جنة الدنيا
محمد سلامة الغنيمي
عرض الله تعالى أمانة التكليف على المخلوقات فأبت جميعًا حملها، إلا الإنسان الذي قبلها وتحمل تبعاتها، فأشفق الله عليه منها، ووجهه إلى ما يعينه على أدائها فشرع له، ووضع له المبادئ التي تحدد علاقته ببني جنسه وبربه وبالكون من حوله، بما يهدف إلى أدائه لأمانة التكليف ونجاحه في دار البلاء.
- التصنيفات: الطريق إلى الله -
يقول الله تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ} [البلد:4]، إذًا الدنيا هي البلاء، والإنسان فيها دائم التعب والكد، فأين السعادة فيها؟! لقد خلق الله تعالى الإنسان ليتوافق مع شرعه ومنهاجه، ووجهه إلى الإيمان والعمل الصالح، وربطه بمحبته وطاعته، وبعقابه وغضبه، رغم أن ذلك لا يزيد في ملكه ولا ينقص، فما الحكمة من ذلك؟!
عرض الله تعالى أمانة التكليف على المخلوقات فأبت جميعا حملها، إلا الإنسان الذي قبلها وتحمل تبعاتها، فأشفق الله عليه منها، ووجهه إلى ما يعينه على أدائها فشرع له، ووضع له المبادئ التي تحدد علاقته ببني جنسه وبربه وبالكون من حوله، بما يهدف إلى أدائه لأمانة التكليف ونجاحه في دار البلاء.
وقد وعد من يستقيم على منهاجه ويتمسك بشرعه بجنة في الدنيا قبل تلك التي في الأخرة، قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل:67]، وأكد ذلك الوعد بالفاء ولام القسم ونون التوكيد، وبالتوكيد اللفظي في قوله: {حَيَاةً}، وعبر بالنكرة دون المعرفة في قوله: {حَيَاةً طَيِّبَةً}؛ لتفيد العموم والشمول، فهي طيبة بمقياس الله تعالى، لا يتخيلها بشر، طيبة في جميع جوانب الحياة المادية، والصحية، والأسرية، والاجتماعية، والنفسية..
وقال صلى الله عليه وسلم: «الدنيا حلوة خضرة فمن أخذها بحقها بارك الله له فيها ورب متخوض في مال الله ورسوله له النار يوم القيامة» (صحيح الترغيب:3218)، فهؤلاء الذين يعملون الصالحات مستقيمين على كتاب الله وسنة نبيه تبالغ الملائكة في النزول عليهم تباعاً؛ تشد من أزرهم وتحول بينهم وبين الشياطين، والنفس الأمارة تزيل عن كاهلهم الخوف من المستقبل والندم على الماضي، يوحون إليهم بأنهم نصراؤهم في الدنيا بالتأييد، وفي الآخرة بالشفاعة، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ . نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ} [فصلت:30-31].
الإيمان هو الذي يجعل المكابدة والعناء لذة يستعذبها المؤمن، من خلال الصبر والاحتساب عند الله، فهؤلاء ينزل الله عليهم الرحمات والصلوات، ويزيدهم هدى وثبات، قال تعالى: {..وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ . الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ . أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة:155-157].
الإيمان والعمل الصالح هما اللذان يقضيان على القلق والصراع النفسي والتوتر العصبي، فالمؤمن لا يستسلم لنزواته ورغباته، بل يوقن بأنها مجرد لذة فانية، لا ينبغي الاستسلام لها، لذلك تجد المؤمن في أقصى درجات الاتزان النفسي والإشباع العاطفي، لا تجده مهمومًا مغمومًا على فوات حظ من حظوظ الدنيا القليلة السريعة الزوال.
تحدث عن ذلك العلماء والصالحين الذين امتثلوا له فقالوا:
قال إبراهيم بن أدهم: "لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من النعيم لجالدونا عليه بالسيوف".
قال ابن تيمية: "إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لا يدخل جنة الآخرة"، وقال: "ما يصنع أعدائي بي؟ أنا جنتي وبستاني في صدري؛ إن رحت فهي معي لا تفارقني، إنَّ حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة!".
قال أحد السلف: "مساكين أهل الدنيا خرجوا منها وما ذاقوا أطيب ما فيها، قيل وما أطيب ما فيها؟ قال محبه الله تعالى ومعرفته وذكره والأنس به؟
وقال آخر: "أنه لتمر بالقلب أوقات يرقص فيها طربًا، حتى أقول إن كان أهل الجنه في مثل هذا إنهم لفي عيش طيب".
ترجمة المقال باللغة الإنجليزية:
The Paradise of the World
Mohammed Salama Al_Ghonaimi
Allah created human to comply with His legislation and His method. He directed him to faith and good work and related them to His love and obedience،and punishment and anger. Even though it does not increase nor decrease in His kingdom.
Human is a responsible creature. He applied Secretariat commissioning and bear the consequences. Allah alleviated him. Then He directed him to what supports him for its performance. Allah says: "Whoever works righteousness، whether male or female، while he (or she) is a true believer (of Islamic Monotheism) verily، to him We will give a good life (in this world with respect، contentment and lawful provision)، and We shall pay them certainly a reward in proportion to the best of what they used to do (i.e. Paradise in the Hereafter)".
Abu Sa`id Al-Khudri (May Allah be pleased with him) reported: Messenger of Allah (PBUH) said: "The world is sweet and green (alluring); and verily، Allah is making you to succeed each other، generations after generations in it in order to see how you act. So beware of this world and beware of women".
[Muslim]
We never aware of what the obedience leas to from happiness، contentment، comfort and self-stability. As well as the benediction(Barakah) in everything.
The Scholars and the righteous talked about it after they had achieved it in their life. Ibrahim ibn Adham said: "If the kings and the sons of kings knew our felicity, they would fight us with swords about it.
Ibn Taymiyyah said: "There is a paradise (Jannah) in this world who did not enter it does not enter the afterlife.
He said "what does my enemies do with me ?! My paradise and my orchard in my chest that I kept with me، it does not go away. My detention is privacy. killing me is martyrdom.My banishment is tourism.
An ancestor said: "The inhabitants of the world are Masakin (poor persons).They came out of it without tasting the best thing in it. It was asked, "What is the best in it?' He replied, loving Allah and His knowledge and praise Him.
Another said: "Sometimes my heart dances gleeful. So I say: "if the inhabitants of Jannah live as me they are in a good life