
وقد وضع جامعو هذا الكتاب مقدمةً له، ألحوا فيها على ضرورة تنصير المسلمين، وقالوا: "إنه لم يسبق وجودُ عقيدة مبنية على التوحيد أعظم من عقيدة الدين الإسلامي الذي اقتحم قارتي آسيا وإفريقيا الواسعتين، وبث في مئتي مليون من البشر عقائده وشرائعه وتقاليده، وأحكم عروة ارتباطهم باللغة العربية، فأصبحوا كالأنقاض والآثار القديمة المتراكمة على جبل المقطم، أو هم كسلسلة جبال تناطح السحاب وتطاول السماء، مستنيرة ذرواتها بنور التوحيد ومسترسلة سفوحها في مهاوي تعدد الزوجات وانحطاط المرأة".
ثم يقولون: إن الكنيسة المسيحية ارتكبت خطأ كبيرًا بتركهم وشأنهم (أي المسلمين)، إذ ظهر لها أن أهمية الإسلام في الدرجة الثانية بالنسبة إلى 800 مليون وثني رأت أن تشتغل بهم، ورأت هذا وهي لم تعرف عظمة الإسلام وحقيقة قوته وسرعة نموه إلا منذ ثلاثين سنة فقط.
على أن أبواب التبشير صارت مفتوحة الآن في ممالك الإسلام الواقعة تحت سلطة النصرانية، مثل الهند والصين الجنوبية الشرقية ومصر وتونس والجزائر، وأن في العالم 140 مليون مسلم (في هذه المدة يوم أن كانت البلدان العربية ترزح تحت الاحتلال) يرتقبون الخلاص.
وفي مقدمة الكتاب بعض ملاحظات ونصائح للمنصرين الذين يعملون بين المسلمين في الشرق الأوسط، منها:
1- يجب إقناع المسلمين بأن النصارى ليسوا أعداء لهم.
2- يجب نشر الكتاب المقدس بلغات المسلمين؛ لأنه أهم عمل مسيحي، وقد تم جزء من هذه المهمة بعد أن طبع في بيروت 46 مليون نسخة من الكتاب المقدس.
3- تبشير المسلمين يجب أن يكون بواسطة رسول من أنفسهم ومن بين صفوفهم؛ لأن الشجرة يجب أن يقطعها أحد أعضائها.
4- ينبغي للمبشرين ألا يقنطوا إذا رأوا نتيجة تبشيرهم للمسلمين ضعيفة، إذ من المحقق أن المسلمين قد نما في قلوبهم الميل الشديد إلى علوم الأوربيين وتحرير النساء، وأن تنصير أمثال "كامل" في بيروت "وعماد الدين " في الهند "وميرزا إبراهيم "في تبريز، وكذلك أعمال أخرى من هذا القبيل من شأنها أن تولد لنا مجهودات جديدة يجب علينا أن نحمد بسببها نعمة الله علينا.
وهكذا يخطط المنصرون لمنطقة الشرق الأوسط منذ ما يقرب من قرن من الزمان، إذ جاءوا في صحبة الاستعمار الغربي وكانوا رسلا لهذا الاستعمار في عدد من الدول العربية والإسلامية، ولقد رأينا كيف تتغلغل مؤسسات التنصير في مصر بلد الأزهر في مقالة سابقة نشرت بالموقع، وما يحدث في مصر يحدث في عدد كبير من الدول العربية التي تفتح أبوابها للمنصرين تحت ستار الإغاثة الإنسانية وتقديم المعونات والمساعدات والخبرة الأجنبية.
التنصير في السودان:
ففي دولة مثل السودان نجد المنصرين يسيطرون على الجنوب، وتاريخهم في هذه الدولة يعود لسنوات طويلة، فقد دخل المنصرون السودان منذ عهد الاحتلال الإنجليزي الذي دعمهم وهيأ لهم الطريق وقدم لهم كل التسهيلات، وركزوا نشاطهم في الجنوب حيث توجد بعض المناطق الوثنية، واستهدفوا من وراء ذلك قفل الطريق أمام المسلمين ومنعهم من الوصول إلى هذه المناطق ونشر الدعوة الإسلامية فيها.
وعندما جاءت الكوارث إلى السودان، شعر المنصرون أن هذه فرصة ذهبية يستطيعون النفاذ من خلالها إلى المجتمع المسلم لتنصير السودان، كبداية لتنصير إفريقيا كلها، وعندما أدركوا أن السودان هي البوابة الجنوبية والتي ينطلق منها الإسلام إلى دول القارة فكروا في رسم خطة جديدة لتنصير السودان كله وليس الجنوب فقط، وقد دعموا حركة المتمردين في الجنوب، وهي حركة صليبية تدعمها الصهيونية والشيوعية بالمال والعتاد.
