تربية العقل المعيشي
التربية التي نتلقاها اليوم تهيب بالفرد أن يحرص على منفعته ،يلقن الطفل منذ حداثته بأنه سيدخل المدرسة وسيجد للحصول على الشهادة وسيكون طبيباً أو مهندساً ،كل هذا لينعم بالعيش ولتفتح أمامه سبل الحياة .
ويشهد الطفل ما تعانيه الأم لأن ولداً من أولادها لم يفلح ولم ينجح في الحصول على الشهادة الثانوية مثلاً ،ولا يسمع الطفل في مجتمعنا هذا كلمة حزن على هذه الأمة ولا يضرب للطفل أي مثل من أمثلة الجهاد ليقتدي به .
وهكذا ينشأ الطفل وقد ملأ سمعه وبصره وخالط كل ذرة من ذرات قلبه ونفسه الحصول على الشهادة في سبيل العيش ،واتخذ العلم وسيلة لذلك وانحطت درجة العلم وامتهنت كرامته وليست المدرسة أحسن حالاً من المنزل فالطالب يخوف ويحذر من عدم النجاح وجهود المدرسة كلها منصبة على الشهادة مبذولة في سبيلها .
إن تربيتنا في المنزل والمدرسة تربية تؤدي إلى الأثرة وحب الذات وإلى أن يجعل الغرض من الحياة منزلاً فخماً وأثاثاً وريشاً .
الأم تضع هذه المعاني في ذهن الطفل ولا تحسن أبداً أن تقول له :يا بني إني لأرجو الله أن يقر عيني بجهادك في سبيل إعلاء كلمة الله ،إن هذه الكلمات أصبحت مرعبة مفزعة تستعيذ الأم من أن تسمع ابناً لها ينطق بمثلها .
--------------------------
من كتاب المسؤولية ص 26-27 للدكتور محمد أمين المصري رحمه الله بتصرف يسير
- المصدر: