وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها

منذ 2014-04-04

هل فكرنا يومًا في أن نتفكِّر في الأشياء التي نَعتبِرها "مُضِرّة"؟ هل فكَّرنا يومًا أن نتفكِر في أن نُدرِج هذه الأشياء المُضِرّة -في نظرنا- تحت قائمة نعم الله التي لا تُحصى؟

وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها

عادةً ما نُقسِّم الأشياء في حياتنا إلى أشياء مفيدة وأشياء مُضِرّة، وعندما نُفكِّر في الآية الكريمة: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [النحل:18].

أقول عندما نُفكِّر في هذه الآية فإننا بالطبع ما نلبث أن نتفكَّر في النعم الواضحة التي يغمرنا الله بنا؛ من سمعٍ وبصرٍ وإحساسٍ وتذوُّقٍ وشمٍ وجسمٍ معقَّد، يقوم بوظيفته على أكمل وجه دون أدنى تدخُّل مِنَّا في هذا، بل دون أن يكون عندنا أدنى فكرة عمَّا يحدث بداخلنا.

وتهب على عقولنا النعم المحيطة مثل: الماء، والهواء، والشمس، والقمر، والنجوم... كل هذه نعم رائعة خلقها الله لنا نحاول أن نستحضرها ولكننا نفشل في حصرها كما تُعبِّر عن ذلك الآية الحكيمة بدقةٍ لامتناهية.

ولكن هل فكرنا يومًا في أن نتفكِّر في الأشياء التي نَعتبِرها "مُضِرّة"؟ هل فكَّرنا يومًا أن نتفكِر في أن نُدرِج هذه الأشياء المُضِرّة -في نظرنا- تحت قائمة نعم الله التي لا تُحصى؟!

إليكم فيما يلي عِدة أمثال لأشياء؛ الكثير مِنَّا يُعِدَّها من النقم، لأننا نَنظر تحت أرجلنا وفي لحظتنا الحاضرة... أما لو نظرنا نظرة فوقية حكيمة لوجدنا معظم ما نَعِدَّه مُضِرًّا هو يُقدِّم لنا نفعًا أكبر من ضرره ولو غاب عَنَّا لافتقدناه كثيرًا.

الأمثلة على سبيل المثال لا الحصر:

أ- نعمة المرض.

تخيَّلوا معي لو غابت عن الدنيا الأمراض ماذا سيحدث؟ خير أم شر؟!

سيقل معدل الوفيات بشدة مما سيؤدي إلى تزاحم الأرض بأعدادٍ هائلة من السكان، ومع محدودية الموارد الطبيعية المكتَشفة سيؤدي ذلك إلى زيادة معدَّل الحروب والصراعات على مصادر الثروات -وأهمهما الهواء والماء!- وسيؤدي ذلك إلى زيادة معدلات القتل وسفك الدماء والجور والظلم أضعافًا مضاعفة ما نحن فيه الآن...!

ب- نعمة الضوضاء والشوشرة.

إن الديناميكا الحرارية تُخبِرنا أن انتهاء الشوشرة الإلكترونية والتي تُزعِج نظم الاتصالات إزعاجًا كبيرًا؛ حتى أن مهندسي الإلكترونيات والاتصالات يتمنون لو تزول عنهم هذه الشوشرة. ولو بحثنا في إمكانية ذلك لوجدنا أنه لا بد من تواجد أحد شرطين أساسين لنيل هذه النعمة.

أولهما: أن تنخفِض درجة حرارة الوسط الذي نعيش فيه إلى صفر كلفن! وهذا يؤدي بالطبع إلى فناء الحياة.

ثانيهما: أن تتغيَّر قيمة ثابت بولتزمان إلى الصفر! وفي هذه الحالة ستخمد الحركة الداخلية لجميع الغازات بما في هذا الغاز المحتوى في الغلاف الجوي، وهذا بالطبع سيؤدي إلى سقوط جزيئاته على سطح الأرض وموت البشر جميعًا مختنقين

ج- نعمة النسيان.

عادةً ما نتخيَّل أن النسيان ليس بنعمة ولكن دعنا نُفكِّر قليلًا في أحوال الدنيا، تخيل أنك لا تنسى شيئًا، وتتذكَّر جميع أحداث حياتك. إن معظم ما يتعرَّض له الإنسان في هذه الدنيا هي آلام وأوجاع؛ فلو أنه تذكَّر آلامه دائمًا لما استطاع أن يَحيى حياةً طبيعية أبدًا! فالحمد لله على نعمة النسيان.

د- نعمة الألم.

إن الألم لهو من أكبر النِّعم في حياتنا؛ فلولا الألم لنهشت الأمراض أجسامنا دون أي إنذار أن هناك ثمَّة خطأً أو خطر في الجسم وسيؤدي هذا إلى تجاهل سبب المرض وعدم الأخذ بعلاجه، مما يؤدي إلى تفاقم المرض أكثر وأكثر.

هـ- نعمة محدودية الرؤية والسمع.

تخيَّلوا معي أننا نستطيع رؤية كل الطيف البصري ونسمع كل الطيف السمعي! ماذا يكون الحل حينئذ؟!

الحال ببساطة: أننا سوف نُصاب بالهوس العقلي والجنون؛ لأننا لن نتحمَّل رؤية كل هذه الموجات التي تخرج وتنعكس من على كل شيء، حتى موجات الهاتف المحمول فسوف تُصيبك بالهياج الشديد، حيث سيضيء كل شيء تنعكِس عليه هذه الموجات.

أما عن سمع كل الطيف فحدَّث ولا حرج! ستسمع حينئذ دبيب النمل، وصوت الخفافيش، وأصوات كل الكائنات الحية الموجودة على سطح الأرض! يا له من شيء مؤلم... فلنحمد الله على نِعَمِه فهو لطيفٌ بِنَا خبيرٌ بضعفنا.

الذي يتقدَّم؛ هي بعض الأمثلة على سبيل المثال مما أسعفني بها عقلى المحدود... ولكن المجال مفتوح للتأمُّل ... فلا تَحرِم نفسك من نعمة التأمُّل.. فتأمَّل.

والله أعلم.

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أحمد كمال قاسم

كاتب إسلامي

  • 90
  • 17
  • 199,801

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً