النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم
ينتظر العالم بداية كل عام؛ الاستفتاءات ليعلموا أفضل لاعب، وأفضل ممثل، وأفضل ممثلة، وينتظرون على أحر من الجمر شخصية العام، وبالنظر وسط القلوب ستظهر الحقيقة وأن شخصية العام وشخصية كل عام هو الحبيب محمد صلى الله عليه وآله وسلم...
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله تعالى النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
ثم أما بعد؛
ينتظر العالم بداية كل عام؛ الاستفتاءات ليعلموا أفضل لاعب، وأفضل ممثل، وأفضل ممثلة، وينتظرون على أحر من الجمر شخصية العام، وبالنظر وسط القلوب ستظهر الحقيقة وأن شخصية العام وشخصية كل عام هو الحبيب محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
أولًا: هو الذي علَّم المحبين معنى الحب، فننظر إلى حب النبي صلى الله عليه وآله وسلم لزوجته عائشة رضي الله عنها وأرضاها عندما سئله عَمْرَو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه وأرضاه قَالَ: لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَجَعَ مِنْ غَزْوَةٍ ذَاتِ السَّلاسِلِ، قَالَ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيْكَ؟ قَالَ: « ». قَالَ: إِنَّمَا أَقُولُ مِنَ الرِّجَالِ؟ قَالَ: « » (رواه الحاكم).
فننظر إلى عظمة حب النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأمنا عائشة رضي الله عنها، وكم يفتخر بها ويتشرَّف بإعلان حبه لها، وننظر لحالنا نحن كيف نعامل زوجاتنا! فنحن أستحللنا فرج زوجاتنا بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فعلينا أن نعاملها بما أستحللنا به فرجها، ولكن هيهات... فمن ينظر إلى بيوتنا نجد هذا يقتل زوجته بعد أن يتهمها بالزنا، وهذا يسب زوجته ويخرجها قبل الفجر بملابس البيت نظرًا لأن ابنها يبكي وهو يريد النوم والكثير الكثير...
فكيف نختار بشر ليكون أفضل من أحب هذا العام، ونترك من علَّمنا الحب الصادق وهو النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم؟
بل الأعظم يوم فتح مكة والناس ملتفون حول الرسول صلى الله عليه وسلم؛ وقريش كلها تأتى إليه ليسامحها ويعفو عنها، فإذا به يرى سيدة عجوز قادمة من بعيد، فيترك الجميع ويقف معها يُكلِّمها ثم يخلع عباءته ويضعها على الأرض ويُجلِس مع العجوز عليها، فتسأل أمنا عائشة رضي الله عنها من هذه التي أعطاها النبي صلى الله عليه وسلم وقته وحديثه واهتمامه كله؟ فيقول: «
فانظر كيف فرِح الحبيب محمد صلي الله عليه وآله وسلم بصاحبة زوجته خديجة رضي الله عنها [ما حبيب حبيبي حبيبي]، فهنا أظهر الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم حُبِّه لأمنا خديجة رضي الله عنها وأرضاها لنتعلَّم كيف يكون الحب بين الأزواج، فهذا لصاحبتها فكيف سيكون حال الحبيب إذا كانت القادمة بوقتها هي خديجة فعلًا فماذا كان سيفعل الحبيب!
ثانيًا: هو الذي علم القادة كيف يكون العفو.
عندما يتم اختيار قائد؛ فيقولون هذا قائد العام فعلينا أن نسأله هل نجح في تحقيق العدل كما فعل الحبيب؟ هل نجح في إسعاد جنوده كما فعل الحبيب؟ بل هل نجح في العفو كما عفى الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم.
فلننظر يوم فتح مكة وبعد فتح الله تعالى للحبيب صلى الله عليه وآله وسلم؛ وبعد ثلاثة وعشرون عامًا من الحروب وفقدان الصحابة والأحباب، وتذكُّر السبّ وقذف الحجارة في الطائف، وبكاء الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم وكاد أن يُقتَل في غزوة أُحد، وردِّه عن بيت الله الحرام في صلح الحديبية؛ كل هذا يمرُّ أمام عين الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم يوم فتح مكة، دخل مكة من أعلاها من "كداء"، وهو مطأطئ رأسه تواضعًا وخضوعًا لله، حين رأى ما أكرمه الله به من الفتح، حتى إن شعر لحيته ليكاد يمس واسطة الرحل.
فقد روى عبد الله بن أبي بكر رضي الله عنهما: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دخَل مكة كان يضع رأسه تواضعًا لله حين رأى ما أكرمه الله به من الفتح، حتى إن عُثنونه ليكاد يمسُّ واسطة الرحل" (السيرة النبوية: لابن هشام).
وجاء موعِد القِصاص ليُلقِن العالم درسًا في العفو؛ فأمّن الجميع في بيوتهم ومساجدهم، وعفا عن النساء والأطفال والشيوخ، وحذَّر من هدم البيوت إلى غير ذلك من أخلاق العفو... التي تميَّز بها سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم.
فهذا هو القائد الذي يعفو ليصدُق فيه قول الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} [الأنبياء:107].
ثالثًا: هو الذي علَّم العباد كيف تكون العبادة.
من الناس من يفرح لركعتين في جوف الليل، ومِنَّا من يفرح لنزوله لصلاة الفجر في الشتاء، ومِنَّا من يمنَّ على الله تعالى أن حافظ على صلاة الجماعة يومين وثلاثة، وها هو الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم يُعلِّمنا الدرس الأعظم وهو حب عبادة الله تعالى، رغم أنه غُفِرَ له ما تَقدَّم من ذنبه وما تأخَّر؛ فعن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى قام حتى تفطر قدماه"، قالت عائشة: "يا رسول الله أتصنع هذا وقد غُفِرَ لك ما تقدَّم من ذنبك وما تأخَّر؟! فقال صلى الله عليه وسلم: « » (رواه مسلم).
رابعًا: هو الذي علم الزهاد كيف يكون الزهد.
يفرح البعض بأنه لا يأكل اللحم إلا خمس أيام فقط بالأسبوع ويفرح البعض بتصدُّقِه بالقروش رغم أنه بيشحن الجوال بالمئة!
ليُعلِّمنا الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم كيف يكون الزهد قالت عائشة رضي الله عنها: "إن كنَّا آلَ محمد صلى الله عليه وسلم لَنمكثُ شهرًا ما نستوقد بنار، إن هو إلا التمر والماء" (رواه البخاري: [6458]، ومسلم: [2972]).
وعنها؛ رضي الله عنها قالت: "لقد مات رسولُ الله صلى الله عليه وسلم؛ وما شَبِع من خبزٍ وزيت في يوم واحد مرتين" (رواه مسلم: [2974]).
فهنا نجد الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم ضرب لنا أروع الأمثلة في جميع المجالات، وكانت النتيجة تربية جيل الصحابة العظيم، فهذا الأمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه ينام على فراش الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم يوم هجرة الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم، ولم يخشى الموت ولا أعداء الله تعالى.
وننظر الجهة الثانية نجد أُمُّنا سمية رضي الله عنها تقف صامدة لتموت شهيدة في سبيل الله تعالى، وننظر أمامنا لنجد الصحابي أبا ذر الغفاري رضي الله عنه يسير على قدميه أكثر من ألف كيلو يوم غزوة تبوك رافعًا شعار {وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ} [طه من الآية:84].
والسؤال الآن: ماذا أنت فاعل بعد قراءتك هذه المقال، وبعد هذه المعلومات التي وضعت للتذكرة هل نستطيع أن نرفع نفس الشعار {وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ}.
هل نستطيع أن ننجو بأنفسنا كما قال مالك بن أنس رحمه الله حيث يقول: "لن يُصلِح آخرَ هذه الأمّة إلاَّ ما صلُح به أوّلها".
فعلينا أن نصلح أنفسنا الآن، ونعود للرحمن الرحيم ونجعل الحبيب محمد صلى الله عليه وآله وسلم القدوة بالفعل، كما قال تعالى: {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب:21].
ويجب علينا أن لا نُمرِّر الكلام على ألسنتنا؛ ولكن لا بد أن يمرّ على قلوبنا لنتذكَّر ونُحيي قلوبنا.
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين.
- التصنيف: