الأدب مع الله جل جلاله

منذ 2014-04-09

من الأدب مع الله: الإيمان به وبأسمائه و صفاته وبكتبه وبرسله وامتثال أوامره واجتناب نواهيه

الحمد لله المحمود بكل لِسان، المعبود في كل زمان، الذي لا يَخلو مِن عِلمه مكان، ولا يشغله شأنٌ عن شان، جلَّ عن الأشباه والأنداد، وتنزَّه عن الصاحِبة والأولاد، ونفَذ حُكمه في جميع العباد، لا تَمثَّلُه العقول بالتفكير، ولا تتوهَّمُه القلوب بالتصوير؛ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ} [الشورى من الآية:11].

له الأسماء الحسنى، والصفات العلا؛ {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى. لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ  وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى . وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى . اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [طه:5-8] .
أحاط بكل شيء عِلمًا، وقهَر كل مَخلوق عِزَّةً وحُكمًا، ووَسِع كل شيء رحمةً وعِلمًا؛ {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} [طه من الآية:110]، موصوف بما وصَف به نفسه في كتابه العظيم، وعلى لسان نبيه الكريم، صلى الله عليه وعلى آله وصحبِه وسلَّم تسليمًا مزيدًا.

أما بعد:
فمن الأدب مع الله جل جلاله الآتي:
الأدب الأول:
الإيمان بالقلب، والنُّطق باللسان: أن الله إله واحد، لا إله غيره، ولا شبيه له، ولا نظير له، ولا ولَد له، ولا والد له، ولا صاحِبة له، ولا شريك له.

"ليس لأوَّليته ابتداء، ولا لآخِريَّته انقضاء، لا يَبلغ كنه صفته الواصفون، ولا يُحيط بأمره المتفكِّرون، يعتبر المُتفكِّرون بآياته، ولا يتفكرون في ماهية ذاته" (مِن مُقدِّمة: رسالة ابن أبي زيد القيرواني)، {وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَؤُودُهُ حِفْظُهُ الْبَصِيرُ مَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيم}            [البقرة من الآية:255].

الأدب الثاني:
الإيمان بما وصَف به نفسَه في كتابه، وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم مِن غير تحريف ولا تعطيل، ومِن غير تكييف ولا تَمثيل، ولا تعطيل ولا تشبيه.

الأدب الثالث:
التصديق بكل ما أخبَر به سبحانه في كتابه العظيم، أو على لسان رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم عن أسمائه وصفاته وعن الآخِرة، وأنه سبحانه قد خلَق الجنَّة فأعدَّها دار خلود للمتقين، وخلق النار فأعدها دار خلود لمَن كفَر به وألحَد في آياته وكُتبِه ورسله، وجعلهم محجوبين عن رؤيته.

الأدب الرابع:
إخلاص العبادة له وحده لا شريك له في عبادته ولا نِدَّ ولا نظير، فأعظم الأدب: توحيد الله، والإخلاص له، وأعظم سوء الأدب: الشِّرك بالله وصَرْف بعض العِبادة لغيره سبحانه وتعالى يقول الله جل وعلا: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ } [الإسراء من الآية:23]، ويَقول سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56]، {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء} [البينة من الآية:5]، {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل من الأية:36].

الأدب الخامس:
التذلُّل والخضوع، والرهبة والرغبة والخشوع؛ قال تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} [الأنبياء من الآية:90].

الأدب السادس:
الخوف والرجاء والتوكُّل؛ قال تعالى: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}   [آل عمران:175]، وقال تعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِه} [الطلاق من الآية:3].

الأدب السابع:
امتثال ما أمَر به، واجتناب ما نهَى عنه، وتحكيمه في كل شيء، والتسليم له في كل أمر، وأن يَخاف المُكلَّف مِن ذنوبه ومعاصيه، ويَعترف بتقصيره ونقصه وإسرافه على نفسه.

الأدب الثامن:
الحياء منه، وترك قبائح الذنوب، وعدم التقصير في الأوامر والحُقوق، والاعتراف له بالفضل والنِّعَم سبحانه وتعالى وحِفظ ذلك بالسرِّ والعلَن؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«الحياء كلُّه خير»                        (صحيح مسلم؛برقم37).
الأدب التاسع:
حَمدُه وشُكرُه؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله ليَرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيَحمده عليها، أو يَشرب الشربة فيَحمده عليها» (صحيح مسلم؛برقم:2734).

الأدب العاشر:
تعظيم شرعه ودينه؛ قال سبحانه: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ} [الحج من الآية:30]،       وقال سبحانه: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج من الآية:32].

نسأل الله أن يَعصمِنا مِن البِدَع والفِتنة، ويُحييَنا على الإسلام والسنَّة، ويجعلنا ممن يلتزم بالأدب مع الله جل جلاله وممَّن يتَّبع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحياة، ويَحشرنا في زمرته بعد الممات برحمته وفضله... آمين.

وصلى الله على سيدنا محمد نبيه، وعلى آله وأزواجه وذريته، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

 

ربيع شكير

  • 0
  • 0
  • 2,079

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً