حدث في مثل هذا الأسبوع (7-13 جمادى الأولى)

منذ 2014-03-17

فتح القسطنطينية في 10 جمادي الأولى سنة 857 هـ... وفاة الشيخ أحمد عبد الرحمن البنا يوم الأربعاء 8 جمادى الأولى سنة 1378هـ... إعدام الأستاذ سيد قطب فجر يوم 13 جمادى الأولى 1386هـ...

فتح القسطنطينية في 10 جمادي الأولى سنة 857 هـ:

وهذا الفتح يعد من أعظم الفتوحات في التاريخ وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بفتح القسطنطينية وقد حاول المسلمون فتحها على عهد عثمان رضي الله عنه ووصل معاوية -أمير الشام في عهده- عمورية -أنقرة اليوم-، كما قام معاوية رضي الله عنه عام 50 هـ أثناء فترة خلافته بإعداد حملة برية وبحرية لفتح القسطنطينية، لكن هذه المدينة الحصينة صمدت مئات السنين أمام الفاتحين، وشهِدت مئات المدن والعواصم تهوى وتندثر وهي ممتنعة بقوة حصونها وأسوارها والمدافعين عنها حيث كانت معقل الإمبراطورية البيزنطية، وتم فتح هذه المدينة الحصينة على يد السلطان العثماني "محمد الفاتح" وتحققت بشارة الرسول صلى الله عليه وسلم بفتحها.

وكان ذلك سنة 857 هـ، حيث رأى السطان محمد الفاتح -واسمه محمد الثاني بن مراد الثاني- أن الفتوحات توسعت غربًا باتجاه أوروبا وامتدت في البلقان وصربيا متجاوزة القسطنطينية، فرأى أنه لا ينبغي ترك هذه المدينة وراء ظهره فتنقض على دولته متى تشاء، فعرض السلطان محمد على الإمبراطور قسطنطين تسليم المدينة مع التعهد بعدم إصابة الأهالي بأذى وحماية عقائدهم فرفض قسطنطين؛ فحاصر السلطان محمد المدينة بجنود يزيد عددهم على 250 ألف مقاتل ومن جهة البحر بـ 180 سفينة بحرية، وأقام المدافع حول المواقع وكان أشهرها المدفع العظيم الذي اخترعه المجري أوربان للسلطان "وكان هذا المدفع يقذف من الحجر وزن الكرة 12 رطلًا لمسافة 1.6 كيلو متر"، وأحكم الحصار على المدينة.

وأمر الفاتح جنوده بالصيام قبل الهجوم بيوم لتطهير نفوسهم وتزكيتها، ثم قام بزيارة للسور وتفقد الأسطول، وفي تلك الليلة تعالت أصوات التكبير والتهليل، ورتلت آيات الجهاد على مسامع الجند، ودوت الأناشيد الإسلامية الحماسية...

ودعا الفاتح قادة جيشه؛ ثم خاطبهم قائلًا: "إذا تم لنا فتح القسطنطينية تحقق فينا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعجزة من معجزاته، وسيكون من حظنا ما أشاد به هذا الحديث من التقدير.. فأبلغوا أبناءنا العساكر فردًا فردًا أن الظفر العظيم الذي سنُحرِزه سيزيد الإسلام قَدرًا وشرفًا، ويجب على كل جندي أن يجعل تعاليم ديننا الحنيف نُصب عينيه، فلا يصدر عن واحد منهم ما ينافي هذه التعاليم، وليتجنبوا الكنائس والمعابد، ولا يمسوها بسوء أو بأذى، وليدعوا القساوسة والضعفاء الذين لا يقاتلون...".

وظل الجند المسلمون طوال الليل يُهلِّلون ويُكبِّرون؛ حتى إذا لاح الفجر صدرت إليهم الأوامر بالهجوم، وبدأ الهجوم يوم 10 جمادي الأولى سنة 875 هـ بعد أن شجع السلطان الجنود ومنَّاهم بالأعطيات، وكان هجومًا فِدائيًا بدأ مع الفجر، وكانت الأفواج تتسابق لتسلُّق الأسوار، حتى تمكَّن المسلمون من الصعود للأسوار وقتال جند الروم.

ودرات المعارك فوق الأسوار في ساحات البلد، فقُتِل قسطنطين وعند الظهر استسلمت البلد وانتهت المقاومة وفُتِحَت الأبواب للسلطان وأعلن إيقاف القتال، كما منع السلب والنهب، وساد الأمان وعامل ما تبقى من أهلها معاملة حسنة، وسمح للنصارى بإقامة شعائرهم وأعطاهم نصف كنائسهم وبعد أن أقام العدل عاد النصارى الخائفون الذين كانوا يريدون الفرار فآثروا البقاء في بلادهم وأطلق السلطان على القسطنطينية اسم إسلامبول أي مدينة الإسلام.

