(2) تمهيد في بيان فضل العلم والعلماء
عبد العزيز بن محمد السدحان
- التصنيفات: تربية النفس - سير الصحابة -
إن طلب العلم والسعي في تحصيله من أعظم القربات، ومن أرفع الدرجات. وكيف لا يكون ذلك كذلك وهو الذي يتفاضل به الناس، ويرتفع بعضهم على بعض؛ قال تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة:11]، وبه فضّل الله أقوامًا وأعلى شأنهم، ولم يأمر تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يطلب الزيادة في شيءٍ إلا من العلم؛ كما قال تعالى: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه:114].
والعلم يعرف به العبد ربه، ويمتثل أمره، ويجتنب نهيه، ويعرف به ما أحل الله له مما حرم عليه، وللعلماء الذين يبينون للناس الحلال والحرام مكانة عالية ومنزلة رفيعة عند الله وعند خلقه؛ قال صلى الله عليه وسلم: «الألباني).
» (رواه أحمد في المسند، وصححهقال العلماء: ذكر الحيتان لأن العالم يُعلم الناس حتى أحكام الحيوان ما يؤكل منه وما لا يؤكل، ويعلم الناس أيضًا تحريم تعذيب الحيوان وإحسان القتلة وغير ذلك من حسن التعامل مع الحيوان فضلًا عن الإنسان، فعلم العالم يتعدى نفعه حتى لدواب البحر، ومن ثم كانت تستغفر له (فيض القدير للمناوي- بتصرف).
وقال صلى الله عليه وسلم: «ابن القيم في (مفتاح دار السعادة): "أن هذا الشبيه من النبي صلى الله عليه وسلم فيه من البون الشاسع والفرق العظيم بين منزلة العالم المشبه بالقمر ليلة البدر، وبين منزلة العابد المشبه بالكوكب، ذلك أن نور الكوكب لا يضيء إلا على نفسه وعلى ما يقرب منه، وأما القمر فيملأ الدنيا نورًا، كذلك العالم يملأ المجتمعات علمًا، أما العابد فعلمه مقصور عليه وعلى بعض معارفه".
» (رواه أحمد في المسند، وصححه الألباني)، وذكرلذلك فإن شباب المجتمعات إذا كانت نشأتهم على علم شرعي مستمد من الكتاب والسنة وفق منهج سلف الأمة، فإن ذلك من أعظم الظفر، ومن أعظم أسباب النصر لا لهم فحسب؛ بل لمجتمعاتهم كلها وللبشرية عامة. وقد قال الشاعر يذم شبابًا أهملوا طلب العلم ونشئوا على غير تربية علمية:
إذا رأيت شباب الحي قد نشئوا *** لا ينقلون قِلال الحبر والورقا
ولا تراهم لدى الأشياخ في حِلقٍ *** يعون من صالح الأخبار ما اتسقا
فدعهم عنك واعلم أنهم همجٌ *** قد بدلوا بعلو الهمة الحمقا
ملخص من كتاب: وقفات منهجية تربوية دعوية من سير الصحابة.