يا بنت الإسلام.. أي حرية ستختارين؟!
سهام عبيد
إنكِ يا غالية على ثغرٍ من ثغور الإسلام.. فحافظي عليه، ولا تركضي وراء تلك الدعوات الزائفة التي تستخف بعقلكِ وتُوهمك بأنك مسجونة مقيدة.. بل أنتِ (الملكة) وهم يريدون أن ينزلوكِ من فوق عرش مملكتك، ويستعبدونك ويجعلونك (ساقطة) ينزعون عنكِ حجابكِ ويتلذذون بكِ ويهينونكِ في الأعمال الشاقة كل ذلك باسم: (الحرية والمساواة)!!
- التصنيفات: قضايا المرأة المسلمة -
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
بعدما منَّ اللهُ سبحانه وتعالى علينا بنبي الإسلام الذي أخرجَ الناسَ بهديهِ مِن الظلماتِ إلى النورِ؛ وأقام دولة الإسلام الشامخة البُنيانِ.. حاول اليهود والنصارى والمشركون وأعداء الدين من جميع الملل والنحَل أن يوقفوا هذا المد الإسلامي الجارف وأن يطفئوا نورَه؛ فشنوا الحروب العظام وأرسلوا الحملات الجِسام لاستئصال دين الإسلام ومحوه من على وجه البسيطة؛ فمِن الحملات الصليبية على مِصرَ وبلادِ الشامِ إلى الغزو التتري الذي اكتسح حاضرة الخلافة العباسية حتى وصل إلى حدود مِصرَ؛ ثم إلى التطهير العرقي في بلاد الأندلس؛ مرورًا بالمذابح في الشيشان وكوسوفو وألبانيا وصولا إلى أفغانستان والعراق.. ولكن هَيهات هَيهات.. فالإسلام سيبقى إلى أن يشاء الله تعالى بوعدٍ منه سبحانه كما قال جلَّ في عُلاه: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [الصف:8].
ولما لم تفلح مُحاولاتهم المُستميتةُ تِلكَ لهدمِ الإسلامِ عَنْ طَريقِ (القوة).. اتجهوا إلى منحىً جديد لينخروا به كيانَ الأمةِ مِن الداخلِ؛ ليُوفِروا بذلك الوقتَ والجهدَ، والمالَ والرجالَ.. لقد اتجهوا إلى عمودِ الخيمةِ وأساسِ البناءِ..
ألا وهو المرأة!! نعم المرأة!!
ولماذا المرأة؟!
لأنها ببساطة صانعة الرجال.. مُربية الأجيال.. هي الأم والزوجة؛ هي الأخت والابنة، هي الخالة والعمة.. هي كما قالوا: (وراءَ كلُ عظيمٍ امرأة).. هي كالقلبُ للجسد؛ إذا صلُحَت صلُح المجتمع، وإذا فَسدَت فسد المجتمع.. هي التي وُضعَ على كاهلها تلك المسئولية العظيمة وتلك الأمانة الكبيرة (البيت): «البخاري:893).
» (عَلِمَ أعداؤنا ذلك ووعوه جيدًا، فذهبوا لا يألون جَهدًا في مُحاولة لإفساد المرأة المُسلِمة ونزعِ الهُوية الإسلامية عنها.. وبذلك يُخرجون جيلا من المسلمين لا يعلم عن إسلامه شيئًا فيكون من الميسور عليهم مسخه كما يريدون؛ وقد بدأ بعضهم بالفعل يتنصل من هويته الإسلامية؛ ويكتب في خانة الديانة (Nul) أي: لا يوجد!!
فأصدروا القوانين وسودوا الاتفاقيات بشأن المرأة زاعمين أنهم يريدون بذلك (تحريرها).. وكذبوا.. فما حرر المرأة غير الإسلام وما كرَّمها إلا دين الله ورسوله؛ وليس بخافٍ عنا ولا عنهم حال المرأة وما كانت عليه في الأمم السابقة بل وحتى في يومنا هذا من قهرٍ وإذلال في مجتمعاتهم التي يصورونها على أنها (المدينة الفاضلة)!! ومن نظرَ نظرةً مُتفحصةً لحالِ الأمهاتِ العجائز بل والفتيات العوانس في بلادهم لأيقَن زيفَ دعواهم.
زينوا لها التعري بدعوى الحرية!! وأباحوا لها الزنا بدعوى الحرية!!
فبئست الحرية
وجرجروها إلى ميادينِ العملِ المختلفةِ بدعوى المساواة!!
فلا أنعِم بها من مساواة
وليس هذا بجديد؛ فلقد بدأت هذه المحاولات منذ زمن النبي صلى الله عليه وسلم وقادها اليهود -وما زالوا- يريدون أن ينزعوا عن المرأة حياءها وعفافها؛ فهؤلاء يهود بني قينقاع الذين أرادوا من المرأة كشف وجهها فأبَت فقاموا بخبثٍ بعقد طرف ثوبها فلما قامت انكشفت سوأتها؛ وهؤلاء اليهود ومن هُم على شاكلتهم من النصارى هم الذين استحدثوا بيوت الأزياء ومسابقات ملكات الجمال؛ وما زالوا وراء المسلمين حتى أسقطوا الخلافة العثمانية؛ وأقاموا في عاصمتها تلك المسابقة الخبيثة واشتركت امرأة مسلمة واختاروها لتفوز.. ثم وقفوا ليعلنوها صريحة:
(إن أوروبا كلها تحتفل اليوم بانتصار النصرانية؛ لقد انتهى الإسلام الذي ظل يسيطر على العالم منذ 1400م؛ إن (كريمان خالص) ملكة جمال تركيا تمثل أمامنا المرأة المسلمة؛ ها هي (كريمان خالص) حفيدة المرأة المسلمة المحافظة تخرج الآن أمامنا (بالمايوه)؛ ولا بد لنا من الاعتراف أن هذه الفتاة هي تاج انتصارنا... مع كل تمنياتنا بأن يكون مستقبل الفتيات المسلمات يسير حسب ما نريد؛ فلترفع الأقداح تكريمًا لانتصار أوربا)!!
فهل وعيتِ الدرس (أيتها المسلمة)؟!
لقد علموا أن الانتصار على الإسلامِ لا يكونُ بالقوةِ؛ لا يكونُ بالعُدةِ والعَتادِ؛؛ بل يكونُ بتدميرِ النواةِ والبنيةِ التحتيةِ للمجتمعِ المسلمِ؛ يكون كما ذكر أحدُهُم: بـ(كأسٍ وغانيةٍ).. فوَجهوا سهامَهُم المَسمومَة صَوبَ المرأةِ مباشرة ليُصيبوا الإسلام في مقتل (فلا أتم الله لهم مكرهم).
ثم أطّلوا بوجههم القبيح مرة أخرى بترنيمة جديدة ألا وهي المساواة بين الرجل والمرأة وإزالة الفروق بينهما فلا فرق!! فالمرأة كالرجل في الحقوق والواجبات؛ تعمل في جميع الأعمال سواء أكانت تناسبها أم لا؛ وترث كما يرث الرجل، وتنسب الأبناء إليها، و... و.... إلخ. وانسلخ أناسٌ من بني جلدتنا يساندونهم في هذا؛ وصدق فيهم قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: «
» (مسلم:1847). حتى إن إحداهن شطحت بفكرها المُهترئ -بل إن شئت فقُل بكُفرها البواح- وأعلنتها صريحة: "لماذا نقول: قل (هو) الله أحد؟ لِمَ لا نقول: قل (هي)"؟!! تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرا.والمرأة أصبحت تسمع هذه النداءات الخبيثة التي ما خرجت إلا من عقولٍ صدئة.. وأصبحت المسكينة حيرى.. مَن تُصدق؟ ومَن تُكذب؟ أتجلس في بيتها تربي أبناءها وتهتم بشئون زوجها وتتستر بلباس الفضيلة؟؟ أم تخرج تزاحم الرجل في ميادين العمل وتثبت شخصيتها ووجودها وتطالب بالمساواة المزعومة وتمزق تلك (القوامة) التي يمتلكها الرجل وتنزع ثياب الطهر والعفاف؟؟
استجابت لتلك الدعوات كثيرات،، وتذبذت كثيرات،، وثبتت على الحق الفاضلات.. لكن..!! أتُرانا نتركهن في غياهب الجهل ومتاهات الافتراء على ديننا وشرعنا؟؟ هل إسلامُنا حقًا أهان المرأة وسجنها وقيدها وجعلها خادمة لزوجها وأبنائها لا قيمة لها؟؟
كلا والله ما كان هذا وما كان ليكون؛ فالإسلام كرّم المرأة أشد ما يكون التكريم، وحَفِظ حقوقها ومكانتها وأوصى بها أُما وزوجة وبنتا.. فقد جاء الإسلام والمرأة لا حق لها في الحياة فقد كانت تُدفن في التراب حية وكانوا يتشاءمون بمولدها: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ. يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [النحل:58، 59].
ولم يكن للمرأة حقٌ في الميراث فكانت لا ترث؛ بل كانت هي نفسها ميراث تُورَّث كالمال والمتاع.. فجاء الإسلام وحرَّم عادة وأد البنات وكفل للمرأة حق العيش الكريم وأوصى الآباء ببناتهم فقال صلى الله عليه وسلم: « » (أخرجه مسلم)؛ وكذا وصى الأبناء بأُمهَاتِهم فقال عليه الصلاة والسلام عندما سأله رجل: « » (أخرجه البخاري).
ووصى الرجال بزوجاتهم فقال صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع: «
» (أخرجه مسلم)... والآثار في ذلك أكثر من أن تُحصى في هذه المقالة.ففرض على الرجل واجب الإنفاق على المرأة وإطعامها وكسوتها وتلبية مطالبها واحتياجاتها فكان له بذلك حق القوامة؛ والقوامة ليست بالمعنى الذي فهمه الجاهلون من تقييد حرية المرأة والتسلط والتجبر عليها، وإنما القوامة من خدمتها والاعتناء بها وبمصالحها؛ فالقوامة لغة جاءت من قام على الشيء أي رعى مصالحه واهتم بشئونه، ومنها لفظة (القيّم) أي القائم بالأمور. ومن هنا يتضح أن هذه الجملة (قوامة الرجل على المرأة) إنما هي كلمة تشريف وتكريم للمرأة حيث يقوم زوجها بالاهتمام بها وبشئونها ورعاية مصالحها والقيام بكل ما تحتاجه!!
فأيُ ضيمٍ وإذلالٍ في هذا يا أولي الألبابِ؟!
والمرأة في الإسلام لها ذمتها المالية المستقلة، ولها أموالها الخاصة ولا يحق للرجل أن يأخذ منها شيئًا إلا برضاها.. ولها الحق في الميراث بعد أن كانت محرومة منه بل وفي حالات كثير قد ترث أكثر من الرجل، بل وقد ترث (هي) ولا يرث (هو)..!! والله سبحانه عليمٌ بما يُصلحُ عبادَه، خبيرٌ بشئونِهم، حكيمٌ في أفعالِه جل في علاه
فأي ظلمٍ واضطهاد في هذا يا أولي النُهى؟!
أتدرون يا من تنادون بالمساواة.. لقد سُميت سورة كاملة من القرآن الكريم باسم (النساء) في حين أنه لا يوجد سورة اسمها (الرجال)؟!
ولقد كفل الإسلام للمرأة حقوقها كزوجة فشرع لها المهر وأمر الزوج بالإنفاق عليها، وأمر وليها ألا يُنكحها إلا بإذنها، وكفل حقوق المرأة المطلقة وشرع أحكاما كثيرة تحافظ على حقوقها وعلى حقها في الحياة الكريمة.. فيا من تطالبون بالتعدد للمرأة مثل الرجل.. أي عقلٍ يفكر بهذا؟!! فحتى الحيوانات لا تقيم الأنثى علاقة إلا مع ذكرٍ واحدٍ فقط.. والسبب أن الأنثى هي التي تلد.. فإذا تعددت علاقاتها فبأي واحدٍ من الذكور سيُلحَق الأبناء.. أفلا تعقلون؟!! لقد كانت هذه العادات من عادات الجاهلية.. فهل تريدون (التقدم) أم (التخلف)؟!!
وما تكلمت عنه في هذا المقال من الحقوق والمكانة التي كفلها الإسلام للمرأة ما هو إلا غيضٌ من فيضٍ وقد أُفردت الكتب والمجلدات الكثيرة للتحدث عن حقوق المرأة في الإسلام.
وأخيرًا.. إليكِ نصيحتي أختي المسلمة يا من منَّ الله عليها بنعمة الإسلام.. أترضين أن تكوني وسيلة بيد الأعداء يستخدمونها لهدم الدين؟؟ إنهم لا ينادون بحريتك ولا تعنيهم أنتِ ولا حُريتك في شيء، بل كل ما يعنيهم هو انتصار النصرانية واليهودية.. وانهزام الإسلام لا قدّر الله. وأنتِ المفتاح وكلمة السِر. فلا يُؤتَى الإسلام مِن قِبلكِ؛ ولا تكوني لهم كما يتوقعون ولا تسهلي عملهم بل كوني كالشوكة في حلقهم لا ينْفُذُون إلى الإسلامِ من خلالك.
إنكِ يا غالية على ثغرٍ من ثغور الإسلام.. فحافظي عليه، ولا تركضي وراء تلك الدعوات الزائفة التي تستخف بعقلكِ وتُوهمك بأنك مسجونة مقيدة.. بل أنتِ (الملكة) وهم يريدون أن ينزلوكِ من فوق عرش مملكتك، ويستعبدونك ويجعلونك (ساقطة) ينزعون عنكِ حجابكِ ويتلذذون بكِ ويهينونكِ في الأعمال الشاقة كل ذلك باسم: (الحرية والمساواة)!!
فأي حُرية ستختارين؟!