وفاة الشيخ أحمد عبد الرحمن البنا يوم الأربعاء 8 جمادى الأولى سنة 1378هـ

وُلِدَ الشيخ أحمد بن عبد الرحمن البنا في قريبة مطلة على النيل تُسمَّى "شمشيرة" من أعمال محافظة الغربية بمصر، وبعد أن شبَّ التحق بكُتّاب القرية ونذرته والدته للقرآن والعلم، وكان أخوه الأكبر أراد أن يحمله على أن يعمل معه في الفلاحة والزراعة، لكن أُمّه أصرَّت على تعليمه القرآن وعلوم الشريعة، ووافق أبوه على ذلك، ثم تلقى علومه في الإسكندرية في حلقات العلم الأزهرية، وكانت تعقد بمسجد يُسمَّى مسجد الشيخ قريبًا من ميدان المنشية بالإسكندرية، وهذا قبل أن يُبنى المعهد الديني الأزهري بالإسكندرية.

تَعلُّمه صناعة الساعات

وكان أثناء دراسته بعد فراغه منها؛ يلتحق بمحل كبير في الإسكندرية لإصلاح الساعات وبيعها، فأتقن هذه المهنة وبرع فيها، ومن هنا جاءت شهرته "بالساعاتي".

ثم بعد أن تلقى علومه بالإسكندرية عاد إلى قريته فتزوج منها، ثم اختار بلدة المحمودية للإقامة فيها، ثم هاجرت الأسرة إلى القاهرة لما احتاج نجله الأكبر الشيخ حسن البنا "مؤسس جماعة الإخوان المسلمين" إلى الالتحاق بمدرسة "دار العلوم" فأراد الشيخ في نفس الوقت التعرُّف إلى علماء الأزهر الشريف بالقاهرة، وعكف الشيخ أحمد البنا في القاهره على كتابه" الفتح الرباني الذي أصبح شغله في الحياة وحظه منها.

خدمته للسنة النبوية

الشيخ أحمد عبد الرحمن البنا؛ ممن وقَفوا حياتهم على خدمة السنة النبوية، فصنَّف التصانيف النافعة فيها مثل: كتابه "الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني"؛ لأنه وَجد المسند -عند قراءته له- بحرًا زاخرًا بالعلم والفوائد؛ فخطر له أن يُرتِّبه على الأبواب الفقهية، ويجمع فيه الأحاديث المتعلّقة بكل باب على حدة؛ لأنه كما هو معلوم فإن المسند يُخرِّج أحاديث كل صحابي على حدة، فكان البحث عن أحاديث موضوع واحد عسيرًا ويستغرق وقتًا طويلًا، فجاء هذا العمل بحمد الله نافعًا لطلبة العلم وميسِّرًا الاستفادة من هذا الديوان العظيم والأصل الكبير من أصول السنة ألا وهو مسند الإمام أحمد.

ثم شرح كتابه هذا شرحًا وسطًا سمَّاه "بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني"، وجدير بالذكر أن الشيخ أحمد البنا وافته المنية وهو في منتصف الجزء الثاني والعشرين من كتابه المبارك، فأتم بعض فضلاء العلماء باقي الجزء الثاني والعشرين، والجزء الثالث والعشرين والرابع والعشرين.

ومن مؤلفات الشيخ أحمد البنا في الحديث الشريف كتاب "بدائع المنن في جمع وترتيب مسند الشافعي والسنن"، و"منحة المعبود في ترتيب مسند الطيالسي أبي داود" وقد طبِعا، وله مؤلفات لم تُطبَع منها "إتحاف أهل السنة البررة بزبدة أحاديث الأصول العشرة".

إعدام الأستاذ سيد قطب فجر يوم 13 جمادى الأولى 1386هـ:

وُلِدَ الأستاذ سيد قطب عام 1906م؛ في أسرة متوسطة الحال حيث تمكَّن من إتمام تعليمه في مدرسة القرى، ولم تمضِ أربع سنواتٍ حتى أتم حفظ القرآن الكريم كاملًا.

يقول عن نفسه: "لقد قرأت القرآن وأنا طفلٌ صغير لا ترقى مداركي لآفاق القرآن ومعانيه، ولا يُحيط فهمي بجليل أغراضه؛ ولكن كنت أجد في نفسي شيئًا، فقد كان خيالي الساذج الصغير يُجسِّمُ لي بعض الصور من خلال تعابير القرآن فكانت نفسي تتشوَّق وتفرح بها".