ولقد حذرت وثيقة صليبية وجهها اثنان من رؤساء الأساقفة إلى حاكم الإقليم الاستوائي في السودان وقت الاحتلال، من خطر الدعوة الإسلامية وجاء فيها: "لقد وضع العرب المسلمون خطة واضحة المعالم وبرنامجا للتنفيذ، بهدف تعريب وأسلمة العالم كله وإفريقيا هي أول الأهداف، إن هذه الخطة تطوق إفريقيا من الساحل حتى قلب القارة، وبما أن السودان جزء من وسط إفريقيا، وبما أن شمال السودان قد تم تعريبه وأسلمته، فإن الجنوب قد أصبح الهدف الأول للتعريب والأسلمة حتى تتسارع الخطى لتعريب إفريقيا كلها، إن العرب يعملون بجد لنشر لغتهم وثقافتهم بين الجنوبيين في الوقت الذي يرفضون فيه تعلم لغاتنا أو التخاطب بها، لاعتقادهم أن لغتهم وثقافتهم هي أرقى من لغتنا وثقافتنا، وتقضي خطتهم إلى التزويج بأكبر عدد من بناتنا المسيحيات لإنجاب أطفال يدينون بدين آبائهم وبذلك تضيع هويتنا الإفريقية المسيحية".
30 منظمة تنصيرية في دارفور:
وفي إقليم دارفور بالسودان، تسللت منظماتُ التنصير إلى الإقليم في السنوات الأخيرة، تحت غطاء طلقات الرصاص وأعمال العنف المتبادل بين متمردي الإقليم والقوات الحكومية السودانية، وبدأت تركيز جهودها خاصة في مخيمات اللاجئين الذين شردتهم الحرب حتى إن عدد منظمات التنصير في الإقليم وصلت إلى نحو 30 منظمة تعمل تحت ستار المنظمات الإنسانية.
وقد أعلنت منظمة "كاريتاس" العالمية الكاثوليكية صراحة أنها تستهدف 125 ألف مسلم في دارفور، وهو الإقليم الذي لا توجد به كنيسة واحدة، ونسبة المسلمين فيه 100%، وزعم "دونكان ماكلارين" -أمين عام المنظمة- أن هناك مليون شخص في دارفور، معرضون للموت وفي حاجة إلى الحماية، وهذا العدد الضخم يعد صيدًا سهلا لمنظمات التنصير.
واعترفت هيئةُ المعونة النرويجية الكنسية بأنها ترعى أكثر من 45 ألف لاجئ من دارفور في ثلاثة معسكرات في تشاد، وبالطبع يخضعون لسيل من الأفكار التنصيرية.
وما يحدث في السودان يحدث في دول عربية كثيرة، ففي الصومال وموريتانيا تنشط حملاتُ التنصير مستغلة ما يعيشه السكانُ من فقر ومجاعة وجهل ومرض، وتساعدهم هذه الظروف على اختراق هذه البلدان، إذ يدخلون بإمكانياتهم الضخمة، ويبنون المدارس والمستشفيات، ويقدمون الغذاء والكساء والدواء، حتى أصبح التنصير ثمنًا لهذه الخدمات والإعانات.
فالحربُ الأهلية الطاحنة التي أنهكت الشعب الصومالي وشردت مئات الآلاف من المواطنين داخل وخارج الحدود الصومالية، دفعت جماعاتِ التنصير إلى الذهاب هناك خاصة داخل مخيمات الإيواء لنشر أفكارهم التنصيرية، ومنظماتُ التنصير لديها القدرة على تلوين جلدها من أجل التعامل مع كل شعب حسَب طبيعته، وهدفُها النهائي هو التسلل إلى أبناء هذا الشعب من أجل إقناعه بالأفكار التنصيرية، حتى وإن كان ذل? من خلال استغلال حاجة وعوز ومعاناة هذه الشعوب.
ونجد دولةً مثل لبنان وهي دولة عربية خالصة قد أصبحت تحت سيطرة المسيحيين من الموارنة، ولم يكتفوا بالحكم فقط، بل يريدون أن يحولوها إلى وطن قومي للمسيحيين في الشرق الأوسط، كما تحولت فلسطين إلى وطن قومي لليهود.
