مسلسل... يا ربّ يعجبكم!
أخذتني الدهشة الأعمال والبرامج الضالة بدأت الاستعداد والتهيئة لهذا الشهر الفضيل، بل ويتسابقون على من يكون حصري، في حين أننا نحن المسلمون الذين يتمنون رضا الله لم نُجهِّز أنفسنا لاستقباله فهل التمني بأن يرضى الله علينا حقيقي!
فاصل ثم نواصل
حبيباتي وأخواتي في الله جلست أستمع إلى أحد البرامج الإخبارية وإذا بالمذيع يقول: "فاصل ثم نواصل"، وفوجئت بالإعلانات في هذا الفاصل تعرض مسلسلات وبرامج شهر رمضان المبارك التي ستُعرض على تلك القنوات، يا الله قبل الشهر الفضيل بثلاثة أشهر تُعرض الأعمال الضالة الفاسدة ويُروَّج لها ويقولون حصريًا؛ في حين أني لم أسمع ولو برنامج إيماني واحد يُعد له من أجل أن يُعرض في ذلك الشهر الكريم!
فأخذتني الدهشة الأعمال والبرامج الضالة بدأت الاستعداد والتهيئة لهذا الشهر الفضيل، بل ويتسابقون على من يكون حصري، في حين أننا نحن المسلمون الذين يتمنون رضا الله لم نُجهِّز أنفسنا لاستقباله فهل التمني بأن يرضى الله علينا حقيقي! ونحن لم نُفكِّر مجرد تفكير ما هو حالنا حين يهِل علينا هذا الشهر الكريم -إن كان في العمر بقية-.
أخذتنا الحياة، واشتغلنا بالأولاد، وضيعنا الفرص التي بين رمضان ورمضان؛ فهل سنقضي القليل الباقي ونحن في ضياع؟!
في حين أننا إذا فكَّرنا في حالنا هذه وحال السلف الصالح لتَّحسرنا على أنفسنا ولبكينا الليل والنهار على تقصيرنا في حق أنفسنا، ولبكينا الدم على فواتنا الأعمال الصالحة التي تُقرِّبنا إلى الله، أيام قليلة ويهِل علينا شهر رجب وبعده شعبان فهل استعددنا كي نستقبل تلك الأشهر الكريمة، كي نبدأ من الآن ونعد لاستقبال شهر الخيرات شهر رمضان شهر البِرِّ والإحسان؟!
لقد كان سلفنا الصالح يدعون الله في رمضان أن يُسلِمهم رمضان المقبل، ويُبلِّغهم إيَّاه ويتقبّله منهم،وقبل رمضان بستة أشهر كانوا يستعدون له بصالح الأعمال، وهؤلاء عاشوا في زمن الطُّهر والعفاف، والإيمان القوي الذي لم تؤثر فيه المدنية، ولم تظهر فيه الموبقات التي تظهرها لنا الفضائيات الآن! والذي شاع في الشارع وكأن هذا هو العادي!
لم يكن لديهم كل تلك الملوثات السمعية والبصرية؛ التي أصبحت في كل بيت من بيوتنا -إلا من رحم الله- ومع ذلك كانوا يستعدون ويتأهبون لاستقبال رمضان قبل مجيئه بستة أشهر، فماذا نفعل ونحن نعيش في ذلك العصر المليء بالفتن والضلال والانحراف عن الدين الحق، هذه فرصتنا الوحيدة الآن؛ فلنغتنمها لنستقبل رمضان وقد طهَّرنا أنفسنا بقدر الاستطاعة، هذه فرصتنا للإكثار من الأعمال الصالحة استعدادًا لقدومه.
يقول أبو بكر البلخي: "شهر رجب شهر الزرع، وشهر شعبان شهر سقي الزرع، وشهر رمضان شهر حصاد الزرع".
فهيَّا لنزرع أعمالنا ونصل أرحامنا ونُجهِّزها حتى إذا جاء شعبان سقيناها بالصيام والإكثار من الأعمال الصالحة، كي يأتي رمضان وقد تطهَّرنا ونستقبله بفرحة القلوب الصافية المناجية ربها أن يتقبَّل منها ويُبلِّغها رمضان، وأن يتقبَله مِنَّا فنحصد الخير بإذن الله تعالى، ونسأله أن نكون من عتقاءه في هذا الشهر الجليل، ولنرفع أيدينا بالدعاء من الآن حبيباتي؛ نناجي ربنا، ونبتهِل إليه، ونُلح عليه أن يرضا عنَّا ويُصلِح حالنا وبلادنا.
يقول أبا الدرداء: "جِدوا بالدعاء، فإنه من يُكثِر قرع الباب يُوشك أن يفتح له".
فأسأل الله أن يفتح لنا أبواب السماء والجنة.
يقول تعالى في محكم آياته:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم:6].
{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت:69].
هيَّا حبيباتي في الله! فلنجاهد أنفسنا، ولنجبرها على الطاعة عسى الله أن يقينا غضبه وعذابه؛ ولنتهيء ونستعد لاستقبال هذا الشهر الكريم، شهر القرآن شهر فيه ليلة خير من ألف ليلة، نسأل الله أن يكتبها لنا، ونكون من عتقائه من النار.
يقول أحد الشاعراء:
شهر يفوق على الشهور بليلةٍ *** من ألف شهر فضلت تفضيلاً
طوبى لعبدٍ صح فيه صيامه *** ودعا المهيمن بكرة وأصيلاً
وبليلةٍ قد قام يختم ورده *** متبتلاً لإلههِ تبتيلاً
- التصنيف: