قرآننا حياة قلوبنا (2)
أم سارة
القرآن الكريم حياةٌ للقلوب، ونورٌ في الصدور، وجلاءٌ للهموم، وضياءٌ في القبور، وشفيعٌ يوم القيامة، فهنيئًا لمن حمله في صدره، وعمل به في حياته..
- التصنيفات: الطريق إلى الله -
إخوتي وأخواتي:
في جزء سابق من موضوع قرآننا حياة قلوبنا قد بينا لكم ميزات المتدبر الحافظ لكتاب الله والعامل به..
وقد لخصنا فيه كيف يتم التدبر من خلال عشرة مفاتيح، تم وضع خمس منها وإليكم بقية مفاتيح التدبر..
- المفتاح الخامس: التكرار الأسبوعي للقرآن أو بعضه (انظر كتاب مفاتح القرآن والنجاح في الحياة، ص:54):
وهذا المفتاح ينقسم إلى ثلاث مسائل: المسألة الأولى: (تحزيب القرآن والمحافظة عليه) ويحصل بأن يكون لك ورد يومي تقرأه وتقوم به، وتحرص كل الحرص على ألا يفوتك كما كان يفعل السلف الصالح.
المسألة الثانية: (كيفية تحزيب القرآن ومدة ختمه) قراءة القرآن مثل العلاج لا بد أن يحدد له زمن معين لا يزيد عنه ولا ينقص حتى يؤتي أثره، وقد حدد الرسول صل الله عليه وسلم زمن لهذا وهي من سبعة أيام إلى شهر، ونهى عن أن نختم القرآن في أقل من ثلاث حتى يتم التدبر، فعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: "إني لأقرأ جزئي أو قالت سبعي وأنا جالسة على فراشي أو على سريري" وذكر عن عثمان رضي الله عنه أنه كان يفتتح ليلة الجمعة بسورة البقرة ويختمه ليلة الخميس.
المسألة الثالثة: (كيفية تطبيق هذا المفتاح) يتحقق هذا بالمداومة على القراءة، ولمن يشق عليه يعود نفسه على أن يختمه كل شهر، ثم بالتدريج يجعل لنفسه جزئين في اليوم حتى يصل إلى أن يختمه في إسبوع، وهذا فعل أكثر الصحابة والسلف وهو الختم في سبع أيام، وهذا أوسط الأمور.
- المفتاح السادس: أن تكون القراءة حفظًا (انظر كتاب مفاتح القرآن والنجاح في الحياة، ص:59):
قال رسول الله صل الله عليه وسلم: «إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب» (سنن الترميذى، وقال حسن صحيح)، وللحفظ بطريقة سهلة نبدأ بالسور القصيرة أى من سورة الناس والفلق وهكذا وذلك للتعود والتدرج، ونقسم الحفظ إلى قسمين قسم (لحفظ الجديد) والثانى (القيام بالقرآن) وذلك في الصلاة لتثبيته، ونخصص الفترة ما بين الفجر إلى المغرب للحفظ، أما من المغرب إلى الفجر فهذا للقيام بما حفظنا في الصلاة فيتم الثبيت، وقد ورد فيما سبق فضل الليل، وخاصة وقت السحر في التثبيت وما فيها من بركة.
- المفتاح السابع: تكرار الآيات (انظر كتاب مفاتح القرآن والنجاح في الحياة، ص:65):
الهدف من هذا المفتاح هو التوقف لاستحضار الآيات ومعانيها، وكلما زاد التكرار ثبتت الآية والمعنى المفهوم منها، وهذا كان حال السلف، فعن ابن القيم رحمه الله: "هذه عادة السلف يردد أحدهم الآيه إلى الصبح"، وقال النووي: "قد باءت جماعة من السلف يتلو الواحد منهم الآية الواحدة ليلة كاملة، أو معظمها يتدبرها عند القراءة"، ويجب أن نعلم جيدًا أن ما نقرأه هوكلام الله المُنزْل، فلا نقرأ إلا مع التدبر والتفكر، وهذا هو المقصود من التدبر.
- المفتاح الثامن: ربط الألفاظ بالمعاني (انظر كتاب مفاتح القرآن والنجاح في الحياة، ص:67):
هذا المفتاح معناه ربط اللفظ بالمعنى أي: حفظ معاني الألفاظ الواردة في الآيات وربطها بالأحوال اليومية، التي تمر بالفرد، بحيث يبقى القرآن حيًا في القلب فنطبقه في حياتنا اليومية، ونعيش به وهذا أيضًا يسمى بالذكر، فقد قال تعالى في كتاب العزيز: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ} [الأعراف:201].
- المفتاح التاسع: الترتيل (انظر كتاب مفاتح القرآن والنجاح في الحياة، ص:69):
والترتيل معناه: التمهل والترسل في القراءة دون إخلال بالمعنى، أي مع تمام الآية فلا تقف عند كلمة لا يجب الوقوف عندها {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلا}، قال ابن كثير عن ذلك: "أي اقرأه بتمهل فإنه يكون عوناً لك على الفهم والتدبر" وهذا هو المغزى والمقصود.
- المفتاح العاشر: الجهر بالقراءة (انظر كتاب مفاتح القرآن والنجاح في الحياة، ص:71):
وفوائد هذا المفتاح: استماع الملا ئكة الموكلة بسماع الذكر، وهروب الشياطين عن القارىء والمكان الذي يقرأ فيه، وفي ذلك تطهير للبيت وجعله بيئة صالحة للتربية والتعليم، والبيت الذي يكثر فيه قراءة القرآن والجهر به لبيت كما قال أبو هريرة رضي الله عنه أنه بيت: "كثر خيره وحضرته الملائكة، وخرجت منه الشياطين، والبيت الذي لا يُتلى فيه كتاب الله ضاق بأهله، وقل خيره، وحضرته الشياطين، وخرجت منه الملائكة"، وعن أم هانىء رضي الله عنها قالت: "كنت أسمع قراءة النبي صلى الله عليه وسلم وأنا على عريشي" والجهر يكون بصوت متوسط بين المنخفض والعالي.
تلك كانت العشر مفاتيح مختصرة ومبسطة، والتي إن طبقناها بعون الله فزنا بتدبر كتاب الله والعمل به، وحفظه عن ظهر قلب، وأسأل الله بمنه وفضله أن يجعلنا وإياكم ممن يرزقهم حفظ كتابه وتدبره والعمل به آناء الليل وآناء النهار، فسبحانه ولي ذلك والقادر عليه