القرءان.. البناء المعجز
أحمد كمال قاسم
وقد قسم العلماء لغة العرب إلى ثلاث أقسام ،شعر ونثر وقرءان فسبحان الله! لم يستطع هؤلاء العلماء أن يضعوا القرءان الكريم لا في فئة الشعر ولا في فئة النثر.
- التصنيفات: القرآن وعلومه -
اللغة وعلاقتها بحياة الناس والوسط الذي يحيون فيه:
ما من شك لأي متأمل أن اللغة التي نتعامل بها هي وليدةٌ لما نحسه بحواسنا الخمس بحيث تمكننا هذه اللغة من التعبير عن أنفسنا واحتياجاتنا والتواصل مع الغير من بني الإنسان. وهنا لنا وقفة: فحيث أن اللغة هي وسيلة التعبير عن المحسوسات، فإن الإنسان لا يستطيع التعبير بها عن الغيبيات بمفرده فهو عاجز عن إنشاء ذلك.
لبنات بناء اللغة:
ولبنات بناء اللغة هي حروفها فعندما نكتب نثرًا أو شعرًا فإنما نستخدم هذه اللبنات لبناء ما نريد أن نعبر عنه.
تواصل الله معنا:
لكي يتواصل الله معنا يجب أن يوجد شرطان في ما يرسله إلينا:
أولاً: أن يكون بنفس حروفنا وبنفس لغتنا وبالتالي نستطيع فهمه (ولذلك أورد الله تعالى في بداية بعض سور القرءان حروفًا مقطعة، ومن أوجَه التفسيرات التي قيلت في هذه الحروف أن الله يبلغنا رسالة أنه تعالى خاطبنا بنفس لبنات بناء لغتنا) فما أجملها من نعمة أن ننعم بخطاب الله العلي القدير المنزه عن النقص بلغة نفهما نحن الضعفاء العاجزون.
ثانياً: أن يكون بناءًا لغويًا مميز لا يستطيع أن يُنشئه بشر وإن كان بنفس لبنات البناء وهذا هو قمة التحدي لمعارضي مبدأ أن القرءان كتاب الله وقمة التأييد للمؤمنين به، فقد تحدى الله به الكفار أن يأتوا بمثل أقصر سورة من سوره في الإيضاح مع الاختصار، والبهاء، وسهولة الذكر، وسهولة الحفظ، والحلاوة والطلاوة، وفي نفس الوقت استحالة الإتيان ببناء لغوي له نفس هذه المواصفات من لدن أي مخلوق أيًا ما كان.
التحدي التي توحي به الحروف المقطعة:
وهنا ينجلي ما تبقى من معنى الحروف المقطعة التى ذكرتها آنفًا. فالراجح عندي هو أن الله تعالى يتحدانا بأنه أنزل قرءانًا بحروفنا ولغتنا وبالرغم من ذلك يخلو من النقص الذي تعاني منه لغتنا فقد استخدم الله حروفًا غير تامة (لأنها لغتنا) لإنجاز بناء تام معجز يحدثنا فيه عن المشاهدات والغيبيات بنفس درجة الجلاء والوضوح.
القرءان ليس شعرًا ولا نثرًا:
وقد قسم العلماء لغة العرب إلى ثلاث أقسام ،شعر ونثر وقرءان فسبحان الله! لم يستطع هؤلاء العلماء أن يضعوا القرءان الكريم لا في فئة الشعر ولا في فئة النثر مع تفوقه على كليهما في كل الصفات البلاغية وهذا دليل لا شك فيه أنه ليس من كلام البشر حيث أن كلامهم لا يخرج عن كونه شعرًا أو نثرًا. والله أعلم.