اليمين المسيحي المحافظ مصدر قوة إسرائيل
منذ 2007-11-24
لماذا حققت إسرائيل كل هذه القوة والسيطرة على الولايات المتحدة الأمريكية، وكيف استطاعت أن توجه سياسات الولايات المتحدة لتحقيق مصالحها، وفرض هيمنتها على منطقة الشرق الأوسط؟!
لماذا حققت إسرائيل كل هذه القوة والسيطرة على الولايات المتحدة الأمريكية، وكيف استطاعت أن توجه سياسات الولايات المتحدة لتحقيق مصالحها، وفرض هيمنتها على منطقة الشرق الأوسط؟!
هناك الكثير من الدراسات التي تناولت دور اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، وأكدت أنّ هذا اللوبي استطاع أن يتمتع بقدر كبير من النفوذ على النخبة السياسية خاصة في الكونجرس، لكن المبالغة في تصوير قوة اللوبي الصهيوني أدت إلى عدم الوعي بأهمية الدور الذي يقوم به حلفاء إسرائيل، ومن هم هؤلاء الحلفاء؟!
هذا لا يعني التقليل من أهمية اللوبي الصهيوني وقوته، لكن لكي نفهم مصدر قوة إسرائيل في الولايات المتحدة يجب أن نتعرف على مراكز القوى الأمريكية وعلاقتها فلسفيا وسياسيا بإسرائيل.
هناك ملاحظة أخرى تبدو مهمة هي أنّ الثقافة والإيديولوجية تلعب دورا محوريا في علاقة أمريكا بإسرائيل، وفي تشكيل توجهات النخبة الأمريكية نحوها، وليست المصالح المادية فقط.
من هم حلفاء إسرائيل في الولايات المتحدة، وكيف يتم التحالف، وما الأسس الثقافية والسياسية والدينية التي قام عليها هذا التحالف؟
التجمع الصناعي العسكري
ارتبطت زيادة قوة إسرائيل في الولايات المتحدة بزيادة سيطرة التجمع الصناعي العسكري الأمريكي على الإدارة والسياسة والمجتمع الأمريكي.
ولقد كان هذا التجمع هو أهم حلفاء اللوبي الصهيوني، وهو الذي شكل سياسات أمريكا بما يخدم مصالح إسرائيل، فاللوبي الصهيوني لم يكن من الممكن أن يحقق كل هذا التأثير على الكونجرس، وعلى وسائل الإعلام بدون التحالف مع التجمع الصناعي العسكري الأمريكي، وبدون تأييد هذا التجمع لإسرائيل.
ومن المؤكد أنّ هناك الكثير من المصالح التي تربط هذا التجمع الصناعي العسكري بإسرائيل، ومن أهم هذه المصالح فرض السيطرة الأمريكية والتفوق الإسرائيلي على منطقة الشرق الأوسط.
قد تبدو المصالح مفهومة لكنها ليست العامل الوحيد الذي شكل التحالف، فهناك منطلقات ثقافية ودينية مشتركة أدت إلى الارتباط بين إسرائيل وهذا التجمع الصناعي العسكري الذي يوجه الإدارة الأمريكية، ويصنع سياساتها وقراراتها.
لقد تحالفت المؤسسة العسكرية التي تضم البنتاجون والمخابرات المركزية الأمريكية مع الشركات الكبرى عابرة القارات والتي تسيطر على الصناعة والاقتصاد والإعلام، ووجدت إسرائيل طريقها للدخول في التحالف.
المتطرفون الإسرائيليون
هناك ملاحظة أخرى تبدو مهمة هي أنّ اللوبي الصهيوني في أمريكا والذي كان له دور مهم في تشكيل تحالف المؤسسة العسكرية الأمريكية مع الشركات عابرة القارات، ومع إسرائيل يتشكل من اليهود المتطرفين الذين يرتبطون بحزب الليكود، والذين يؤمنون بإسرائيل الكبرى التي تمتد من النيل إلى الفرات.
وهذا التحالف العسكري الصناعي الأمريكي واللوبي الصهيوني يتفقان على أنّ الحرب هي الوسيلة الوحيدة لتحقيق المصلحة المشتركة لهذا التحالف، ولذلك فإنّ هذا التحالف قد خطط لشن الحرب على العراق، وهيأ البيئة الأمريكية، وشكل الرأي العام لتأييد هذه الحرب قبل 11 سبتمبر.
لقد كان التخطيط لشن العدوان على العراق قد اكتمل قبل 11 سبتمبر بسنوات عديدة، واستعدت الشركات عابرة القارات للحصول على حصتها من ميزانية البنتاجون والمخصصات الإضافية للحرب، كما استعدت للحصول على العقود التي تحقق الأرباح الكبيرة ولذلك تلاقت مصالح إسرائيل واللوبي الصهيوني مع مصالح التحالف العسكري الصناعي في شن الحرب على العراق.
ولذلك تبدو قضية أسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها العراق نوعا من الخداع والتضليل والكذب.
لقد تمثلت مصلحة إسرائيل والتجمع الصناعي العسكري الأمريكي في شن حرب بلا نهاية في منطقة الشرق الأوسط.
ودخل في هذا التحالف مجموعة كبيرة من المفكرين والمثقفين الأمريكيين والخبراء الذين وفروا الأساس الفكري للحرب الطويلة الممتدة بلا نهاية، وهم يحصلون مقابل ذلك على كميات ضخمة من الأموال التي يوفرها لهم التحالف الصناعي العسكري الأمريكي.
وقام اللوبي الصهيوني بدور محوري في جذب هؤلاء الخبراء والمفكرين للعمل وفق شروط التحالف، ولتشكيل المناخ الثقافي و الفكري للحرب، وبهدف تشكيل الرأي العام المؤيد لشن العدوان على العراق.
لقد كان الدور الإسرائيلي ودور اللوبي الصهيوني حاسما في تشكيل التحالف الصناعي العسكري، وفي جذب مجموعة كبيرة من المثقفين والمفكرين الأمريكيين لهذا التحالف.
وجاءت أحداث الحادي عشر من سبتمبر لتعطي قوة كبيرة لهذا التحالف حيث استطاعت وزارة الدفاع "البنتاجون" الحصول على ميزانية مفتوحة ساهمت في زيادة إغراء الشركات عابرة القارات وفتح شهيتها للحصول على هذه الأموال، كما فتحت شهية الكثير من الخبراء والعلماء في الجامعات للحصول على نصيب من تلك الأموال التي لا يستطيع الكونجرس أن يراقب مجالات إنفاقها.
لقد زادت المصالح بشكل كبير بين مكونات هذا التحالف، وزاد اعتماد الشركات الأمريكية الكبرى الخبراء والمثقفين الأمريكيين على وزارة الدفاع للحصول على الأرباح، وكان اللوبي الصهيوني يلعب الدور الأساسي في التنسيق بين أطراف التحالف، وتحقيق الاتفاق بين هذه الأطراف على شن الحرب على العراق.
أدى كل ذلك إلى تزايد قوة اللوبي الصهيوني وزيادة تأثيره على السياسات الأمريكية وعلى عملية صنع القرار، فلقد أصبح هذا اللوبي يرتبط بالتجمع الصناعي العسكري الأمريكي، وأصبح يقوم بدور أساسي في توفير الخبراء والعلماء والمثقفين الذين يشكلون الأساس الفكري والفلسفي للحرب.
اليمين المسيحي المحافظ
لكن هذا التحالف لم يكن لينجح لولا وجود عامل مهم هو تزايد قوة اليمين المسيحي المحافظ الذي سيطر على الإدارة وعلى الشركات عابرة القارات، وعلى البنتاجون أيضا.
وتقوم رؤية اليمين المسيحي الأصولي المحافظ على أنّ توسع إسرائيل هو مقدمة لعودة المسيح، وهم يرون أنّ بوش وكيل الربّ، وقد أقنعوه بذلك، وأنّ شن الحرب على العراق بداية المعركة الكبرى المعروفة في الإنجيل بمعركة، "أرميجيدون"، وعودة المسيح.
لذلك فإنّه مع الاعتراف بأهمية المصالح المادية المشتركة بين أطراف التحالف الصناعي العسكري الأمريكي وإسرائيل، ومع الاعتراف بأهمية الرغبة الأمريكية في السيطرة على منابع البترول خاصة نفط العراق، إلاّ أنّ هذه العوامل كلّها ليست كافية لتفسير التحالف بين إسرائيل والشركات عابرة القارات والبنتاجون والإدارة الأمريكية.
لقد دخل اليمين المحافظ في هذا التحالف ليفرض رؤيته، وليشكل سياسات التحالف طبقا لهذه الرؤية، وبما يحقق ما يطلقون عليه إرادة الربّ في نهاية العالم.
ومن المؤكد أنّ كل تلك العوامل متشابكة ومؤثرة، لكن دور اليمين المسيحي المحافظ في تشكيل التحالف كان أيضا حاسما ومؤثرا.
لقد دخل اليمين المسيحي المحافظ هذا التحالف ليحارب ما يطلق عليه معركة الربّ. ما يؤكد صحة هذا التحليل أنّ شبكة فوكس نيوز التي يمتلكها اليهودي روبرت ميردوك قد تبنت رؤية اليمين المحافظ في الحرب الشاملة وروجت لها، وأدارت إعلاميا العدوان على العراق، كما قللت من أهمية قتل المدنيين العراقيين في سبيل كسب الحرب.
اليمين المسيحي المحافظ يريد حربا شاملة يهلك فيها الملايين كمقدمة ضرورية لعودة المسيح، واللوبي الصهيوني انتهز الفرصة لتوفير الدعم الإعلامي والفكري لهذه الحرب الشاملة باستخدام الإمبراطورية الإعلامية التي يسيطر عليها روبرت ميردوك خاصة شبكة فوكس.
ولقد قام اللوبي الصهيوني بدور مهم آخر هو منع الأصوات المعارضة للحرب من الوصول إلى الشعب الأمريكي، بينما كانت وسائل الإعلام الأمريكية مؤيدة بشكل عام للحرب على العراق.
وهناك ملاحظة أخرى مهمة هي أنّ معظم المفكرين والخبراء الذين وفروا الأساس الفكري لشن الحرب على العراق من اليهود، وهم يخدمون السياسة العامة للتحالف في الحرب الشاملة.
واحد من أهم المفكرين الذين قادوا التحالف وأثروا في تشكيل رؤيته كتب بصراحة عام 1996 في جريدة وول ستريت جورنال: "إنّ الولايات المتحدة كانت تحتاج إلى عدو حقيقي يستحق الحرب ضده قبل 11 سبتمبر بوقت طويل، وأنّه على الولايات المتحدة أن تتخلى عن كل المعاهدات، وتتجاهل القانون الدولي لتفرض استعمارها للمنطقة".
هذا الكاتب هو ارفنج كريستول، ولقد كشف الحقيقة بوضوح، لقد جمعت المصالح بين أطراف التحالف، ووفر المفكرون اليهود لهذا التحالف الأساسي الفكري والثقافي، وهم يريدون فرض الاستعمار الأمريكي على العالم، وفي سبيل ذلك فلا أهمية للمعاهدات أو القانون الدولي.
وهذا التحالف وجد العدو الذي يستحق الحرب ضده، والذي كانت أمريكا تحتاجه قبل 11 سبتمبر وهو الإسلام.. وهذا ما يؤكده التحالف بوضوح، حتى وإن اختفت النوايا خلف مصطلحات الإرهاب والتطرف.
لقد لعبت إسرائيل واللوبي الصهيوني التابع لها في الولايات المتحدة دورا مهما في تشكيل التحالف العسكري الصناعي الصهيوني المسيحي المحافظ، وقام المفكرون اليهود بتوفير الأساس الثقافي والفكري لهذا التحالف، وفي الوقت الذي شارك اليمين المسيحي المحافظ في هذا التحالف ليصنع نهاية العالم كمقدمة لعودة المسيح كما يؤمنون بذلك.
لكن سياسات هذا التحالف سوف تصنع الكثير من الكوارث، يقول كيفن فيلبس: "إن الحرب بلا نهاية ضد العالم الإسلامي سوف يكون تأثيرها على أمريكا مشابها لتأثير الحرب العالمية الثانية على بريطانيا .إنها ستضعف أمريكا".
ذلك ما يقوله فيلبس لكنّنا نقول: "إنّ أمريكا سوف تتعرض لهزيمة لم تشهدها من قبل في العراق، وسيدرك الشعب الأمريكي يومها حجم الكارثة التي جرها عليه التحالف الصناعي العسكري الصهيوني".
أ. د.
سليمان صالح
الشرق القطرية
الشرق القطرية
المصدر: الشرق القطرية
- التصنيف:
محمد عمران
منذourbestlife
منذ