إلى أمريكا:

وفي عام 1948م؛ بُعِثَ الأستاذ سيد قطب إلى أمريكا من قِبَل وزارة المعارف المصرية، وكانت هذه البعثة بداية التحوُّل في حياته. حيث كان هو خطيب الجمعة على متن الباخرة التي سافر بها، إذ لم يوجد في المسافرين من هو مؤهلٌ للخطبة فتجمّع الناس من مختلف الأديان حول المصلين، ولأول مرة يُحِسُّ الأستاذ سيد قطب -كما يقول- بهويته الإسلامية.

وفي عام 1949م؛ مرِض سيد قطب ونُقِل إلى مستشفىً أمريكي في نيويورك، وهناك لاحظ احتفال المنصرين بموت الإمام الشهيد حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، وعاد سيد قطب من أمريكا وكله تصميم على دعوة الأمة الإسلامية إلى الإسلام كدستورٍ للحياة ومِنهاجٍ سياسيٍ واقتصاديٍ وتربويٍ وعقائديٍ وتشريعيٍ وسلوكي، ونبذ كل ما عَداه من الأفكار والعقائد المستوردة مثل الاشتراكية والديمقراطية والرأسمالية من منطلق أن الله تعالى - هو الذي وضع منهج الحياة المتمثّل فى الإسلام، والذي يجب على المسلمين اتباعه وانتهاجه في شتى مناحي الحياة.

واستطاع سيد قطب أن يؤسس مجلة (الفكر الجديد)؛ والتي بذل من خلالها جهدًا ضخمًا، واستطاع جذب أفكار الشباب في عصره إليه، وفي عام 1952م؛ انتُخِبَ عضوًا في مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين حيث كان نشاطُها مسموحًا آنذاك.

وبعد شهرٍ واحد أُغلِقت الجريدة نظرًا لمعارضتها لرجالات الثورة، إذ كانت المجلة تدعوهم إلى تطبيق شرع الله، وإلى قيام حكومةٍ إسلامية تحمِل لواء الإسلام وتدعو له، وبدأ صراع سيد قطب مع الثورة وضباطها.

السجن:

ثم دخل الأستاذ سيد قطب السجن بعد إغلاق الجريدة، وبدأت المحنة باعتقاله -بعد حادث المنشية في عام 1954م (اتُهِمَ الإخوان بمحاولة إغتيال الرئيس المصرى جمال عبد الناصر)- ضمن ألف شخص من الإخوان وحُكِم عليه بالسجن 15 سنة ذاق خلالها ألوانًا من التعذيب والتنكيل الشديدين، وخلال هذه الفترة أبدع الشهيد العديد من مؤلفاته التي كان أضخمها وأقيمها التفسير الاجتماعي للقرآن الكريم والذي أسماه (في ظلال القرآن)، حتى تدخّل الرئيس العراقي عبد السلام عارف في عام 1964م للإفراج عن الأستاذ سيد قطب.

حكم الإعدام:

ثم أُعيد اعتقاله مرةً أخرى بتهمةٍ ملفقةٍ جديدة؛ وهي تدبير محاولة لقلب نظام الحكم، وفي تلك المرة أصدر الطغاة حكمهم بإعدام سيد قطب... بعد أن فشلت كل جهود الوساطة التي قام بها العديد من رجالات العالم الإسلامي وبعض رؤساء الدول العربية وشيوخ وعلماء الأزهر، ورغم أنه كان قد بلغ الستين وقتها، ورغم عنائه الشديد من أمراض الكلى وآلام المعدة.. ورغم أنه صاحب الظلال.

قبل الإعدام:

من أروع كلامه ما قاله حين طُلِبَ منه أن يكتب استراحامًا وطلبًا للعفو من الطغاة؛ فقال في عِزَّةٍ وإباءٍ وشمم: "إن السبابة التي ترتفع لهامات السماء موحِدةً بالله عز وجل لتأبى أن تكتب برقية تأييدٍ لطاغية ولنظامٍ مخالفٍ لمنهج الله الذي شرعه لعباده".

وعندما سِيق الأستاذ سيد قطب إلى المشنقة؛ كان يبتسِم ابتسامةً عريضة نقلتها كاميرات وكالات الأنباء الأجنبية، حتى إن الضابط المكلَّف بتنفيذ الحكم سأله: من هو الشهيد؟! فرد عليه سيد قطب بثباتٍ وعزيمة: "هو من شَهِد أن شرع الله أغلى من حياته"، وقبل أن يُنفَّذ الحكم؛ جاءوه برجلٍ مُعمَّم من الأزاهرة المغمورين، فقال له: "قل لا إله إلا الله"، فردّ عليه الشهيد ردَّه الراسخ: "وهل جِئتُ هنا إلا من أجلها!".

وتم تنفيذ حكم الإعدام في فجر يوم 13 جمادى الأولى 1386هـ الموافق 29 أغسطس 1966م.

 

 

  • 0
  • 0
  • 6,533

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً