{وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِي الشَّكُورُ}

منذ 2014-03-20

كثير هو ما يمر به الإنسان في حياته فهل توقفنا ولو لحظات في كل ما يمر بنا، خلقنا الله في هذه الحياة وجعل حياتنا متنوعة ما بين الفرح تارة، والحزن تارة، وتارة بدون هذا أو ذاك، إذا ابتُلي الإنسان بعدة ابتلاءات متوالية يقول ماذا فعلت ليحدث لي ما يحدث، ويعترض وينقم دون أن يتفكر ولو للحظة ماذا وراء تلك المحنة أو ماذا وراء تلك المنحة، لا يشكر الله على عطاءه...

منح وهبات؛ من خلال محن وابتلاءات، كثير هو ما يمر به الإنسان في حياته فهل توقفنا ولو لحظات في كل ما يمر بنا، خلقنا الله في هذه الحياة وجعل حياتنا متنوعة ما بين الفرح تارة، والحزن تارة، وتارة بدون هذا أو ذاك، إذا ابتُلي الإنسان بعدة ابتلاءات متوالية يقول ماذا فعلت ليحدث لي ما يحدث، ويعترض وينقم دون أن يتفكر ولو للحظة ماذا وراء تلك المحنة أو ماذا وراء تلك المنحة، لا يشكر الله على عطاءه فحق عليه قول الله {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِي الشَّكُورُ} [سبأ من الآية:13]... فاللهم اجعلنا من القليل الشكور.

تنتقل إحدى حبيباتي إلى منزل جديد فيصاب زوجها  بفشل كبدي، مما يضطره لزرع كبد يكلفه كل ما يملك وينجيه الله من موت محقق، وبعدها بقليل تصاب ابنتها العروس بحادث سيارة تفقدها الوعي أشهر طويلة، وقال الأطباء أنها ماتت إكلينيكيًا وننتظر قراركم برفع الأجهزة عنها، وآخر تعرض لنفس الحادثة فمات في الحال وقبره والداه وهما يبكيان فراقه وحرمانهم منه، فإذا بالله يلطف بأمها ويبعث الروح في ابنتها مرة أخرى بعد أن فقدت الأمل وبكت ابنتها العروس، فيقول أحدهم من يوم أن انتقلت للمنزل الجديد والمصائب تتوالى عليها، ولم يفكروا بلحظة أن الله قد منحها حياة جديدة لزوجها وابنتها؛ في حين أن من أصابه ذلك المرض بالرغم من وجود المال لديه قد مات فعلًا، ومن تعرض لنفس الحادثة مات وقُبر في الحال فأين شكر الله على لطفه بنا؟!

وهناك ابتلاء آخر رأيته ورأيت من خلاله المنح والهبات، تلك التي حرمها الله نعمة الأمومة وابتلاها بالعقم، ولكن وهبها زوج خلوق يحبها ويخاف عليها ويتقِ الله فيها، ويساعدها في حفظ كتابه العزيز في حين؛ أن أخرى وهبها الله الأولاد، وابتلاها بزوج عاصٍ لا يخاف الله ولا يتقيه فيها ولا في أولاده، وجعل حياتهم مثل الجحيم يتمنون لو أنهم لم يأتوا إلى الحياة... أليس ذلك هبة ومنحة من وراء ابتلاء وحرمان؟!

وهذه الحبيبة التي ابتلاها الله في صحتها بعد أن أنجبت البنت والولد، وأصبحت تقضي معظم أيامها في المشفي بغرفة العناية المركزة وتنتظر الموت، فربى الله أولادها ووهبهم الخُلق القويم وتحمُّل المسئولية وهم من يرعون أمهم، ليفخر بهم كل من يراهم ويتمنى لو أنهم أولاده، قالت لي إحدى صديقاتي: "ما شاء الله إحنا اللي قاعدين لأولادنا مش قادرين نربيهم مثلهم"، فقلت لها: "إن الهدى هدى الله، ربنا حرمهم وجود أم ترعاهم ولكن وهبهم رعايته وهداه"، أليست هذه منحة لتلك الأم من خلال محنة وابتلاء فأولاد صالحين خير من الدنيا وما فيها؟!

وهناك شكر آخر يغفل عنه الإنسان! ألا وهو الشكر على الشكر نفسه، عندما أصاب بأزمة في التنفس وأحس بأن الروح على وشك الخروج، ثم يفرجها الله علي فاشكره وأحمده وأقول: "ياه الروح حلوة"، فهل أتذكر وقتها أن أشكره على أن منحني شكره وحمده حين الأزمة؟ فشكر الله أراها منحة وهبة عظيمة يمنحها لنا الله حين الابتلاء، فاللهم لك الحمد على الحمد ذاته...

ألا يعلم الإنسان أن الله إذا أحب عبدًا ابتلاه؛ لأنه سبحانه يبتليه ويمنحه في نفس الوقت! فهلَّا وعينا ذلك وهرعنا إلى الله شكرًا وتضرعًا أن جعل من وراء الابتلاء هبة جديدة، يمسح بها أحزاننا وتشرق لنا بأمل جديد! هلَّا رضينا بقضاءه دون اعتراض ونبحث عن المنحة التي أعطاها لنا من وراء الابتلاء! هلَّا علمنا أن منع الله عطاء سبحانه يمنع عنا ليعطينا خيرًا لا يعلمه إلا هو سبحانه فهلَّا شكرنا!

كثير هو ما يدور في عقلي مما يحدث لنا في هذه الحياة، كنت أتمنى لو أستطيع كتابته وترجمته إلى أحرف وكلمات، لعل الله يجعل فيها كلمة يهدي بها معترض على ما أصابه أو منع عنه، ولعل الله يفيقني حين الغفلة ويذكرني بتلك الكلمات وألا تكون حبر على ورق.

{رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا} [البقرة من الآية:286].

 

 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أم سارة

كاتبة إسلامية من فريق عمل موقع طريق الإسلام

  • 2
  • 0
  • 19,701

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً