أسماء وتصنيفات إسلامية
مالك بن إبراهيم الأحمد
كثرة المسميات والمصطلحات وتداخلها تجعل الحليم حيران، قضايا الدين من يناقشها، وقضايا الواقع من يفتي فيها.
متى ينتقل طالب العلم ليكون عالماً؟ وما الوسيلة لتصنيفه بالشيخ؟ وهل الدكتور في الكليات الشرعية يضعه في مصافّ العلماء أو طلبة العلم؟ هل الشهادة شرط؟! وهل التتلمذ على يد شيخ معروف هو الأنسب؟!
- التصنيفات: قضايا إسلامية -
الشيخ فلان، طالب العلم فلان، فلان مفكر إسلامي، فلان باحث إسلامي.
اشتهر فلان بأنه علاّمة العصر، وفلان اشتهر بأنه ناقد إسلامي، وفلان اشتهر أنه محلل إسلامي.
بالطبع لدينا دكتور الثقافة الإسلامية فلان، وأستاذ الشرعية فلان، ولا ننسى دكتور الدراسات الإسلامية فضلاً عن أصول الدين.
كثرة المسميات والمصطلحات وتداخلها تجعل الحليم حيران، قضايا الدين من يناقشها، وقضايا الواقع من يفتي فيها.
متى ينتقل طالب العلم ليكون عالماً؟ وما الوسيلة لتصنيفه بالشيخ؟ وهل الدكتور في الكليات الشرعية يضعه في مصافّ العلماء أو طلبة العلم؟ هل الشهادة شرط؟! وهل التتلمذ على يد شيخ معروف هو الأنسب؟!
في قضايا الإرهاب يطلّ علينا بعض الكتاب بأنه "متخصص في الحركات الإسلامية"، أو "باحث في الشؤون الإسلامية"، ويفتي لنا من جعبته، ويحلل ويناقش!
بعض المتخصصين في الدراسات الإسلامية ليس عليهم سمات التدين، فضلاً عن خصائص طالب العلم، فهل يحق لهم توجيه الناس ووعظهم، فضلاً عن الإفتاء لهم أم حدهم التدريس للطلاب في مقررات جامعية مقرّرة؟!
بعض أشهر العلماء لم يحصل على شهادة عليا، لكن شهرته طبّقت الآفاق، فهل هذا ينقص من قدره، أو يقلل من شأنه أو يحدّ من فتاواه؟
فلان المفكر الإسلامي، راصد ومنقِّب في قضايا المجتمع ووضع الحلول لها. في نهاية المطاف يُشار إليه أنه فقط مفكر، وليس عالماً، وبالتالي كلامه محل نظر وجهده محل شكوك.
بعض الكتاب من المهتمين بالشأن الإسلامي يوقع أسفل ما كَتب "كاتب إسلامي" ولا ندري ماذا يعني الوصف؟! هل هو مختص بالشأن الإسلامي؟ هل لديه خبرة في القضايا الشرعية؟! هل لديه دراسات فقهية؟!
أعرف طالباً في كلية الشريعة يستقبله والده وكذا أعمامه في المجلس مرحبين بفضيلة "الشيخ" وشعر لحيته لم يكتمل النمو، وبالطبع ترى الابتسامة على محياه تكاد تأخذ نصف وجهه!
مع كثرة الأوصاف وتداخلها وتعدّدها بدأ المهتمون والمختصون يخلطون في الأمر، فما بالك بالعامة والذين في الغالب يصفون من له سمْت التدين العام وبعض الفقه البسيط بالشيخ، ويسارعون في طلب الفتوى منه.
الكثير من أئمة المساجد والمؤذنين دخلوا في التصنيف، الأغلب أنهم "مشايخ" حتى لو كان أحدهم لم يتخرج من كلية شرعية ولم يدرس لدى عالم، ألا يكفي أنه يحفظ شيئاً من القرآن ويؤم المسلمين؟!
أما خطباء الجمعة فهم -أحق بالوصف- كمشايخ؛ فقد تمّ تعيينهم بناء على اختصاصهم الشرعي غالباً وقدرتهم الخطابية أحياناً.
دكتور أو شيخ حسب ما يفضل أن يُلقّب به درس على يد شيخ، وبعد فترة ليست بالطويلة يرى أنه أصبح علاّمة، وبدأ يفتي في كل مكان، ولا يعرف شيئاً اسمه "لا أدري" أو "أسألوا غيري" وينتقص (في المجالس الخاصة) من شيخه السابق!
نعرف -في الإعلام- مصطلح ناقد سينمائي وناقد أدبي أما "ناقد إسلامي" فهو جديد، وأيضاً صعب الوصف أو التوصيف، فلا هو مُحلِّل ولا باحث ولا طالب علم، إنما شيء آخر أقرب إلى الفنون منه إلى العلوم الشرعية!
أُصاب أحياناً بالحيرة عندما أرى التسوية بين عالم جهبذ قضى نصف قرن أو أكثر في البحث والتنقيب في بطون الكتب ودرس على أيدي أفضل علماء عصره ويكتفي بوصفه "شيخ" مثلما يُطلق على خريج شريعة ليس له من بضاعة الشريعة إلاّ الشهادة، والتي قد يكون اكتسبها بطرق غير شرعية، ويُقال له أيضاً "شيخ"!
معضلة المسمَّيات والألقاب تُسبِّب تشويشاً في الفهم الإسلامي، ويعاني منها المجتمع؛ حيث يسود الإمعة، ويُستفتى الجاهل، ويتكلّم الرويبضة في أمر العامة.