الجيش المريمي في الأردن:
وفي الأردن تألف في الستينيات من القرن الماضي مجلسٌ أعلى برئاسة المطران "عساف" ومساعديه المسيو سمعان والراهبة سوستيلا، وبإشراف ورعاية المطران الماروني في بيروت، وقد اتخذ هذا المجلس قرارات كثيرة من أهمها:
1- شراء الأراضي، وأن تكون هذه الأراضي من أهم المواقع، ويشترط على المشتري بعد ذلك أن يوقف هذه الأرض لبناء الكنائس.
2- يراعى في تصميم الكنائس أن تكون على هيئة قلاع حربية ومستودعات للأسلحة.
3- إقامة قرى محصنة على الطرق الرئيسة التي تربط الأردن ببقية العالم العربي، وكان يشرف على هذا المشروع عجوز إنجليزية اسمها "مس كوت"، كانت تسكن في مدينة الزرقا متخذة من مزرعة صغيرة لتربية الدواجن ستارًا يُخفي مهمتَها الحقيقية، وقد حولت هذه المنطقة إلى مستعمرات محصنة.
4- التسلل إلى الوظائف الحكومية والمراكز المدنية والعسكرية، ولقد كونت هذه العناصر بعد أن أتمت خططها المنظمة قوات ميلشيا عسكرية باسم "منظمة الجيش المريمي"، ولهذه المنظمة قيادات في الضفة الشرقية ومركزها "عمان"، وفي الضفة الغربية ومركزها القدس، ولكل قيادة مركز حربي أعلى، وكان يشرف على هذه المراكز المطران عساف، أما التدريبُ فكان يتولى الإشرافَ عليه اللواءُ "كريم أوهان" مدير الأمن العام سابقًا ويساعده في التدريب "إسكندر نجار" قائد سلاح الإشارة سابقا، وقد بلغ تعداد الجيش المريمي عشرين ألفا، ولهذا الجيش دستور طبع في لبنان ومجلة شهرية تحمل اسم "الجيش المريمي"، وقد ضبطت أسلحة كثيرة لدى هذا الجيش، وقام أفراده بأعمال استفزازية كثيرة في الاحتفال بعيد الميلاد الذي سبق هزيمة يونيو 1967م.
وحمل أفراده صلبانًا يبلغ ارتفاعُها أمتارًا، وأخذوا يهتفون بهتافات مثيرة منها: "دين المسيح هو الصحيح" و"لا عروبة ولا إسلام".
التنصير في الخليج:
وأما منطقةُ الخليج العربي فلم تنجُ أيضًا من مخططات التنصير وغزو المنصرين، ففي بداية 1985م نشرت وكالة "فيدس" التابعة للفاتيكان تقريرًا عن الحركة التنصيرية في الخليج، أشار إلى أنه لا يصرَّح لرجال الدين المسيحي بالدخول إلى تلك المنطقة بصفتهم رجال دين، بل عليهم أن يسوغوا وجودهم بوصفهم فنِّيين لديهم عقود مع الشركات النفطية التي تعمل بوجه تنصيري.
وأضاف التقريرُ أنَّ هناك مؤسساتٍ مسيحيةً في منطقة الخليج تمارس أعمال التنصير من خلال عمالها الآسيويين المسيحيين، الذين يصلُ عددهم في البحرين وقطر وأبي ظبي إلى ألف عامل منصر، والشيء الغريب كما يقول التقرير- أن أبواب المنطقة العربية أصبحت مفتوحة على مصراعيها للمنصرين على حد قول "واين شاهباز" في المؤتمر السنوي السادس للجنة اتحاد الكنائس للتبشير، الذي عقد في كاليفورنيا بالولايات المتحدة عام 1980م.
وذكر الكتاب الخاص بنصارى بريطانيا أن هناك ثلاثَ منظماتٍ تعمل في منطقة الخليج هي: "جمعية مبشري الكنيسة"، "والاتحاد العالمي للكنائس"، "والإنجيل والزمالة الطبية للمبشرين".
أما عدد بعثات المنظمات التنصيرية البروتستانية الأمريكية التي تعمل في منطقة الخليج، كما ذكرتها مجلةُ العالم التي تصدر باللغة العربية في لندن، فيبلغ 6 جمعيات مسجلة هي: جمعية إم. أيه العالمية، وكنيسة الإصلاح في أمريكيا، وكنيسة مشايخ الإنجيل، وكنيسة المشايخ في أمريكا، وبعثة التحالف الإنجيلي، والحملة الصليبية الإنجيلية عبر العالم.
وأضافت المجلة أن هناك أيضاً منظمات نصرانية تعمل في المنطقة العربية؛ مسجلة منها: منظمة عملية التعبئة وزمالة الإيمان من أجل المسلمين، وإذاعة عبر العالم، واتحاد إذاعات الشرق الأدني، ولجان لوزان للتنصير العالمي، ومركز الشباب اليافعين، كما أن هناك حوالي 1300 منصر متفرغ بالشرق الأوسط، ومعظمهم يديرون مراكز طبية.
التنصير في العراق:
وتعد العراقُ من أكثر الدول المستهدفة بحملات التنصير، وخاصة في السنوات الأخيرة منذ جاء الاحتلالُ الأمريكي، وما ارتبط بالاحتلال والحرب من كوارث إنسانية، فما إن بدأت الحرب حتى حشد المنصرون جيوشهم على بوابة العراق الغربية (الأردن) بانتظار الدخول مع طلائع الجيوش الأمريكية لنشر رسالة الخلاص في مدنه التي أعياها الفقر.
فقد وجدت جماعات التنصير الأمريكية في العراق المحتل أرضًا خصبة لنشر أفكار التنصير تحت رعاية وحماية ودعم ومساندة قوات الاحتلال الأمريكي، بل وبمشاركة المقاتلات الأمريكية نفسها التي قامت بإلقاء المنشورات والكتب الدينية على الشعب العراقي في مناطق مختلفة.
وتركز جماعاتُ التنصير جهودها لنشر أفكارها بين أكراد الشمال وتركمان الموصل وكركوك والسنة في تكريت والشيعة في كربلاء والنجف، وتستخدم هذه الجماعاتُ المساعداتِ الإنسانية والمعونات الطبية والخدمية من أجل التسلل إلى العراقيين لإقناعهم بالأفكار التنصيرية، فضلا عن توزيع المواد والقصص التنصيرية وافتتاح محطات الإذاعة والتليفزيون التي تساعدهم في تحقيق هدفهم مثل إذاعة "صوت المحبة".
وقد أفادت تقاريرُ صحفية أن أكثر من م?ة منظمة تنصيرية دخلت العراق، وأكبر هذه المنظمات: هيئة الإرساليات الدولية الذراع التبشيرية للمعمدين الجنوبيين والذين يعدون أكبر طائفة بروتستانتية في أمريكا، ومجلس الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ومجموعة من المعمدين الجنوبيين من ولاية نورث كارولينا، وهيئة المعونة الأمريكية، ومنظمة كريستيان شاريتي ورلد نيشون إنترناشونال، ومنظمة المجتمع الدولي للإنجيل، ومنظمة تعليم أمة كاملة تعرف اختصاراً (داون)، ومنظمة سامرتيان بيرس، ومنظمة المنصرين البروتستاننت.
وتدخل هذه المنظماتُ إلى العراق تحت اسم منظمات إغاثة إنسانية، والمسئولون الأمريكان يعترفون بوجود المنصرين، ويؤكدون أنهم يقدمون العون للناس لا لينصروهم، والعراقيون يفرحون بتلك المعونات.
وقد استطاع المنصرون خلال عام واحد أن يوزعوا مليون نسخة من الإنجيل باللغة العربية، وشرائط فيديو تجسد ميلاد المسيح وحياته، وتعليقات تدعو المسلمين للدخول في النصرانية، ومليون كراسة دعائية إنجيلية، وقالت نشرة لهيئة الإرساليات الدولية/ إن العراقيين فهموا أن الذي يمنحهم المواد الغذائية مسيحيون أمريكيون وإن عمال الإغاثة يوزعون نسخاً من إنجيل العهد الجديد إلى جانب المواد الغذائية.
ونواصل الحديث عن جوانب أخرى من المخطط العالمي للتنصير وخططه وأساليبه لحرب الإسلام في مقالات قادمة إن شاء الله.
المراجـع:
1- سفارة مصر بواشنطن تستضيف لقادة التنصير بالدول العربية - أحمد حسن بكر جريدة المصريون الإلكترونية - 28 - 7 2007م.
2- مجلة الرابطة العدد 290 رمضان 1409هـ.
3- الغارة على العالم الإسلامي آل. شاتيليه.
4- الزحف إلى مكة الدكتور عبد الودود شلبي دار الزهراء للإعلام العربي الطبعة الأولى القاهرة 1989م.
5- المبشرون! الجوع والمرض والتشرد..سلاحهم لغزو مناطق الحروب والكوارث والأزمات الإنسانية - الوفد - الأربعاء 16 فبراير 2005م.
أحمد أبو زيد