من نواقض الإسلام - (3) من لم يكفر المشركين أو شك في كفرهم (2)
من هم الكفار وفق هذا الناقض، وما حكم من شك في كفرهم.. هل يجوز أن نقول أن اليهود والنصارى هم إخواننا في الإيمان؟
المسألة الرابعة: الكفار في هذا الناقض صنفان.
نقول ملخص العمل بهذا الناقض أن الكفار فيه على صنفين:
الصنف الأول: أن يكون كافراً أصلياً لا خلاف في كفره كاليهود والنصارى والبوذيين وغيرهم ممن لم يكن مسلماً في الأصل فهؤلاء من لم يكفرهم أو شك في كفرهم أو صحح مذهبهم فهو كافر خارج من ملة الإسلام بذلك.
قال شيخنا ابن عثيمين: "وذلك لأن اليهود والنصارى كفرهم الله عز وجل في كتابه، قال تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ * اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [التوبة:30-31] فدل ذلك على أنهم مشركون، وبين الله تعالى في آيات أخرى ما هو صريح في كفرهم فقال: {لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} [المائدة:17] وقال: {لقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ} [المائدة:73] فمن أنكر كفر اليهود والنصارى الذين لم يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم وكذبوه، فقد كذب الله عز وجل، وتكذيب الله كفر ومن شك في كفرهم فلا شك في كفره هو" (انظر فتاوى وأحكام الداخلين في الإسلام صـ 42).
الصنف الثاني: أن يكون مسلماً في الأصل ثم ارتكب ناقضاً يخرجه من الإسلام وهو يزعم أنه باقٍ على إسلامه، فهذا على قسمين:
القسم الأول: أن يكون ما ارتكبه ناقضاً من النواقض الصريحة التي هي محل إجماع عند أئمة الإسلام كمن استهزأ بالنبي صلى الله عليه وسلم أو سبّه أو كأن يجحد شيئاً معلوماً من دين الإسلام بالضرورة فإن الممتنع من تكفير هذا لا يخلو من حالين:
الحال الأولى: أن ينكر كون ما وقع فيه هذا المرتكب لهذا الناقض ناقضاً من نواقض الإسلام فيقول ليس بناقض مخالفاً بذلك إجماع أئمة الدين فهذا الممتنع عن التكفير حكمه حكم هذا المرتكب لهذا الناقض بعد أن تقام عليه الحجة ويوضّح له الحال.
وقد ذكر شيخ الإسلام حكم من لم يكفر المشرك الكافر سواء كان كافراً أصلياً كاليهود والنصارى، أو من ثبت كفره يقيناً كالباطنية مثلاً فقال: "من شك في كفر هؤلاء بعد معرفة قولهم ومعرفة دين الإسلام فهو كافر كمن يشك في كفر اليهود والنصارى والمشركين" (انظر الفتاوى [2/368]).
وقال أيضاً: فمن زعم أن الصحابة ارتدوا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نفراً قليلاً، أو أنهم فسقوا عامتهم قال: "فهذا لاريب أيضاً في كفره، لأنه لا مكذب لما نصه القرآن في غير موضع من الرضى عنهم والثناء عليهم، بل من يشك في كفر مثل هذا فإن كفره متعين". (انظر الصارم المسلول صـ 591-592).
وقال الشيخ سليمان بن عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب فيمن ثبت كفره يقيناً وكذلك من كان كافراً أصلياً: "فإن كان شاكاً في كفرهم أو جاهلاً بكفرهم بينت له الأدلة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على كفرهم، فإن شك بعد ذلك وتردد فإنه كافر بإجماع العلماء، على من شك في كفر الكافر فهو كافر" (انظر رسالة أوثق عرى الإيمان صـ 61).
الحال الثانية: أن يكون هذا الممتنع من التكفير مُقِرّاً بأن ما وقع فيه هذا المرتكب للناقض ناقضاً من نواقض الإسلام لكن يمنعه من تكفيره احتمال ورود العذر عليه بعدم انتفاء الموانع وانطباق الشروط، فهذا لا يكفر إذا امتنع عن تكفيره بسبب ورود العذر.
القسم الثاني: أن يكون ما ارتكبه من النواقض التي هي محل خلاف عند أئمة الدين كترك الصلاة أو ترك الزكاة أو الصيام أو الحج مثلاً فإن الممتنع عن تكفيره أو المتوقف لا يُكفّر أيضاً.
المسألة الخامسة: من شك في كفرهم فقد كفر، وهل الوسوسة في هذا الباب من الشك؟
الوسوسة باب من أبواب الشيطان ليفسد على المسلم ما هو عليه من خير وإن أشد ما يحرص عليه الشيطان أن يوسوس للعبد في عقيدته ولذلك جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « ».
فالوسوسة وحديث النفس لا تُعّد من الشك لأنها تحدث بغير اختيار الإنسان وأما الشك فهو باختياره وعلمه، فالذي ابتلي بالوسوسة في هذا الباب مثلاً إذا استعاذ وكره ما خطر في باله وحدثته به نفسه ووسوس له الشيطان به كان ذلك صريح الإيمان.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في (الفتاوى [14/108]): "فالوسوسة هي ما يهجم على القلب بغير اختيار الإنسان، فإذا كرهه العبد ونفاه كانت كراهته صريح الإيمان".
المسألة السادسة: ما حكم من يقول إن اليهود والنصارى إخواننا في الإيمان؟
من قال إن اليهود والنصارى إخواننا في الإيمان كما يوجد في بعض القنوات الفضائية فإنه يكفر بذلك، فإن كان جاهلاً ثم بين له الحق وأصر على ذلك فإنه يكفر أيضاً، لابد له من توبة إلى الله عز وجل. (انظر شرح نواقض الإسلام للفوزان صـ 96).
عبد الله بن حمود الفريح
حاصل على درجة الدكتوراه من قسم الدعوة والثقافة الإسلامية في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى، عام 1437هـ.
- التصنيف:
- المصدر: