وقفات منهجية تربوية - (6) الوقفة الثالثة: المبادرة إلى تبليغ العلم، والسعي في إزالة اللبس
إن الرجل المؤثر في الناس إذا كان على خطأ في رأيه أو في أمر من أمور دعوته فإنه من واجب الديانة أن يسارع الناصح إلى نصحه، وأن يبدأ به قبل غيره، لأن أثره يتعدى وقوله يؤثر، فإذا تُرِك مع خطأ قوله، فلا شك أن دائرة الخطأ تتسع، فيعظم اللبس ويزيد اللغط والغلط.
فلهذا قال أبو بكر رضي الله عنه: اجلس يا عُمر،، وانظر إلى صيغة الخطاب؛ فعل أمر: اجلس، ونداء: يا عُمر، لأن الوضع لا يتحمل أن يتكلم عمر رضي الله عنه، فأصر عمر على رأيه ولم يرجع عن قوله. فهل يتركه الصّديق رضي الله عنه وما يقول، وهو في حالة ذهول من هول الفاجعة التي حلّت بالأمة؟ أو يبين له خطأ قوله؟
فلما رأى إصرار عمر رضي الله عنه في موقفه، أعرض عنه الصّديق رضي الله عنه، وخاطب الناس؛ لأن المبادرة إلى تبليغ العلم والسعي في إزالة اللبس أمر مهم؛ بل واجب.
فالصّديق لما تثبت من خبر الوفاة ما تأخر عن بيانه؛ لأن التأخر في ذلك مما يزيد اللبس في الموقف وتتسع دائرة الخلاف، وهنا لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة؛ لأنه صاحب علم، والعلم الذي معه قد تحقق من صحته، وهو يقطع كثيرًا من اللبس ويزيل الخلل، لذا تركه –أي ترك الصديق عمر- وبلّغ الناس حقيقة الأمر.
ملخص من كتاب: وقفات منهجية تربوية دعوية من سير الصحابة.
- التصنيف:
- المصدر: