التعليم المختلط في الصفوف الأولية - نظرات علمية - (5) من فوائد التعليم غير المختلط

منذ 2014-03-31

"إن فوائد التعليم غير المختلط ليست منحصرة في تحسين المستوى الدراسي، فقد أظهرت عدة دراسات، أن المتخرج من مدارس التعليم غير المختلط، أكثر ثقة بنفسه، وأكثر جدية في انتهاج سبيل التعليم"

من خرافات بعض مثقفينا (العلمية) التي يستخدمونها أحيانًا لترويج الاختلاط في التعليم ضمن الصفوف الابتدائية كخطوة تكسر الحواجز في النفوس وتنشئ جيلًا من البنين لا ينكر الخلطة ويألف الصداقة مع الأجنبي أو الأجنبية منذ نعومة أظفاره فلا يراها منكرة بل بريئة عادية؛ من تلك الخرافات زعمهم أن التعليم المختلط ينمي بعض الملَكات عند الأطفال، فيجعل الطفل لبقاء في تعامله، مهذبًا عارفًا بتباين مشاعر الجنسين، قادرًا على التعاطي مع الآخر!، واثقًا بنفسه، بخلاف العزلة فإنها تكرس عقدًا في نفس الطالب، فلا يحسن التعامل مع زوجه إذا كبر، وربما طلق أثناء الخطوبة! وربما زعم بعضهم أن الفصل وضرب الحجاب سبب في الكبت المؤدي للشذوذ الجنسي! بخلاف التعامل الأريحي بين الجنسين! وهذا موضوع آخر يردده بعض الببغاوات وضعفاء العقول لعل المجال يتسع للحديث عنه بالأرقام في غير هذا الموضع، فإحصاءات الغرب تجعل أقاويل هؤلاء أضاحيك، وتبين أن أصحابها يهرفون بما لا يعرفون وإنما يتخيلون ويتوهمون!

 

وعودًا إلى موضوعنا فهؤلاء الأذكياء الأدعياء الذين يحدثونا عن اللباقة والتعامل، نسوا أثناء دعواهم تلك أن البنت قبل أن تدخل المدرسة وبعدها في مجتمعاتنا الإسلامية والعربية -ليست ككثير من بنات الغرب- إذ لها نسبٌ معروف فهي تتعامل تعاملًا طبيعيًا بريئًا مع أبيها وأخيها وذوي قرابتها، وأن الابن كذلك لم يخلق من العدم بل له أم، وخالة وعمة وجدة، وأخت وقائمة إناث من قرابته، وليست خطيبته أو زوجته أول امرأة في التاريخ يراها كما يتصورون!

ومع تلك السطحية التي لا يستحون معها من إطلاق تلك الدعاوى العريضة لا يعتبر هؤلاء بحال الغرب الذي لم يعبأ بالفصل بين الجنسين، فهم يبصرون كمَّ الانحراف السلوكي الشذوذي والاضطراب النفسي العصبي، الذي يقود كثيرًا منهم إلى الانتحار أو القتل والدمار واقتراف الجرائم البشعة، ثم لا يعتبرون!

ولهؤلاء المفتونين نذكر كلمات بعض أئمتهم من الغربيين المبنية على الحقائق العلمية والدراسات، لا على الخرافات والتخرصات وفي قضية اللباقة والقدرة على التعامل خاصة، أما إحصائيات الشذوذ والجريمة فأعرض عنها في هذه المقالة:

قال دكتور ليونارد ساكس: "إن فوائد التعليم غير المختلط ليست منحصرة في تحسين المستوى الدراسي، فقد أظهرت عدة دراسات، أن المتخرج من مدارس التعليم غير المختلط، أكثر ثقة بنفسه، وأكثر جدية في انتهاج سبيل التعليم" [1].

وأشار إلى دراسة آيرلندية قارنت بين الطالبات في المدارس غير المختلطة، مع طالبات المدارس المختلطة، فوجدت أن اللاتي يدرسن في مدارس غير مختلطة، أكثر ثقة بأنفسهن، بينما الأخريات يعتمد تقييمهن الذاتي على نظرتهن إلى المظهر الشخصي!
يعني: ساذجةً سطحية تعتني بالقشور دون اللباب! فإذا كانت الفتاة في المدرسة المختلطة تظن أنها جميلة فعادة ما تكون ثقتها بنفسها عالية وإلاّ فلا! وبالمقابل وجدت الدراسة أن الطلاب في المدارس غير المختلطة، أكثر انفتاحًا لقبول شريحة أوسع من الموضوعات.

وفي دراسة أخرى ظهر أن البنين في المدارس غير المختلطة، أكثر حرية في متابعة المواضيع التي تميل إليها البنات عادة، وأن البنات اللاتي تخرجن من مدارس غير مختلطة أكثر قابلية لأن تكون موادهن الأساسية الرياضيات والعلوم، بفارق ستة أضعاف عن البنات اللاتي تخرجن من مدارس مختلطة [2].

وفي دراسة لباحثين بجامعة (ميشيجان) (Michigan)، تأكد أن الطلاب في المدارس غير المختلطة لديهم تطلعات تربوية أفضل، وثقة أعلى في قدراتهم، ومواقف إيجابية نحو الأكاديميين أكثر من طلاب المدارس المختلطة.
بالإضافة إلى أن البنات في المدارس غير المختلطة لم يكنَّ بسذاجة المختلطات في تصور ما يمكن أن تفعله النساء وما لا يمكنهن [3].

بل أعجب من ذلك في محاورة حول التعليم غير المختلط استمعت إليها، قام أحد المداخلين للبرنامج بالاعتراض على ضيفه الدكتور ليونارد ساكس، زاعمًا بأن التعليم غير المختلط يفقد الطالب القدرة على التعامل مع الجنس الآخر (نفس ما يردده مقلدة الأباطرة).
وهذه دعوى معتبرة في المجتمعات الغربية فهم يرون أنهم يعيشون سويًا ويعملون سويًا، فلماذا يفصل بينهم في التعليم؟ خاصة مع الزعم بأن هذا الفصل يفقدهم القدرة على التعامل مع بعضهم.

فكانت المفاجأة أن بين له الدكتور ساكس أن هذا الزعم مجرد خرافة، أثبتت الدراسات خطأها، بل أفادت بأن المدارس غير المختلطة لا تؤثر على نفسية الدارس من ناحية تعامله مع الجنس الآخر، بل على العكس ففي دراسة أجريت على مجموعة من طلبة الجامعة، نصفهم من مدارس مختلطة، ونصفهم الآخر من مدارس غير مختلطة، تبين أن النصف الأخير واصل علاقات رومانسية بصورة عادية بينما الأول انقطعت علاقاته [4]"!

فيا صاحبي إن كنت تروم علاقة رومانسية كما يقولون مع زوجتك فانْأَ عن الخلطة المحرمة، فإن لم تصدِّقني ولم ترض البحث العلمي فاسألها! فإن أبيت إلاّ خلافها فاعلم أنك تطلب سرابًا بقيعة، وخير لك أن تسعى لمورد ماء يروي غليلًا ويهني قليلًا.

 

________

[1]Sax: What's the evidence? What Have Researchers Found When They Compare Single-Sex Education with Coeducation?, online at:
http://www.singlesexschools.org/evidence.html#Australia
ويمكن الحصول على نسخة من الدراسة عن طريق مراسلة منظمة (NASSPE) على بريدهم الإلكتروني وعنوانه:
[email protected]

[2]  السابق، وقد أشار إلى بعض الدراسات السابقة وغيرها بحث آخر نشر في التجمع الوطني لمدارس البنات، وعلى صفحة العنوان التالي نسخة منه: http://www.ncgs.org/type0.php?pid=16
وعلى صفحة العنوان التالي تقرير يتناول الجوانب التعليمية، والمهنية، والحصيلة الحياتية، في مدارس البنات بالولايات المتحدة الأمريكية، وقد أظهرت النتائج تفوقاً باهراً لتعليم النساء غير المختلط في الجوانب الثلاثة على اللائي درسن دراسة مختلطة، وقد صدر التقرير بعد مسح قامت به مجموعة "غودمان" في يناير (2000م) :
http://www.ncgs.org/type0.php?pid=52.
وقد أشار التقرير إلى تطابق نتائج الدراسة مع عدة دراسات أخرى ذكرها. 

[3] انظر مجلة "علم النفس التربوي" (Educational Psychology)، دراسة بعنوان: "تأثيرات المدارس غير المختلطة على إنجاز ومواقف الطلاب"، من إعداد " فاليري لي" و"آي بريك" (Valerie Lee and A. Bryk)، العدد (78)، عام (1986م)، ص381-395. وعلى صفحة العنوان التالي إشارة إليها:
http://www.singlesexschools.org/evidence.html#academic

[4]Talk of the Nation: Single-Sex Public Schools, Mars,8, 2004, online at:
http://www.npr.org/features/feature.php?wfId=1751885

المصدر: الدرر السنية
  • 10
  • 1
  • 39,962
المقال السابق
(4) أثر الفروق بين عقول الجنسين
 

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً