الاستشراق

منذ 2007-11-14


التعريف:
الاستشراق Orientalism تعبير يدل على الاتجاه نحو الشرق، ويطلق على كل من يبحث في أمور الشرقيين وثقافتهم وتاريخهم. ويقصد به ذلك التيار الفكري الذي يتمثل في إجراء الدراسات المختلفة عن الشرق الإسلامي، والتي تشمل حضارته وأديانه وآدابه ولغاته وثقافته. ولقد أسهم هذا التيار في صياغة التصورات الغربية عن الشرق عامة وعن العالم الإسلامي بصورة خاصة، معبراً عن الخلفية الفكرية للصراع الحضاري بينهما.

التأسيس وأبرز الشخصيات:
البدايات:
من الصعب تحديد بداية للاستشراق، إذ أن بعض المؤرخين يعودون به إلى أيام الدولة الإسلامية في الأندلس، في حين يعود به آخرون إلى أيام الصليبيين، بينما يرجعه كثيرون إلى أيام الدولة الأموية في القرن الثاني الهجري.
وأنه نشط في الشام بواسطة الراهب يوحنا الدمشقي John of Damascus في كتابين الأول: حياة محمد، والثاني: حوار بين مسيحي ومسلم. وكان هدفه إرشاد النصاري في جدل المسلمين. وأيًّا كان الأمر فإن حركة الاستشراق قد انطلقت بباعث ديني يستهدف خدمة الاستعمار وتسهيل عمله ونشر المسيحية.
• وقد بدأ الاستشراق اللاهوتي بشكل رسمي حين صدور قرار مجمع فيينا الكنسي عام 1312م وذلك بإنشاء عدد من كراسي اللغة العربية في عدد من الجامعات الأوروبية.
• لم يظهر مفهوم الاستشراق Orientalism في أوروبا إلا مع نهاية القرن الثامن عشر، فقد ظهر أولاً في إنجلترا عام 1779م، وفي فرنسا عام 1799م كما أدرج في قاموس الأكاديمية الفرنسية عام 1838م.
• هربر دي أورلياك (938 : 1003م)Herbert de Oraliac من الرهبانية البندكتية، قصد الأندلس، وقرأ على أساتذتها ثم انتخب بعد عودته حبراً أعظم باسم سلفستر الثاني 999 : 1003م فكان بذلك أول بابا فرنسي.
• في عام 1130م قام رئيس أساقفة طليطلة بترجمة بعض الكتب العلمية العربية.
• جيرار دي كريمونا 1114 : 1187م Gerard de Gremona إيطالي، قصد طليطلة وترجم ما لا يقل عن 87 مصنفاً في الفلسفة والطب والفلك وضرب الرمل.
• بطرس المكرم 1094 : 1156م Prerre le venerable فرنسي من الرهبانية البندكتية، رئيس دير كلوني، قام بتشكيل جماعة من المترجمين للحصول على معرفة موضوعية عن الإسلام. وقد كان هو ذاته وراء أول ترجمة لمعاني القرآن الكريم إلى اللغة اللاتينية 1143م التي قام بها الإنجليزي روبرت أوف كيتون robert of Ketton.
• يوحنا الإشبيلي: يهودي متنصر Juan de Sevilla ظهر في منتصف القرن الثاني عشر وعني بعلم التنجيم، نقل إلى العربية أربعة كتب لأبي معشر البلخي 1133م وقد كان ذلك بمعاونة إدلر أوف باث.
• روجر بيكون 1214: 1294م roger Bacon إنجليزي، تلقى علومه في أكسفورد وباريس حيث نال الدكتوراه في اللاهوت، ترجم عن العربية كتاب مرآة الكيمياء نورمبرج 1521م.
• رايموند لول 1235: 1314م قضى تسع سنوات 1266: 1275م في تعلم العربية ودراسة القرآن وقصد بابا روما وطالبه بإنشاء جامعات تدّرس العربية لتخريج مستشرقين قادرين على محاربة الإسلام ووافقه البابا. وفي مؤتمر فينا سنة 1312م تم إنشاء كراسٍ للغة العربية في خمس جامعات أوربية هي: باريسُ، اكسفورد، وبولونيا بإيطاليا، وسلمنكا بأسبانيا، بالإضافة إلى جامعة البابوية في روما.
• قام المستشرقون بدراسات متعددة عن الإسلام واللغة العربية والمجتمعات المسلمة. ووظفوا خلفياتهم الثقافية وتدريبهم البحثي لدراسة الحضارة الإسلامية والتعرف على خباياها لتحقيق أغراض الغرب الاستعمارية والتنصيرية.

وقد اهتم عدد من المستشرقين اهتماماً حقيقيًّا بالحضارة الإسلامية وحاول أن يتعامل معها بموضوعية. وقد نجح عدد قليل منهم في هذا المجال. ولكن حتى هؤلاء الذين حاولوا أن ينصفوا الإسلام وكتابه ورسوله لم يستطيعوا أن ينفكوا من تأثير ثقافاتهم وعقائدهم فصدر منهم ما لا يقبله المسلم من المغالطات والتحريفات؛ ولهذا يخطئ من يظنهم منصفين. انظر للتوضيح رسالة "الانحرافات العقدية والعلمية في القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجري" لعلي بخيت الزهراني .

مستشرقون يُزعم أنهم منصفون:
• هادريان ريلاند ت1718م Hardrian roland أستاذ اللغات الشرقية في جامعة أوترشت بهولندا، له كتاب الديانة المحمدية في جزأين باللغة اللاتينية 1705م، لكن الكنيسة في أوروبا وضعت كتابه في قائمة الكتب المحرم تداولها.
• يوهان ج. رايسكه 1716: 1774م J.J.reiske وهو مستشرق ألماني جدير بالذكر، إتهم بالزندقة لموقفه الإيجابي من الإسلام، عاش بائساً ومات متسلولاً، وإليه يرجع الفضل في إيجاد مكان بارز للدراسات العربية بألمانيا.
• سلفستر دي ساسي: 1838م Silvestre de Sacy اهتم بالأدب والنحو مبتعدا ًعن الخوض في الدراسات الإسلامية، وإليه يرجع الفضل في جعل باريس مركزاً للدراسات العربية، وكان ممن اتصل به رفاعة الطهطاوي.
• توماس أرنولد 1864:1930م إنجليزي، له الدعوة إلى الإسلام الذي نقل إلى التركية والأردية والعربية.
• غوستاف لوبون: مستشرق وفيلسوف مادي، لا يؤمن بالأديان مطلقاً، جاءت أبحاثه وكتبه الكثيرة متسمة بإنصاف الحضارة الإسلامية مما دفع الغربيين إلى إهماله وعدم تقديره.
• زيجريد هونكه: اتسمت كتابتها بالإنصاف وذلك بإبرازها تأثير الحضارة العربية على الغرب في مؤلفها الشهير شمس العرب تسطع على الغرب.
• ومنهم: جاك بيرك، أنا ماري شمل، وكارلايل، ورينيه جينو، والدكتور جرينيه، وجوته الألماني.
• أ.ج. أربري A.J. Arberry، من كتبه الإسلام اليوم صدر 1943م، وله التصوف صدر 1950م، وترجمة معاني القرآن الكريم.

مستشرقون متعصبون:
• جولدزيهر 1850: 1920م Goldizher مجري يهودي، من كتبه تاريخ مذاهب التفسير الإسلامي، والعقيدة والشريعة. ولقد أصبح زعيم الإسلاميات في أوروبا بلا منازع.
• جون ماينارد Maynard J. أمريكي، متعصب، من محرري مجلة الدراسات الإسلامية.
• ص م. زويمر S.M. Zweimer مستشرق مبشر، مؤسس مجلة العالم الإسلامي الأمريكية، له كتاب الإسلام تحد لعقيدة صدر 1908م، وله كتاب الإسلام عبارة عن مجموعة مقالات قدمت للمؤتمر التبشيري الثاني سنة 1911م في لكهنئو بالهند.
• غ. فون. غرونباوم G. Von Grunbaum ألماني يهودي، درَّس في جامعات أمريكا، له كتاب الأعياد المحمدية 1951م ودراسات في تاريخ الثقافة الإسلامية 1954 م.
• أ.ج. فينسينك A.J. Wensink عدو للإسلام، له كتاب عقيدة الإسلام 1932م. وهو ناشر المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي في لغته الأولى.
• كينيث كراج K. Gragg أمريكي، متعصب، له كتاب دعوة المئذنة 1956م.
• لوي ماسينيون L.Massignon فرنسي، مبشر، مستشار في وزارة المستعمرات الفرنسية لشؤون شمال أفريقيا، له كتاب الحلاج الصوفي شهيد الإسلام 1922م.
• د.ب. ماكدونالد D.B. Macdonald أمريكي، متعصب، مبشر، له كتاب تطور علم الكلام والفقه والنظرية الدستورية 1930م. وله الموقف الديني والحياة في الإسلام 1908م.
• مايلز جرين M. Green سكرتير تحرير مجلة الشرق الأوسط.
• د.س. مرجليوث 1885: 1940م D.S. Margoliouthإنجليزي، متعصب، من مدرسته طه حسين وأحمد أمين، وله كتاب التطورات المبكرة في الإسلام صدر 1913م. وله محمد ومطلع الإسلام صدر 1905م وله الجامعة الإسلامية صدر 1912م.
• بارون كارادي فو Baron Carra de Voux فرنسي، متعصب، من كبار محرري دائرة المعارف الإسلامية.
• هـ.أ.ر. جب 1895: 1965م H.A.r. Gibb إنجليزي، من كتبه المذهب المحمدي 1947م والإتجاهات الحديثة في الإسلام 1947م.
• ر.أ. نيكولسون r.A. Nicholson إنجليزي، ينكر أن يكون الإسلام ديناً روحيًّا وينعته بالمادية وعدم السمو الإنساني، وله كتاب متصوفو الإسلام 1910م وله التاريخ الأدبي للعرب 1930م.
• هنري لامنس اليسوعي 1872: 1937م H.Lammans فرنسي، متعصب، له كتاب الإسلام وله كتاب الطائف، من محرري دائرة المعارف الإسلامية.
• جوزيف شاخت J. Schacht ألماني، متعصب ضد الإسلام، له كتاب أصول الفقه الإسلامي.
• بلاشير: كان يعمل في وزارة الخارجية الفرنسية كخبير في شؤون العرب والمسلمين.
• ألفرد جيوم A. Geom إنجليزي، متعصب ضد الإسلام من كتبه الإسلام.

الأفكار والمعتقدات:
أهداف الاستشراق:
الهدف الديني:
كان هذا الهدف وراء نشأة الاستشراق وقد صاحبه خلال مراحله الطويلة وهو يتمثل في:
1. التشكيك في صحة رسالة النبي صلى الله عليه وسلم، والزعم بأن الحديث النبوي إنما هو من عمل المسلمين خلال القرون الثلاثة الأولى. والهدف الخبيث من وراء ذلك هو محاربة السُّنة بهدف إسقاطها حتى يفقد المسلمون الصورة التطبيقية الحقيقية لأحكام الإسلام ولحياة الرسول صلى الله عليه وسلم، وبذلك يفقد الإسلام أكبر عناصر قوته.
2. التشكيك في صحة القرآن والطعن فيه، حتى ينصرف المسلمون عن الإلتقاء على هدف واحد يجمعهم ويكون مصدر قوتهم وتأى بهم اللهجات القومية عن الوحي باعتباره المصدر الأساسي لهذا الدين {تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت:42]
3. التقليل من قيمة الفقه الإسلامي واعتباره مستمداً من الفقه الروماني.
4. النيل من اللغة العربية واستبعاد قدرتها على مسايرة ركب التطور وتكريس دراسة اللهجات لتحل محل العربية الفصحى.
5. إرجاع الإسلام إلى مصادر يهودية ونصرانية بدلاً من إرجاع التشابه بين الإسلام وهاتين الديانتين إلى وحدة المصدر.
6. العمل على تنصير المسلمين.
7. الاعتماد على الأحاديث الضعيفة والأخبار الموضوعة في سبيل تدعيم آرائهم وبناء نظرياتهم.
8. لقد كان الهدف الاستراتيجي الديني من حملة التشويه ضد الإسلام هو حماية أوروبا من قبول الإسلام بعد أن عجزت عن القضاء عليه من خلال الحرب الصليبية.


الهدف التجاري:
لقد كانت المؤسسات والشركات الكبرى، والملوك كذلك، يدفعون المال الوفير للباحثين، من أجل معرفة البلاد الإسلامية وكتابة تقارير عنها، وقد كان ذلك جليًّا في عصر ما قبل الاستعمار الغربي للعالم الإسلامي في القرنين التاسع عشر والعشرين.


الهدف السياسي يهدف إلى:
1. إضعاف روح الإخاء بين المسلمين والعمل على فرقتهم لإحكام السيطرة عليهم.
2. العناية باللهجات العامية ودراسة العادات السائدة لتمزيق وحدة المجتمعات المسلمة.
3. كانوا يوجهون موظفيهم في هذه المستعمرات إلى تعلم لغات تلك البلاد ودراسة آدابها ودينها ليعرفوا كيف يسوسونها ويحكمونها.
4. في كثير من الأحيان كان المستشرقون ملحقين بأجهزة الاستخبارات لسبر غور حالة المسلمين وتقديم النصائح لما ينبغي أن يفعلوه لمقاومة حركات البعث الإسلامي.


الهدف العلمي الخالص:
بعضهم اتجه إلى البحث والتمحيص لمعرفة الحقيقة خالصة، وقد وصل بعض هؤلاء إلى الإسلام ودخل فيه، نذكر منهم:
1. توماس أرنولد الذي أنصف المسلمين في كتابه الدعوة إلى الإسلام.
2. المستشرق الفرنسي رينيه فقد أسلم وعاش في الجزائر وله كتاب أشعة خاصة بنور الإسلام مات في فرنسا لكنه دفن في الجزائر.

أهم المؤلفات:
• تاريخ الأدب العربي: كارل بروكلمان ت1956م.
• دائرة المعارف الإسلامية: ظهرت الطبعة الأولى بالإنجليزية والفرنسية والألمانية وقد صدرت في الفترة 1913: 1938م. غير أن الطبعة الجديدة قد ظهرت بالإنجليزية والفرنسية فقط من عام 1945م وحتى عام 1977م.
• المعجم المفهرس لألفاظ الحديث الشريف والذي يشمل الكتب الستة المشهورة بالإضافة إلى مسند الدارمي وموطأ مالك ومسند أحمد بن حنبل وقد وضع في سبعة مجلدات نشرت ابتداءً من عام 1936م.
• لقد بلغ ما ألفوه عن الشرق في قرن ونصف قرن منذ أوائل القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين ستين ألف كتاب.


المؤتمرات والجمعيات:
• عقد أول مؤتمر دولي للمستشرقين في باريس سنة 1873م.
• تتابعت المؤتمرات بعد ذلك حتى بلغت أكثر من ثلاثين مؤتمراً دوليا، فضلاً عن الندوات واللقاءات الإقليمية الكثيرة الخاصة بكل دولة من الدول كمؤتمر المستشرقين الألمان الذي عقد في مدينة درسدن بألمانيا عام 1849م، وما تزال تنعقد مثل هذه المؤتمرات باستمرار حتى الآن.
• يحضر هذه المؤتمرات مئات من العلماء المستشرقين، حيث حضر مؤتمر أكسفورد تسعمائة 900 عالم من خمس وعشرين دولة وثمانين جامعة وتسع وستين جمعية علمية.
• هناك العديد من الجمعيات الاستشراقية كالجمعية الآسيوية في باريس تأسست عام 1822م، والجمعية الملكية الآسيوية في بريطانيا وأيرلندا عام 1823م، والجمعية الشرقية الأمريكية عام 1842م والجمعية الشرقية الألمانية عام 1845م.


المجلات الاستشراقية:
للمستشرقين اليوم من المجلات والدوريات عدد هائل يزيد على ثلاثمائة مجلة متنوعة وبمختلف اللغات نذكر منها على سبيل المثال:
1. مجلة العالم الإسلامي The Muslim World أنشأها صمويل زويمر ت1952م في بريطانيا سنة 1911م وقد كان زويمر هذا رئيس المبشرين في الشرق الأوسط.
2. مجلة عالم الإسلام Mir Islama ظهرت في بطرسبرج عام 1912م لكنها لم تعمر طويلاً.
3. مجلة ينابيع الشرق أصدرها هامر برجشتال في فيينا من 1809 إلى 1818م.
4. مجلة الإسلام: ظهرت في باريس عام 1895م ثم خلفتها عام 1906م مجلة العالم الإسلامي التي صدرت عن البعثة العلمية الفرنسية في المغرب وقد تحولت بعد ذلك إلى مجلة الدراسات الإسلامية.
5. في عام 1910م ظهرت مجلة الإسلام Der Islam.


الاستشراق في خدمة الاستعمار:
• كارل هنيريش بيكر Kar Heinrich Beeker ت 1933م مؤسس مجلة الإسلام الألمانية، قام بدراسات تخدم الأهداف الاستعمارية في أفريقيا.
• بارتولد Barthold ت 1930م مؤسس مجلة عالم الإسلام الروسية، قام ببحوث تخدم مصالح السيادة الروسية في آسيا الوسطى.
• الهولندي سنوك هرجرونجه 1875: 1936 Snouck Hurgonje, G. قدم إلى مكة عام 1884م تحت اسم عبد الغفار، ومكث مدة نصف عام، وعاد ليكتب تقارير تخدم الاستعمار في المشرق الإسلامي. وقد سبق له أن أقام في جاوه مدة 17 سنة وقد صدرت الصور التي أخذها لمكة والأماكن المقدسة في كتاب بمناسبة مرور مائة سنة على تصويرها.
• معهد اللغات الشرقية بباريس المؤسس عام 1885م كانت مهمته الحصول على معلومات عن البلدان الشرقية وبلدان الشرق الأقصى مما يشكل أرضية تسهل عملية الاستعمار في تلك المناطق.

وهكذا نرى أن مثل هؤلاء المستشرقين جزء من مخطط كبير هو المخطط الصهيوني الصليبي لمحاربة الإسلام، ولا نستطيع أن نفهمهم على حقيقتهم إلا عندما نراهم في إطار ذلك المخطط الذي يهدف إلى تخريج أجيال لا تعرف الإسلام أو لا تعرف من الإسلام إلا الشبهات، وقد تم انتقاء أفراد من هذه الأجيال لتتبوأ أعلى المناصب ومراكز القيادة والتوجيه لتستمر في خدمة الاستعمار.


آراء استشراقية خطرة:
• جورج سيل G.Sale زعم في مقدمة ترجمته لمعاني القرآن 1736م، أن القرآن إنما هو من اختراع محمد ومن تأليفه وأن ذلك أمر لا يقبل الجدل.
• ريتشارد بل richard Bell يزعم بأن النبي محمد قد استمد القرآن من مصادر يهودية ومن العهد القديم بشكل خاص، وكذلك من مصادر نصرانية.
• دوزي ت1883م: يزعم أن القرآن الكريم ذو ذوق رديء للغاية ولا جديد فيه إلا القليل، كما يزعم أن فيه إطناباً بالغاً ومملاً إلى حد بعيد.
• جاء في تقرير وزير المستعمرات البريطاني أو مسبي غو لرئيس حكومته بتاريخ 9 يناير 1938م: "أن الحرب علمتنا أن الوحدة الإسلامية هي الخطر الأعظم الذي ينبغي على الإمبراطورية أن تحذره وتحاربه، وليس الإمبراطورية وحدها بل فرنسا أيضاً، ولفرحتنا فقد ذهبت الخلافة وأتمنى أن تكون إلى غير رجعة".
• يقول شيلدون آموس: "إن الشرع المحمدي ليس إلا القانون الروماني للإمبراطورية الشرقية معدلاً وفق الأحوال السياسية في الممتلكات العربية"، ويقول كذلك: "إن القانون المحمدي ليس سوى قانون جستنيان في لباس عربي".
• قال رينان الفرنسي: "إن الفلسفة العربية هي الفلسفة اليونانية مكتوبة بأحرف عربية".
• أما لويس ماسينيون فقد كان زعيم الحركة الرامية إلى الكتابة في العامية وبالحرف اللاتيني.

ولكن مما لا شك فيه أن للمستشرقين فضلاً كبيراً في إخراج الكثير من كتب التراث ونشرها محققة مفهرسة مبوبة.
- ولا شك أن الكثير منهم يملكون منهجية علمية تعينهم على البحث.
- ولا ريب في أن لدى بعضهم صبراً ودأباً وجلداً في التحقيق والتمحيص وتتبع المسائل.
- وما على المسلم إلا أن يلتقط الخير من مؤلفاتهم متنبهاً إلى مواطن الدس والتحريف ليتجنبها أو ليكشفها أو ليرد عليها لأن الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها، خاصة وأن الفكر الاستشراقي المعاصر قد بدأ يغير من أساليبه وقسماته من أجل المحافظة على الصداقة والتعاون بين العالم الغربي والعالم الإسلامي وإقامة حوار بين المسيحية والإسلام، ومحاولة تغيير النظرة السطحية الغربية إلى المسلمين، وربما كمحاولة لاستقطاب القوى الإسلامية وتوظيفها لخدمة أهدافهم فلنكن حذرين.


الجذور الفكرية والعقائدية:
• لقد كان الاستشراق وليد الاحتكاك بين الشرق الإسلامي والغرب النصراني أيام الصليبيين، وعن طريق السفارات والرحلات. ويلاحظ دائماً أن هناك تقارباً وتعاوناً بين الثالوث المدمر: التنصير والاستشراق والاستعمار، والمستعمرون يساندون المستشرقين والمنصرين لأنهم يستفيدون منهم كثيراً في خططهم الاستعمارية.
• كان الدافع الأساسي هو الجانب اللاهوتي النصراني بغية تحطيم الإسلام من داخله بالدس والكيد والتشويه، ولكن الاستشراق بعد ذلك وفي الآونة الأخيرة بدأ يتحلل من هذا القيد نوعاً ما ليتوجه توجهاً أقرب إلى الروح العلمية.


الانتشار ومواقع النفوذ:
• الغرب هو المسرح الذي يتحرك فوق أرضه المستشرقون، فمنهم الألمان ومنهم البريطانيون والفرنسيون والهولنديون والمجريون، وظهر بعضهم في إيطاليا وفي أسبانيا، وقد علا نجم الاستشراق في أمريكا وصارت له فيها مراكز كثيرة.
• لم تبخل الحكومات، ولا الهيئات ولا الشركات ولا المؤسسات ولا الكنائس في يوم من الأيام في دعم حركة الاستشراق ومدّها بما تحتاجه من مال، وتأييد وإفساح الطريق أمامها في الجامعات حتى بلغ عدد هؤلاء المستشرقين آلافاً كثيرة.
• لقد كانت حركة الاستشراق مُسخَّرة في خدمة الاستعمار، وفي خدمة التنصير وأخيراً في خدمة اليهودية والصهيونية التي يهمها إضعاف الشرق الإسلامي وإحكام السيطرة عليه بشكل مباشر أو غير مباشر.
• استطاع المستشرقون أن يتسللوا إلى المجامع العلمية وقد عُيِّن عدد كبير منهم أعضاء في هذه المجامع في سوريا ومصر، كما استطاعوا أن يؤثروا على الدراسات العربية والإسلامية في العالم الإسلامي من خلال تلاميذهم ومؤلفاتهم.


ويتضح مما سبق:
• أن الاستشراق تيار فكري، يتجه صوب الشرق، لدراسة حضارته وأديانه وثقافته ولغته وآدابه، من خلال أفكار اتسم معظمها بالتعصب، والرغبة في خدمة الاستعمار، وتنصير المسلمين، وجعلهم مسخاً مشوهاً للثقافة الغربية، وذلك ببث الدونية فيهم، وبيان أن دينهم مزيج من اليهودية والنصرانية، وشريعتهم هي القوانين الرومانية مكتوبة بأحرف عربية، والنيل من لغتهم، وتشويه عقيدتهم وقيمهم، ولكن بعضهم رأى نور الحقيقة فأسلم وخدم العقيدة الإسلامية، وأثَّرَ في مُحْدثيهم، فبدأت كتاباتهم تجنح نحو العلمية، وتنحو نحو العمق بدلاً من السطحية، وربما صدر ذلك عن رغبة من بعضهم في استقطاب القوى الإسلامية وتوظيفها لخدمة أهدافهم الاستشراقية، وهذا يقتضي الحذر عند التعامل مع الفكر الاستشراقي الذي يتدثر الآن بدثار الموضوعية.


مراجع للتوسع:
- الاستتشراق، إدوارد سعيد- ترجمة كمال أبو ديب- مؤسسة الأبحاث العربية - بيروت 1981م.
- المستشرقون، نجيب العقيقي - دار المعارف - القاهرة 1981م.
- الاستشراق والمستشرقون، د. مصطفى السباعي - ط2- المكتب الإسلامي 1979م.
- السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي، د. مصطفى السباعي - بيروت 1978م.
- إنتاج المستشرقين، مالك بن نبي.
- أوروبا والإسلام، هشام جعيط - ترجمة طلال عتريسي - دار الحقيقة - بيروت 1980م.
- الثقافة الغربية في رعاية الشرق الأوسط، د. جورج سارطون - ترجمة د. عمر فروخ - ط1- مكتبة المعارف - بيروت 1952م.
- الاستشراق والخلفية الفكرية للصراع الحضاري، د. محمود حمدي زقزوق - ط1 - كتاب الأمة 1404هـ.
- الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي، محمد البهي - دار الفكر - بيروت 1973م.
- المدخل لدراسة الشريعة الإسلامية، د. عبد الكريم زيدان - مؤسسة الرسالة - بيروت 1981م.
- الإٍسلام في الفكر الغربي، محمود حمدي زقزوق - دار القلم - الكويت 1981م.
- الدراسات الإسلامية بالعربية في الجامعات الألمانية، رودي بارت - ترجمة د. مصطفى ماهر - القاهرة 1967م.
- أضواء على الاستشراق، د. محمد عبد الفتاح عليان - ط1 - دار البحوث العلمية - الكويت 1980م.
- المستشرقون والإسلام، محاضرة للأستاذ محمد قطب.
- المستشرقون والموضوعية، د. أحمد غراب.

المراجع الأجنبية:
- rudi Parel: Der Koran Uebersetzung Stuttgart 1980.
- C.E. Bosworth: Orientalism and Orientalists (in Arab Islamic Bibliography) 1977 Great Britain.
H.A. Flacher - Bernicol: Die Islamische revolution Stuttgart 1981.
-Johann Fueck: Die Arabischon Studien in Europa Leipzig 1955.
-Custar Pfonn Mueller: Handbuch der Islami Leteratur Berlin 1933.
- M. rodinson, Mohammed: Frank Furt 1975.

 


إعداد الندوة العالمية للشباب الإسلامي
صيد الفوائد

المصدر: صيد الفوائد
  • 4
  • 2
  • 34,938
  • عبدالسلام الهتاري

      منذ
    [[أعجبني:]] لا شك أن الاستشراق مجال ذو أهمية قصوى، فقد تمتع بصفة الديمومة لقرون واستمر ولا زال في خدمة الاستعمار الغربي من أجل إحكام القبضة الغربية على الشرق وإخضاعه للسيطرة الغربية. بذل المستشرقون جهودا جبارة في إنجاز مهمتهم. لم يقتصر الاستشراق على العالم الاسلامي فحسب بل اتسع لدراسات الشرق بشكل عام،الا أن العالم الاسلامي أصبح بؤرة الدراسات الاستشراقية لا سيما منذ أواخر القرن الثامن عشر، حيث أصبح الاستشراق فرعا معرفيا ذو أهمية بالغة في الاكاديمية الغربية، فأنشئت أقسام الدراسات الشرقية في العديد من الجامعات الغربية، وأسست أيضا مراكز متخصصة لدراسة الشرق. والان في أمريكا وحدها هناك العشرات ولربما المئات من مراكز الدراسات الاستشراقية أو كما يطلق عليها غالبا مراكز دراسات الشرق الأوسط.هذه المراكز الاكاديمية في أوروبا وفي أمريكا ليست بمنآى عن المسرح السياسي، بل يتم فيها بلورة السياسة الغربية تجاه المشرق الاسلامي، كما يشير إدوارد سعيد في كتابه "تغطية الاسلام" وكذلك في "الاستشراق" و "قضية فلسطين" إلى الارتباط الوثيق بين المؤسسات الاستشراقية والاعلامية والصهيونية والهيئات الحكومية العليا (أي مراكز صنع القرار). لم تقتصر الجهود الاستشراقية على المجال السياسي فقط بل لها أهداف دينية واقتصادية وعسكرية ...إلخ. كما يجب أن لا ننسى بأن المستشرقين توسعوا في دراسة الاسلام إلى حد بعيد وكان نتاجهم جملة من الأفكار الممسوخة التي تسيىء إلى الإسلام وتتهمه بالقصور والجمود والرجعية، بل وإنكار حقيقة أنه دين سماوي. ولعل من المهم ما أشار إليه الدكتور الطيباوي في مقاليه عن "المستشرقين الناطقين بالإنجليزية" أن جزءا كبيرا من هؤلاء هم في الأصل قسس متزمتون يتعمدون الاساءة إلى الإسلام ووصممه بكل السلبيات، وفي نفس الوقت يسعون من وراء دراساتهم لتنصير العالم الاسلامي. والحق أن العالم الاسلامي أصبح محطة الاهتمام الاولى في السياسة الغربية بشكل عام، فالحكومات الغربية تنفق مبالغ طائلة على دراسة العالم الاسلامي وخصوصا الوطن العربي، حيث يبرز المستشرقون الإسلام على أنه الخطر الأخضر الذي يجب إخضاعه بعد التخلص من الخطر الأحمر. ينظر المستشرقون بشكل عام إلى الإسلام والمسلمين نظرة ازدراء واحتقار مشحونة بكل ألوان الكراهية والحقد وأنهم أقزام لا تاريخ لهم ولا حضارة وليسوا قادرين على إدارة أنفسهم والتي يجب أن يتولاها الغرب المتحضر، وبالجملة نظرة دونية تبعث على الأسى، بما في ذلك أولئك الذين يتدثرون بثوب الصداقة والموضوعية وعدم الكراهية للآخر (والذين لو تأملنا أعمالهم لرأينا فيها من الإساءة ما لا يقل شأنا عن نظرائهم الذين يفصحون عن عدائهم للإسلام والمسلمين بشكل سافر)، ودعوني أضرب مثالا لذلك بمستشرقين هما ويلفرد سكاون بلنت و وارتان جريجوريان. بلنت البريطاني الجنسية كان يدعي أنه صديقا للعرب وأنه ضد الاستعمار البريطاني، وكان يظهر للعرب الصداقة بل والاعجاب بهم حتى الثمالة، فنجح في استقطاب طائفة كبيرة من العلماء والكتاب والصحفيين وسخرهم لخدمة المصالح البريطانية كما تغلغل عميقا في ثورة أحمد عرابي في مصر إلى درجة أنه وضع بنفسه دستور الحزب الوطني وألقى بعرابي وثورته في الهاوية.وبذل جهودا حثيثة في تقويض الامبراطورية العثمانية محرضا العرب على الثورة دون كلل أو ملل من أجل أن يسهل لبريطانيا الاستعمارية الاستيلاء على المقاطعات العربية الخاضعة للسيادة العثمانية، بل إنه دعا إلى إلغاء الإسلام كدين تماما، ووضع لذلك خططا مفصلة طرحها على رئيس الوزراء البريطاني آنذاك اللورد جلادستون. والمثال الاخر هو وارتان جريجوريان، حيث ألف كتابا بعنوان "الاسلام لوحة من (Islam: A Mosaic, not a Monolith) الفسيفساء، وليس قطعة جامدة" نشره عام 2003، يدعي فيه أن هدفه إنصاف الإسلام وتغيير النظرة الغربية تجاه المسلمين ، ولم يأل الكاتب جهدا في حشد جمهرة من العلماء المسلمين الذين قابلهم وعقد معهم مؤتمرات عديدة واستقى منهم أفكاره، موضحا جهوده الجدية للتقريب بين وجهات النظر والتفاهم بين الجانبين، كل ذلك ليفتتح فصله الأول من الكتاب بهذه الجملة: "كان محمد تاجرا ثريا في الجزيرة العربية"! ثم يستمر في نقل صورة مشوهة للإسلام في ثنايا صفحات كتابه! لم أجد من خلال قراءاتي المتواضعة لكتابات المستشرقين من أنصف الإسلام بحق، وإن وجدت بعض العبارات التي يبدون فيها إعجابهم ببعض جوانب الإسلام، إلا إن التعصب هو المسير الأول لدفة كتاباتهم، ولو ادعوا الموضوعية. لنأخذ مثالا على ذلك المستشرق هاميلتون جب الذي ادعى لنفسه الموضوعية في مقدمته لكتابه "الاسلام: نظرة تاريخية"والذي طبع لأول مرة عام 1949 تحت عنوان "المحمدية". فبالرغم من ادعائه الموضوعية نجد جب يحاول جاهدا إثبات أن القرآن من تأليف الرسول (ص) أخذه عن نصارى الشام ويهود اليمن! ألم يكن جب مدركا أن الرسول (ص) لم يسافر إلى اليمن إطلاقا وأنه حتى حين سافر للتجارة إلى الشام لم يلتق بالرهبان فضلا عن أنه كان (ص) أميا! وفي ذات الوقت يناقض جب نفسه حين يدعي أن المراحل الأولى (حتى البعثة) من حياة الرسول (ص) كانت مجهولة تماما تقريبا غيرآبه لهذا التناقض الواضح، لكنه الاستكبار. ويسعى جب أيضا للتشكيك في صحة سيرة السول (ص)، وهو ما دأب عليه تلميذه اليهودي الصهيوني برنارد لويس في كتابه "الاسلام والغرب" الذي نشره عام 1993. حيث لم يكتف لويس بما سبقه إليه غيره من المستشرقين في التشكيك في السيرة النبوية، بل خصص الفصل الثالث من الكتاب لمناقشة جيبن وكتاباته عن حياة الرسول (ص)، منتقدا جيبن رغم عدائه السافر للإسلام وللرسول(ص) على إثبات بعض اللمحات الإيجابية في حياة الرسول (ص)، مؤكدا بشدة أن السيرة النبوية تفتقر إلى أدنى مقومات الصحة وما هي إلا عبارة عن تلفيقات مزورة وضعها المتأخرون وبالغوا فيها أيما مبالغة، وأدرجوا فيها العديد من المعجزات للرسول (ص) والتي لم تحصل يوما ما في حياته (ص) إطلاقا. حتى حين يرى هؤلاء الحقيقة رأي العين، يمضون مستكبرين في غلوهم وغيهم كما فعل نيكلسون في كتابه "التاريخ الأدبي للعرب" حين أعرب اعتقاده "الشخصي" بأن القرآن وحي سماوي داعيا أبناء قومه في نفس الوقت (وفي نفس الصفحة) إلى عدم النظر إليه كوحي من عند الله بل كـتأليف محمد (ص). يجب أن لا ننخدع بما يبدو أنه موضوعيا ومنصفا للوهلة الأولى، فالقراءة الناقدة سرعان ما تميط لثام الزيف عن الأوجه الحقيقية للمستشرقين وتكشف عن رسائلهم (أو بالأصح السموم التي يدسونها) في ثنايا صفحاتهم للقارىء العربي والغربي على حد سواء. ولعل هذا هو الذي دفعنا لأخذ بعض المستشرقين على أنهم منصفين. فلذلك ينبغي أن نقرأ أعمال المستشرقين قراءة ثاقبة وأن نتنبه لمقاصدهم. ولعل من المهم هنا إضافة كلمة تحذير للمترجمين الذين يقومون بنقل أعمال المستشرقين إلى اللغة العربية، فبعض هؤلاء المترجمين يتعمدون حذف كل ما يسيىء إلى الإسلام في كتابات المستشرقين، ليس لشيىء إلا لكي تلقى ترجماتهم سوقا رائجة لدى القارئ العربي ما كانت لتلقاه لو شملت تلك الاساءات، وهم بهذا يخدمون أهداف المستشرقين بشكل مباشر. ومن هنا يجب الحد من مثل هذه النتفات من المعرفة. وبدلا من تضليل القارئ العربي بماهية الاستشراق ينبغي نقل المستشرقين على حقيقتهم. ومن الأمور التي تبعث على الحسرة والأسى عدم وجود أي مركز أو قسم في أي جامعة عربية على الإطلاق متخصص لدراسة الاستشراق ومواجهة أخطاره، ففي الوقت الذي يشهد فيه الغرب تزاحم مراكز الدراسات الاستشراقية، لا يزال الجزء الأكبر منا لا يعرف عن الاستشراق شيئا، وينطبق هذا أيضاً على مؤسساتنا الاعلامية المنهمكة في تقديس الطواغيت الذين حالوا دون التشجيع للعلم المثمر وباعونا سلعة رخيصة للغرب. ليس هنالك أمة اليوم كانت خاضعة للغرب إلا ونفضت عنها تراب الذل وأثبتت وجودها وتحدت الغرب في عقر داره حيث دافع مثقفوها عن ثقافاتهم وإنسانيتهم، فلا تجد في أمريكا والغرب عموما اليوم من يسل قلمه سيفا صارما في وجه السود (الزنوج) مثلا أو الهنود أو غيرهم من القوميات المختلفة، بينما يظل العربي مسخرة للجميع من الحكومات والمفكرين والإعلاميين إلى أبطال أفلام الكابوي، فقد انتجت هوليوود ما يربو عن ألف فلم عن العرب ليس فيها أي فلم إيجابي عن العرب كما يشير إلى ذلك الدكتور جاك شاهين، دون أن يشهر أحد، إلا من رحم الله، قلمه في وجوههم. والأغرب من ذلك أننا نقوم بخدمة الاستشراق بأنفسنا في كثير من الأحيان، حيث يشير إدوارد سعيد إلى استغلال الأمريكان للطلبة العرب الدارسين في أمريكا وكيف أنهم يسخرونهم لدراسة موضوعات تحت إشراف مستشرقين، حيث يوفرون على هؤلاء جهودا كبيرة بالإضافة إلى سهولة مهمتهم ودقتها المتناهية، ويقع في نفس المطب الإعلام العربي اللامسؤول والذي يصب في مجرى الاستشراق في كثير من الأحيان. وأود هنا أن أقدم جزيل الشكر للأستاذ الفاضل الدكتور: مازن مطبقاني لجهوده الجبارة في مجال البحوث الاستشراقية، فقد قدم نموذجا رائعا للباحث العربي المسؤول، ووضح الكثير عن الاستشراق في موقعه المتميز على شبكة الانترنت، وأدعو القراء الكرام لزيارة الموقع، فشكرا للدكتور مازن على جهوده المتميزة وبارك الله فيه ونفع به وبعلمه. ورابط الموقع هو

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً